أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - قهر الفاشية.. أو الخروج من التاريخ















المزيد.....

قهر الفاشية.. أو الخروج من التاريخ


مصطفى مجدي الجمال

الحوار المتمدن-العدد: 3985 - 2013 / 1 / 27 - 19:27
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


الظرف الحالي في مصر لا يحتمل الإكثار في الكلام والتحليل والتنظير.. رغم أن في داخلي الكثير جدًا من كل هذا.. وليعذرني من يقرأ هذه السطور في أني ألخص كلامي في عبارات قليلة موجزة.. حيث سأقفز إلى النتائج مباشرة دون تضييع وقتكم بالإسهاب في التسبيب وضرب الأمثلة..

لماذا؟

لأنه وسط هذه الحرائق والجثث المتناثرة، والدولة الفاشلة في القيام بأبسط وظائفها والحفاظ على حدودها وأمن مجتمعها، والرعب في المنازل، والاضطراب والشلل في الطرقات ومواقع العمل، وجنون الأسواق وطاحونة الإفقار والتجويع الدائر...

ولأنه أمام سلطة غاصبة وفاشية وجاهلة وليس لديها أي رادع من أخلاق أو وطنية أو إنسانية عن فعل أي شيء وكل شيء من أجل الاحتفاظ بسلطة سقطت في حجرها في ظروف وملابسات معقدة...

وسط وأمام ما سبق.. لم يعد يليق بالثوار أن يستمروا على ذات النهج أو النِهاج التي يسيرون عليها الآن.. ولأكون واضحًا أكثر أقول النقاط الآتية:-

(1) فارق كبير بين النضال الثوري وبين الهيجان الثوري.. فللنضال أهدافه القريبة والبعيدة.. والأهداف القريبة والمباشرة يجب مراجعتها من مرحلة لأخرى.. أما العشوائية والفوضى العملياتية فلن تثمر بشيء وربما تجعل الناس يكفرون بالثورة.. نعم "يكفرون" بها.. ولا داعي للمكابرة.. فالمواطنون المؤيدون للثورة لديهم أيضًا أعمالهم ولقمة عيشهم وخوفهم على أبنائهم وبناتهم، ولا يجوز للثوار أن يتخيلوا أن المواطنين جميعًا قادرون وبدرجة متساوية على الاستمرار في التعبئة والفعاليات النضالية والصدامية بنفس درجة استعداد الكوادر الثورية المجربة والشابة.. إذن يجب أن يكون لدينا تصور مبدئي ومرن للمطلوب من كل معركة.. ووضع هذا في السياق العام المتفق عليه للمسار الثوري الاستراتيجي العام..

(2) مصر دخلت بالفعل مرحلة من الحكم الفاشي- ولو ضمنيًا أو مستترًا في رأي البعض- وهي فاشية "على الطريقة المصرية".. ولعلي أقول إن العامل الخارجي مازال هو الأقوى في السيطرة على إيقاع المشروع الفاشي المتدحرج.. ويبدو لي أن الإمبريالية تدير مخططًا جهنميًا لتركيع مصر "إلى الأبد" كعضو تابع وذليل في المنظومة الرأسمالية العالمية، وكأداة في تمزيق المنطقة وإغراقها في الصراعات المذهبية، وتأمين الكيان الصهيوني، وحماية النفط لصالح الشركات العملاقة والعائلات الحاكمة في الخليج .. وأنه ليس لديها مانع من إتمام هذا المخطط باستعمال قوى فاشية لكنها ليست مطلقة الأعنة.. فهناك المعونات الاقتصادية والعسكرية، وهناك أيضًا أموال مليونيرات الإخوان في الأسواق الغربية.. وعند اللزوم هناك هراوة الأطلنطي وإسرائيل.. ومن هنا فإن من يريد محاربة الإمبريالية عليه محاربة الإخوان والسلفيين بوضوح..

(3) مخطئ من لم يدرك خطورة لحظة استيلاء الإخوان على مؤسسة الرئاسة.. ومجرم في حق بلده وشعبه وطبقاته الكادحة من وضع يده يومًا في أيدي هؤلاء الظلاميين الفاشيست.. ولا بد له أن يصحح مساره ويكفر عما اقترف بأن ينتظم دون مماحكات أو خجل أو استهلاك وقت في الاصطفاف في الجانب الصحيح من الخنادق.. وبالمثل يجب نبذ أي محاولات انتهازية للتعاطي مع الحيل التي يلجأ إليها الفاشيون بأن يلقوا إلى الثوار طعومًا سامة تدعي الوسطية مثل أبو الفتوح وأبو العلا ماضي وأيمن نور..الخ.

(4) أكبر جرم يرتكب في حق الثورة والشعب المصري اليوم أن يروج البعض للفجوة الجيلية المبالغ فيها بين شباب الثورة وبين السياسيين الثوريين.. فشباب الثورة يمتلك طاقات ثورية هائلة ونبيلة، والسياسيون الثوار يمتلكون خبرات ورؤى ثمينة بسلبياتها قبل إيجابياتها.. ومن واجب كل منهما أن يرشّد الآخر ويصحح أخطائه في ظل روح من الرفاقية والاحترام المتبادل.. لأنه إذا ابتعد السياسيون المخضرمون عن شباب الثورة فإنهم سيسقطون الواحد تلو الآخر في المساومات أو الإحباطات.. أما إذا نجح المغرضون في إبعاد الشباب الثوري عن فكرة التنظيم السياسي فإن الشباب سيواصل دخول معاركه دون تنظيم فعال للقوى المتاحة وتفجير للطاقات الكامنة، ودون مساعدة نظرية وتنظيمية واجبة ولا غنى عنها من جانب خاضوا معارك أكثر وأخطئوا وأصابوا وذاقوا من الهزائم الكثير.. وهكذا فإن المعرفة الثورية تنتقل في الاتجاهين..

(5) أكرر ما سبق أن أوضحته في مقالات لي بأن الثورة لم تدخل الريف والأحياء الشعبية وصعيد مصر بالقدر الكافي حتى الآن، وهي- أي الثورة- لن تنتصر بغير هذا، وعذرًا للواهمين.. ولهذا النقص أسباب موضوعية وذاتية كثيرة لن أكررها.. ولعل أول الطريق للخروج من هذا المأزق التاريخي هو ضرورة رفع الشعارات الاجتماعية الثورية الواضحة، وبالقدر الذي لا يخل باصطفاف معظم القوى ضد الفاشية.. وهو تناقض على الثوريين أن يتعلموا إدارته بحنكة وحكمة.. كما لم يعد من المقبول للأحزاب الديمقراطية كافة أن تحصر نشاطاتها في المدن والأماكن المقفلة..

(6) إن أوسع قوة مجتمعية ممكنة في مواجهة الفاشية الدينية تتمثل في المرأة المصرية.. وأقولها واضحة: إن ثورية وحساسية "قادة" الثورة المصرية ستكون محل شك كبير إن لم يدركوا هذه الإمكانية المهدرة أو المبعثرة حتى الآن.. فلتكن حملات تنظيم النساء وتقديم الشابات منهن لتولي مواقع قيادية في الأحزاب والقوائم الانتخابية..الخ، في صلب اهتمامات الثوريين..

(7) بالمثل لا يجوز الاستهتار بحالة الهلع الطبيعي من الفاشية لدى الكثير من أبناء الطبقات المتوسطة الذين يخافون على نمط حياتهم الخاصة الحديث من الموجة الظلامية الزاحفة.. والأمر نفسه ينطبق على المثقفين والمبدعين والأكاديميين وحتى رجال الأزهر.. وللأسف لا نجد حتى الآن جهودًا كبيرة منظمة لحشد هذه الفئات في المعركة الدائرة..

(8) أما أقباط مصر وأهل النوبة والبدو.. فإن الدفاع عن مصالحهم وحقوقهم الإنسانية والوطنية هو واجب مقدس للحفاظ على كيان المجتمع والتراب الإقليمي.. وهي قضايا ومطالب أصبح من الواجب للبرامج الثورية التصدي لمناقشتها بوضوح، خاصة أن بعضها لا يحتمل أي تأجيل..

(9) أخطر ما في الفاشية أنها تتسلح بأيديولوجية "شعبوية"، والأخطر أن تكون مقدسة.. ومن المهم جدًا في اللحظات التاريخية الحاسمة الحالية أن تتقدم جهود مبتكرة لنشر التنوير دون تعالٍ أو نزق.. مع ضرورة مزاوجة هذا المجهود الفكري والتثقيفي بالمطالب الاجتماعية والديمقراطية والدفاع عن الاستقلال الوطني..

(10) من الظواهر المقلقة في الثورة المصرية عدم القدرة حتى الآن على الربط بين النضال الجزئي والقطاعي للطبقات العاملة وبين النضال السياسي العام.. فالعمال يشتركون بقوة في النضال السياسي كأفراد أو جماعات متناثرة وليس كطبقة منظمة.. ومازالت النقابات "المستقلة" ضعيفة ومفككة وتعاني من مشكلات بنيوية وذاتية جمة.. ومع ذلك لا نجد من القوى الراديكالية جهودًا كافية لحل هذه المعضلة، رغم الأهمية الحيوية القصوى لحلها..

(11) لا بد من التسليم بتنوع وتعدد القوى المناهضة للخطر الفاشي.. والجبهة الشعبية المناهضة للفاشية هي الروشتة الوحيدة الصالحة والقادرة على هذه المواجهة العظيمة.. لكن من الواجب التذكير بأن البناء الفوقي للجبهة ليس كافيًا (وإن لم يكن ضارًا بالضرورة في مراحله الأولى) لأنه سيجرف المشروع الجبهوي نحو النخبوية والمساومات.. كما يجب الاعتراف بتعدد مستويات وأنواع العمل الجبهوي (أرجو مراجعة مقالي في الحوار المتمدن عن الجبهة). وأنوه بشكل خاص إلى أهمية الائتلافات والروابط العمالية والفلاحية والشبابية والنسائية والمدنية..

(12) لن أكل من التذكير بأن اليسار المصري العريض (المنظم وغير المنظم والمجتمعي..) هو القوة المفروض أن تشكل المفصل الرابط بين محاور ومهام الثورة: الديمقراطية والاجتماعية والوطنية والتنويرية.. وبدون تفاصيل كثيرة فإن أخطر ما يضعف اليسار المصري اليوم هو تفتته وخلافاته العنيفة (والكثير منها مصطنع أو مبالغ فيه).. ودعونا نفكر في بناء تنظيم واحد لليسار يتكفل بتوحيد مواقفه السياسية وتنسيق فعالياته وتجميع طاقاته وعدم تكرار الجهود.. ولنفكر فورًا في صيغة حزب مؤتمري واحد يضم أحزاب التحالف والتجمع والشيوعي والاشتراكي.. ولا داعي لتضييع وقت طويل في هذا.. فقد ضاع عام حتى اقتنعت عشر قوى يسارية بفكرة التحالف الثوري الديمقراطي.. أما اليوم فقد انتهت المواقف الملتبسة عند بعض أعضاء حزب التحالف من الإخوان والسلفيين.. كما لم يعد مبارك رئيسًا حتى نظل نحاسب حزب التجمع على المواقف السابقة لبعض قياداته من النظام الساقط.. أما عن الانتهازية والتخاذل فهي احتمال قائم في كل الأحزاب.. فلنفكر بطريقة غير تقليدية لأننا أمام خطر غير مسبوق.. ولتقلل "الزعامات" من غلوائها وإعجابها بذواتها.. ولو في المرحلة الحالية على الأقل.. ولا مانع من أن نتحلى ببعض المرونة كي نرضيهم لفترة أيضًا..

(14) من أشد ما يضعف القوى الثورية ذلك العنف في الحوار بين قواها، والذي يتردى أحيانًا في خطأ عدم التفرقة بين التناقض الرئيسي والتناقضات الثانوية.. حتى أن اللغة العدوانية المزايدة والمتزيدة كثيرًا ما تخلق من الحواجز الذاتية والمصطنعة أمام توحيد القوى.. وليكن في كل فصيل حكماء يعملون على نزع العصبية والتعصب من حواراتنا، وأن يقدموا العملي والمباشر على كل شيء آخر (رجاء مراجعة مقالي في الحوار المتمدن عن "سموم اللغة الثورية الهابطة").

(15) وأخيرًا.. إن الثورة عملية طويلة للتغيير والتثوير وشل تذبذب الفئات المترددة وحصر المواجهة الرئيسية مع العدو الأساسي (الفاشية) ووضعها في ركن لا تستطيع الفكاك منه.. والعملية الثورية لا تقتصر على التظاهر والإضراب والاعتصام وحتى العنف الثوري.. إنما يجب أن تعمل أيضًا على الفوز بالنقاط المتواصلة، وليس الرهان على ضربة قاضية واحدة لم تحن لحظتها بعد.. فمثلاً قد يكون دخول الانتخابات مهمًا في لحظة، ومن المؤكد أنه يصبح جريمة في لحظة أخرى.. كما لا يصح مثلاً الدعوة للعصيان المدني أو الإضراب الوطني العام دون توفر مقدمات تبرر تلك الدعوة..

......

في ختام الحديث لا أملك إلا أن أطلب الصفح عن أي خطأ وقعت فيه.. وعزائي أنني أفرغت ما بداخلي بكل صراحة.. وأرحب بكل تصحيح لأفكاري.. فأنا مجرد محارب قديم.. وأريد مخلصًا إفساح المجال لقيادات ومناضلين جدد أشداء أفرزتهم ثورتنا العظيمة.. وأشفق عليهم من تكرار أخطائنا والوقوع في عثراتنا..



#مصطفى_مجدي_الجمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنكسر الفاشية أولاً
- ارتباك في بر مصر
- بلطجة نظام مرسي وجماعته لن تخيفنا
- لا وقت للميوعة
- حديث الصراحة مع المعارضة الليبية
- مصطفى مجدي الجمال - مفكر وسياسي يساري مصري - في حوار مفتوح م ...
- الروح الرياضية واللعب بالديمقراطية
- العودة للاهتمام بأمريكا اللاتينية.. توطئة
- هل يفعلها اليسار المصري هذه المرة ؟!
- الثورات العربية.. تقدير موقف
- مستقبل جمهورية مرسي
- ثورات واستخبارات
- وعيد المرسي ومآله القريب
- عودوا إلى جادة الثورة
- تحيا الآلة الكاتبة
- افرحوا أنتم !!!
- سموم اللغة الثورية الهابطة
- محاكمة القرن.. خطوة خطيرة نحو صدام معقد
- الثورة المضادة أفعى برأسين
- كل رجال البرادعي


المزيد.....




- ولاية أمريكية تسمح للمعلمين بحمل الأسلحة
- الملك السعودي يغادر المستشفى
- بعد فتح تحقيق ضد زوجته.. رئيس وزراء إسبانيا يفكر في تقديم اس ...
- بعد هدف يامين جمال الملغى في مرمى الريال.. برشلونة يلجأ إلى ...
- النظر إلى وجهك أثناء مكالمات الفيديو يؤدي إلى الإرهاق العقلي ...
- غالانت: قتلنا نصف قادة حزب الله والنصف الآخر مختبئ
- بايدن يوقع قانون مساعدات كبيرة لأوكرانيا والمساعدات تبدأ بال ...
- موقع أمريكي ينشر تقريرا عن اجتماع لكبار المسؤولين الإسرائيلي ...
- واشنطن.. التربح على حساب أمن العالم
- السفارة الروسية لدى سويسرا: موسكو لن تفاوض برن بشأن أصول روس ...


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - مصطفى مجدي الجمال - قهر الفاشية.. أو الخروج من التاريخ