أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - د.جمال حمدان وشخصية مصر















المزيد.....

د.جمال حمدان وشخصية مصر


محمد حسين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 14:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لم تظلم مصر إبنا من أبناءها مثلما همشت وتجاهلت ونحت جانبا أفضل مفكريها خلال القرن الماضي الدكتور جمال حمدان، والذى قد يبقى ويظل هو الأفضل اذا استمرت الحياة العلمية ، السياسية والثقافية تطرح مثل هؤلاء المتخلفين الذين نشاهدهم علي شاشات التلفزيون يتقيأون أفكارا ساذجة الي درجة العبط أو يحيكون المؤامرات التي تمكنهم من حكم بلادنا بالقوة الغاشمة والبلطجة والتضليل دون أى وازع من فكر معاصر أو ضمير.
لاستاذنا - رغم صغر سنه عندما رحل عن عالمنا – موسوعة من أربعة اجزاء بعنوان ((شخصية مصر دراسة في عبقرية المكان )) لو كنا في وطن عادل لاصبحت الكتاب الاساسي الذى يدرسة طلاب المدارس والجامعات للوعي بجغرافية وتاريخ بلادهم والعوامل التي ارتفعت بها الي مصاف صناع الحضارة والأخرى التي أسقطتها الي أسفل السافلين .. لتكون الدليل والنبراس لاستشراف المستقبل الموعود لأمة لم تفقد أبدا هويتها واستمراريتها وظلت مع كل الأيام السوداء مصر.
الجزء الرابع و الأخير من المجموعة معنون ((شخصية مصر الحضارية )) وهو مسك الختام لجهد علمي موسوعي يندر أن نجد مثيلا له بين أدبيات الجغرافيا والتاريخ كنت أود أن أقدمه بكامله للقارىء المعاصر ولكنه تجاوز السبعمائة صفحة فضلا عن أن للدكتور جمال لغة خاصة هادئة ومعتني بها لا تحتملها مقالات محدودة المساحة لذلك تراجعت لأكثر من مرة عن تقديم هذه الموسوعة أو جزءها الذى نحن بصدده .
الباب العاشر ((آفاق الزمان وأبعاد المكان )) فصله الثالث (( الاستمرارية والانقطاع )) هو ما سأعرض بعض مما جاء به عسي ان يكون دافعا للشباب من أبناء الجيل الجديد ان يبحثوا عن موسوعة الرائع جمال حمدان ويقرأونها و لن يندموا فهو بجوار العلم خفيف الظل دقيق العبارة يوثقها بأكثر من مصدر وهو المحب لوطنه المغرم بكل حفنة رمل ولم يعتبره (ابدا)وسيلة لتحقيق أحلام همايونية مثل (( أمة واحدة ذات رسالة خالدة)) أو ((الاسلام هو الحل والخلافة هي الوسيلة )) بل توفي فقيرا معدما مضطهدا بعيدا عن المناصب والالقاب والجاه الذى تقدمه الوظيفة لصاحبها كراهب ملتزم في محراب العلم يضحي بكل متع الحياة في سبيل إنارة المكان بنور عقله الواعي المحب .
عندما نقرأ الجزء المعنون ((في السياسة ونظام الحكم )) نظن ان الدكتور يعيش معنا اليوم 25 يناير 2013 و يكتب ليشخص الحالة فلنتابعُ ما سطره في الصفحات 575 و حتي 577 و نحزن لان جمال حمدان اختفي و حل محله أمثال مبارك وصفوت الشريف ومرسي والكتاتني والعريان .
((لاشيء يقينا ككلمة الفرعونية يلخص و يشخص مأساة مصر السياسية المستمرة بلا انقطاع طوال التاريخ والمجسدة بلا حياء ما تزال في صميم حياتنا المعاصرة فلقد صارت هذه الكلمة التعسة (السيئة السمعة )علما علي الطغيان المصرى البشع البغيض في كل مراحله حتي وإن إختفت التسميات والمسميات أو تطورت الاشكال والشكليات . فالسلاطين و المماليك في العصور الوسطي هم كما أوشك المقريزى أن يضعها فراعنة ولكن مسلمون ، مثلما كان الفراعنة أنفسهم أباطرة وقياصرة وأكاسرة ولكن مصريون هذا بينما عد محمد علي بعد ذلك آخر المماليك العظام وأول الفراعنة الجدد .إن الفرعونية بوضوح مطلق الآن هي لاشك أبرز مثلما هي أسوأ مظاهر الاستمرارية في كيان مصر جميعا .
أما العلاقة بين الحاكم والمحكوم فهي تقليديا علاقة قهر و مقت و إكراه وكره، استبداد وحقد ،بينما العلاقة بين الحكومة والشعب هي الريبة والعداوة المتبادلة بكل التفاهم الصامت إن لم تكن الأولي العدو الطبيعي للثاني في نظر البعض .
بالمثل ، فإذا لم تكن مصر –لحسن الحظ – لم تعرف ( طبقة حاكمة ) وراثية علي غرار سلالات الارستقراطيات الأوروبية فإنها - لسوء الحظ أكثر- عرفت غالبا (العصابة الحاكمة)، ولا نقول الحثالة الحاكمة ، بمعني عصبة مغتصبة تستمد شرعيتها من القوة غير الشرعية ومن هنا فلنثن كانت مصر الطبيعية حديقة لا غابة فقد كانت علي العكس بشريا غابة لا حديقة وإن كانت زراعيا مزرعة لا مرعي فقد كانت سياسيا مرعي لا مزرعة للاسف . بالتالي فكثيرا ما كانت مصر الي حد بعيد حكومة بلا شعب سياسيا وشعب بلا حكومة اقتصاديا . ))
نذكر القارئ أن هذا الكتاب الذى نقتبس منه طبع عام 1983 و ليس في عام 2013 . و ان صاحبه توفي حرقا منذ ربع قرن تقريبا .. فلنستمر في التمتع بالفكر الناضج للدكتور جمال حمدان .
((وهذا ما يصل بنا فى النهاية الى ذروة النظام ـ وذروة المأساة أيضا . لقد كانت مصر أبدا هى حاكمها ، وحاكمها هو أكبر أعدائها ، وأحيانا شر أبنائها . وهو على أى حال يتصرف على أنه ( صاحب مصر ) ، ( ولى النعم ) ، أو الوصي على الشعب القاصر الذى هو ( عبيد إحساناته ) ، وظيفته أن يحكم ووظيفة الشعب أن يُحكـَم ، وأن الشعب الأمين هو شعب آمين ، والمصرى الوطنى الطيب هو وحده المصرى التابع الخاضع ، إن لم يعتقد حقا أن المصرى لا يكون مصريا إلا إذا كان عبدا أو كاد .! .
والحقيقة أن حاكم مصر طول تاريخها الماضى إن لم يكن ينظر غالبا الى الوطن كضيعته الخاصة والى الشعب كقطيع ، فقد كان على أحسن تقدير يتبنى فكرة الراعى الصالح والرعية التوابع ، أى فكرة الأبوة وألابوية العتيقة.Paternalism الطيبة أو القاسية بحسب الأحوال، وبحيث كان الحكم المطلق أشبه عمليا بالحكم الرومانتيكى، والدولة الفردية أقرب فى الواقع الى الدولة الشخصية Personal State .
وبالمقابل أو فى الاتجاه المضاد، ولكن للمزيد من الأسف والأسى أيضا ، فإن مصر المحافظة أبدا المفرطة الاعتدال جدا والتى لا تؤمن بالطفرة ولكن بالتدريج الوليد أساسا ، لم تعرف الثورة الشعبية بالكاد ولكن الانقلاب العسكرى فقط وذلك منذ الفراعنة والمماليك حتى اليوم بلا استثناء ولا إختلاف ، إستمرارية، يعنى فى قاعدة الانقلابات وغياب الثورات.
فخلال أكثر من خمسة آلاف سنة لم تحدث أو تنجح فى مصر ثورة شعبية حقيقية واحدة بصفة محققة مؤكدة، مقابل بضع هبات أو فورات فطرية متواضعة أو فاشلة غالبا ، مقابل عشرات بل مئات من الانقلابات العسكرية يمارسها الجند والعسكر دوريا كأمر يومى تقريبا منذ الفرعونية وعبر المملوكية وحتى العصر الحديث ومصر المعاصرة.
وهكذا بقدر ما كانت مصر تقليديا ومن البداية الى النهاية شعبا غير محارب جدا أو الى حد بعيد فى الخارج ، كانت مجتمعا مدنيا يحكمه العسكريون كأمر عادى فى الداخل وبالتالى كانت وظيفة الجيش الحكم أكثر من الحرب ووظيفة الشعب التبعية أكثر من الحكم ، وفى ظل هذا الوضع الشاذ المقلوب كثيرا ما كان الحكم الغاصب يحل مشكلة الأخطار الخارجية والغزو بالحل السياسى وأخطار الحكم الداخلية بالحل العسكرى، أى كان يمارس الحل السياسى مع الأعداء والغزاة فى الخارج والحل العسكرى مع الشعب فى الداخل، فكانت دولة الطغيان كقاعدة عامة إستسلامية أمام الغزاة بوليسية على الشعب.
فى هذا وذاك ( كيف لا؟ ) جاءت لعنة خضوع الحكم العسكرى الاغتصابى الاستسلامى للاستعمار الأجنبى على المستوى الخارجى ولعنة خضوع الشعب السلبى المسالم للحكم البوليسى فى الداخل . وهى جميعا سلسلة متناقضات ساخرة ، بقدر ما هى قطعة من الاستمرارية المأساوية المحزنة المخجلة.
هذا فى الداخل أما فى الخارج فإن الأمر لحسن الحظ نوعا يختلف نسبيا أو جزئيا فالاستثناء الوحيد تقريبا من قاعدة الاستمرارية فى مجال السياسة والوجود السياسى المحزن يكاد يقتصر على موضوع الاستقلال والاستعمار أو الامبراطورية والمستعمرة ، فهو وحده الذى يجمع أو يتوزع بين الاستمرارية والانقطاع، فلنحو ألفى سنة عاشت مصر دولة مستقلة أو إمبراطورية بلا إنقطاع تقريبا ولكن لنحو ألفي سنة أخرى باتت مستعمرة أو تابعة بلا إنقطاع كذلك)).
الدكتور جمال حمدان بذلك يضع يدنا علي اسباب وجذور ما يحدث لنا اليوم .. من احتلال عصابة تلتحف برداء الدين لكراسي الحكم خاضعة للمستعمر الاجنبي (تماما) و مهددة الداخل بعصابات المافيا ومليشيات البلطجية ومرتزقة حماس .. انه استمرارية لم تتوقف بهوجة يناير 2011 وتفسر كيف ان مصر لم تشهد ابدا ثورة إنما كانت معرضة دائما لارادة العسكر في إهدار إمكانية التغييرخلال جميع عصورها .. بما في ذلك ما حدث بالامس القريب عندما سلم رجال الجيش مصر لمرتزقة الاخوان والسلفيين مضحين بالحلم والأمل والخلاص البادى بعد سقوط الطاغية .
في مكان اخر من نفس الفصل من الكتاب يحدثنا عن الشخصية المصرية حديثا مستفيضا اخترت لكم منه ما دار حول إعادة بناء الانسان و الذى تدعي التيارات الاصولية انه هدفها فتدمر المنظومة التعليمية و تسيطر علي وسائل الاعلام والصحافة والاندية وتقدم نموذجا رثـّا للمواطن النموذج تتهم من ينتقده بانه كافر ومعادى للدين والاسلام .
(( قضية إعادة بناء الانسان المصرى هى ببساطة ، تعنى ، قضية هدم الديكتاتورية المصرية الغاشمة الجهول ودك صرحها الاجرامى العاتى المتهرئ وتصفية الطغيان الفرعونى المخضرم ،المتقيح، البغيض، تصفية جسدية وأبدية وهد قلعة الاستبداد المصرى الشوهاء المشئومة ومن هنا فحين يأتى الحديث عن إعادة بناء الانسان المصرى والشخصية المصرية من أعلى وكر السلطة الغاصبة، فلكم يبدو حديث إفك حقا ولكم يبدو ذا منتهى السخرية وقمة الاستخفاف بالعقل والحق والعلم.
على أن هذا التناقض المعيب إنما يصل الى مداه حين يتخذ المنتفعون بالسلبيات الكامنة والمكتسبة فى الشخصية المصرية مسوح المدافعين ( وبالتبجح والقحة ) عن صورة الشعب وكرامته ويرمون من موقع قوتهم الارهابية المغتصبة غير المستحقة ، يرمون الوطنيين الشرفاء المنتقدين للسلبيات بتشويه تلك الصورة وبتحقير الشعب والاساءة إليه بل وقد ينتهون بوضعهم فى مصاف أعداء الوطن والخارجين عليه والخونة له ، لعبة مخيفة بقدر ما هى قذرة مبتذلة ولكنها واردة وشائعة وعلى كل مصرى أن يفطن إليها دائما ويحذر فخها أبدا)).
كم خسرت مصر بتهميش دور الدكتور جمال حمدان التنويرى و كم نحن في حاجة الى إعادة قراءة كتابه والتمعن والفهم والاستماع لافضل أبناء مصر حبا اخلاصا وعملا، وكم افتقدناه عندما أعددنا دستور أم أيمن مصدر السخف والرجعية وتكريس التخلف .
مصر ..رغم كل شيء انجبت رجال عظام وجمال حمدان هو النجم اللامع بينهم وشمس المعرفة والجدية والالتزام.




#محمد_حسين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نكبة،نكسة ،وكسة وهزيمة
- كلمات القدرة ولغة الضاد
- ايش تعمل الماشطة في الوش العكر
- هل سنزرع الأفيون في 2013
- وضاع كفاح قرنين..يا مصر.
- تأملات في مفهموم الجمال
- محمد حسين يونس - كاتب وروائي مصري - في حوار مفتوح مع القارئا ...
- يا شباب إسلامهم غيرإسلامنا
- قوانين سيدى مرسي علية السلام .
- هذه الخرابة تسمي مصر
- بشرالقاع يتحدون العالم
- الاستراتيجية الامريكية بلاء لبلادنا
- تغير المفاهيم السائدة للاخلاق
- الإنزلاق الي أسفل سافلين.
- الحياة.. ليست عادلة.
- تحرير العقل في زمن الثوابت.
- آن الآوان للصمت و الانتظار.
- صناعة المونسترmonster .
- يا قوم الحرب علي الابواب 2
- في معارضة الاخوان وكره أمريكا.


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد حسين يونس - د.جمال حمدان وشخصية مصر