أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - زائر الليل















المزيد.....

زائر الليل


سالم وريوش الحميد

الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 11:18
المحور: الادب والفن
    


في قاع النفس تترسب الآلام لتكون لها قصصا
عندما يجن المساء وعلى حافات المدينة ، تتسكع هوام الليل وطوارقه و زواجر الطيرتشيع الرهبة في المكان ، تمتد غابة النخيل تسبح في عتمة لا نهائية ، بحثت (مبروكة )عن موضع لقدمها ، تجذرت في مكانها ،، سنوات طويلة وهي قابعة هنا تصطلي بنار الانتظار في ذات المكان تنظر إلى ذاك الفراغ اللامتناهي من كوة صغيرة ، تبحث عن فارس يأتيها من وراء الغمام، يمتد بصرها وامتداد الطريق ، في تلك المدينة الغافية على شواطئ النسيان
تحمل حكايا من مر في دروبها الترابية ، من استفاق من نومه ، وجاء مذعورا ليحكي لمبروكة حلما أو كابوسا جثم على صدره ، عن نساء يجلبن أولادهن لدرء العين ، أو للعلاج مقابل كسرة خبز أو صحن حساء يقدمنه لها كل صباح
مبروكة تجلس على قارعة الطريق تتابع حركة القادمين باهتمام، كل يوم تسقي شجرة الانتظار من د موعها
حيث تحجرت مآقي العيون من حرقة الفراق ، من هنا مر الزمان ليذبل نضارة كانت تباهي بها النساء
،صيرها كشجرة أذبلها الجفاف ،
((متى أراك يا فلذة الكبد أو ألفظ أنفاسي لأرتاح وأريح من حولي ، متى أشم عطرك البهي أو تطوقني تلك اللفافات الموميائية ، ما فائدة الأشجار الميتة تعترض الطرق ، وتسد المنافذ، أليس بموتي حياة لغيري ،. ؟ )) تشط بها الأفكار وهي تنظر عبر تلك النافذة
هكذا علمتها الحياة ،يعتصرها ألم كبير وهي ترى الموت يشل حركة حشرة كانت تسعى لغاية ما ،( ما بالي أحب الموت لنفسي ...؟)
النار حولها تتراقص بأعياء ، لا تعرف أهي تدفئها أم تريدها كونيس بعدما خلت الدار من كل خليل ، منذ أن رحل سعد ابنها وهي هنا تنتظر خطى ذلك الزائر يقتحم عليها وحدتها ،يرمم ماثلمه الدهر من روحها ، لتراه لتداعب خصلات شعره ، لتضمه إلى صدرها ، وبعد ذلك
ليأخذها الملك إلى دار القرار ،فقد أحضرت له ما يريد من عدة السفر ،
_ (حجية )
. أبني سيموت منذ البارحة وهو في بكاء مستمر
نظرت إلى عيني الصغير تتوسلها ، أن تفعل شيئا يخلصه من آلامه ، صراخه يعلو وهي تدلك كتفه بقليل من الزيت وتمرر يدها على جسده الغض بتردد يتناغم ونعاء بات لا يفارقها ،
ويسلم الطفل إلى ما يشبه الخدر يسري في جسده فيستسلم لنوم عميق، تخرج الأم قطعة من النقود لتعطيها لها
_ أريد قليلا من الطعام ، فأني جائعة
(( كم من السنين مرت عليك يا ولدي وأنت في الغربة ..؟ ترى أتذكرني مثلما أذكرك ...؟))
أذكت النار بقطع من الخشب اما نار جواها كلما خبت تذكيها بأيام الحنين .
ليلة قارسة ، ترى حبات المطر تضرب النافذة بقسوة ، البرق يلتمع في عينيها التي أثقلهما الكرى
جلس قريبا منها ينظر إلى وجهها الذي حفره الزمن بأزميل لايرحم ، نحت أخاديد وكأنها تحكي ذلك البؤس المتغضن
مسك يدها قبلها ، أحست بدمعة حرى على خدها لذعت لسانها مرارة غريبة
- سعد
- أنا هو يأ أمي
- أبعد كل هذه السنين تأتي
- ومن لي غيرك يا أمي ينقذني مما أنا فيه ، ستأتين معي
كأنها لم تصدق ما قاله
( أبعد هذا الانتظار جئت لتخلصني من عذاباتي )
_ساعوضك تعب السنين ستأتين معي ،سنبيع البيت
(( فدى عينيك البيت ياولدي ))
رقصت كما ترقص العجائز، ألقت بوشاح الحزن من النافذة ، خرجت من البيت وهي تطرق الأبواب
_ لقد عاد سعد ، عاد ولدي

_ نعم يا أمي سأسدد ديوني ، وبعدها سأعود لكي أخذك معي
ندت منها صرخة قوية رددت أصدائها عتمة هذا الليل البهيم،نعيب البوم
نباح الكلاب الضالة ، وعواء ذئب جائع ، استفزت سكون الليل ، وخدشت حياءه
أحظرت حنوطها وكفنها توجهت لله بقلب خاشع وبعين دامعة تسأله حسن الختام
كان المطر يبلل كل تضاريس جسدها ارادت أن تسقيه بعد العطش
،وهي تجلس تحت عريشة العنب ترنو إلى البرق مكونا خطوطا من الضوء تموت ما أن يولدصوت الرعد
أعياها هذا التعاقب بين الموت والحياة ، كانت ترتجف رغم أن مرجل من نار كان يغلي في داخلها
غفت على وسادتها ، لم تعد تنتظر غير ملك الموت يخلصها مما هي فيه
صراخ طفل يتعالى
_ ( حجية )أبني سيموت مغص شديد منذ البارحة أفعلي شيئا من أجله
_كلنا ميتون
قالتها دونما اهتمام ،ساهمة تنظر من النافذة إلى ضوء الشمس الذي تخلل المكان
لهيب النار يومض في عينيها ، تجلس على كرسي ، تتلفع ببطانية قديمة ، تعبق في انفها رائحة الشاي( المهيل )أنيس وحدتها العتيد
-( حجية ) انه طفل ما ذنبه أن يموت)
ابنها يقف مع الجموع الكل حزين إلا هو وقف يترقب أبواب سعاد ة لاريب إنها آتية تدق ابواب روحه ا
خطيبته تنظر بطرف عينيها ،علامات القلق والريبة تساورها
((ماذا ياسعد هل حقيقة ستأتي معنا ))
ضحك وهو يغمز بطرف عينه ، ربت على يدها مطمئنا
بكاء الطفل يصل مسامعها
تحاملت على نفسها أومأت للمرأة بالجلوس قربها
فركت يده وضعتها على أنفها راحت تشمها بقوة ، وصفت إليها عشبة للعلاج
وبلهجتها قالت (( هذا دواك وعند الله شفاك ))
شيخ الجامع يخرج لفافة وصيتها التي أودعتها إياه منذ زمن بعيد
همست له أن يقرأ على الملأ ، راح يقف باعتداد وهو ينظر إلى تلك الوجوه التي راح يقتلها الفضول
، قرأ بصوت جهوري وكأنه يلقي خطاب
((سيكون هذا البيت وقفا للجميع ))
راح الابن يفر بنظراته عن الجميع وكأنه يدور في دوامة تراءت له الهياكل المتحلقة حوله كشدوف ، غير مصدق ، رنت خطيبته إليه بعينين ذاهلتين ، تريد تفسيرا لما يحدث ،تداخلت الأصوات تفجرت بداخله براكين من الغضب واجتاحته نوبة من الهستيريا ، بل رقصت كما يرقص الطير المذبوح
((لا هذا بيتي أنا .. ليس لها الحق أن تعطيكم إياه أنها مجنونة ))
ولم تنتظر خطيبته لم تعد تحتمل البقاء ألقت إليه بخاتم الخطوبة بعدما فقدت الأمل المنشود اخترقت الحشود
وخرجت من البيت وهي تتبرم باستياء ،
هجم الابن على مبروكة وراح
يركلها بقدمه بكل قوة ، لم تصرخ لم تتأوه ، لم تحاول مصادرة غضبه ، أخرجوه عنوة من البيت وهو يتوكأ على آلام فشله وخيبته ،كان يصرخ بأعلى صوته
(سأقتلها )

مر عام والكل يبحث عن سعد لم يجدوا له أثر ، اختفى الزائر في غابة أوهام مترامية الأطراف
تمتد و امتداد حلكة الليل ، مبروكة كلما أسلمت رأسها للنوم أجلت همومها حتى الصباح ،ليدور في داخلها ذات السؤال
،
(لم لم تكمل الوصية ياولدي ..؟ ربع مليون دولار تركة أبيك ، ضيعتها في لحظة تسرع)



#سالم_وريوش_الحميد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ( زائر الليل )
- رؤية في نص شعري للأديبة التونسية سليمى السرايري / صمت الصلوا ...
- احتضار
- احتضار / قصة قصيرة
- ومضات 2
- مسرح البانتو مايم
- يادعاة الحروب ، ياقساة القلوب
- أدب الطفل
- الشيوعيون قادرون على أدارة أعقد الملفات
- غرابيب الطغاة
- قراءة تحليلية في نص (خروجا على الصف ) لربيع عقب الباب
- بلون الغضب / إلى روح الشهيد شهاب التميمي
- حب يحيه صمت القنابل - قصة قصيرة
- مسرحية (( الحلم ))
- مخادع مستباحة
- بغداد تستعد لقمة القمم
- فارس بني دولار
- مقالات ساخره
- ماذا تخبؤه لنا قادم الأيام .. بعد محاكمة الزعيم عادل إمام
- من وحي اللا معقول


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سالم وريوش الحميد - زائر الليل