أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة عبد المنعم - نظرية بدايات الكتابة















المزيد.....

نظرية بدايات الكتابة


غادة عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 3982 - 2013 / 1 / 24 - 01:46
المحور: الادب والفن
    


حول دلالية الهيروغليفية المكتوبة وغيرها من المدونات القديمة
أعتقد أن هناك تغييرا قد طرأ على فهم الهيروغليفية منذ نشرت مقالى حول كونها لغة دلالية وليست حرفية منذ عدة شهور وحتى الآن وكنت أقصد بذلك أن اللغة الهيروغليفية المكتوبة لم تكن مناظرة ولا شبيهة جدا بالهيروغليفية المتكلمة لأنها كانت تنقل المعنى التقريبى وليس الحرفى المنطوق فى ألفاظ.
وقد عدلت فى معنى بعض الكلمات والجمل والترجمات لرسوم ونصوص هيروغلوفية بناء على إعتقادى هذا، وهى جمل ومصطلحات وترجمات جديدة مغايرة لما استقر عليه حاليا فى ترجمة الهيروغليفية وسوف أنشر بعض ما أقترحه من تعديلات فى هذا المجال قريبا فى مقال ليس مطول لكنى أظنه مفيد جدا فى فهم النصوص الهيروغليفية.
ومجمل تصورى لتفسير الكتابات المنحدرة لنا من أزمنة مغرقة فى القدم هو أن كل اللغات فى شكلها المكتوب قد بدأ بشكل دلالى وليس حرفى والدليل على ذلك هو:-
1- استخدام الرسوم كجزء من الحكى المكتوب وهذه حجة قديمة معروفة للتدليل على دلالية اللغة الهيروغليفية المكتوبة وأنا أتصور أنها مناسبة أيضا لتفسير دلالية باقى التراث المكتوب الذى وصل لنا من لغات مختلفة.
2- الإبقاء على الإنفصال غير الطبيعى فى اللغات المعاصرة بين الشكل المكتوب والشكل المستخدم يوميا فى الكلام، أى الإنفصال بين العامية ولغة الكتابة، وهذا الإنفصال يدلل على إنفصال أكبر نشأ عند بدايات الكتابة وكان هدفه تسهيل خلق المعنى عند كتابته فالمصريين والهنود والسوريين والعراقيين والصينيين وغيرهم كتبوا تقريبا ما يرغبون فى قوله ( كلمة كما تنطق ثم قصة معبر عنها بالرسم ) وطوروا اللغة على هذا الأساس التعبيرى الدلالى وليس الصوتى لذا لا يوجد شعب فى العالم حاليا يكتب ما يتكلم به فى حياته اليومية بل يكتب لغة إصطلاحية تعبيرية تشير لما يرغب فى قوله.
وهذه النظرية ليست جديدة لكنها تستخدم حينا عند تفسير التراث المكتوب القديم فى اللغة الهيروغليفية المكتوبة وتهمل حينا والجديد الذى أرغب فى إضافته هنا هو استخدامها كأساس تفسيرى شامل لكل الكتابات القديمة، حيث أتصور أن كل غامض لم يفسر فى أى كتابة قديمة ناشئ عن إهمال حقيقة كون اللغة المكتوبة القديمة لغة دلالية، أى كونها مجرد طريقة للحكى تشير فقط لما يرغب الكاتب فى تدوينه وليست نصا محكما فيه كل ما كان يجب أن يدون لو كان قد دون حديثا، ليعبر عن ما يرغب كاتبه فى تدوينه.
الجديد فيما أحاول تقريره هنا هو أنه يجب على علماء اللغات القديمة إهمال طرائق معالجة الكتابة الحديثة عند محاولتهم ترجمة نصوص مكتوبة قديما، والإرتكان عند قيامهم بذلك على البحث عن المعنى لأن المعنى فى حالتهم هذه سيكون المرشد الأساسى عند ترجمة التراث المكتوب القديم، والمقارنة وهى العمل الصعب هنا هى الدليل المؤكد النهائى لحقيقة معنى الرسم أو مجموعة الرسوم والحروف القديمة، التى تشير لمعنى ليس من الضرورى أن يكون ثابتا فى الفترة الزمنية نفسها، فالثبات فى الدلالة هو سمة اللغة الحرفية المكتوبية أى اللغة المكتوبة الحديثة وليس سمة اللغة المكتوبة القديمة فى بدايات التدوين وعلى هذا يمكن دائما تغيير معنى جملة أو رسم عند ورود فى تدوين عن معناه فى تدوين مختلف حتى ولو كان المدون واحد وحتى ولو كان التدوين حدث فى نفس الفترة الزمنية.
ولكى أوضح ما أقصد سأذكر مثالا غير اقعيا حول معنى كون الكتابة كانت مجرد كتابة دلالية، ففى تصورى مثلا أنه عندما واجه الإنسان الذى رغب فى تسجيل معلومات ما على حجر أو على ورقة بردى أو قطعة من جلد أو قماش معضلة كيف يحكى ويكتب ما يرغب فيه، لم يرد على ذهنه أبدا فكرة أنه يمكن أن يعبر عن كل صوت ينطقه بشكل (كـ ت للصوت ته وب للصوت به) فهذه فكرة لم يكن من الممكن أن ترد على ذهنه أصلا لإبتعادها عن واقع التجارب المحيطة به، ما ورد على ذهنه يقينا كحل لهذه المعضلة هو تسجيل ما يرغب فى كتابته بالرسم (ونلاحظ هنا أن رسومات البدائيين الموجودة فى الكهوف ربما كانت أيضا نوع من الكتابة) حيث يسجل ما يرغب فى نقله أو الاحتفاظ به من معلومات عبر التعبير بالصورة فمثلا لكى يكتب شارحا التالى ( ذهبت للسوق البعيد على بعد ثلاثين بلدة من بلدتى وقابلت هناك عجوز يبيع بط اشتريت منه بسعر ممتاز ثلاث بطات وقد وجدت أن بطه جيد وكل واحدة تبيض كل يوم بيضة وأنصح الجميع بالشراء منه) لا يكتبها فى عبارة مشابهة حيث يتم تمثيل كل صوت منطوق فيها بشكل مختصر فى الكتابة لكنه يرسم شخص يمشى ولكى يوضح أنه يمشى يظهره وهو رافعا ساق عن الأرض وتاركا الأخرى تلمس الطريق الذى قد يظهره كخط مستقيم أو ملتوى ثم يرسم ثلاثين شكل كل شكل يشير لقرية تبعد وكلها تلى الساق المرفوعة عن الأرض ثم يرسمه فى صورة أخرى فى ساحة يكلم فيها رجل كبير فى السن وحتى يشير لكبر سنة قد يضع فى أعلى جبهته خصلة شعر زائدة أو قد يجعله أصلع وسوف يحاول أن يصوره على شكل الرجل الذى قابله وبالطبع سيصوره وهو يعطيه البطات الثاث السمان وقد يظهر إحدى أو كل البطات وهى تسقط بيضة دلالة على أنها تبيض وقد يضع بجوار الرجل علامة تدلل على أن بطه جيد كشمس ضاحكة مثلا، ولن ينسى أن يضع فى المشهد الثانى الكثير من البشر فى إشارة لأن السوق كان مزدحما، ثم فى مرحلة تالية من تطور اللغة قد يستعيض عن الرجل بشكل (ثم بكلمة) يتكرر ويشير دائما لرجل سواء كان هذا الرجل هو الكاتب أو أى رجل آخر (كما فى الهيروغليفية) وبشكل آخر ليشير للسيدة أى سيدة سواء كانت هى الكاتبة أو أى سيدة أخرى، أى أنه سيستخدم رمزا واحدا ليشير للضمائر "أنا وهو وأنت" للذكر ورمز واحد فقط للإشارة للضمائر (هى وأنا وأنتِ) للأنثى نفس هذه الحالة وهى الإشارة لعدد من الضمائر برمز واحد وهى حالة استخدمت بالفعل فى الكتابة الهيروغليفية يمكن أن يتكرر مع باقى الرموز ثم فى تطور لاحق مع الكلمات حيث سيشير رمز واحد ثم كلمة واحدة (مجموعة رموز بسيطة الشكل) لأكثر من معنى متقارب، وهنا لكى نحدد معنى الرمز أو مجموعة الرموز البسيطة لابد أن نحدده وفقط بناء على المعنى الكلى للعبارة أو للحكاية.
فمثلا كلمة سى الفرعونية وتعنى فى الترجمة الحالية السيد الآمر الناهى هى لا تعنى فقط هذا المعنى لكنها تعنى الرجل، الرجل السيد، أو الرجل القوى، أو الرجل العدو، أو الرفيق، أو الابن وقد وجدت أن شمبليون قد ترجم حجر شاملبيون بشكل خاطئ عندما ترجمها بمعنى سيد بينما كانت تعنى فى النص الذى بين يديه معنى (الابن الذى صار رجلا)
وما يؤكد تصورى هو أننا عندما نقرأ مثلا ترجمة شاملبيون للذكرى المكتوبة على حجر رشيد فى إحياء الإحتفال بذكرى جلوس الملك بطليموس على عرش مصر سنجد فى جزء منها (الثالث) مثلا هذا النص:-
" ملك الوجه القبلي والوجه البحري (وريث اللاهين اللذين يحبان والدهما الذي اختاره بتاح ، وروح (كا) رع قوية وصورة "أمون" الحية) ابن رع (بطليموس العائش أبدياً محبوب بتاح) الإله الظاهر ، رب الطيبات ابن ملك الوجه القبلي والوجه البحري "بطليموس" والأميرة سيدة الأرضين "ارستوى" والإلهين المحبين لوالدهما ، الذي عمل كل الأشياء الطيبة والعظيمة (= العديدة) في أرض "حور" ولكل أولئك الذين كانوا فيها ولكل الناس الذين يوجدون تحت حكمة الممتاز جميعاً _ أنه كان إلها وابن اله وأوجدته في العالم آلهة ، فهو مثل "حور" بن"أزيس"وابن "أوزير" وهو الذي يحمى والده "أوزير" ، وكذلك كان جلالته ، قلبه محسناً نحو الآلهة وعلى ذلك أهدى من كثير الفضة وكثيراً من الحبوب لمعابد مصر وأعطى كثيراً من الأشياء الثمينة لأجل أن يهدى مصر ويجعل الشاطئين يمكثان وأعطى مكافآت للجنود الذين يعملون تحت سيادته .."
وهى ترجمة لا يمكن أن تؤدى لمعنى ولكن لو إتبعنا ما ذكرته عن تعدد معانى الرموز المكتوبة وتغير المعنى بتغير النص سنترجم هذا الجزء الثالث من النص الفرعونى المكتوب على حجر رشيد كالتالى:-
" الملك بطليموس صاحب التاجين (القبلى والبحرى) الملك الذى خلف والده ملكا على مصر وكان أحد إبني الملك المتوفى الإثنين، المحبين لوالدهما – والإشارة هنا للملك وأخيه - ، الملك مختار الإله بتاح - ويقصد هنا مختاره للمُلك - الممنوح سر الحياة ومنعة آمون، المبارك من الإله رع، الإله رع إله الشمس الجلى ورب الطيبات، الملك زوج أرستوى السيدة المحبة لجلالة الملك المتوفى - وهنا إستخدم رمز إبنة بشكل متعدد الدلالة ليشير لقربها النفسى من الملك السابق المتوفى الذى يعتبر كوالدها لأنه حماها -
وقد وزع الملك بمناسبة هذا الإحتفال المبارك من الإله رع ومن الإله بتاح ومن الإله أوزير والإلهة إزيس حامية الملك الحورسى (نسبة للإله حورس رمز المُلك) وبسبب من رقة قلب الملك ومن إحسانه للفقراء، وزع على شعبه المحب وعلى جنوده العاملين تحت رئاسته الطائعين المحبين الكثير من المال والكثير جدا من الغلال ومن العطايا الثمينة.



#غادة_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أصول العمارة القوطية
- عمليات تحويل الثراء وكيف أدت لتأخر الحضارة المعاصرة
- للأسف ذهبت اليوم للمجلة فطلعوا ميتين أهلى
- أغنية - فى الميدان
- الإقتصاد الحقيقى والإقتصاد الصناعى
- الديمقراطية معطلة دوليا بسبب القوة المهولة للسلطة التنفيذية! ...
- الإنهيار النسيجى وحالة ما قبل الموت
- طلعت حرب آمن بالزراعة وكذلك أنا مصر.. دولة ثرية ومرسى خدعنا ...
- نموذجان لتصور المادة: نموذج د.وهبى وديع ونموذج غادة
- هناك الكثير من المبالغة ربما فيما يتعلق برؤية الحشرات والضوء ...
- ترقيع الأعضاء بخلايا من أعضاء مناظرة
- تعريفى للإلتهاب.. ليس آلية حماية كما يعتقد الأطباء – فالجسد ...
- اسلوبى فى البحث
- المنظف بكتيريا التهام الشرائح الاليكترونية متناهية الصغر الم ...
- نشاط المخابرات الغربية فى الدول الفقيرة
- كشف هام جدا الأصفر.. ليس نفس الأصفر وكل ما نراه كلون واحد لي ...
- أجسادنا تحولت لمقالب نفايات
- نص حوار ذهنى تم بينى وبين المخابرات منذ ست سنوات تم بعده الا ...
- اكتشافى لعلاقات جديدة تحكم المادة (جاذبية وموجات ومكونات عنص ...
- حول كشفى لحقيقة أن الأكسجين كثيف الحركة يؤدى وحده للإحياء وك ...


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - غادة عبد المنعم - نظرية بدايات الكتابة