أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الكريم أبازيد - جوليانا وكاليباري














المزيد.....

جوليانا وكاليباري


عبد الكريم أبازيد

الحوار المتمدن-العدد: 1147 - 2005 / 3 / 25 - 15:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جوليانا وكاليباري
عبد الكريم أبا زيد
جوليانا صحفية إيطالية يسارية، أرسلتها جريدة (مانيفيستو) إلى بغداد لتغطية أحداث العراق. وبحكم توجهها اليساري فقد كانت متعاطفة مع المقاومة. في الرابع من شهر شباط الماضي غادرت الفندق الذي تقيم فيه لإجراء تحقيق صحفي حول نازحي الفلوجة، فاختطفتها جماعة مسلحة واقتادتها إلى مكان مجهول. قالت لهم أنا صحفية يسارية أتعاطف مع المقاومة وأرسل أخبارها إلى صحيفتي في روما، وأفضح جرائم المحتلين الأمريكيين. وقد وقفت ضد إرسال قوات إيطالية للقتال إلى جانب قوات الاحتلال الأمريكية في العراق. طلبوا منها أن تتوجه بنداء متلفز إلى حكومتها تطالبها بسحب قواتها من العراق. قالت لهم إن في هذا إهانة لي لأنني سأبدو كما لو أنني أوجه هذا النداء تحت الضغط بينما كنت مع المشاركين في المظاهرة الضخمة التي اجتاحت شوارع روما احتجاجاً على إرسال قوات إلى العراق. كما أنني غطيت أخبار انتفاضة الحجارة عام 1987، وسافرت إلى أفغانستان بعد احتلالها وفضحت خلالها جرائم الأمريكيين. ولكنهم أصروا عليها ففعلت والأسى يملأ قلبها.
بعد أن طال احتجازها إلى ما يقارب الشهر أرسلت الحكومة الإيطالية رئيس شعبة العمليات في المخابرات العسكرية الإيطالية الضابط كاليباري إلى بغداد للتفاوض مع المختطفين، فنجح في مهمته وأطلق سراحها دون قيد أو شرط. وقد صرحت أنهم عاملوها معاملة حسنة بعد أن تأكدوا من توجهها السياسي، ولكنهم حذروها من الأمريكيين بعد إطلاق سراحها. وقد أخبرتها فيما بعد إحدى الإيطاليتين المختطفتين سابقاً أن للأمريكيين موقفاً مختلفاً تجاه المختطفين الذين يطلق سراحهم. وكما أكدت مصادر إيطالية فيما بعد أن الأمريكيين قرروا قتلها لاعتقادهم أن في حوزتها معلومات محرجة لواشنطن.
وبينما كانت متوجهة إلى المطار برفقة ضابط المخابرات كاليباري، والفرح يغمر وجهيهما بهذه النهاية السعيدة، انهمرت على السيارة زخات من الرصاص أطلقها جنود أمريكيون عمداً دون سابق إنذار. ألقى ضابط الاستخبارات العسكرية الشهم والشجاع كاليباري بجسده على جوليانا ليحميها من الموت، فاخترقت الرصاصات الغادرة جسده ومات على الفور، ونجت جوليانا من موت محتم بأعجوبة خارقة بعد أن أصيبت ببعض الشظايا.
لقد تعهد هذا الضابط الشهم الشجاع صاحب المروءة أن يوصلها إلى وطنها وأهلها سالمة، فأوفى بوعده.
وقفت مشدوهاً أمام هذا الحدث. ليس حدث إطلاق النار عليها ولا على ما جرى لها مع المختطفين الذين أطلقوا سراحها بعد أن أهدوها قلادة للذكرى، والذين قالت عنهم إنهم على مستوى رفيع من الوعي السياسي، ليس هذا ما أثار دهشتي. إن ما أثار دهشتي واستغرابي هو أن يضحِّي ضابط مخابرات بنفسه لإنقاذ صحفية يسارية. لقد تعودنا في بلداننا العربية من رجال مخابراتنا أن يلاحقونا ويعتقلونا ويجلدونا ويلقون بنا في غياهب السجون سنين طويلة دون محاكمة، لا أن يضحوا بأنفسهم في سبيلنا. إنهم في ذاكرتنا كما هو الإقطاعي في ذاكرة حنا مينه. فقد جاء في إحدى رواياته أنه كان يظن وهو صغير، أن مهنة الإقطاعيين هي جلد الفلاحين لأنه لم يرهم يفعلون غير ذلك.
لقد جعلني هذا الحدث أفرِّق بين مهام رجال المخابرات في البلدان الديمقراطية والبلدان القمعية. فمهمتهم في الأنظمة الديمقراطية حماية أمن الوطن والمواطن وليس أمن السلطة، لأن السلطة يحميها البرلمان. فهو الذي يعطيها الثقة وهو الذي يحجبها عنها، ولا حاجة لقوات الأمن للمحافظة على ديمومة السلطة. أما في الأنظمة القمعية فإن مهمة أجهزة الأمن الحفاظ على السلطة. والأجهزة الأمنية ملكية للسلطة وليس للدولة. وتنظر إلى المواطن بصفته عدواً للسلطة يجب وضعه تحت المراقبة الدائمة. ولهذا يفرضون حالة الطوارئ والأحكام العرفية بصفتها الحالة الطبيعية وليس الاستثنائية. ولهذا السبب تكون مهام أجهزة الأمن في الدول الديمقراطية مختلفة على خط مستقيم عن مهامها في الأنظمة القمعية.
فتحية لك يا كاليباري يا ضابط الاستخبارات العسكرية الشهم الشجاع، تحية لك أيها الإنسان!

540 كلمة
دمشق في 24/3/2004



#عبد_الكريم_أبازيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديموقراطية والديموقراطية المزيفة
- المرأة والحب والسياسة
- بائع الفستق
- حول اجتماعات الجبهة الوطنية التقدمية في سوريا
- الملائكة والشياطين


المزيد.....




- سلمان رشدي لـCNN: المهاجم لم يقرأ -آيات شيطانية-.. وكان كافي ...
- مصر: قتل واعتداء جنسي على رضيعة سودانية -جريمة عابرة للجنسي ...
- بهذه السيارة الكهربائية تريد فولكس فاغن كسب الشباب الصيني!
- النرويج بصدد الاعتراف بدولة فلسطين
- نجمة داوود الحمراء تجدد نداءها للتبرع بالدم
- الخارجية الروسية تنفي نيتها وقف إصدار الوثائق للروس في الخار ...
- ماكرون: قواعد اللعبة تغيرت وأوروبا قد تموت
- بالفيديو.. غارة إسرائيلية تستهدف منزلا في بلدة عيتا الشعب جن ...
- روسيا تختبر غواصة صاروخية جديدة
- أطعمة تضر المفاصل


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الكريم أبازيد - جوليانا وكاليباري