أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد حمزة - ثورات «الربيع العربي» وسؤال العقلاتية السياسية















المزيد.....

ثورات «الربيع العربي» وسؤال العقلاتية السياسية


محمد حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 3979 - 2013 / 1 / 21 - 09:30
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


يقول المفكر الفرنسي "ألبير جاكار" عن العقلانية بأنها أداة ثمينة تمكن الإنسان من تجاوز الأسئلة السيئة الصياغة و التي لا يمكن أن نجد لها جوابا :« كيف تدور الشمس حول الأرض ؟ » لطرح الأسئلة التي يمكن أن نجد لها جوابا : « كيف نفسر دوران الأرض حول الشمس ؟» . فهذه الأجوبة ليست بالضرورة نهائية , بل تمكن من طرح أسئلة أكثر جوهرية و تساهم بالارتقاء بتفكيرنا .
العقلانية هي مهمة تربوية للكشف عن مصادر الأخطار و الأوهام و الضلالات . إن الأنظمة الفكرية نظريات , مذاهب , إيديولوجيا ليست فقط معرضة للوقوع في الخطأ , و لكنها تقوم أكثر من ذلك بحماية أخطائها و أوهامها .
إن المذاهب و النظريات المنغلقة و إيديولوجيا الأفكار المتصلبة تدمر الوقائع و تلتهمها . و الأفكار غير المنفتحة على الواقع كانت في عصرنا الحديث وبالا على الإنسانية؛ كالفاشية و النازية و الديكتاتوريات الاشتراكية العشائرية العربية والعالم – ثالثية المناهضة للامبريالية ، و الهذيان الستاليني الذي اتخذ قناع العقل التاريخي.
" إدكار موران " يفرق بين العقلانية البنائية المفتوحة و التبرير العقلاني المنغلق. فرغم أن التبرير العقلاني ينهل من نفس منهل العقلانية , إلا انه يشكل أقوى منابع الأخطاء و الأوهام . فكل مذهب يوظف نموذجا آليا و حتميا في قراءة العالم ليس مذهبا عقلانيا , بل يلجا فقط إلى التبرير العقلاني.
إن العقلانية الحقيقية , المفتوحة بطبيعتها , هي التي تحاور الواقع الذي يعاندها . و بذلك فهي ليست فقط نقدية بل تقوم بنقد ذاتها .
لا معنى للعقلانيّة ما لم ترتبط بالواقع العملي. يرى "كارل بوبر" أنّ «السلطات عندما تعارض المناقشة النقديّة المسبقة لبرامجها تحكم على نفسها بارتكاب الأخطاء بشكل مستمر وعندما تحظر الفحص النقديّ للنتائج العمليّة تحكم على نفسها بتفاقم الأخطاء إلى أن تعلن تلك الأخطاء عن نفسها بنفسها وأي مقاربة اجتماعيّة من هذا النوع هي مقاربات استبداديّة وغير عقلانيّة». فالاستبداد إذاً، وهو أمر غير أخلاقي، مرتبط باللاعقلانيّة، في حين ترتبط الديمقراطيّة بالعقلانيّة. ويضيف بوبر «العقلانيّة والمنطق والمنهج العلمي تشير جميعاً إلى مجتمع مفتوح وتعدّديّ. مجتمع الفرد فيه حرّ أن يوجّه النقد لحلول يقترحها الآخرون بما فيها التي تتبنّاها الحكومات» . فالخطاب العقلانيّ إذاً يقتضي دائماً إفساح المجال وبفاعليّة للآخر المختلف في ذاته.

ولا يبتعد "آلان تورين" عن هذا الرأي حيث يؤكّد ربط الديمقراطية باستخدام العقل بقوله «إنّي أطلق صفة الديمقراطي على مجتمع يشرك أكبر تنوع ثقافي ممكن مع أوسع استخدام ممكن للعقل».
بالنسبة للعالم العربي ,يقول المفكر "برهان غليون", انتصر لللاعقلانية لما سيطرت الخرافة Fable وليست الأسطورة Mythe على الحياة العربية، وخاصة الحياة السياسية، وما زالت حتى الآن.
فالقصص المحزنة في العالم العربي و الإسلامي التي تبين الصراع بين العقلانية "العربية" والفكر الاستبدادي المنغلق لا ينتهي عددها . في الماضي كانت العقلانية العربية من أبرز ضحايا فتاوى التحريم , وقصص تعذيب العلماء و المفكرين و إعدامهم لا ينكرها أحد. فابن المقفع مؤلف كتاب كليلة و دمنة اتهم بالكفر , و قطعت أطرافه و فصلت رأسه و القي بباقي جسده في النار لممارسته الفكر النقدي في تدبير شؤون الرعية, ونفس المصير سيلقاه الكندي فيلسوف العرب ; جرد من ملابسه و هو في الستين , و جلد ستون جلدة في ميدان عام وسط تهليل العامة و الرازي ضرب على رأسه بكتبه حتى فقد البصر.
• و لم ينجوا ابن سينا , ابن رشد و ابن خلدون من الاتهام بالكفر .ابن رشد حرقت كتبه و اتهم في إيمانه بناءا على تأثير الفقهاء المتزمتين بإصدار مراسيم التحريم في حق الفلسفة.
• لم يشهد العالم العربي في تاريخه الطويل خرافات سياسية، كما شهدها في هذا العصر، نتيجة لكثرة كوارثه ونوازله. اللاعقلانية السياسية و ثقافة الاستبداد في المنطقة العربية أنتجت حالة من انعدام الثقة كنتيجة طبيعية لغياب فاعلية الإنسان الحرة في الوجود وغياب ثقافة الحقوق و ثبوتية الولاء والطاعة, و جعلت من السياسة «ديناً علمانياً» و من الدين «سياسة دنيوية» وفي الحالتين كان موت العقلانية السياسة هو المصير .هذا الوضع انعكس اجتماعياً عبر قصص الحرمان والفقر وصور البطالة طويلة الأمد وحكايات قوارب الموت وأخبار غرق شباب "الهجرة" السرية ....
ثورات «الربيع العربي» التي تعيشها المنطقة العربية و المغاربية تعيد مرة اخرى سؤال العقلانية (وهو سؤال الحداثة الجوهري) إلى الواجهة بعد أن غيبته ثقافة الاستبداد.فهل ستكون هده الثورات هي نهاية الخرافة السياسية؟ أم انه سيكون أشبه ب 1848 في أوروبا؟. فإلى أي مدى قد تصل تلك المقارنة؟ فما زال الوقت مبكرا للغاية كي نتمكن من تحديد ذلك.في أوروبا، انتهت ثورات 1848 التي بدأت باسم الحرية والديمقراطية، و انتهت بإنشاء أنظمة ديكتاتورية تحت حكم بيسمارك ونابليون الثالث.فهل من الممكن أن يحدث الشيء نفسه مع «الربيع العربي»؟ الإجابة ;أننا لا ندري. وعلى الرغم من ذلك، فيمكننا القول بأن إسقاط الاستبداد مدخل أساسي لكنه غير كاف للانتقال إلى دولة الحرية والديمقراطية. هده الأخيرة تتعارض منهجيا وفكريا مع التركيز الحصري والأحادي على الاستبداد (رغم أهميته) أو حتى على السياسة وحدها.
والثورات لا تقود حتما إلى ديمقراطية جاهزة, والثقافة السياسية متغير مهم في تفسير واستشراف مستقبل الديمقراطية. فواحدة من أنماط التحول الديمقراطي هي الضغوط من أسفل الهرم السياسي (حراك اوانتفاضات اوثورات) وهذه الضغوط من أسفل لن تفضي إلى تحول ديمقراطي إلا إذا كان هناك يقين لدى قطاع واسع من المواطنين أن الديمقراطية هي أفضل نظام حكم متاح، مهما اعتراه من عيوب أو مشكلات. كما أن نجاح القوى الديمقراطية في الانتقال إلى نظم حكم ديمقراطية يتوقف على خلق ثقافة سياسية تحترم قيم الديمقراطية ومؤسساتها بل تستعد لتحمل ثمن هده الدبمقراطية.
بناءا على ماسبق, فإن المنطقة العربية مفتوحة على عدة احتمالات وأقربها ربما إلى الواقع الميداني هو التحول عن التسلطية ولكن ليس في اتجاه الديمقراطية . و التحول إلى ديمقراطية حقيقية سيتطلب مرحلة انتقالية بين التسلطية و الديمقراطية قد تطول او تقصر و الحاسم هو ميزان القوى لصالح الإصلاح الديمقراطي الشامل وليس لصالح التيار الإسلامي الاعقلاني.
.
فادا كانت ثورة «الربيع العربي» لا تبتعد عن كونها ثورات ضد العقل «المكوَّن» على الحاكمية أو «المستبد العادل»، لصالح حاكمية الشعب (فالشعب هذه المرة هو الذي يريد; وموضوعيا يريد إسقاط الاستبداد والفساد) , فان المخرج الديمقراطي ليس هو المخرج الوحيد المنتظر بالضرورة لانهيار النظم التسلطية أو تفككها .
الرهان على المخرج الديمقراطي رهان محتمل ( المدخل لتحقيق دولة ديمقراطية مدنية، وليس من الممكن أن تقوم دولة ديمقراطية حقيقية - وليس ديمقراطية الانتخابات فقط - إلا عبر تجاوز الاقتصاد الريعي)لكنه يتطلب توحيد صفوف القوى الديمقراطية المتباينة ,و رأي عام رافض لهدا الوضع التسلطي وراغب في تغييره مع الاستعداد للتضحية المعقولة ,و تأمين حركة تضامن عالمية واسعة معها.
فرغم الاستفادة الانتخابية للحركات التي تنهل من السياسات اللاعقلانية من الحراك الاجتماعي(النجاح الانتخابي الكاسح للاخوان المسلمين والتيار السلفي الاديمقراطي في مصر و جزء من التيارالاسلامي المتشدد في حزب النهضة في تونس المعارض لتأسيس دولة مدنية ديمقراطية، بل يدعو إلى "الخلافة الإسلامية"،), فان استمرار المقاومة الشبابية الديمقراطية الآن و الانفجار الشعبي الهائل الدي أدخل كثل هائلة من الشباب إلى معترك النشاط السياسي، الأمر الذي سوف يقود إلى تشكّل السياسة من جديد، حن خلال تشكيل الأحزاب والنقابات والاتحادات والهيئات المدنية، وتجديد الفعل الثقافي.بالتالي ما يتحقق الآن لا يعدو أن يكون لحظة في صيرورة بدأت للتو، وستطال المستوى السياسي وتتجاوزه إلى المستوى الاقتصادي , يبقي الأمل في انبعاث المحتمل الديمقراطي . فغالبا ما عاينا خلال مجرى التاريخ , يقول "ادغار موران", كيف أن اللامحتمل قد يتحقق أكثر من المحتمل. فلنتعلم كيف نراهن على ما هو غير محتمل الآن ; أي نهاية اللاعقلانية السياسية والاجتماعية والإنسانية التي سادت لقرون.



#محمد_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحاجة إلى ابن رشد أم الحاجة إلى مجتمع المعرفة
- الحاجة الى عولمة ديمقراطية اشتراكية متحضرة
- الثورة المصرية و مخاض الانتقال الديمقراطي
- العدل و الإحسان و سؤال الحكمة الإنسانية
- من اجل جبهة وطنية للدفاع على الجامعة العمومية
- المطالب الديمقراطية لحركة 20 فبراير و شعار إسقاط الفساد
- العلم و المواطنة و دحض فكر-الكل لغز -
- الإصلاحات الديمقراطية و مجتمع العلم و المواطنة .
- إضراب هيئة التدريس و البحث و سؤال الجامعة الوطنية العمومية
- اليسار و أزمة المهام النضالية
- علم و مواطنة : تأملات حول العدالة و القانون
- حُراس الهيكل (تاج السر عثمان نموذجاً )


المزيد.....




- فيديو رائع يرصد ثوران بركان أمام الشفق القطبي في آيسلندا
- ما هو ترتيب الدول العربية الأكثر والأقل أمانًا للنساء؟
- بالأسماء.. 13 أميرا عن مناطق السعودية يلتقون محمد بن سلمان
- طائرة إماراتية تتعرض لحادث في مطار موسكو (صور)
- وكالة: صور تكشف بناء مهبط طائرات في سقطرى اليمنية وبجانبه عب ...
- لحظة فقدان التحكم بسفينة شحن واصطدامها بالجسر الذي انهار في ...
- لليوم الرابع على التوالي..مظاهرة حاشدة بالقرب من السفارة الإ ...
- تونس ـ -حملة قمع لتفكيك القوى المضادة- تمهيدا للانتخابات
- موسكو: نشاط -الناتو- في شرق أوروبا موجه نحو الصدام مع روسيا ...
- معارض تركي يهدد الحكومة بفضيحة إن استمرت في التجارة مع إسرائ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - محمد حمزة - ثورات «الربيع العربي» وسؤال العقلاتية السياسية