أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين منصور - إبتعاد














المزيد.....

إبتعاد


أمين منصور

الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 01:10
المحور: الادب والفن
    


إبتعـــــاد
ذات ظهيرة في شتاء يناير 1995، كان عبدو يقف في خدر شديد مستندا علي "عجل" مدفون حتي منتصفه في مدخل الطريق المطل علي المقابر- معلنا بوقفته تلك إستحالة مرور السيارات، بحركة غريزية أدخل عبدو يده في جيب بنطاله، لفت إنتباهه ذلك الشئ المستطيل، تحسسه بانامله.. عقب سجارة كان قد إدخرها من الإصطباحة، أشعلها وجعل يدخنها حتي أحس بأنه قد تجاوز الخط الأحمر داخلا في الفلتر.. وخزه ضميره علي إدخارها.. فلو دخنها كاملة في الصباح لكان الأن يقط في النوم.. حادث نفسه كثيرا، كان اللأوعي حاضرا، ورأسه يضج بعدة أفكار في لحظة واحدة..! عبر أحد الجيران ملقيا التحية، والتي كلفت عبدو كبير جهد لردها بأحسن منها، حاول أن يستثمر هذا الجهد ويتجه نحو الطريق الرئيسي.. بحث في دفتر محاضراته،.." الساعة الثانية ظ الاحد الثاني والعشرين من يناير سمنار عن- أمراض المناطق الحارة.." وجد هذه الملاحظة مذيلة بإمضاء "أبو السريع" صديقه ، إبتسم وهو يطوي الدفتر!.. إتجه عابرا المقابر نحو شارع السوق الشعبي، لاحظ تصاعد وتيرة الاتربة "الكتاحة"- الصفة المميزة لفصل الشتاء في تلك المنطقة، مسح بقعات العرق التي تفصدت علي جبينه، همس لنفسه " أمراض المناطق الحارة.. أمراض المنــــــاطق الحـــــارة " أشاح بوجهه مبتعدا عن إحدي موجات الغبار.. لفتت إنتباهه يافطة علي قبر مجهول كتب عليها "المرحوم يسألكم الفاتحة" .. إمتص شفتيه ليبصق مراره ذلك الكيف وهو يتسأل: وما علاقة الفاتحة بأمراض المناطق الحاره! هكذا قالها اللاهنا عنده ، أحس بإنه يستطيع قرأة الفاتحة ففعل في سره. وهو يتابع تلاعب الرياح بإحدي شجيرات "الماسكيت".. إثارت سخطه فهو يدري تماما إنها إحدي إعراض إمراض المناطق الحارة ! إستغرقه تشويش الفكرة طويلا وهو يلاحق العلاقة بين الماسكيت والمناطق الحارة.. إحس برغبة في التغيو أجلها جاهدا لموقف أخر، هاهو الان أمام ذلك الهاجس الحقيقي، العثور علي توصيلة في هذا الوقت الخطأ، وقت الذروة حيث الكل عائد في خطوات مرهقة تقودها التسويفات.. إلا هو، يعيش اللحظة بكل تضاريسها، صعوباتهه ومفاجأتها وحتي غبارها! يكره الهروب، جعله ذلك مختلفا بعض الشئ عن الناس.. حتي طريقة تفكيره يبدؤن حيث ينتهي تجذبه التفاصيل الدقيقة حد الإدمان، فهو شخصية خارج النص.. تذكر تلك المقولة " تعرف الأشياء بأضدادها" هكذا قالها، ضحك حين ثاوره شكه التشخيصي في إستخدام الإستدلالات. لا يعرف حتي هذه اللحظة إنتمائه، أهو من قبيلة الأشياء.. أم الأضداد؟!
أثارته فكرة أن يكون من الأضداد.. أحس بكومة من الأسئلة تجتاح عقله- حاول اللجوء لللاوعي عله يجد إجوبة.. إعلن تراجعه المفاجئ لمنطقة لاوعيه الحميمة بقهقه فلتت من كل المسيطرات الشعورية لفتت إنتباه المارة. إحس بنشوه الرجوع فهو فعلا قد إفلح في تنشيط لاوعيه، ليس هربا كما يظنون.. بل ليدخر ماتبقي من الوعي لزمن أجمل- فهو يعلم أن الوعي بعيد كل البعد عن مسايرة أمراض المناطق الحارة، ولأ يستطيع وحده تقصي وبحث كل تلك الأمراض.. وتلك المناطق التي وقفت طويلا علي خط النار. تسلل في تواريخها ما إستطاع بتحفيز لاوعيه. فجأة أحس بأنه قد أَستدرج لمنطقة الوعي. ضغط علي الدفتر، معتصرا كل تلك الإسئلة القديمة المتجددة. هرول مبتعدا يسوقه خوفه ذلك الغريزي المخلوط بشئ من الحنين لمكان ما، وكأنه سيطرت عليه فكرة أن يكون بعيدا، هناك حيث لايتجاذب فيه الوعي واللاوعي، كالحرية المطلقة، الزرقة اللامنتهية التي تسرقه من الإرض حين ينظر للفضاء.. إمتلكته الفكرة، إستسلم مقتنعا بعدم جدوى مقاومتها، إبتعدت فتبعها، أسرعت قليلا.. أطلقت قدميها للريح، ركض مبتعدا نحوها.. رفرفت بجناحيها وسلمت نفسها للفضاء، إبتعد في إثرها وهو يمارس ذلك الإنفعال الحميم المفتون بفكرة الإبتعاد عن منطقة الوعي المشوشة - لم تطاوعه قواه علي إبتعاد إكثر من ذلك- لكنه الأن فقط تحرر في إبتعاده اللأنهائي هذا، إبتعد تحت إحدي السيارات وإلي الأبد مودعا منطقة اللأوعي والوعي فيه.. واللتا ظهرتا في صورة الأشعة كبلد إستوائي تسكنة أمراض المناطق الحارة..



#أمين_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر
- صورة الممثل الأميركي ويل سميث في المغرب.. ما حقيقتها؟


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أمين منصور - إبتعاد