أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - مخاطر ظاهرة إعادة إنتاج الاستبداد في دول المحيط الرأسمالي ومنها العراق















المزيد.....

مخاطر ظاهرة إعادة إنتاج الاستبداد في دول المحيط الرأسمالي ومنها العراق


كاظم حبيب
(Kadhim Habib)


الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 19:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حين كنت أهيئ لكتاب " الفاشية التابعة بالعراق " تسنى لي قراءة عشرات الكتب حول مجموعة من النظم السياسية الاستبدادية التي برزت وتكرست لسنوات طويلة أو ما تزال قائمة في قارات أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا, وكذلك في أوروبا في العشرينات والثلاثينيات والأربعينات .. من القرن العشرين. بعضها تحول نحو الفاشية السياسية والاجتماعية وعلى قاعدة نظام اقتصادي رأسمالي متقدم, كما حصل في كل من ألمانيا وإيطاليا واليابان العسكرية, وبعضها الآخر لم يتحول إلى نظام فاشي سافر قائم على إيديولوجية عنصرية, ولكنه مارس الاستبداد والقهر السياسي واستخدم اساليب الفاشية في القمع السياسي والاجتماعي ومصادرة حرية الفرد والمجتمع, وبعضها الآخر كرس الاستبداد الشرقي المتخلف بأجلى معانيه, وخاصة بدول آسيا وأفريقيا. والدول العربية تقدم نماذج صارخة في تنوع الأردية التي ارتداها الاستبداد في كل منها. ورغم وجود بعض التباين في التفاصيل الجزئية لنماذج الاستبداد بالدول الآسيوية والأفريقية وبعض دول أمريكا اللاتينية, إلا إنها كانت تتماثل في السمات الأساسية لهذه الظاهرة, إذ كانت حاضرة في أذهان من عاش تحت وطأتها وميز خصائصها حتى بعد سقوطها ولسنوات طويلة أو ما يزال يعاني منها.
والجدير بالإشارة إن الاستبداد لا يبرز فجأة في هذا المجتمع أو ذاك, بل هو ناشئ بفعل وجود علاقات إنتاجية معينة ومستوى معين من التطور الاقتصادي والاجتماعي ومن طبيعة البنية الطبقية أو الاجتماعية وعن مستوى تطور الوعي الفردي والجمعي للمجتمع, إضافة إلى التراث والتاريخ والأحداث التي مرَ بها هذا المجتمع أو ذاك. حين يصل حاكم جديد يشجب استبداد من سبقه ويعد بالعدل والديمقراطية ثم ينقلب عليها تدريجاً ويكرر ممارسات من سبقه!
فحين يعاد إنتاج تلك العلاقات والظواهر الاجتماعية في بلد ما, فإنها تعيد إنتاج الاستبداد الذي نشأ عنها سابقا, ويكون المستبد هنا هو الوليد الشرعي لهذه العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والنفسية وجزء مهم وسلبي من التراث التاريخي والعلاقات السياسية الراهنة والناجمة عن تشابك وفعل كل تلك العوامل. ولهذا من حقنا أن نقول بأن وفاة مستبد بأي شكل كان أو حتى سقوط نظامه السياسي لا يعني نهاية الاستبداد, بل يبرز مستبداً آخر مكانه ويقيم النظام السياسي الذي ينتج مقومات استمرار استبداده وتحقيق مصالحه ومصالحة الفئات التي تدعمه والتي يمثلها.
وتاريخ العراق نموذج صارخ لهذه الظاهرة السلبية, فهو مليء بحالات الاستبداد وبالمستبدين منذ أو حتى قبل أن يعبر عنها الشاعر العبقري الذي كتب ملحمة "گلکامش" والتي جسدت بإدراك عميق وحس سليم ورؤية نافذة لطبيعة وسلوكيات الحاكم المستبد. وما كتب عن صدام حسين, باعتباره آخر مستبد عرفه العراق, يؤكد أن سلسلة المستبدين في بلاد ما بين النهرين لم تنقطع وكأن خيطاً متيناً يشدها ولأن مقومات بروز الاستبداد والمستبد ما تزال متوفرة في البلاد.
سقط آخر مستبد مطلق اليدين في البلاد, وهو مهم, ولكن السؤألة الملح هو : هل سقطت وانتهت مقومات نشوء نظام استبدادي جديد وبروز مستبد جديد في العراق؟ أشعر, كمواطن عراقي, أن المجتمع العراقي يعيش اليوم محنة جيدة معقدة وعويصة بعد سقوط النظام الفاشي السياسي البعثي والتي تكمن في كون النظام السابق سقط على ايدي دول أجنبية وقوات عسكرية فرضت الاحتلال لفترة معينة أنجزت فيها رسم معالم العراق المطلوب وأنجزت خلالها إقامة نظام للمحاصصة الطائفية السياسية والأثنية بامتياز ولم تسقط ولم تنته مقومات نشوء الاستبداد وبروز مستبد جديد في البلاد.
فحديث البعض عن دستور ديمقراطي ووجود برلمان منتخب وسلطة قضائية لا أن تسود الديمقراطية, فحين لا بد من تأكيد إن هذه المانشيتات لا تنتج ديمقراطية فعلية ولا ترسي حريات عامة ولا حياة حرة, إذ إن الواقع العراقي الجاري يؤكد, بما لا يقبل الشك, إن وجود ذلك لا يكفي لبناء الحياة الحرة والديمقراطية, بل يمكن أن يكون غطاءً يراد به ستر السير صوب إقامة نظام فردي تسلطي مستبد. فما سبب هذا الادعاء من جانبي؟ أدعي ذلك لأن الأرضية التي نشأ عليها صدام حسين ما تزال هي ذاتها التي يمكن أن ينشأ عليها من يماثل صدام حسين ولو بعباءة أخرى غير عباءة صدام حسين. فإذا كانت عباءة صدام حسين قومية يمينية شوفينية متطرفة, فإن عباءة الجديد يمكن أن تكون طائفية سياسية يمينية متطرفة بامتياز, وهو ما يعبر عنه بالعربي "تعددت الأسباب والموت واحد".
لا يكفي أن نقول بأن ذاكرة المجتمع قصيرة, ولا يكفي أن ننزل اللعنات بحظوظ العراقيات والعراقيين الذين ابتلوا بالاستبداد والمستبدين ونبتهل, كل على طريقته, للخلاص من هذا الواقع. إذ سيبقى هذا الواقع قائماً, رغم دعوات الناس وابتهالهم, وفي كل العراق والحكام الحاليين والقادمين كافة ما لم نسع إلى تغيير الأرضية والقاعدة المادية التي نشأ وينشأ عليها الاستبداد وتعيد إنتاج المستبدين, سواء أكان اسمه "س" أو "ص".
إن تغيير البنية الاقتصادية يخلق معه بنية اجتماعية جديدة ووعياً جديداً. ولا يتم ذلك بفعل سحر ساحر أو من ذاته, بل بفعل نشاط المجتمع وطلائعه من مثقفي ومثقفات, سواء أكانوا منتمين لأحزاب سياسية أم منظمات مجتمع مدني أم مستقلين, ولكنهم جميعاً يمتلكون الوعي الكافي للنضال من أجل تغيير قاعدة وعلاقات المجتمع الراهنة لتقيم للمجتمع تدريجاً الأرضية التي لا ينبت عليها الاستبداد ولا تنتج مستبدين. هذا لا يعني بأي حال أن لا نناضل ضد الفردية السائرة نحو الاستبداد إلى أن تتغير الأرضية الراهنة, بل يفترض خوض النضال من أجل الديمقراطية الذي يعتبر الطريق السالك للتغيير المنشود ذاته, إنها عملية متشابكة ومعقدة وصعبة ولكنها مطلوبة في كل الأحوال, وإنه الطريق الوحيد لتغيير البنية والمناهج التربوية والتعليمية الراهنة للفرد والمجتمع.
على عاتق القوى والأحزاب والشخصيات الديمقراطية المثقفة والواعية لدورها ومسؤوليتها تقع مسؤولية النهوض بهذه المهمة لأن الأحزاب الإسلامية السياسية بطبيعتها طائفية سياسية ولا تقبل بالمواطنة الحرة والمتساوية, فهويتها السياسية ليست المواطنة العراقية بل الطائفة, وهي التي تفرق بين أتباع الديانات والمذاهب الدينية وغير الدينية بالعراق. إن هناك شخصيات وقوى مسلمة تنورت بالعلم والمعرفة وتدرك بأن الدولة والمجتمع لا يمكن أن يبنيان على أساس ديني أو طائفي, وبالتالي فهم يناضلون مع القوى الديمقراطية من أجل دولة مدنية ديمقراطية علمانية لا تفصل بين السلطات الثلاث وتحترم استقلال القضاء فحسب, بل وتفصل بين الدين والدولة والسياسة أيضاً. وبالتالي فهناك إمكانيات فعلية للتعاون وخوض النضاا السلمي والديمقراطي المشترك لصالح بناء مجتمع ودولة الحرية والديمقراطية والكرامة والسلام , دولة الحب والدفء الإنساني والتآخي والتقدم.



#كاظم_حبيب (هاشتاغ)       Kadhim_Habib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تباً لكم أفلا تستحون من اعتقال وإساءة معاملة الدكتور مظهر مح ...
- الدفاع عن د. مظهر محمد صالح واجب كل المثقفين والقوى الديمقرا ...
- الفكر الطائفي السياسي واختلاف المذاهب فكرياً والمحنة العراقي ...
- الصراعات السياسية والطائفية المستقطبة والعوامل المسببة لها
- دكتاتور السودان يسير على خطى دكتاتور العراق السابق صدام حسين
- تشبث المالكي بالحكم وعواقبه المحزنة!
- نظام البعث الدموي يسير إلى حتفه .. فهل سيسمح لنشوء دكتاتورية ...
- هل يبقى الشعب يلعق جراحه ويُهدد بحرب قومية جديدة ..؟ وهل تبق ...
- متى تدرك حكومة إسرائيل عمق التغيرات الجارية في العالم ومنطقة ...
- ما هي العوامل الكامنة وراء تشنجات السياسة المالكية؟
- حملة واسعة من أجل إنقاذ حياة الصابئة المندائيين في سوريا من ...
- مناقشة مع الأفكار الواردة في تعقيب السيد طالب العبودي
- مرة أخرى يغوص المجرمون القتلة بدماء نساء ورجال الشعب العراقي
- المهمات التي تواجه هيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب ال ...
- مهمات هيأة الدفاع عن أتباع الديانات والمذاهب الدينية في العر ...
- ألا يقدم -الأخوان المسلمون- في مصر النموذج الاستبدادي المحتم ...
- الإخوان المسلمون في مصر يكشفون عن وجههم الاستبدادي الكالح وا ...
- القاعدة العامة تقول: لا يحترم نفسه ومركزه من يتخذ قراراً لا ...
- المرجعيات الشيعية والحكم الطائفي في العراق
- هل يمكن الثقة برئيس الوزراء العراقي ؟


المزيد.....




- مؤلف -آيات شيطانية- سلمان رشدي يكشف لـCNN عن منام رآه قبل مه ...
- -أهل واحة الضباب-..ما حكاية سكان هذه المحمية المنعزلة بمصر؟ ...
- يخت فائق غائص..شركة تطمح لبناء مخبأ الأحلام لأصحاب المليارات ...
- سيناريو المستقبل: 61 مليار دولار لدفن الجيش الأوكراني
- سيف المنشطات مسلط على عنق الصين
- أوكرانيا تخسر جيلا كاملا بلا رجعة
- البابا: السلام عبر التفاوض أفضل من حرب بلا نهاية
- قيادي في -حماس- يعرب عن استعداد الحركة للتخلي عن السلاح بشرو ...
- ترامب يتقدم على بايدن في الولايات الحاسمة
- رجل صيني مشلول يتمكن من كتابة الحروف الهيروغليفية باستخدام غ ...


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - كاظم حبيب - مخاطر ظاهرة إعادة إنتاج الاستبداد في دول المحيط الرأسمالي ومنها العراق