أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نصر مشعل - القذافي وخطاب المقهى















المزيد.....

القذافي وخطاب المقهى


نصر مشعل

الحوار المتمدن-العدد: 1147 - 2005 / 3 / 25 - 15:05
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


ما إن انتهى الرئيس الليبي معمر القذافي من إلقاء كلمته في مؤتمر القمة العربية حتى ظهر على شاشة التلفاز أولى ردات الفعل متمثلة بضحكة محمود عباس الدبلوماسية، ومن ثم اعتراضه في مؤتمر صحفي لاحق، وطلب اعتذار رسمي من ليبيا، بسبب وصف الفلسطينيين بالأغبياء.
ومن اللافت للانتباه ردة فعل ( جبران تويني) الذي طالب معمر القذافي بالاستقالة ليريح ليبيا والعرب من هرطقاته، فضلا عن كونه أحد الديكتاتوريين والإرهابيين والذين ينضوون ديكتاتوريا تحت لواء سوريا.. كما عبر، دون أن يعي ( جبرا ن تويني) بأن ردة الفعل هذه لا تختلف بمستواها الفكري ( واللكنوي) والأخلاقي عن مستوى اتهام معمر القذافي بالغباء .. وكأن المنابر السياسية، والقممية قد كرست للترويج عن الغبن والكبت الشخصي، فتتحول لقاءات القمة لطرح تصريحات مصبوغة بوشم أحاديث المقاهي ، وتتحول آراء الساسة لمقالات موشاة بلكنة أسرية أو لهجة حوار أصدقاء يلعبون الدومينو.
ولنتوقف قليلا عند كلمة معمر القذافي المختلفة كل الاختلاف عن الصيغ الكلاسيكية الباهتة، والممجوجة والمملة لكلمات الزعماء عادة، والتي ربما عبرت عن تلك الشحنة الفاعلة التي تتأجج في صميم كل إنسان عربي بسيط، وتكشف مدى التناقض الوجداني الرهيب الذي يعيشه زعماؤنا...

لا بد أن الرئيس الليبي قد بلغ مرحلة من اليأس بات يشعر معها بعقم كل أدبيات الخطاب وأيديولوجيته السابقة، وخواء الهتافات والسياسات الخائبة المتوالدة إبان زمن الاستقلال، والتي لم تتمخض بعد هذا الصراع إلا عن مواقف مخذية ابتدأت باتفاقية كامب ديفد وانتهت في هذا الزمن بزحف العرب شطر أمريكا وإسرائيل، وهنا لابد من جملة استعراضية، إذ لا فرق بين إعلان معمر القذافي عن مد يد الصداقة إلى أمريكا، وبين دعوة ملك الأردن لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.. ويمكن القول بأن اليأس والإحباط من جهة والخوف على كرسي الزعامة من جهة أخرى، هو الذي دفع العرب الآن للتسابق من أجل الفوز برضى إسرائيل، هذا اليأس أو الخوف حرض الزعيم الليبي المصاب بلوثة النرجسية ( ككل زعيم عربي) لبصق الحصاة العالقة في حلقومه، وكأنه يخاطب الجميع قائلا أليس هذا هو الحديث والمنطق الذي نتحدث به في مخادعنا ومع أصدقائنا؟! أليس هذا هو المنطق البسيط الذي يختلج في شراييننا بعيدا عن لغط المؤتمرات وهرطقة السياسة وأضواء الكاميرات، وأقنعة وسائل الإعلام، وأخيرا كابوس التسلط الأمريكي؟!
( لماذا يعتبر القرار 1559 قرارا مقدسا دون غيره من جميع قرارات مجلس الأمن؟!
هذا ما تساءله معمر القذافي، فأين الغرابة؟! أليس هذا هو التساؤل الذي نطرحه على أنفسنا كل لحظة؟! ( سوريا أنهت الحرب الأهلية في لبنان وعندما تخرج من لبنان فإن حربا أهلية ستقع، والسوريون أرحم من الغرباء، فهم لا يقتلون اللبنانيين) أليس هذا هو منطق الشارع، ومنطق الحديث الذي يتوسط الشريحة الواسعة من البسطاء، والذين هم وحدهم يدفعون ثمن الحرب وثمن السلم؟!
لقد بدا الزعيم الليبي ( رغم تصنعه الهدوء) مأزوما إلى حد نضوب قاموس اللغة العربية من المصطلحات التقليدية، مما اضطره لإقحام المنطق العفوي في خطابه.
ما الفرق بين مقولة القذافي( الفلسطينيون أغبياء) كتعبير عفوي يستخدم على مائدة العشاء، وبين عبارة( من الغباء ألا يستغل الفلسطينيون فرص سانحة لإقامة السلام مع إسرائيل) كتعبير سياسي يستخدم في مؤتمرات الأناقة والتهذيب؟! هل كان سيعترض محمود عباس على ذلك؟!
وما الفرق بين عبارته( لن يوقف الحرب الأهلية في لبنان بعد خروج سورية إلا بنادق أجنبية) وعبارة وليد جنبلاط ( إذا كان لابد من وصاية أجنبية.. ليش لأ..؟) عشية اغتيال رفيق الحريري معبرا عن غبنه وحزنه..؟!
إن الاقتراب من هذه اللكنة المباشرة في الخطاب السياسي يعني الإفلاس من السياسة نفسها، إن صدرت عن معمر القذافي أو جبران تويني أو وليد جنبلاط، أو حتى عندما تقابل بردة فعل كتلك التي صدرت عن محمود عباس.. إنها مرحلة العراء، وانكشاف المواقف الحقيقية، والنوايا، فالنقاشات التي تبدأ بمسحة من الكياسة والأدب وتنتهي بمصطلحات نابية مباشرة وقاسية إنما تعبر عن عراء وخواء من كل شيء، وربما تنتهي بمواقف ميدانية وشخصية كردة فعل الرئيس الليبي غبّ مؤتمر القمة الاستثنائي في شرم الشيخ، والذي طار بعده إلى أمريكا يعلن ولاءه واستعداده لتفكيك منظومته النووية، ومقدما الاعتذارات لتأخره عن إعلان يأسه وإحباطه.

والسؤال المطروح: لماذا تطلق الضجة الإعلامية نيران مدافعها حين يقول (ستعود الحرب الأهلية في لبنان) ؟! بينما لا يلاقي تصريح ملك الأردن في أمريكا أية ردة فعل حين لمح إلى احتمال قيام حزب الله وسوريا وربما إيران بعمليات ضد إسرائيل ؟!

إن منطق القذافي العفوي هو تجريد للأعصاب والنسغ الساري في عروق كل عربي، وثالثة الأثافي أن يهدد هذا المنطق بالانتقال إلى مرحلة الإفلاس الأخيرة، وهي الاشتباك بالأيدي أو الأسلحة وهذه المرحلة قادمة لا ريب وإن كان بمعناها المجازي، عندما يجد جميع الزعماء أنفسهم يرفلون في مستنقع فصامي، حيث يجد معمر القذافي نفسه ومن خلفه- بعض القادة العرب - الزمان والمكان الملائمين لتطبيع العلاقات المنفردة مع إسرائيل( وهذا ما بدا واضحا من اعتراض حسني مبارك مباشرة على قول الرئيس بشار الأسد عندما طرح وجوب تدخل أطراف عربية أخرى في عملية السلام. تدليلا منه على إشراك جميع الأطراف لإيجاد حل شامل وعادل. عندها انبرى الرئيس المصري على الفور، وبنفس أسلوب معمر القذافي الركيك قائلا( لأ.. مافيش داعي تدخل أطراف أخرى) معيدا للأذهان سيناريو كامب ديفيد والسلام المنفرد مع إسرائيل، وكأنه درس أمريكي يحفظه الرئيس المصري عن ظهر قلب..

وهنا أصبحت المشكلة أو حل المشكلة ( لكل نظام عربي) أمرا مرهونا بالوقت والظرف، وبعبارة أخرى بالقشة التي تقصم ظهر البعير، كفورة الدم التي جعلت معمر القذافي يرمي بنفسه في أحضان أمريكا، ومن ثم إعلانه عن استعداده لدفع أموالا ضخمة لليهود الذين نزحوا من ليبيا إبان الاستقلال عام( 1952) وذلك تعريضا عما تركوه من أملاك وراءهم، فهل سيجري معمر القذافي مقارنة بين تنازلاته تلك لليهود وبين ما تقدمه إسرائيل للاجئين الفلسطينيين منذ عام 1948 وإن كان قد أصبح حريصا على حقوق الآخرين، كاندفاعه العفوي والحاتمي لدفع مستحقات جامعة الدول العربية عن كل الدول العربية، فلماذا لم يطالب إسرائيل بتعويض أسر ضحايا الطائرة الليبية التي أسقطتها إسرائيل في سيناء عام 1973؟! أم أن الأمر أصبح يمسه شخصيا، وهو ليس مستعدا لفتح صفحة سوداء أخرى مع أمريكا وربيبتها؟!

وأخيرا لطالما يمتلك الزعماء العرب ذلك الإحساس المرهف والمشاعر الرقيقة أمام الكلمات القاسية والنابية، فكيف يتحملون ذلك الإهانات الفكرية والجسدية والتاريخية التي تسفع وجه الأمة العربية منذ مائة عام؟!
ألا يطرح السؤال ذاته؟! لماذا رفض ولي العهد السعودي حضور القمة لمجرد مشادة حوارية بينه وبين معمر القذافي في لقاء القمة السابق، بينما لا تصدر عن السعودية أية تصريحات أو احتجاجات عندما تلوح أمريكا إلى مسألة القمع الديني في السعودية، وتفشي العصبية الدينية، وتطرف مناهج التعليم السعودية، وعدم احترامها لبقية الشعوب، واحتقارها للمرأة؟! بل على العكس تماما، إذ نجد أن كبار المسؤولين السعوديون يهرولون إلى أمريكا لمباركة تلك الانتقادات.
لماذا لا يطلب أمين عام الرئاسة الفلسطينية ( الطيب عبد الرحمن) اعتذارا من أنور السادات لارتكابه أبشع جريمة ( إنفرادية) في تاريخ العرب، بينما يسارع لطلب ذلك من معمر القذافي لسبب لا يستوجب الذكر؟! أليس هذا هو الإفلاس العربي؟! ثم أيهما أقذع .. اتهام الفلسطينيين بالغباء أم تغييب الملف السوري اللبناني نهائيا من المؤتمر؟!.. هل يخجل زعماؤنا من كشف نواياهم، أم هو الخوف؟! أم أسقط في أيديهم ولم يعودوا يجدوا العبارات النابية والملائمة للتعبير عن بلوغ القيح الحنجرة لمخاطبة أمريكا ووصفها بالوحش كما وصف معمر القذافي الإسرائيليين بالغباء؟!
نصر مشعل- سوريا



#نصر_مشعل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السعوديون والمستنقع الفصامي الجامودي
- السعوديون والحوار المتمدن الخجول


المزيد.....




- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...
- زاخاروفا: إستونيا تتجه إلى-نظام شمولي-
- الإعلام الحربي في حزب الله اللبناني ينشر ملخص عملياته خلال ا ...
- الدرك المغربي يطلق النار على كلب لإنقاذ فتاة قاصر مختطفة
- تنديد فلسطيني بالفيتو الأمريكي
- أردوغان ينتقد الفيتو الأمريكي
- كوريا الشمالية تختبر صاروخا جديدا للدفاع الجوي
- تظاهرات بمحيط سفارة إسرائيل في عمان


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نصر مشعل - القذافي وخطاب المقهى