أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر كتاب - المظاهرات : المطالب المشروعة بين استجابة الدولة والمخاطر الأربعة.















المزيد.....

المظاهرات : المطالب المشروعة بين استجابة الدولة والمخاطر الأربعة.


شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي

(Shakir Kitab)


الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 23:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



1- نظرية المكونات

قد تكون المظاهرات التي اندلعت منذ أكثر من ثلاثة أسابيع في مختلف محافظات العراق مفاجأة لبعض الذين يتلبسون ثياب السياسيين بل وصدمة للذين تراءى لهم ولفترة غير قصيرة أنهم حكماء العصر وقادة العراق وعمليته السياسية العرجاء وفلاسفة الزمن الأهوج.
لكنها لم تكن لا مفاجأة ولا صدمة لمن ينتمي بروح وطنية مخلصة وصدق المناضلين للعراق ولأهدافه المقدسة في وحدة ترابه وشعبه ودولته. لأن عدم إجادة فن إدارة الدولة - وهو مرض عراقي مزمن مع الأسف – لا يقود إلا إلى الفوضى والخراب.
لقد نادينا بتعديل الدستور الذي أجمع كل الناس على عدم كماله وضرورة إعادة النظر ببعض مواده وإجراء الإصلاحات اللازمة فيه بما يجعله دستورا عراقيا بدلا من نسخته العليلة التي أملتها ظروف الإحتلال العصيبة والتي رسخت تقسيما ظالما للمجتمع العراقي وفقا للمكونات وما يستتبعها من محاصصة كريهة وتمثيل باطل لهذه المكونات من قبل أناس لا يمثلون في الواقع إلا أنفسهم بدلا من مبدأ المواطنة والكفاءة والمهنية والإخلاص للوطن وللشعب والإلتزام بالقانون والنزاهة والإستقامة وشروط العمل المنتج والمبدع وفقا لخطط تنموية متواصلة تنقل البلاد من مستوى إلى مستوى أعلى وهكذا وصولا إلى مصاف دول العالم المستقر والمتحضر والمتطور.
لكن الذين رأوا في نظرية المكونات مفازتهم وضالتهم في الحصول على امتيازات خيالية بالنسبة لهم عمدوا إلى التمسك بها وترسيخها حتى وصلت بنا الأمور إلى أعنف صراع طائفي دموي يشهده العراق في تاريخه الحديث.
ونظرية المكونات هي التي أوهمت اصحابها بأن هناك مكون أكبر ( الشيعة ) ومكون اصغر ( السنة ) ومكون آخر لا يشمله الإنشطار الطائفي ( الأكراد ) ومكون رابع تم تغييبه بالكامل وهو ساكت راض بما أنعم الله على بعض رموزه بمقعد هنا ومنصب هناك ( التركمان ) وإلغاء تام لكل المكونات الأخرى التي لا تعد ولا تحصى.
ونظرية المكونات هي التي قادت اصحابها إلى قناعات شاذة مريضة تسمى بالمحاصصة. فرئاسة الوزراء يجب أن تكون للشيعة ووزارة الدفاع للسنة ورئاسة الجمهورية للكرد والداخلية للشيعة والخارجية للكرد والتعليم للسنة مرة وللشيعة مرة أخرى بالتبادل مع وزارة التربية وهكذا بما لم ينزل الله به من سلطان إلا في بلد إنتهكت قيمه ومقاليده من قبل محتل نتن وأيتام له خلفهم هو وترك فيهم كل سوءاته وسيئاته.
نظرية المكونات هي التي أججت الطائفية وروحها الكريهة وبغضائها الخطيرة وحقودها اللاإنسانية وحولت الصراع نهائيا إلى صراع طائفي بدلا من وجهته الحقيقية وسماته الطبقية والوطنية. فالفقر والجوع والعوز والفاقه لا تعرف شيعة ولا سنة والمخاطر التي يتعرض لها العراق لا تشمل مناطق دون أخرى أو محافظات دون غيرها.
وفي نهاية المطاف فإن نظرية المكونات هي المسؤولة عن استشراس الطائفيين لينهش أبناء شعبنا بعضهم في جسد البعض الآخر. وهي التي كانت وراء تفجر ظاهرة الإرهاب والإغتيالات والخطف والتهجير والعزل والتهميش والإقصاء.
وباختصار شديد: إذا كان الإرهابيون والميليشياويون والعصابات والمافيات بجرائمهم قد آذوا أبناء شعبنا وهددوا وحدة المجتمع العراقي فإن الطائفيين يهددون اليوم وحدة العراق كله كدولة وبالتالي كوطن.

2- المظاهرات


ونتيجة لما أنتجته نظرية المكونات من ظلم وحيف وقع على ( مكون ) كبير تراكم الشعور لديه بالغبن والتهميش ولما عجزت عيون المسؤولين عن رؤية منصفة وعادلة يتساوى فيها كل أبناء الوطن نتيجة عملهم حصرا تحت تأثير نظرية المكونات العليلة المضادة لإنسانية الإنسان فلم يجد المظلومون بدا من الإنتفاض على واقعهم المزري والخروج بمظاهرات كالتي نراها اليوم.
لكن هناك خطر آخر كبير أنجبته نظرية المكونات. وتماما كمن يمرض بالسل الرئوي يعود ليصيب بالعدوى اقرب الناس إليه. فهؤلاء هم أيتام بريمر يسحبون نظرية المكونات ليطبقوها داخل مكوناتهم نفسها ليحصدوا هم والجزء الأضيق المحيط بهم دون بقية أبناء المكون بحصة ألأسد من الإمتيازات والمنافع. لنوضح الأمر أكثر. إن القائمين على مصير المكون الشيعي ( سياسيا طبعا ) حصروا الإمتيازات والمنافع لهم وبهم فقط وبأبناء أحزابهم وعوائلهم والحلقة الضيق المحيطة بهم وتركوا الشريحة الأكبر من مكونهم عرضة للبطالة وانعدام الخدمات والسكن والتربية والتعليم. وكذلك الحال بالنسبة لمن يدعي لأنفسهم ( من السياسيين طبعا ) تمثيل المكون السني فنهبوا كل ما خصص للسنة من حصة سواء أكانت إدارية وظيفية أو إقتصادية أو حتى امتيازات ذات صبغة اجتماعية وحرموا بقية ابناء مكونهم من أي شيء منها.
لذلك فإن الغضب الذي انفجر الآن هو غضب المظلومين الجياع وهم على حق ومن المكونين السني والشيعي ليس فقط ضد الحكومة بل بالأساس ضد مستغليهم أصحاب المليارات من الدولارات التي اغتنوا بليلة وضحاها من دماء أبناء مكوناتهم بعد أن عرفوا من أين تؤكل الكتف وفقا لنظرية المكونات.
وإذا كانت نظاهرات اليوم تنحصر ببعض المحافظات التي تفاقم فيها الظلم الطبقي والوطني فإن تظاهرات الغد ستشمل كل البلاد ولا غرابة فالظلم والفقر والفاقه والجوع والأمراض توزعت علينا بالتساوي ومن يستغرب من إنتفاضة البؤساء هو البائس نفسا وفكرا وروحا وعقلا.
إنها حركة الشعب بدأت من أجل حقوقه المستلبة ماديا لا من أجل مذاهبه وطريقة صلواته وعبادته رغم أهميتها.
فهل يرعوي أولو الأمر الذين ابتلينا بهم ؟؟


3- استجابة الدولة لمطالب المتظاهرين.


لنتفق أولا أن العراق لكل العراقيين بلا استثناء ولا تمييز. ولنتفق ثانيا أن العراقيين كلهم سواسية متساوون في الحقوق والواجبات. ولنتفق ثالثا أن التفرقة بين العراقيين لأي سبب عدا العمل وخدمة الوطن حرام ثم حرام وخطيئة كبرى. ولنتفق رابعا أن لا وصاية لأحد على أحد بل يمثلنا جميعا الدستور ( الذي يجب تعديله ) ومجلس النواب ( بعد أن ينتخب انتخابا حرا نزيها ديمقراطيا حقيقيا ). ولنتفق خامسا أن الدولة العراقية بما أنها مؤسسة عقد اجتماعي كبيرة بين العراقيين يجب أن تكون مسؤولة بشكل مباشر عن أمن واستقرار وحياة ومستقبل جميع أبنائها ومسؤولة عن تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم.
من هذه القناعات التي كما أظن يتفق عليها الجميع حتى ولو من باب الإدعاء والخداع الذي عودنا عليه سياسيو آخر زمن ننطلق لنقول أن استجابة الدولة لمطالب المتظاهرين لا تتطابق مع تطلعاتنا ولا مع تطلعات المتظاهرين الأمر الذي يهدد باستمرارها واستفحالها.
لقد كان من الأفضل أن تتجنب الحكومة السماح لبعض السياسيين الذين يريدون بناء أمجاد حتى على جثث مواطنيهم وابناء ( مكوناتهم ) وركوب موجات المتظاهرين واستخدامها ورقة مساومات مع خصومهم السياسيين لكن كان عليها أن تقوم بتقسيم مطالب المتظاهرين والإستجابة لها وكما يلي :-

أولا : المطالب التي تنفذها الحكومة مباشرة .

والتي تتمثل بإطلاق سراح :
- المعتقلين الأبرياء الذين لم تثبت بحقهم أية إدانة.
- المعتقلين الأبرياء الذين لم تصدر بحقهم أوامر قبض قضائية.
- المعتقلين الأبرياء الذين صدرت بحقهم أوامر إخلاء سبيلهم من القاضي ولم تنفذ.
- المعتقلات اللاتي أعتقلن بجريرة أحد أقاربهن.
ومحاسبة منتسبي ألأجهزة الأمنية الذين اعتقلوا المواطنين الأبرياء بدون مذكرات قبض والذين يحملونها فارغة في جيوبهم ويملأونها حسب اهوائهم إستهتارا بكل القيم والضوابط الإنسانية والمهنية. ومحاسبة منتسبي الأجهزة الأمنية الذين انتزعوا اعترافاتهم كاذبة من ضحاياهم بالتعذيب والإجبار أثناء التحقيق. ومحاسبة منتسبي الأجهزة الأمنية والحكومية الذين استغلوا عوائل المعتقلين وابتزوهم مقابل وعود كاذبة بتسيير معاملات ابنائهم إلى المحاكم أو حسم قضاياهم بسرعة أو حتى إطلاق سراحهم.
من المطالب التي تتمكن الحكومة من تنفيذها فورا هي فتح باب التعيين للعاطلين عن العمل من ابناء الشعب العراقي كله بلا استثناء.
تتمكن الحكومة من فتح باب الإنتساب للأجهزة الأمنية أمام كل العراقيين دون استثناء لأحد لأسباب طائفية وكذلك الحال بالنسبة لكافة دوائر الدولة. وكلنا يعلم بان هناك وزارات اصبحت وقفا مغلقا لطائفة دون أخرى.

ثانيا: - المطالب التي تتعلق بمجلس النواب.

يتمكن مجلس النواب من إصدار قانون العفو العام الذي يجب أن يكون عفوا مشروطا لا يشمل أبدا القتلة الذين تلطخت أياديهم فعلا وعمدا وبإصرار بدماء العراقيين وليشمل:
- الأبرياء الذين صدرت بحقهم عقوبات جائرة ويجب الإعتذار لهم رسميا وتعويضهم عما اصابهم من غبن وحيف وظلم.
- المحكومين الذين قضوا أكثر من نصف المدد المحكوم عليهم قضاءها في السجن شريطة إثبات حسن سلوك وتقديم تعهد مناسب مع كفالة ضامنة.
- المحكومين على جرائم خفيفة وقضوا فترة مناسبة من محكومياتهم.
- المحكومين المرضى الذين لا يرجى شفاء لأحوالهم المرضية.
- المحكومين المعوقون الذين قضوا فترات مناسبة من محكومياتهم.
على مجلس النواب إعادة االنظر فورا بقانون مكافحة الإرهاب وخاصة المادة الرابعة سيئة الصيت وتعديله بما يضمن تطبيقا عادلا ومعقولا ولا همجيا لإجراءات قانونية تتعلق بمكافحة الإرهاب وليشمل كل من يستخدم السلاح ضد الدولة والمجتمع والفرد دون الإلتفات إلى انحداره القومي والمذهبي ولا الطائفي. وليشمل المنظمات التي صنفت عالميا بالإرهابية وكذلك الميلشيات والتنظيمات السياسية المسلحة وتحريم الأحزاب السياسية التي تعتمد ولو في جزء من نشاطها على استخدام السلاح والعنف.
وليس من المعقول إلغاء قانون مكافحة الإرهاب لأنه يتعلق بنوع معين من الجرائم ذات الطبيعة الجنائية - السياسية وليست فقط الجنائية كي نكتفي بقانون العقوبات الجنائية المرقم 406 جنايات.
يجب ويجب على مجلس النواب إعادة النظر في قانون المساءلة والعدالة ليشمل فقط من أساء استخدام موقعه الحزبي والسياسي والوظيفي للتسبب بالإضرار بمواطنين أبرياء ومن مرت أفعالهم دون حساب وليشمل أيضا المسيئين قبل 2003 وبعدها وصولا إلى يومنا هذا.
إن قوانين العدالة الإنتقالية لا تتعلق بطائفة معينة ولا بفئة دون أخرى. هذه القوانين هي نفسها تتطلب التطبيق العادل. إن البلدان التي تمر بمراحل إنتقالية من نظام استبدادي دكتاتوري إلى نظام ديمقراطي لا تنتقم من مواطنيها لكنها تسترد حقوق المظلومين ولا تدع مجالا لظلم جديد يتطلب قوانين عدالة إنتقالية مرة أخرى عند مجيء حكومة جديدة. والنتيجة خسائر هائلة على مختلف الأصعدة.
إن على مجلس النواب أن يسن قوانين التحول الديمقراطي ومنها قانون الأحزاب السياسية وقانون إنتخابات عادل ومنصف وقانون مكافحة الطائفية وقانون المرأة وقوانين حقوق الإنسان والطفل خاصة وتحريم التسول واستغلال الفقراء وقانون يحرم نهائيا التفرقة بين المواطنين لأية أسباب كانت.

ثالثا: - المطالب التي على القضاء تنفيذها:-

إن السلطة القضائية مدعوة بنفس القدر الذي مدعوة فيه السلطتان التنفيذية والتشريعية إلى إجراء تغييرات وإتخاذ خطوات فاعلة من أجل إحقاق الحق وإبطال الباطل. من ذلك:-
- فتح باب االقبول لمعاهد القضاء العليا لكل من تتوفر فيه الشروط ما عدا الإنحدار الطائفي والعرقي وبالتساوي دون أي تمييز بين مواطن وآخر.
- متابعة شؤون التحقيق في مختلف مراحله والتأكد من سيره وفقا للمعايير الوطنية والعالمية بما يضمن نزاهته ومهنيته.
- تحريم إجراء التحقيق من قبل اي منتسب غير متخصص.
- تحريم تزويد ضباط ومراتب ألأجهزة الأمنية بمذكرات قبض موقعة ومختومة لكنها خالية من ألأسماء.
- ضمان العدالة التامة في المحاكم وسوق الحكام المتحيزين وغير النزيهين إلى محاكمات نموذجية تكون عبرة لكل من يبتعد عن طريق السلوك القضائي النزيه والعادل.
- متابعة تنفيذ أوامر القضاء في إخلاء سبيل المواطنين الذين يحكم القضاء ببراءتهم.

هكذا تكون استجابة الدولة المسؤولة فعلا عن مواطنيها والتي تتجه نحو السلم الإجتماعي والعدالة والنمو والتطور.

4- المخاطر الكبرى :

إن المتظاهرين مدعوون إلى الإنتباه والحذر الشديدين من أجل تجنب الوقوع في أي من المخاطر التالية التي كل منها على حدة سيودي بالبلد إلى خراب تام ودمار شامل.

أولا:- تدخل الدول الأجنبية.

إن الدول الأجنبية لا تتدخل ابدا لسواد عيون شعبنا العراقي ولا من أجل دعم اية طائفة من طوائفه حتى ولو إدعت ذلك وتظاهرت وتباكت على فئة دون فئة. إنها تتدخل فقط لحماية مصالحها وأهدافها الإستراتيجية أو بالنيابة عن قوى دولية وأغراض كبرى لتحالفات عالمية أخرى. لا تركيا تتدخل لصالح السنة ولا إيران تتدخل لصالح الشيعة بالرغم من أنهما تدعيان ذلك. إن صراعهما الأبدي على اليد الطولى في العراق يشهد على ما نقول. لذلك سيرتكب جريمة الخيانة العظمى والعمالة للأجنبي كل من يمد يد الحاجة لأية دولة وكل من يتلقى دعما من أية دولة. إن العراق لا يمكن ولا يتحمل أن يكون ساحة صراع بين الدولتين ولا يمكن للعراقيين أن يتقاتلوا بالنيابة عنهما ( وإلى متى؟) . ويجب على شعبنا نبذ أي طرف يستعين بالأجنبي تحت أي مسمى كان. ولا نظن أن أحدا ذا عينين بحاجة إلى تذكير بالنموذج السوري إذ تحولت سوريا إلى خراب مأساوي بعد تدخل الإستراتيجيات الأجنبية لتتصارع على أراضيها بأياد سورية.

ثانيا:- الطائفية.

إننا على يقين إن أبعد الناس عن الوطنية هم الطائفيون. لأنهم دعاة تقسيم وتفرقة وهم يستخدمون الزيف والخداع لتنفيذ مآربهم. وهم طفيليون لا ينتجون ولا يبدعون لكنهم يزيفون. وهم ميالون للإرتباط بالأجنبي أكثر من ارتباطهم ببلادهم . وهم يخدمون الأجنبي أكثر بما لا يقاس من خدمة شعبهم. وهم أيضا يبشرون بثقافة الأجنبي وأغراضه وأهدافه واستراتيجيته وبالتالي يتحولون ويحولون أتباعهم إلى عملاء بإسم المذهب. وهم في النهاية الذين سيقودون البلاد نحو التشرذم والتجزئة. والطائفية مذهب لا إنساني ولا يمت لمستقبل البشرية بأية صلة بل هي عبادة ظلمات الخنادق والسراديب والفترات السحيقة والكتب الصفراء. وهم ضد العلم والتنوير وضد كل ما هو جديد في العلم أو في المعرفة. وهم يستغلون الأبرياء من الناس ومن يثق بهم عن سوء تقدير وعدم معرفة. كل هذه الصفات هي تدميرية ستشمل بخرابها البلاد والشعب كله إذا ما ركب الطائفيون موجة الصراع الوطني والطبقي التي احتدت واشتدت مؤخرا.

ثالثا:- العنف.

إن المظاهرات التي نشبت منذ حوالي العامين في سوريا كانت بناءة جدا وكادت أن تحقق الكثير من مطالبها الوطنية لولا أنها انجرت بلحظة حرجة نحو منعطف خطير جدا حين ثارت الطلقة الأولى لتبعد الحركة الإحتجاجية الكبرى عن مسارها السلمي الديمقراطي ولتزج البلاد كلها في أتون حرب مدمرة أتت على كل ما في سوريا من خيرات وإعمار وبنى تحتية وحولت سوريا العامرة ببنائها واستقرارها إلى خراب بكل ما في هذه الكلمة من معنى. ماذا سيجري بالعراق لو أن إطلاقة الشر انطلقت من بين صفوف المتظاهرين أو من يد خبيثة في الأجهزة الحكومية نحو أحد المتظاهرين؟ ولنتذكر أن العراق على وشك الإنهيار من كل النواحي جراء ما تسبب به الإحتلال وسراق المال العام المتسلطين على سدة أمور مؤسسات الدولة. فما الذي سيجري بنا لو نشب العنف والحرب؟ ولو لجأ البعض إلى القوة من سيكون المستفيد أولا وأخيرا؟؟ أين سيكون العراق خلال بضعة اشهر من الصراع المسلح لو نشب لا سامح الله؟؟ كيف سيكون مصير العراق والعراقيين آنذاك؟؟ هل نقول ستنبش قبور موتانا لكي نوصل إلى كل المعنيين درجة خطورة اللجوء إلى العنف؟ إننا سنلعن كل من يلجأ إلى السلاح. وسيلعن التاريخ كل من يستخدم السلاح. وسيلعن شعبنا كل من يلجأ إلى السلاح.

رابعا :- التقسيم.

إحدى أكبر خطايا الدستور الذي فرضه علينا المحتل ومرره المستفيدون منه هو الفصل الخاص بالأقاليم والمحافظات اللامركزية والإدارة الذاتية. والخطيئة الأكبر هو ما احتوت عليه مواد هذا الفصل من توصيف لإمكانية الإستقلال للأقاليم وما تنطوي عليه من إمكانية الإنفصال. وتأتي التهديدات بإعلان الأقاليم السنية لتزيد من قلق الوطنيين والمخلصين والحريصين على وحدة الوطن والشعب. لا شك أن دعاة الأقاليم استخدموا ورقة حق أريد بها باطل عن وعي أو لا وعي. فمناطق السنة مهمشة ومحرومة ومعزولة وأهلها يعانون الكثير من سوء المعاملة وانعدام العدل والمساواة. لكن هذه المعاناة يواجهها أهل المحافظات الشيعية أيضا. فهناك نقص في الخدمات شنيع. وهناك فقر مدقع وبطالة مستشرية وأمراض منتشرة كما انتشرت الأمية من جديد. إذن المسألة ليست طائفية. بل سوء إدارة وسوء توزيع الموارد وفساد كافر بأموال الدولة. ومعالجته لا تأتي يإعلان الأقاليم لا في البصرة ولا في الأنبار ولا نينوى ولا السماوة. بل الحل يكمن في وحدة العراق وإعادة بناء النظام السياسي بما يجعله نظاما وطنيا ينطلق من معاناتنا كعراقيين أولا قبل أن نكون سنة أو شيعة. والحل يكمن في تغيير الدستور بما يضمن عدالة تامة ومساواة كاملة بين الناس على أساس المواطنة فقط وبما يضمن أمن واستقرار المواطنين وبما يضمن وحدة متراصة للوطن والمجتمع العراقي وبما ينتصر لمبدأ المواطنة ويلغي نهائيا مبدأ المكونات وبما يضمن إدارة راقية متطورة مهنية لمؤسسات الدولة واقتصادها وصولا لرخاء معيشي متنام ومتواصل في مستوى علمي وثقافي راق.

والسلام على من إتبع الهدى...



#شاكر_كتاب (هاشتاغ)       Shakir_Kitab#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نرفض فكرة حل الحكومة والبرلمان
- المطالب الشعبية المشروعة للمظاهرات في العراق: معالجات أولية
- الوجه الحقيقي للصراع: طبقي – وطني
- الشكل الحقيقي للصراع في العراق
- حملتنا الوطنية ضد الطائفية مستمرة
- الخلل البنيوي في العملية السياسية العراقية : الواقع والبديل
- رؤيا في سياسة خارجية صحيحة للعراق.
- الدولة التي نريد 2
- خاطرة عن الهجمة الأمريكية على المنطقة.
- قراءة في بنية المشكلة العراقية
- الدولة التي نريد
- بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لميلاد حزبنا حزب العمل الوطني ...
- قراءة أولية في فكر الإشتراكية الديمقراطية
- حول التحالف الكردي - الشيعي !!
- من رأى منكم منكرا:-رابعا:- مظاهر الرفض بالحركة
- من رأى منكم منكرا:- ثانيا:- مظاهر الاحتجاج اليومي.
- من رأى منكم منكرا 3 - مظاهر التعبير الواضح.
- من رأى منكم منكرا:- أولا:- ثقافة الرفض.
- من إفرازات العملية السياسية ...الرحيل نحو الهاوية..!!
- نحو حكومة أغلبية راسخة ومعارضة وطنية مستقلة


المزيد.....




- فيديو صادم التقط في شوارع نيويورك.. شاهد تعرض نساء للكم والص ...
- حرب غزة: أكثر من 34 ألف قتيل فلسطيني و77 ألف جريح ومسؤول في ...
- سموتريتش يرد على المقترح المصري: استسلام كامل لإسرائيل
- مُحاكمة -مليئة بالتساؤلات-، وخيارات متاحة بشأن حصانة ترامب ف ...
- والدا رهينة إسرائيلي-أمريكي يناشدان للتوصل لصفقة إطلاق سراح ...
- بكين تستدعي السفيرة الألمانية لديها بسبب اتهامات للصين بالتج ...
- صور: -غريندايزر- يلتقي بعشاقه في باريس
- خوفا من -السلوك الإدماني-.. تيك توك تعلق ميزة المكافآت في تط ...
- لبيد: إسرائيل ليس لديها ما يكفي من الجنود وعلى نتنياهو الاست ...
- اختبار صعب للإعلام.. محاكمات ستنطلق ضد إسرائيل في كل مكان با ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - شاكر كتاب - المظاهرات : المطالب المشروعة بين استجابة الدولة والمخاطر الأربعة.