أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أكاديميون وبرلمانيون















المزيد.....

أكاديميون وبرلمانيون


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3974 - 2013 / 1 / 16 - 18:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أية علاقة يمكن أن تنشأ بين الأكاديميين والبرلمانيين؟ وكيف السبيل إلى تبادل الخبرة، ولا سيما لجهة توظيف الخبرة الأكاديمية بما يخدم العمل البرلماني، التشريعي والرقابي، فضلاً عن الخدمة العامة والتعبير عن مصالح الناس وتطلعاتهم؟

كان ذلك محطّ نقاش معمّق وحوار مسؤول في ورشة عمل راقية نظّمتها “دار الخبرة العراقية” التي تضم أكاديميين ومتخصصين على درجة عالية من الكفاءة والخبرة، وشارك فيها برلمانيون من شتى الاتجاهات والمشارب، بهدف تبادل وجهات النظر والخبرات للاستفادة القصوى من الدراسات والأبحاث والتوجهات الأكاديمية في تطوير العمل البرلماني ووضع السياسات .

ولعلّه السؤال الاستهلالي الذي ظلّ يتردد على ألسنة البرلمانيين والأكاديميين على حد سواء، واستحوذ على الكثير من المداخلات والآراء، بل إنه تصدّر ورشة العمل، التي رعتها جامعة ويستمنستر البريطانية وشارك في تنظيمها “منتدى البدائل المصري للتنمية” .

وتفرّع عن هذا السؤال المحوري أسئلة كثيرة منها: هل إن البرلماني هو من سيسعى وراء أهل الخبرة، أو أن على الأكاديميين والاختصاصيين أخذ المبادرة؟ وقبل ذلك هل يمتلك البرلماني الخبرات الضرورية لإتمام عمله على أكمل وجه، أو أنه يشعر بالحاجة إلى طلب الخبرة؟ ومتى؟ وكيف يمكن الحصول عليها؟ ثم كيف يستطيع أن يوظفها؟ ويلحق ذلك سؤال مهم، ما المرجعية المتوافرة لتقديم الخبرة أو للحصول عليها؟

تبقى هناك حساسية أحياناً لاعتبارات شخصية ووظيفية في ما يتعلق بموضوع الخبرة، فضلاً عن عدم وجود تقاليد لطلب الخبرة أو الاستفادة منها، ولهذا ينطرح السؤال بقوة: كيف السبيل لتجنب الحساسية، لا سيما أننا ليست لدينا ثقافة الاستشارة؟ علماً أن زاوية النظر إلى السياسي أو البرلماني أو صاحب القرار، تكون في الأغلب سياسية وتعتمد على منظوره الخاص، في حين أنه يحتاج إلى الخبرة المهنية وإلى دراسات وأبحاث علمية اجتماعية واقتصادية وغيرها . وبالمقابل فإن نظرة الأكاديمي وآراءه تستند إلى تقديرات مختلفة، خصوصاً وهو يبحث في القضايا بأبعادها العلمية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية والمهنية المتنوعة .

ولعلّ تلك العلاقة المعقدة بين البرلماني والأكاديمي، أو بين السياسي والمثقف قادت إلى تهميش دور الأكاديميين والمثقفين من جانب أصحاب القرار والسياسيين بشكل عام، وقد ازدادت هذه العلاقة تعقيداً منذ العام 1958 في العراق، في حين أن دور الأكاديميين والمثقفين ارتقى على المستوى العالمي بحيث تعززت مساهماتهم في توجيه السياسات عبر مجمّعات العقول والأدمغة والعصف الفكري، وهو ما سمي ب “Think Tank” . إذاً، كيف تتحول منظمة مثل دار الخبرة إلى قوة اقتراح وشريك وليس منافساً أو ندّاً للبرلماني؟ بتقديري أن الأمر يتطلب بناء جسور التواصل ومن ثم تأكيد الصدقية والثقة، والعمل على رؤية مشتركة لخلق تصورات موحدة لدور كل من الأكاديميين والمثقفين من جهة، وبين البرلمانيين والسياسيين من جهة أخرى، لتعزيز دور كل منهم للتمكين المتبادل كل بشأنه وفي حقله، كما يحتاج الأمر إلى بناء مؤسسات داعمة للفكر والتخطيط الاستراتيجي وتأمين مهارات وتدريب وتأهيل .

يمكن الحديث عن وظيفة التشريع في البرلمان، إضافة إلى دور البرلمان الرقابي، والخدمة العامة، ولكن عبر ثلاث قواعد هي قاعدة الحقوق، وقاعدة الأدلة، وقاعدة القيم الاجتماعية والدينية والثقافية . بهدف توطيد المعايير الأساسية من خلال دراسات وأبحاث وتقويمات وخبرات . فما هو المعيار التشريعي ودور الخبرة في هذا المجال؟ وما هي المعايير التي يمكن التعامل من خلالها لبناء وتطوير التشريع وتعزيز القدرات؟ باختصار يمكن القول إنها تكمن في:

1- المساواتية، حيث يقتضي الأمر البحث في المساواة كقاعدة معيارية، ولاسيما ما ينسجم مع الاتفاقيات الدولية، وعلى سبيل المثال بشأن المرأة والطفل وحظر التعذيب ومنع العنصرية والتمييز وحقوق اللاجئين والجنسية واتفاقيات العمل والحق في الصحة والحق في التعليم وغيرها .

2- التعددية، وهي القاعدة التي تقوم على مبادئ التعددية في المجتمع، الثقافية والدينية والإثنية والاجتماعية والحقوقية واللغوية وغيرها، تلك التي تستلزم تأمين احترامها .

3- التمثيلية، وذلك بضمان تمثيل كل المجتمع بجميع فئاته، من خلال تعددية التمثيل، إثنيات، أديان، لغات، وغيرها من المجموعات الثقافية .

4- الشراكة والمشاركة، للفئات المهمشة وخصوصاً من أصحاب الشأن والمصلحة أو للمستفيدين منها، ويحتاج الأمر إلى سماع آراء ووجهات نظر أصحاب المصلحة الحقيقية، إضافة إلى أصحاب الخبرة القانونية والاجتماعية والفنية بهذا الخصوص، وذلك من خلال مشاركة فعّالة في صنع القرار بحيث يأتي القرار بعد استشارات واستطلاعات رأي وسماع وجهات نظر، لكي يكون معبّراً حقيقياً عن تطلعات الفئات المختلفة باختلاف تنوعها الاجتماعي والاقتصادي والمناطقي .

5- العدلية وهذا يستلزم تحقيق مبادئ العدل وسيادة القانون واستقلال القضاء، لأنه لا نظام ديمقراطياً دون قضاء مستقل، ولا قضاء مستقلاً دون فصل السلطات، وذلك جزء من المبادئ العدلية التي يفترض أن يؤمنها البرلماني، وخصوصاً الاستفادة من خبرة “الخبير” في المجالات المختلفة ولا سيما القانونية منها .

6- القانونية، وهذه تقتضي احترام الدستور والنظر في دستورية القوانين التي يصدرها المشرّع، بحيث يكون التشريع أكثر وضوحاً وأقل التباساً أو غموضاً ومكتوباً بلغة دقيقة وفنية خالية من الإطناب، وتلعب الخبرة التشريعية دورها عند إنشاء المحكمة الدستورية العليا للنظر في دستورية القوانين والفصل في النزاعات التي قد تنشأ من جرّاء تفسير القانون والدستور . ويندرج هذا المعيار في صلب عمل البرلماني .

7- الجندرية، وتقتضي هذه القاعدة أخذ النوع الاجتماعي Representation في الحسبان، خصوصاً بما ينسجم مع التطور الدولي في هذا الميدان .

8- المصطلحية (الفنية) التقنية، وذلك بتوظيف المصطلحات بما يخدم النص والمبادئ السبعة المذكورة، الأمر الذي يستوجب الخبرة بالمصطلحات Advocacies، وهذا المعيار يوفّر خبرة بالتحفيز، أيضاً لما له من دلالات، خصوصاً بإقناع المجموعات الثقافية المختلفة دينياً وإثنياً بمشروعية التشريع وعدالته، ولعل التحفيز يقوم على قاعدة أدلة وبيانات وشراكة .

9- المفاهيمية، وهنا لا بدّ من إعطاء معانٍ للمفاهيم والمصطلحات بحيث تكون منسجمة مع القواعد العامة وتعطي مضموناً موحداً، من خلال صياغة مصطلحات دالة وتوفير خبرة في التقنيات القانونية، وهذه لن تتمّ من دون توعية برلمانية وتوعية عامة، بحيث يأتي التشريع دالاً ومعبّراً، وذلك مقارنة مع دول أخرى في قضايا مماثلة من خلال اطلاع على خبرات البرلمانيين في العالم، ولا بدّ من التعاون وتبادل الخبرات على هذا الصعيد، كما أنه من الضروري إطلاع البرلمانيين على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي يكون بلدهم قد انضم إليها .

وهنا لا بدّ من تعزيز مفهوم السياسات العامة والقطاعية لدى المشرّعين والبرلمانيين وأهمية تطويرها في حل المشكلات على جميع الصّعد المحلية والوطنية، كما يمكن دعم السياسات من خلال التشريع وتعزيز القدرات وآليات التنفيذ والرصد والتقييم .

إن تعزيز دور البرلمانيين بأهمية وضع السياسات العامة، لخلق إطار لحل المشكلات والموضوعات المهمة، بآليات ومشاركات فعّالة لأصحاب الشأن، أمر في غاية الأهمية، لاسيما لدور الشباب والنساء، وهو ما أفرزته التغييرات بما سمّي لدول الربيع العربي في السنتين الأخيرتين وما ينتظر من دور لاحق، الأمر الذي يتطلب المزيد من الخبرات، سواء كانت محلية أو وطنية أو إقليمية أو دولية، ولا سيما من جانب المنظمات الدولية، مثل الأمم المتحدة وإدارتها، والهدف هو بناء قدرات المشرّعين والموظفين الفنيين، وتعزيز الإصلاح المؤسسي وتمتين علاقات البرلمان مع السلطتين التنفيذية والقضائية والمجتمع المدني، وكذلك تعزيز فاعليات النساء البرلمانيات وتحسين قدراتهن، باعتماد الشفافية وتشكيل لجان متابعة للتشريع ووضع السياسات .

وتقع المسؤولية على عاتق البرلمانيين والأكاديميين، وكذلك على عاتق السياسيين والمثقفين، من خلال العمل المشترك والشامل الموجّه للتشريع والسياسات، استناداً إلى قاعدة أبحاث معمقة ودراسات رصينة وخبرات وفيرة، لخدمة عموم الناس .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعيم الهوّية أم جحيمها في العراق؟
- سياقات الخصوصية والعالمية
- ما بعد الصهيونية مجدداً!
- ما بعد الصهيونية
- انسحاب . . ولكن
- شيء عن الدبلوماسية “الإسلامية”
- الدستور العراقي الحالي حمّل أوجه وألغام
- اختبار جديد للحرب الباردة
- حلف الفضول!
- شكراً... للضمير الجامع
- الحلم الفضي يعود إلى بنغازي
- حكمة الضوء وشهادة التاريخ
- منصور الكيخيا والرهان على «سلطة» الضوء!
- مصر والإسلام السياسي
- هل ترسو سفينة مصر الدستورية؟
- ماذا عن أكراد سوريا؟
- غزة وعمود السحاب!
- غوته وسحر الشرق
- اعتراف هولاند الخجول بجرائم قتل الجزائريين
- دلالات الديمقراطية وحقوق الإنسان في فكر أمين الريحاني


المزيد.....




- -إسرائيل تنتهك قوانينا.. وإدارة بايدن لديها حسابات-.. مسؤولة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل عملياته في محيط مستشفى الشفاء بغزة لل ...
- موسكو تدمر عددا من الدبابات الأوكرانية وكييف تؤكد صدّ عشرات ...
- مفتي روسيا يمنح وسام الاستحقاق لفتى أنقذ 100 شخص أثناء هجوم ...
- مصر.. السفيرة الأمريكية تثير حفيظة مصريين في الصعيد
- بايدن يسمي دولا عربية -مستعدة للاعتراف بإسرائيل-
- مسؤول تركي يكشف موعد لقاء أردوغان وبايدن
- الجيش الاسرائيلي ينشر فيديو استهدافه -قائد وحدة الصواريخ- في ...
- مشاهد خراب ودمار بمسجد سعد بن أبي وقاص بمخيم جباليا جراء قصف ...
- قتيل بغارة إسرائيلية على جنوب لبنان والمقاومة تقصف شبعا


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - أكاديميون وبرلمانيون