أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -18- رواية














المزيد.....

أمطار الجحيم -18- رواية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3971 - 2013 / 1 / 13 - 19:43
المحور: الادب والفن
    


أمطار الجحيم -18--رواية
*****************
اخترت الصمت محطة لي ، ناولت سعيد كيسه ، بعد أن استلمت منه علبة الطابة ، وفهم من صمتي عدم رغبتي في الاسترسال في كلام لا طائل منه ، ورحل .
كثيرا ما يكون وجود شخص ما عائقا أمام راحتنا التي نقتنصها وهما من عالم يوجد وراء ما نعاينه ونشاهده مباشرة . من عالم نفترضه في واقع لا يمكن تجاوزه ، لكننا نعمل جهدنا لتجاوزه كأننا لا نوجد فيه ولا نتأثر به . فكيف سيكون الأمر اذا اجتمع حولك رهط من القوم لا طائل منورائهم ؟؟.
سرعان من تناسيت سعيد وموضوع المرأة التي عنفوها وركلوها وضربوها وأطلقوا الرصاص على ابنها ، وروعوا جميع أبنائها ، ومات زوجها بعد يوم واحد من اعتقاله .
تعلمت كيف أتخطى الحفر والهاويات وتجاوز الحوافي والخنادق . سألني أحدهم ذات يوم ، كيف استطعت أن تتأقلم مع هذه الظروف اللقيطة ، وهذا الواقع البئيس ، ابتسمت في وجهه ، وقلت ببرودة دم مستهزئا بتلك الظروف وبهذا الواقع ، لأني أنتظر ملاك الموت ،عزرائيل ، قال لي منذ ما يقرب عشرين سنة ، بعدما مر بي ليأخذ روحي ، انتظرني أنا قادم اليك ، هناك موت مستعجل ينتظرني قبلك ، ولا زلت من يومها في انتظاره . وضحكت . تعلمت الضحك وسط جهنم ، نعم في أتون جهنم ضحكت مرارا .
أمطار الجحيم لم تعد مجرد استعارة بليغة ، ولم تعد ترسل حممها بالمرموز وبالاشارات الخفية ، هي اليوم واقع ينهمر رصاصا وهراوات وغلاء في الأسعار ، وشح في الخدمات ، وانهيار منظومة التعليم ، وبيع القضاء للحاكم ، ليحكم القاضي على سارق البيضة بالسجن المؤبد ، ويلتمس البراءة لسارق الزريبة ، كل الزريبة .
السحب بدأت تأخذ لونها الداكن ، بعد أن عبرت السحب البيضاء منطقة السماء التي تقع على مدى بصري ، لون رمادي بدأ يتكون في الأجواء ، قرص الشمس البرتقالي لا وجود له في موسم الشتاء ، اختفت ملامحه تماما ، وتسيد لون الرماد وجه الفضاء . حركة الناس بدأت تخف قليلا ، كتحول مد البحر الى جزر ، كل شيئ يتم ببطء ، أصبح الباعة يتميزون عن الشراة ، وقبل قليل كان من الصعب أن تنظر من المكان الذي أتابع فيه مشهد البارادا ، بائعا ما .
سمة الأسواق العشوائية هي الاكتظاظ والتمجهر والازدحام ، كلما اجتمع جمع من الناس على بضاعة ما ، فان هذا الجمع يظل قائما الى النهاية ، الاشهار في هذه الأسواق هو عبارة عن صيحات لا تنتهي ، او ثمن بخس ، كلما كان الثمن مناسبا وبخسا ، وكان الصائح ذا صوت مجلجل ، كلما تكاثر الناس على البضاعة ، وربما قد يتكاثر الناس على بضاعة ما دون صياح أو صراخ ، قد يحدث وتتقدم اليك خمس نساء أو أربع هن زميلات أو من عائلة واحدة فيأخذن في تقليب الباعة ، تراهن واحدة او اثنتين فتنضاف اليهن ، وهكذا حتى تجد نفسك مغطى بالنساء ، واذا كانت البضاعة متنوعة تهم الذكور والاناث ، فان يومك سيكون الأسعد ، وسيتنافس الباعة الآخرون في استقدام نفس بضاعتك . الثمن البخس اختراع صيني بحث أصبحت بفضله أكبر قوة اقتصادية عالميا . للأثمنة سحرها وتأثيرها .
هذه هي حال الأسواق العشوائية ، خاصة في مثل سوق بني مكادة الذي يحج اليه تقريبا كل سكان طنجة الشاسعة ، يأتون من مسنانة التي تبعد عن بني مكادة بأكثر من عشرين كيلو ، ومن مرشان ، ومن حي الادريسية ، ومن المدينة .
حين كنت أبيع في السوق القصديري ، كان بعض الاخوة يتندرون بأصحاب وصاحبات السيارات الفارهة وهم يركنون سيارتهم في جانب الطريق ويخرجون ليشتروا من أسواق البؤساء والفقراء ، بثيابهم الأنيقة ، وبعطورهم الغالية ، وبسحناتهم النظيفة البراقة . بل منهم من يتسقط على أبخس البضائع وأعفها .
خفت الآن حركة الناس بشكل كبير ، وبدأ بعض الباعة يجمعون بضائعهم . دخان النقانق والطحال والشواء يملأ الأجواء . والسيارات تنفست قليلا بعض الصعداء ، وأصبح سيرها أقرب الى العادي . أطفال صغار كثيرون يجرون هنا وهناك ، كأنهم سقطوا من السماء أو تجشأتهم صناديق الأزبال المركونة بين الباعة ، يتهكمون بالأجنبي والغريب ولا يخجلون منا نحن أبناء الحي رغم كبر سننا ، ويرمون على البنات بعض الأحجار أو قطع الكرتون ، أو يرشون عليهن الماء ، ويفرون . هناك من تثور في وجههم وتتوعدهم ، وهناك من تكل أمرها الى الفراغ وتنصرف وكثير من البغض يملأ جوفها .
حين كنا في سنهم لم نكن نستطيع رفع أعيننا في من يكبرنا سنا ، فبالأحرى سبهم وشتمه ومحاولة ضربه .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الديمقراطية الانسانية -3-
- النوم صحوالروح في روحها
- الديمقراطية الانسانية -2-
- استسلام لا بد منه
- الديمقراطية الانسانية
- خطاب الانهزام ملامحا ولغة
- طين جا.........طين جا
- النظام المغربي وواقع السياسة
- عصر الشعوب مرة أخرى
- السنة الماضية _1_
- البرلماني والمواطن وحقوق الانسان
- نقاش مع وزير الخارجية الروسي
- الشعرية المبكرة -شارل بودلير-2-
- الدولة الانشائية
- أمطار الجحيم -رواية-16-
- الشعرية المبكرة -1-
- بارمينديس يتهجى أفكاره
- الفيتو الأمريكي والصمت العربي
- تعزية لا شماتة
- الشريعة أم السياسة-3-


المزيد.....




- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...
- فنانون روس يسجلون ألبوما من أغاني مسلم موغامايف تخليدا لضحاي ...
- سمية الخشاب تقاضي رامز جلال (فيديو)
- وزير الثقافة الإيراني: نشر أعمال لمفكرين مسيحيين عن أهل البي ...
- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- ألف ليلة وليلة: الجذور التاريخية للكتاب الأكثر سحرا في الشرق ...
- رواية -سيرة الرماد- لخديجة مروازي ضمن القائمة القصيرة لجائزة ...
- الغاوون .قصيدة (إرسم صورتك)الشاعرة روض صدقى.مصر


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد الصلعي - أمطار الجحيم -18- رواية