أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - نقد العلامة المحدث محمد باقر المجلسي















المزيد.....


نقد العلامة المحدث محمد باقر المجلسي


أحمد القبانجي

الحوار المتمدن-العدد: 3971 - 2013 / 1 / 13 - 00:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وهو من متأخرى المحدثين وابرزهم ((المتوفى عام 1110 هـ )) وأشهر علماء الشيعة الامامية في الدولة الصفوية بحيث تأثر فيه جميع من جاء بعده من المحدثين . أما عن شخصية المجلسي وآثاره فقد أورد حاله العلامة في التذكرة وغالباما يطلق عليه أنه من اقطاب مذهب الامامية والمحيي لأحاديثهم أو خادم علوم أهل البيت كما تحدث عنه صاحب كتاب ((لؤلؤة البحرين)) وقال : هذا الشيخ كان امامنا في وقته في علم الحديث وسائر العلوم , شيخ الاسلام بدار السلطنة اصفهان , رئيسا فيها بالرئاستين الدينية والدنيوية , إماما في الجمعة والجماعة , وهو الذي روج الحديث ونشره لا سيما في ديار العجمية وترجم لهم الأحاديث العربية بأنواعها بالفارسية ...
وأهم مصنفات المجلسي هو ((بحار الأنوار الجامعة لدرر الأخبار الأئمة الاطهار)) الذي اشتهر شهرة كبيرة بين الشيعة وصار مرجع المحدثين للفرقة الامامية . وقد طبع هذا الكتاب أخيرا في مائة و عشرة اجزاء , وقد استفاد المجلسي في هذا الكتاب من كتب القدماء والمعاصرين له واحيانا ينقل الأحاديث عن الكتب التي لا يعتمد هو عليها, وكمثال على ذلك ما ورد في المجلد السابع والخمسين حيث قال بعد أن أورد حديثا غريباً من كتاب ((جامع الأخبار)):
أوردها صاحب الجامع فأوردتها ولم أعتمد عليها
وايضا روى في هذا المجلد أيضا نفسه خبرا آخر عن الشيخ الصدوق ثم قال بعد ذلك:
أقول: الخبر في غاية الغرابة ولا اعتمد عليه لعدم كونه مأخوذا من أصل معتبر وإن نسب الى الصدوق ره
وعلى هذا الاساس فإنّ المجلسي وخلافا للكليني وابن بابويه لم يجمع في كتابه الأحاديث الصحيحة والمعتمدة لديه بل كان بصدد جمع الأخبار في كتابه هذا , ومن هنا كثرت الأخبار المجعولة والموهومة في هذا الكتاب الى جانب الأخبار الصحيحة والنافعة وقد انتشرت هذه الأخبار بين الناس بدون التصريح بجعلها وكذبها وسببت تلويث ذهنية العوام ومزجها بالخرافات والأساطير والعقائد المغالية . ورغم أن توضيح المجلسي في ذيل بعض الأخبار الغريبة قد يكون مفيدا احيانا إلا أنه لا يكفي في المقام , مضافا أنه سكت عن الكثير من الأخبار التي ورد في مضمونها غلو وأباطيل كثيرة , ولهذا احتاج كتاب ((بحارالأنوار)) الى نقد كثير وواسع ولابد أن يفصل له كتاب مستقل.
وللعلامة محمد باقر المجلسي كتب عديدة أخرى باللغة الفارسية منها : حلية المتقين, عين الحياة , حياة القلوب , حق اليقين , جلاء العين و زاد المعاد.
وهنا نستعرض بعض النماذج للأحاديث الباطلة المذكورة في كتابين للمجلسي أحدهما باللغة العربية والآخر باللغة الفارسية وهما : بحار الانوار وحلية المتقين ليكون القارىء الكريم على علم بتفاصيل هذه الروايات من هذا المختصر.

نماذج من روايات المجلسي
1 – روى المجلسي في كتاب ((بحار الانوار)) رواية طويلة عن الامام الصادق (ع) في ولادة الامام علي (ع) في الكعبة ونقرأ ضمن هذه الرواية أن النبي الأكرم جاء الى بيت أبي طالب بعد ولادة الامام علي وعودة أمه به الى بيتها:
((فلما دخل رسول الله (ص) اهتز له أميرالمؤمنين(ع) وضحك في وجهه وقال : السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته . ثم تنحنح بإذن الله تعالى وقال: بسم الله الرحمن الرحيم . قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلوتهم خاشعون ... إلى آخر الآيات . فقال رسول الله (ص) : قد افلحوا بك وقرأ تمام الآيات إلى قوله : أولئك هم الوارثون . الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون . فقال رسول الله (ص) : أنت والله أميرهم))
وعلى أساس مفاد هذه الرواية فإن النبي محمداً وقبل أن يبعث بالنبوة بعشر سنوات وقبل نزول القرآن عليه في غار حراء فان علي بن أبي طالب قد كان على علم بآيات القرآن الكريم من سورة المؤمنون , مع أن القرآن الكريم نفسه يصرح أن النبي الأكرم قبل نزول الوحي لم يكن يعلم بالقرآن لا هو ولا قومه:
تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا... (هود/49)
وأيضا يقول القرآن الكريم
وكذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان (الشورى52)
وكذلك يقول تعالى
ما كنت ترجو أن يلقى اليك الكتاب الا رحمة من ربك (القصص/86)
فاذا لم يكن رسول الله عالما بنزول الكتاب وما فيه قبل البعثة ((حتى أنه اصيب بالدهشة في غار حراء عند نزول ملك الوحي عليه)) فكيف قرأ علي بن أبي طالب القرآن وهو طفل رضيع؟ هل أنه استلم الوحي قبل رسول الله؟ أليست هذه الأسطورة هي من ابداعات المغالين الذين يهدفون الى رفع مقام الامام علي الى مستوى الالوهية؟
والعجيب ما نقرأ في ذيل هذا الحديث أنه :
فلما كان من غد دخل رسول الله (ص) على فاطمة (بنت أسد) فلما بصر علي (ع) برسول الله (ص) سلّم عليه وضحك في وجهه وأشار اليه أن خذني اليك واسقني بما سقيتني بالأمس قال: فأخذه رسول الله (ص) فقالت فاطمة : عرفه ورب الكعبة : قال: فلكلام فاطمة سمي ذلك اليوم يوم عرفة يعني أن أميرالمؤمنين (ع) عرف رسول الله (ص) (بحار, ج 35 , ص 38)
في حين أن من جملة المسلمات لدى أرباب التاريخ أن يوم عرفة كان مشهورا ومعروفا قبل ولادة الامام علي .
2 – ويروي المجلسي في المجلد 41 من كتاب بحار الأنوار هذه الرواية:
ابوالفتح الحفّار بإسناده أن عليّاً – عليه السلام – قال : ما زلت مظلوما مذ كنت! قيل له : عرفنا ظلمك في كبرك , فما ظلمك في صغرك؟ فذكر أن عقيلا كان به رمد , فكان لا يذرّهما حتى يبدأوا بي!
وهنا لابد من القول أن صانع هذا الخبر كان ساذجا جداّ لأن عقيل كان أكبر من الامام علي بـ20 سنة , ولا يعقل أن يتصرف شاب في عمر العشرين عام مثل هذا التصرف وأن لا يلقى في عينه الدواء قبل أن يلقى الدواء في عيني طفل رضيع , ولو كانوا يصنعون ذلك فانما يصنعونه مع الاطفال لا مع شاب في عمر العشرين.
إن اختلاف السن بين علي وعقيل ورد في بحار الأنوار نفسه حيث يقول :
إن مولانا أميرالمؤمنين – عليه السلام – كان أصغر ولد أبي طالب . كان أصغر من جعفر بعشر سنين وجعفر أصغر من عقيل بعشر سنين وعقيل أصغر من طالب بعشر سنين
3 – وقد ورد في كتب الشيعة والسنة أن الخليفة الثاني ((عمر بن الخطاب)) طلب يد ام كلثوم بنت الامام علي وتزوجها وأولد منها ولدا سماه ((زيد بن عمر)) . وقد ذهب بعض علماء الشيعة كالشيخ المفيد الى تضعيف هذه الرواية وأن سندها غير وارد الا من طريق أهل السنة , ولكن المجلسي يروي في بحار الأنوار هذه الرواية من طرق الشيعة أيضا حيث يوحي بصحتها ويقول بالنسبة الى انكار الشيخ المفيد:
إنكار المفيد – رحمه الله – أصل الواقعة إنما هو لبيان أنه لم يثبت ذلك من طريقهم وإلا فبعد ورود ما مر من الأخبار إنكار ذلك عجيب وقد روى الكليني عن حميد بن زياد عن أبي سماعة عن محمد بن زياد عن عبدالله بن سنان ومعاوية بن عمار عن أبي عبدالله – عليه السلام – قال : إن عليا لما توفي عمر أتى أم كلثوم فانطلق بها الى بيته . وروي نحو ذلك عن محمد بن يحيي وغيره عن أحمد بن محمد بن عيسى , عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد , عن هشام بن سالم , عن سليمان بن خالد عن أبي عبدالله عليه السلام.
ولكن الموضوع العجيب هو أن المجلسي في المجلد 42 من بحار الأنوار يروي حديثا عن الامام الصادق يبرز فيه هذا الزواج بصورة عجيبة وغريبة وبشكل غير معقول , وهذه الرواية هي :
الصفار عن أبي بصير , عن جذعان بن نصر , عن محمد بن مسعدة , عن محمد بن حموية بن اسماعيل , عن أبي عبدالله الربيبي عن عمر بن أذينه قال : قيل لأبي عبدالله – عليه السلام – إن الناس يحتجون علينا ويقولون : إنّ أميرالمؤمنين (ع) زوّج فلانا ابنته أم كلثوم . وكان متكئا فجلس وقال : أيقولون ذلك؟ إنّ قوما يزعمون ذلك لا يهتدون الى سواء السبيل. سبحان الله ما كان يقدر أميرالمؤمنين (ع) أن يحول بينه وبينها فينقذها ؟ كذبوا ولم يكن ما قالوا . إن فلانا خطب الى علي – عليه السلام –بنته ام كلثوم فأبى علي – عليه السلام – فقال للعباس : والله لئن لم تزوجني لانتزعن منك السقاية وزمزم! فأتى العباس عليا فكلمه فأبى عليه , فألحّ العباس , فلمّا رأى أمير المؤمنين – عليه السلام – مشقة كلام الرجل على العباس وأنه سيفعل بالسّقاية ما قال أرسل أميرالمؤمنين (ع) إلى جِنيّة من أهل نجران يهوديّة يقال لها سحيفة بنت جريرية فتمثّلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم وبعث بها الى الرجل , فلم تزل عنده حتى أنه استراب بها يوما فقال: ما في الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم . ثم أراد أن يظهر ذلك للناس فقتل وحوت الميراث وانصرفت الى نجران وأظهر أميرألمؤمنين (ع) أم كلثوم!
ونلاحظ على هذه الرواية:
أولا : إن في سند هذه الرواية الخرافية أفرادا مجهولين مثل جذعان بن نصر ومحمد بن مسعدة ومحمد بن حموية ومن هنا فهذه الرواية ساقطة عن درجة الاعتبار سنداً.
ثانيا : لابد من التساؤل هنا , هل يتمكن الجِنّ من الزواج مع البشر ويتولد منهم طفل كزيد بن عمر ؟ وهل يجوز لامام المتقين وبسبب مقام السقاية لعمه العباس أن يحتال بهذه الحيلة ويصور جِنيّة بصورة الانسان ليتزوجها الخليفة؟ مضافا الى أن هذه الرواية اذا كانت صحيحة فالجنية قد عادت الى نجران واتضح امر ام كلثوم . اذن فلماذا نقرأ في الروايات الأخرى أن الامام علي بعد قتل عمر ذهب الى بيت الخليفة وأخذ ام كلثوم الى بيته؟
4 – والأنكى من ذلك رواية أخرى ذكرها المجلسي في المجلد الثاني والأربعين وهي:
عليّ بن ابراهيم , عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم وحمّاد , عن زرارة عن أبي عبدالله – عليه السلام – في تزويج أم كلثوم فقال : إنّ ذلك فرج غُصبناه!
وفي نظري أن الامام علي أغير من أن يسمح بغصب ناموسه وشرفه لأي أحد من الناس , بل إن زواج أم كلثوم من الخليفة تم برضا أم كلثوم كما صرح بذلك بعض المؤرخين . وقد ورد هذا المعنى في بحار الأنوار أيضا: تارة يروى أنه كان عن اختيار وإيثار .
5 – ويروي المجلسي في المجلد 43 من بحار الأنوار هذه الرواية:
روي عن محمد بن سنان قال : دخلت على الصادق – عليه اسلام – فقال لي : من بالباب؟ قلت : رجل من الصين! قال فأدخله , فلما دخل قال له ابوعبدالله(ع): هل تعرفوننا بالصين؟ قال : نعم يا سيدي . قال : بماذا تعرفوننا ؟ قال: يا ابن رسول الله إن عندنا شجرة تحمل كل سنة وردا يتلوّن كل يوم مرتين فإذا كان أول النهار نجد مكتوبا عليه : لا إله الا الله , محمد رسول الله , واذا كان آخر النهار فإنا نجد مكتوبا عليه : لا إله الا الله , علي خليفة رسول الله!
ونلاحظ على ذلك:
أولا : إن سند هذه الرواية ضعيف جدا وفي سلسلة السند انقطاع , فالراوي الأول لها هو ((محمد بن سنان)) الذي لا يعتمد عليه أرباب الرجال وهو مورد اختلاف شديد بينهم مما يسلب الوثوق بهذه الرواية حيث يقول ابن الغضائري والنجاشي في شأنه : إنه ضعيف غال لا يلتفت اليه.
ويقول أبو عمر الكشي في رجاله في شأن محمد بن سنان : فانه قال قبل موته: كلما حدّثتكم به لم يكن لي سماع ولا رواية انما وجدته.
ثانيا: إذا كان هناك نوع من الورد في البلدة تزهر وتنمو بهذه الأوصاف كل عام لاشتهر أمرها بين الناس وذاع صيتها في البلدان ولآمن آلاف الناس في الصين والبلدان النائية بالتشيع بل بالامكان تكثير هذا النوع من الورد وارساله الى مناطق أخرى من العالم الاسلامي في حين أنه لا يوجد لهذا الأمر خبر ولا أثر وأكثر الناس في الصين هم من غير المسلمين , وأكثر المسلمين هناك بل جمعيهم الا ما شذ وندر هم على مذهب أهل السنة والجماعة حيث اعتنقوا الاسلام عن طريق التجار المسلمين من أهل السنة الذين كانوا يذهبون الى هناك وينشرون مذهب التسنن , وعليه فلا يمكن التصديق بهذه الاسطورة الخرافية.
6 – ويروي المجلسي في المجلد 26 من بحار الأنوار:
ومن كتاب القائم للفضل بن شاذان عن صالح بن حمزة, عن الحسن بن عبدالله , عن أبي عبدالله – عليه السلام – قال : قال أميرالمؤمنين عليه السلام على منبر الكوفة: والله إني لديان الناس يوم الدين ... وأنا صاحب النشر الأول والنشر الآخر...
ونلاحظ على هذه الرواية ما يلي:
أولا: إن بعض رواة هذا الحديث متهمون بالغلو وبعضهم الآخر من المجاهيل , مثلا يقول العلامة الحلي في خلاصة الأقوال حول ((الحسن بن عبدالله)) أنه يرمى بالغلو.
ثانيا: إن كل باحث ومطلع على فترة حكومة أميرالمؤمنين في الكوفة والأوضاع الاجتماعية السائدة حينذاك يدرك جيدا كذب هذا الحديث لأن الكثير من الناس المتعصبين والخارجين كانوا يجلسون في مجلس أميرالمؤمنين في مسجد الكوفة ولا يتحملون مثل هذا الكلام وأن أميرالمؤمنين يقول: أنا صاحب النشر الأول والنشر الآخر.
وجهالة الراوي له يتبين من أن هذا الراوي لم يقل أن الامام علي قال هذا الكلام في الخفاء وبين أصحابه الخلص مثلا بل يدّعي أن اميرالمؤمنين قال ذلك على منبر الكوفة ونسب له صفات الالوهية أمام الناس. بديهي أن هذا الخبر لا يكون الا من صنع الغلاة والكذابين حيث يقول أميرالمؤمنين في هذا الصدد: هلك في رجلان محب غال ومبغض قال.
وقال أيضا : يهلك في رجلان محب مفرط وباهت مفتر.
7 – ويروي المجلسي في المجلد 26 من بحار الأنوار حديثاً غريبا آخر اقتبسه عن كتاب مجهول وهو :
ذكر والدي – رحمه الله – أنه رأى في كتاب عتيق جمعه بعض محدثي أصحابنا في فضائل أميرالمؤمنين – عليه السلام – هذا الخبر ووجدته أيضا في كتاب عتيق مشتمل على أخبار كثيرة. قال : روي عن محمد بن صدقة أنه قال: سأل أبوذر الغفاري سلمان الفارسي – رضي الله عنهما – يا أبا عبدالله ما معرفة الامام أميرالمؤمنين (ع) بالنورانية ؟ قال يا جندب فامض بنا حتى نسأله عن ذلك , قال: فاتيناه فلم نجده . قال: فانتظرناه حتى جاء فقال – صلوات الله عليه – ما جاء بكما؟ قالا : جئناك يا أميرالمؤمنين نسألك عن معرفتك بالنورانية! قال – صلوات الله عليه – مرحبا بكما من وليين متعاهدين لدينه لستم بمقصرين , لعمري إنّ ذلك لواجب على كل مؤمن ومؤمنة. ثم قال – صلوات الله عليه – : يا سلمان و يا جندب , قالا: لبيك يا أميرالمؤمنين ! قال (ع): إنه لا يستكمل أحد الإيمان حتى يعرفني كنه معرفتي بالنورانية فإذا عرفني بهذه المعرفة فقد امتحن الله قلبه للايمان وشرح صدرة للاسلام وصار عارفا مستبصرا ومن قصر عن معرفة ذلك فهو شاك و مرتاب! يا سلمان ويا جندب . قالا : لبيك يا أميرالمؤمنين! قال (ع) : معرفتي بالنورانية معرفة الله عزوجل ومعرفة الله عزوجل معرفتي بالنورانية ... يا سلمان و يا جندب . قالا: لبيك يا أميرالمؤمنين ! قال (ع): أنا الذي حملت نوحا في السفينة بأمر ربي! وأنا الذي أخرجت يونس من بطن الحوت بإذن ربي! وأنا الذي جاوزت موسى بن عمران البحر بأمر ربيّ وأنا الذي أخرجت ابراهيم من النار بإذن ربي! وأنا الذي أجريت أنهارها وفجرت عيونها وغرست أشجارها بإذن ربي... وأنا الخضر عالم موسى ! وأنا معلم سليمان بن داوود! وأنا ذوالقرنين! وأنا قدرة الله عزوجل ...
ونلاحظ على هذا الحديث الغريب:
أولا : إن هذه الرواية بلحاظ السند لا اعتبار لها في بحار المجلسي, وأبوه قد أخذ هذه الرواية من كتاب قديم لا يعلم مؤلفه وكيف وصلت اليه هذه الرواية , مضافا إلى أن في سند الرواية انقطاع , لأن محمد بن صدقة الراوي لهذا الحديث لم يكن معاصرا لأبي ذر وسلمان فكيف روى هذا الحديث منهما؟ مضافا الى وجود شخصين في كتاب الرجال باسم ((محمد بن صدقة)) أحدهما محمد بن صدقة العبدي الذي كان معاصرا للامام الصادق والامام الكاظم والذي يقول عنه الكشي أنه ((بتري المذهب)) والمجلسي نفسه يذهب الى تضعيفه . والثاني محمد بن صدقة العنبري البصري المعاصر للامام الرضا والذي يرى الشيخ الطوسي والعلامة الحلي أنه من الغلاة. وهذان الشخصان مضافا الى الفاصلة الزمانية التي تفصلهما عن أبي ذر و سلمان , ليسا من الثقاة لدى العلماء الامامية ومن هنا فان سند الرواية المذكورة غير معتبر . والعجيب أن المجلسي نفسه لا يعتمد على هذه الرواية ولكن عندما يريد تبرير الخبر يقول : لو صح صدور الخبر عنه عليه السلام لاحتمل أن يكون المراد ...
ثانيا : إن دلالة الرواية لا تنسجم مع تعاليم القرآن الكريم , لأن القرآن يصرح في آيات عديدة أن نبي الاسلام لم يكن في عصر الأنبياء السابقين ولم يكن مطلعا على أحوالهم وأخبارهم , فكيف يكون الامام علي عارفا بذلك ؟ هل سبق النبي الى هذه المنزلة؟ يقول القرآن الكريم : وما كنت بجانب الطور اذ نادينا (القصص/46)
وما كنت بجانب الغربي اذ قضينا الى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين (القصص/44)
وما كنت لديهم اذ يلقون اقلامهم أيهم يكفَلُ مريم (آل عمران/44)
مضافا الى ذلك نتساءل ما معنى قوله : أنا قدرة الله عزوجل ؟ أليست القدرة من الصفات الذاتية للحق تعالى؟ فهل يمكن لمخلوق أن يتحد مع ذات الله عزوجل ويكون له شريكا؟ الا يظهر من هذه الكلمات شوائب الشرك والكفر؟ واخيرا ألا يمكننا أن نعتقد بأن مثل هذه الروايات من صناعة الغلاة؟
8 – ويذكر المجلسي في المجلد26من بحار الأنوار رواية عن أبي جعفر الباقر (ع) وهي:
عن أحمد بن الحسين عن الأهوازي عن عمر بن تميم عن عمار بن مروان عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنا لنعرف الرجل اذ رأيناه بحقيقة الأيمان وبحقيقة النفاق .
هذه الرواية مضافا الى أن في سندها ((عمر بن تميم)) المجهول لدى علماء الرجال فانها لا تنسجم مع آيات القرآن الكريم , لأن القرآن الكريم يصرح بأن النبي الأكرم لم يكن يعلم المنافقين فكيف يعلم الامام ذلك بمجرد أن يرى الشخص؟ فنحن نقرأ في سورة التوبة قوله تعالى:
ومن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم (التوبة/101)
وكذلك يقول القرآن الكريم في سورة البقرة:
ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو الد الخصام (البقرة/204)
وبديهي أن الرواية التي تتناقض مع القرآن الكريم لا يمكن أن تكون صادرة من الامام الباقر بل هي افتراء عليه.
9 – وأحد الطرق لمعرفة الاحاديث الموضوعة والباطلة هو ما ورد من المثوبات العجيبة والغريبة الاعمال التافهة من قبيل ما ذكره المجلسي في كتابه ((بحار الانوار)) حيث يقول:
((في مناهي النبي قال : من مشى الى ذي قرابة بنفسه وماله , ليصل رحمه , أعطاه الله عزوجل أجر مائة شهيد , وله بكل خطوة أربعون ألف حسنة ويمحى عنه أربعون الف سيئة , ويرفع له من الدرجات مثل ذلك , وكأنما عبد الله مائة سنة صابراً محتسباً))
وعلى هذا الأساس يلزم من ذلك أن الشهداء قد خسروا خسرانا مبينا لأنهم لو استبدلوا بالذهاب الى جبهات القتال والاستشهاد في سبيل الله بأن يتوجهوا لزيارة أرحامهم حيث ينالون من الثواب أكثر بكثير من ثواب الشهادة في كل مرة.
أليست هذه الرواية موضوعة ومن افتراء الكذابين؟
ومرة أخرى نرى أن المجلسي يذكر المثوبات المسرفة في كتابه هذا حول ثواب زيارة مرقد الامام الرضا (ع) حيث يروي رواية عن الامام الرضا (ع) نفسه أنه قال : ((من زارني في غربتي كتب الله عزوجل له أجر مائة الف شهيد ومائة الف صديق , ومائة الف حاج ومعتمر , ومائة الف مجاهد , وحشر في زمرتنها وجعل في الدرجات العلى من الجنة رفيقنا))
الا يوحي هذا الحديث في نفوس المؤمنين بتفاهة أجر الشهداء والحج والجهاد في سبيل الله حيث إن ثواب زيارة واحدة لمرقد الامام الرضا (ع) تعدل مئات الآلاف من أجر الشهداء والصديقين والحج والعمرة رغم أن كل هذه الامور من الواجبات والزيارة مستحبة , مضافا الى أن الحاج يجب عليه في كل حجة أن يزور مرقد النبي الاكرم (ص) فهل بلغت زيارة قبر ابن رسول الله (ص) من الاهمية أن تفضل زيارة قبر النبي نفسه بمائة ألف مرة؟!! بل وفي رواية أخرى أن ثواب الزيارة هذه تعدل عند الله ألف ألف حجة !! بل غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولو كانت مثل عدد النجوم وقطر الامطار وورق الاشجار !!
ومرة أخرى نقول إنه على فرض معقولية أن يغفر الله ما تقدم من ذنوب الزائر , فكيف يعقل أن يغفر ما تأخر من ذنوبه الى حين أجله؟ أليس ذلك من قبيل صكوك الغفران التي أبدعتها الكنيسة؟ وما ذا تؤثر زيارة واحدة لقبر الامام الرضا (ع) في نفس الانسان وروحه بحيث أنها تعادل تأثير مائة الف حجة الى بيت الله الحرام ومائة الف جهاد وقتل في سبيل الله؟!
إن كل عاقل منصف يجزم بأن مثل هذه الروايات قد وضعها أصحاب المطامع الذين ينتفعون ماديا من كثرة الزوّار الى مدينة مشهد كما ورد في الحديث المعروف عن بصل عكا!.
10 ـ والى جاب ما تقدم من الاسراف في الثواب نرى المجلسي يذكر روايات كثيرة في جانب الاسراف في العقاب أيضا , مثلا نرى موارد كثيرة ورد فيها اللعن الشديد على مرتكب بعض الافعال المباحة أو المكروهة التي لا تستحق كل هذه العقوبة كالضحك أو رفع الصوت أو اكل طعام معين وأمثال ذلك. وحتى بالنسبة الى المحرمات يجب أن تكون العقوبة فيها مساوية للفعل نفسه في الشدة والضعف طبقا لقوله تعالى: ((وجزاء سيئة سيئة مثلها))
وقوله تعالى : ((ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الا مثلها))
ولكن ما يرويه المجلسي بعيدكل البعد عن هذا المعيار , مثلاً يذكر عقاب الربا ويقول:
((عن أبي بصير, عن أبي عبدالله (ع) قال : درهم ربا أعظم عند الله من ثلاثين زنية كلها بذات محرم مثل خالته وعمته))
وكذلك يروي عن جميل عن أبي عبدالله (ع) قال : ((درهم ربا أعظم عند الله من سبعين زنية بذات محرم في بيت الله, وقال الربا سبعون جزءاً أيسره أن ينكح الرجل أمّه في بيت الله الحرام))
ونترك التعليق للقاريء الكريم مع ذكر ملاحظة واحدة وهي أن حكم الربا مهما تعاظم لا يتعدى التعزير, أي جلد المرابي عدة سياط , والزاني بذات محرم وخاصة في بيت الله يقتل لا محالة!!



#أحمد_القبانجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشيخ الكليني وكتابه الكافي
- القرن التاسع عشر وإستقلال علم النفس ... المدرسة التجريبية
- الديمقراطية والمعنوية
- قراءة في البلورالية الدينية او الصراطات المستقيمة
- الايمان, السياسة, الحكومة
- العلم الالهي وحرية الانسان
- تحقيق في اخر اللحظات التي عاشها المسيح
- في نقد برهان النظم
- التقليد والتحقيق في سلوك طلاب الجامعة - د. عبد الكريم سروش
- نظرة عامة في براهين وجود الله
- دوافع جعل الحديث عند الشيعة
- مدرسة الجشتلت ... علم نفس الشكل
- المجتمع المدني مجتمع تحت سلطة القانون
- القرآن والتحدي بمجموع الآيات
- التفسير السيكولوجي لظاهرة الايمان بالله
- منهج العقل الديني في التعامل مع المعارف والمطالب الدينية
- التفسير السسيولوجي لظاهرة الايمان بالله
- التجربة الدينية للنبي
- هل الدين معيار للعدالة أو العدالة معيار للدين؟
- القراءة السطحية للنصوص


المزيد.....




- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن استهداف قاعدة -عوفدا- الجو ...
- معرض روسي مصري في دار الإفتاء المصرية
- -مستمرون في عملياتنا-.. -المقاومة الإسلامية في العراق- تعلن ...
- تونس: إلغاء الاحتفال السنوي لليهود في جربة بسبب الحرب في غزة ...
- اليهود الإيرانيون في إسرائيل.. مشاعر مختلطة وسط التوتر
- تونس تلغي الاحتفال السنوي لليهود لهذا العام
- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد القبانجي - نقد العلامة المحدث محمد باقر المجلسي