أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - كراهية أمريكا : لماذا ؟















المزيد.....

كراهية أمريكا : لماذا ؟


طارق حجي
(Tarek Heggy)


الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 19:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


دعتني (منذ ايام) واحدة من اهم مراكز البحوث السياسية والإستراتيجية البريطانية (فى لندن حيث أقيم) لإلقاء كلمة أحاول من خلالها ان اجيب عن السؤال الكلاسيكي الشائع والذائع : لماذا يكره مليارات من البشر الولايات المتحدة الأمريكية ...وهذا النص هو ترجمتي الحرفية للكلمة التى ألقيتها فى هذا الصدد وحاولت فيها ان اضع خلاصة تفكير لعقود حول هذا السؤال العتيد - عسي ان يكون التوفيق (او بعضه) قد صاحب ما قلته فى ردي على هذا لسؤال الأكثر من مهم : ===========================================================

(1) زرت الولايات المتحدة منذ 1985 نحو أربعين مرة ... وغطت هذه الزيارات نحو نصف الولايات كما غطت معظم الجهات. ويمكن ان اقول ان محاور زياراتي كانت هى المدن الست التالية : نيويورك وواشنطون دي. سي وبوسطون وهيوستن ودالاس وسان فرانسيسكو ... فى هذه الزيارات تعاملت (ابان رئاستي لواحدة من اكبر شركات البترول متعددة الجنسيات) مع قيادات نفطية كبيرة عديدة فى ولاية تكساس ... وزرت وتحدثت فى اكبر مراكز بحوث ( ) للدراسات السياسية والإقتصادية بكل من واشنطون دي. سي ونيويورك ، كما حاضرت (او تحدثت) بأكثر من عشرين جامعة مثل برينستون وكولومبيا وكاليفورنيا بيركلي (وغيرها) ... كما استقبلت فى وزارة الخارجية ومجلس الأمن القومي ولجنة الحريات الدينية بالكونجرس ... وأيضا صدرت طبعات من بعض كتبي فى الولايات المتحدة (فى مدينة بورتلاند بولاية أوريجون). وطالما فكرت مليا فى احد الأسئلة التى ما اكثر ما سمعتها فى حياتي وهى : لماذا يكره كثيرون حول العالم الولايات المتحدة ؟ ... وكنت أسمع هذا السؤال وبعقلي العديد من علامات الإستفهام . فمعظم الشباب فى أكثر المجتمعات بغضا للولايات المتحدة يحلمون بالهجرة لها ولأن يصبحوا أمريكيين ! ودقائق من الحوار مع هؤلاء الكارهين لأمريكا تثبت ان معظمهم "شديد الإعجاب" بكل من "الحلم الأمريكي" و "الحريات العامة فى الولايات المتحدة" وخضوع الكل للدستور والقوانين ، وأيضا ب "قيمة المواطن الأمريكي" كإنسان ... كانت كل هذه الإعتبارات تمر أمام عيني عندما أسمع عبارات الكراهية والبغض للولايات المتحدة من الكثيرين فى شتي بقاع العالم ومن اشخاص يمثلون كافة الأطياف السياسية والإقتصادية والإجتماعية والتعليمية والمعرفية والثقافية ... وكنت أيضا أذكر نفسي بأمرين ... الأول هو ذلك البعد من ابعاد الطبيعة البشرية والذى يجعل الأدني يبالغ فى إنتقاده للأكثر تقدما وثراء ... والثاني ذلك الرصيد من "البغض اليساري" لأمريكا ... وجدير بي انا بالتحديد ان أعرف طبيعة وخامة ومصادر واهداف هذا "البغض اليساري" انا الذى كانت اول مؤلفاته هى ثلاثة كتب عن الماركسية ! والحق اقول ، ان شيئا من كل ما ذكرت لم ينجح فى حضي على ان اشارك هؤلاء الكارهين للولايات المتحدة مشاعرهم ، فأكرهها كا هم يفعلون . إذ ان من العسير علي ألا أري اوجه التفوق الأمريكي فى عشرات المجالات أو اتجاهل العناصر التى تجعل جل من يكرهون امريكا يحلمون بالهجرة لها وبأن يصيروا هم أنفسهم من مواطني الولايات المتحدة ... كما انه من العسير على رجل يعرف دقائق تقنيات علوم الإدارة الحديثة ألا يكون معجبا بآليات عمل وابداع وتفوق الكيانات الإقتصادية الأمريكية او ألا يكون معجبا بما تحدثه الجامعات الأمريكية من ارتقاء للعلم ولحياة البشر ... ومع ذلك ، فإنني لا أستطيع أن أنكر وجود والحاح وقوة السؤال الهام : لماذا تحظي الولايات المتحدة بكل هذه الكم من الكراهية تقريبا من معظم البشرية ! وخلال سنوات العقد الأخير (2001 - 2010) بدأ (فيما أظن) السبب الحقيقي لهذه الكراهية يظهر امامي بوضوح ... فأتتبعه وأتأمله وأفحصه ، فيزداد يقيني بأنه هو بالفعل السبب الحقيقي لهذه الكراهية ، وان كان احدا لم يعبر عنه بالوضوح الذى آمل ان انجح فى توفيره فى هذا المقال



(2) استطيع اليوم وبعد الخلفية التى صورتها فى القسم الأول من هذا المقال ان ألخص علة كراهية مليارات البشر للولايات المتحدة الأمريكية فى عجز قيادات المجتمع الأمريكي عن اعتبار "قيم المجتمع الأمريكي" جزءا متكاملا عضويا من "المصالح الأمريكية" . فالولايات المتحدة التى تخدم سياساتها الخارجية "المصالح الأمريكية" لم تدرك منذ صارت الولايات المتحدة الأمريكية اكبر قوة على سطح الأرض عشية استسلام اليابان فى اغسطس 1945 ان "قيم المجتمع الأمريكي" لابد وأن تكون ضمن بل وعلى رأس قائمة "المصالح الأمريكية". وقد ساعد على استفحال هذا الفصام بين "القيم الأمريكية" كل من العوامل التالية : (1) البرجماتية (الطبيعة والروح العملية البحت) التى يتسم بها العقل الأمريكي (2) افتقار العقل الأمريكي النسبي للحس التاريخي وللحس الثقافي لأسباب تاريخية وجغرافية لا تحتاج لتوضيح (3) غلبة الدافع المالي على الثقافة الأمريكية .... ولكن وكما قال فولتير فإن الحماقة تظل حماقة ولو كررها الف الف انسان ! وقد كانت حماقة السياسة والساسة الأمريكيين منذ اغسطس 1945 ان احدا لم يقف ويصيح : يا سادة ! قيمنا هى اهم مصالحنا ... والإنفصام الكائن بين قيم المجتمع الأمريكي ومصالحه ليس هو مصدر هذه الكراهية فقط ، بل وسيجلب على الولايات الأمريكية من المضار ما سيضر ابلغ الضرر بمصالحها بالمعني الضيق الذى لا يفهم الساسة الأمريكيون حتى اليوم غيره ! فكيف نفسر لأي انسان علاقة الإدارات الأمريكية لسنوات مع حكام جمهوريات الموز فى امريكا اللاتينية ؟ وكيف نفسر لأي عاقل الصمت الأمريكي المخزي تجاه انتهاكات حقوق الإنسان وحقوق المرأة وحقوق الأقليات فى المجتمعات الحليفة للإدارات الأمريكية ؟ وكيف نفسر لأي انسان معرفة الإدارات الأمريكية بقصص فساد مرعبة لشركاء لها حول العالم ، وصمت هذه الإدارات لعقود عن هذا الحالات المذهلة من الفساد ؟ ... بإختصار : كيف نبرر لمليارات البشر ان امريكا ترضي لشعوب غير امريكية بما لا تقبل 1% منه لمواطنيها !؟ من هنا تنبع الكراهية والتى هى بالقطع مبررة . والغريب ان الدوائر السياسية الأمريكية لا تري هذه الهوة بين ما يقبل فى الخارج ولا يمكن قبوله فى الداخل ، وانها لا تري ان هذا يفرز موجات عاتية من الكراهية للولايات المتحدة ، وأنها لا تري ان قيم المجتمع الأمريكي يجب ان تكون ركن الأساس للمصالح والسياسات الأمريكية ، وان اخراج قيم المجتمع الأمريكي من قائمة المصالح الأمريكية ستجلب مضارا هائلة وخسائرا بالغة الجسامة للمجتمع الأمريكي .
لندن فى 10 يناير / كانون الثاني 2013



#طارق_حجي (هاشتاغ)       Tarek_Heggy#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة كتاب -سجون العقل العربي- تأليف طارق حجي (الطبعة العربي ...
- هوامش لندنية ...
- مصر ، والصراع الحتمي
- كنت اليوم فى ميدان التحرير (27 نوفمبر 2012).
- نظرات ... وعبرات !
- ذبح القانون فى مصر - تعليق على إعلان 22 نوفمبر 2012 الدستوري
- هوامش على دفتر الإنحدار ...
- أضواء ... على أنواء !
- طوفان الغضب والغل والحنق الإسلامي - محاولة للتفسير
- الإسلاميون والمعاصرة ....
- خواطر إنتخابية ...
- حكمة المصريين
- هوامش وخواطر وملاحظات ...
- 123 من دانات طارق حجي (مختارات من 1000 دانة نشرها موقع الحوا ...
- نظم الحكم فى الإسلام ... ودانات أخري !
- خواطرٌ إيطالية.
- هوية فى خطر ...
- أسئلة تبحث عن إجابات ...
- ست دانات ثائرة ...
- رحيل رجل كبير : البابا شنودة الثالث (1923-2012).


المزيد.....




- بتدوينة عن حال العالم العربي.. رغد صدام حسين: رؤية والدي سبق ...
- وزير الخارجية السعودي: الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غز ...
- صواريخ صدام ومسيرات إيران: ما الفرق بين هجمات 1991 و2024 ضد ...
- وزير الطاقة الإسرائيلي من دبي: أثبتت أحداث الأسابيع الماضية ...
- -بعضها مخيف للغاية-.. مسؤول أمريكي: أي تطور جديد بين إسرائيل ...
- السفارة الروسية في باريس: لم نتلق دعوة لحضور الاحتفال بذكرى ...
- أردوغان يحمل نتنياهو المسؤولية عن تصعيد التوتر في الشرق الأو ...
- سلطنة عمان.. مشاهد تحبس الأنفاس لإنقاذ عالقين وسط السيول وار ...
- -سي إن إن-: الولايات المتحدة قد تختلف مع إسرائيل إذا قررت ال ...
- مجلة -نيوزويك- تكشف عن مصير المحتمل لـ-عاصمة أوكرانيا الثاني ...


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طارق حجي - كراهية أمريكا : لماذا ؟