جولة في رحاب التراث المعماري لمدينة فاس العتيقة (1/2)

جواد التباعي

الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 15:50
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    

نبدأ الجولة من أمام باب بوجلود التاريخي الذي يرجع بنائه إلى العهد المرابطي خلال القرن11م ،كنموذج للأبواب العسكرية بالمغرب، بني بطريقة منعرجة لتسهيل الدفاع عن المدينة،حيث يتوزع الجنود في الأعلى وعلى الجوانب حاملين أسلحتهم كالنبال والرماح،وكذا لتسهيل الاختباء في زواياه.أما الفضاء الخارجي فكان مخصصا للحدائق والبساتين والزراعة قصد توفير الأمن الغذائي للمدينة.أما الباب الثاني المقلد للأصيل فقد بني سنة 1914 بهدف كشف المدينة أمام السائح لكن السكان قاطعوا المرور منه باعتباره شكلا من أشكال الخضوع للمستعمر خلال فترة الحماية.
وتستمر الجولة عبر المعالم التالية:
المدرسة البوعنانية: بنيت في عهد أبي عنان المريني خلال القرن الرابع عشر الميلادي في إطار الربط بين التطور الصناعي والعلمي للمدينة وفق علم العمران الخلدوني حيث كان المرينيون سباقون لبناء المدارس حيث لا يكاد يخلو قطب حضاري من مدرسة أو مدرستين في عهدهم .والمدرسة نموذج لدور العلم بفاس إلى جانب جامع الأندلس مدرسة الصهريج،السباعيين،مدرسة الواد.
تدخل المدرسة ضمن قطب الطالعة وتتميز بكونها تضم عدة مرافق كالمسجد والجامع والصومعة ،(عكس المدارس الأخرى)،بالإضافة إلى قاعتين متقابلتين للدرس.فالقاعة مكان للصلاة والدرس .تضم المدرسة أيضا52 إلى 53 غرفة لإيواء الطلبة المقيمين من خارج المدينة،تخصص المطلة منها على الصحن للطلبة المتفوقين لتسهيل التواصل. تنظيمها المجالي منظم حول الصحن للاستفادة من التهوية والتشميس والإضاءة والتفكر في خلق الله،بالإضافة الى مرافق الطهارة.
صحن المدرسة يضم ثلاث مستويات من النقش (على الزليج في الأسفل وعلى الجبس في الوسط وعلى خشب الأرز في الأعلى ) يبرز مهارة الصانع التقليدي الفاسي .إضافة إلى الكتابة بخطوط مختلفة(الكوفي ،المغربي...) وسلم كتابتها واختلاف أحجامها ،أما مواضيعها فهي إما حكم أو أدعية أو قرآن .وكمثال الجملة التالية المكتوبة على الزليج في باب إحدى الغرفتين"أنا مجلس العلم فأحلل بي" .وهنا لابد من الإشارة الى وجود ترميمات على بعض المستويات تم القيام بها بفضل صور النظام المعلوماتي الجغرافي ((SIGالدقيقة التي سهر مجموعة من الأساتذة والمختصين على وضعه. خضعت قبل 7 إلى 8 سنوات لعملية ترميم كبيرة من طرف بعض الخواص منهم عثمان بن جلون .
المدينة القديمة مقسمة إلى ست مسارات ،والمدرسة تقع ضمن مسار الأسواق والمآثر التاريخية . تتزود بالماء بواسطة قناة للماء الطهور في الجهة الشرقية للصحن ،توجد تحتها وبعمق لا يقل عن مترين قنوات للمياه العادمة لتفادي التلوث،وتتميز جدران المدرسة بسمكها الكبير لعزل الصوت تفاديا لتشويش مجلس عن مجلس أخر .تضم كل المرافق الأساسية لبعدها عن القرويين من جهة والاقتصاد في المجال من جهة أخرى،كما هو الحال بالنسبة لمؤسسات أخرى تتبع للمدرسة مجموعة من الأوقاف كتبت على لوحة رخامية وسط البناية بالإضافة إلى تسجيلها في الرسوم العدلية .واليوم تشرف على هاته الأملاك مؤسسة الأحباس.
ومن ملحقات المدرسة الساعة المائية التي تتكون من 13 ذراع خشبي فوقها 12 صحن معدني كان لكل صحن كرة نحاسية تسقط فوقه لتحدث رنات صوتية يختلف عددها باختلاف التوقيت (دقة عند الواحدة ودقتين عند الثانية..) .
ـ الدرب السكني : وهو نموذج فقط للدروب السكنية بالمدينة الأصيلة ،يقع على محور ثانوي بين المحورين الرئيسيين الطالعة الكبيرة والطالعة الصغيرة.يتميز هذا الدرب بكونه زقاق غير نافذ ،له باب خارجي يغلق ليلا ،أبوابه منكبة ومداخل الدور منعرجة (حرمة الدار) .لكل باب "رتاج" وغطاء خشبي في أعلاه لتفادي مياه الأمطار ،أزقة المحور الثانوي ضيقة ومسقوفة يراعى خلال عمليات ترميمها استخدام المواد الأصيلة كالأجور البلدي وخشب الأرز...
ـ مركز الحي : يتوفر على عدة مراكز تؤدي الوظائف الأساسية للساكنة والمارة،كالنافورة أو السقاية (كسقاية أبي الحسن )،والمسجد والحمام والفران ... تحضى المرافق العمومية بالعناية ،وتتواجد على جوانب الشارع لإحداث تنوع في المشهد العمراني
ـ قصر المنبهي : نسبة لصاحبه المنبهي وزير دفاع خلال عهد السلطان المولى عبد العزيز في بداية القرن20م.يكتسب القصر أهميته التاريخية من كونه مكان توقيع معاهدة الحماية سنة 1912.يتميز بحجمه الكبير وغنى زخارفه ونقوشه،يتوسط المنزل فناء مفتوح تنفتح عليه الغرف ،سقفه مكشوف ،علو جدران غرفه أزيد من ستة أمتار،وسقوفها مقببة، مزود بالماء عبر سقايتين ونافورة.في داخله تبرز للزائر دقة صناعة الزليج البلدي وتركيبه .حاليا يستغل المنزل في المجال السياحي،فهو ملك خاص أقام به صاحبه مطعم تحت الطلب و"بزار" . نقل بابه من جهة إلى أخرى .

#جواد_التباعي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات