أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - علاءُ الديب والمحارةُ المضيئة (2-2)














المزيد.....

علاءُ الديب والمحارةُ المضيئة (2-2)


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 3967 - 2013 / 1 / 9 - 09:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مثّل علاء الديب بعض أفراد جيل الستينيات الإبداعي الروائي المصري في ابتعاده عن الاصطدام المباشر مع رأسمالية الدولة الشمولية التي تتحلل هي الأخرى مثل شخوص روايات علاء الديب.
الروايات الثلاث القصار(أطفال بلا دموع) سنة 1989، و(قمر على المستنقع) سنة 1995، و(عيون البنفسج) سنة 1999، مترابطة ومنفصلة، فهي تدورُ حول عائلة واحدة، يقوم الأبُ برواية تاريخه في الأولى بينما تقوم الأمُ برواية هذا التاريخ من رؤية أخرى، ثم يختتمُ الابنُ الحدثَ العائلي كله ويصعده إلى ذروته.
دكتور الأدب العربي (منير فكار)يعيش ذات مسار بطل الرواية السابقة (زهر الليمون) على مستوى أوسع تعقيداً، هنا وصلت الشخصيةُ المثقفة المنتمية السابقة للمرضِ النفسي، وللتحلل الواسع.
(صرتَ غريباً وحيداً دكتور، دكتور منير عبدالحميد فكار. أستاذ الأدب العربي في جامعة المطل بمدينة (دلوك) أنت لا شيء قطة ضالة تجري ليلاً في شوارع القاهرة ساحبة في فمها كيساً كبيراً به نقود)، ص270، (6 رواياتٍ قصيرة، الهيئةُ المصريةُ العامة للكتاب).
بنيةُ المحارةِ تخففُ التضادات الاجتماعية فالبرجوازية الصغيرة تعيشُ تناقضاتها الداخلية بدون صراع مع المستويات العليا والدنيا المختلفة، لهذا فإن قوى الدهس العليا لا تبدو، وخاصةً أن الأسلوبَ المتمحور المطبقَ على الذات يكثفُ من رصدها وتتبعها فنجد سيولةً من التدفق الداخلي، فهناك سردٌ مستمر ويتداخل معه تقرير فني مشع، يتناوبان ويغذيان بعضهما بعضاً.
(هي وحدها تقوم بكل شيء.. تجعلني أنسى ترددي ولامبالاتي)، ثم نقرأ في نفس الصفحة (أما هذا الخواء، فسرطانٌ يسكن الهواء الذي أتنفسه)، ص .279
تتحول الزوجة إلى النقيض، فالأستاذ الجامعي فقد رسائله الكتابية والموقفية، ويغدو هجومُهُ على زوجته من خلال تعريةِ التفاهة فيها ويغذي بذلك تضخماً ذاتياً وعجزاً عن ربط أجزائه التي تتفكك.
في حين سنجدُ الزوجةَ في الرواية التي نقرأها بعد ذلك تصور نفسَها بخلاف هذا، فهي امرأةٌ حساسة ذواقة للفنون وخاصة الموسيقى، وأن زوجها بلا ذوق وعامي جلف!
يحرك السردَ تناقضاتٌ عابرةٌ فالأستاذ يجلس في طائرة مع عامل مهاجر قادم من الخارج ومعه ثلاثة نعوش لعمال سقطوا ميتين، ويطلبُ من الأستاذ مجرد كتابة أوراقه، ففر منه. فعلاقته معدومة بالآخرين خاصة المستويات الدنيا.
إن غيابَ أي آفاق روحية تنعكس على الحرب الداخلية في العائلة، ويغدو البيت حصناً مغلقاً عن الخارج، يقول (لم يكن في صدري متسع لهموم البلد التي اشتعلت كالحريق)، زوجته تعرض قضايا طلبتها ومشكلات الحياة العامة فيرفض تصديع رأسه بمشكلات لا حلول لها. فغدا الخلاص في الهرب والانزواء والانغمار في جمع المال.
فيما الرواية التالية تجري على لسان الزوجة سناء فرج وتكشف علاقات غرامية عدة متحللة لها وتنساب في عروقها الداخلية والسردية ولكن كلها خاوية فأحد عشاقها يتهاوى في المُسكرات (بدأ يفقد حتى الأصدقاء الذين يتهمونه بأنه أصبح مدمناً ومهملاً في حق نفسه وحق القضية!).
غياب البعد الروحي الذي لم نلحظه في رواية الزوج تظهر هنا سببياته، في ذاتية مغرقة في النرجسية.
يمكن أن تلعب خادمة مثل (نجية) دوراً في بروز الشعبِ العامل تجاه هذه النماذج، فهي كائنٌ تمتْ محاولات سحقه بكل الطرق الضارية كما فعل الحبيب الذي تركت أهلها ولحقتْ به، واكتشفتْ عنفه وأنانيته حتى قتلت جنينها وهربت، ولكنها ظلت محتفظة بإنسانيتها، التي تنسابُ على ابني الزوجين تامر ولمياء. لكن دخول العامة لمحارة البرجوازية الصغيرة تتم من خلال الفئات الشعبية الفردية العابرة.
تُظهرُ الرواياتُ عمليةَ التصدع التي يسببها نمو العلاقات الرأسمالية الداخلية والخارجية في الحياة الشعبية المصرية، والتي تُشتت العائلات، وتجعل الطبقة ممزقة جغرافياً بين مصر من جهة والخليج والغرب من جهة أخرى، وممزقة فكرياً غير قادرة على التوحد.
رواية الابن تامر الثالثة تكشف التحلل الواسع للعائلة والفئة التحديثية، يقول عن أمه (أمي هجرت الجميع، وسكنت مع زوجها «هاني قبطان » مليونير آخر الزمن. أزور الأسكندرية ولا أراها، حتى بعد أن مات الرجل من جرعة هيروين زائدة)، ص .479
(أختي لمياء ضاعت مني هي الأخرى. سقطت في البالوعة تزوجت ابن الباجوري التاجر الأشهر). ويقوم ابنُ التاجر هذا بضربها المتكرر وجلب عشيقاته إلى بيته.
ينشغل تامر بتحلل العائلة ولا يملك مشروعاً خاصاً به. علاقةُ صداقته الوحيدة هي مع حسين كاظم زميله الدراسي والثقافي المعارض بشكل خطابي عنيف ويتكشف هو الآخر عن خواء ففي لحظة يترك تطوره الداخلي ويندفع لوظيفة متغربة.
هناك رمزية أخرى هي رمزية الفنان المناضل الباقي المتسامح المقدم لخدمات إبداعية وفكرية للآخرين وهو شوقي عامر: (ضاعت أيامه كلها بين الاعتقال الطويل الذي لا مبرر له، وعمل سياسي انتهى إلى لا شيء وأصدقاء تسربوا كالماء، ومع ذلك فقد ظلت قامته منتصبة).
كما أن الثيمة الرمزية بدلاً من شجر الليمون تصير هنا هي رقصة الديك، حيث يوجد في الأسطورة الكهفُ المسحور حيث يقوم الرحالة والمسوسون والمرضى بذبح ديك عند المغارة الملأى بالكنوز لكي تنفتح، وحين يدخل أي واحد منهم تُغلق عليه كما يحدث للشخوص فيختنقون. وهذه الرمزية تظل مشتعلة عند الأب ثم تنمو لدى الابن بدون توظيف لكن تتضح دلالاتها لأن الجري وراء رأس المال لا يتم لتطوير الشخصية بل لهدمها.
تتمحور الحوادث حول الشخصيات المركزية من تلك الفئة المثقفة الاجتماعية الصغيرة، لكن خيوطها بالكل الاجتماعي والصراع الاجتماعي تبقى مقطوعة، فهي تبقى كذواتٍ متشظية، فلا تتجلى إمكانيات جديدة تحولية فيها، لكون هذه الإمكانيات تحتاجُ إلى لوحات صراع منمذجة، ولكن الطريقة الإبداعية المركزة على ما هو خاص مقطوع عن الكل الاجتماعي ترفض الدخول في تعميمات منمطة كما تتصور، معتقدة بكون الخاص شبه المطلق هذا معبر صادق عن الواقع.
لكن هذه الروايات تبقى معبرة بشعرية متوترة نازفة، تصور مرحلة حقيقية لم يوجد فيها نضالٌ ديمقراطي واسع حيث هيمنت الشموليات العسكرية.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإخوان السوريون والاحتيالُ باسمِ الإسلام
- الدين والثقافة
- علاءُ الديب والمحارةُ المضيئة (1-2)
- عزيز السيد جاسم (3-3)
- عزيزُ السيد جاسم (2-3)
- عزيز السيد جاسم (1-3)
- المشرقُ العربي الإسلامي في مهبِّ العاصفة
- البناءُ التحتي القبلي العابرُ للتاريخ
- معسكرانِ متخلفانِ
- مرحلةُ دخولِ الأريافِ في الديمقراطية
- انزلاقٌ نحو الفوضى
- في انتظارِ غودو
- المذهبيون السياسيون إلى الوراءِ دائماً
- الإسلامُ التوحيدي والوطنيةُ
- المحافظون أمريكيين وعربا
- المذهبيون السياسيون والقومية
- المذهبيون السياسيون والاستبداد
- الفكرُ الغربي في حقبتهِ الحديثة
- حقبتانِ من الدين
- سلبياتُ التحديثيين والدينيين


المزيد.....




- البحرية الأمريكية تعلن قيمة تكاليف إحباط هجمات الحوثيين على ...
- الفلبين تُغلق الباب أمام المزيد من القواعد العسكرية الأمريك ...
- لأنهم لم يساعدوه كما ساعدوا إسرائيل.. زيلينسكي غاضب من حلفائ ...
- بالصور: كيف أدت الفيضانات في عُمان إلى مقتل 18 شخصا والتسبب ...
- بلينكن: التصعيد مع إيران ليس في مصلحة الولايات المتحدة أو إس ...
- استطلاع للرأي: 74% من الإسرائيليين يعارضون الهجوم على إيران ...
- -بعهد الأخ محمد بن سلمان المحترم-..الصدر يشيد بسياسات السعود ...
- هل يفجر التهديد الإسرائيلي بالرد على الهجوم الإيراني حربا شا ...
- انطلاق القمة العالمية لطاقة المستقبل
- الشرق الأوسط بعد الهجوم الإيراني: قواعد اشتباك جديدة


المزيد.....

- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - علاءُ الديب والمحارةُ المضيئة (2-2)