الإخوان بين وارنر والربيع العربي

الشربيني المهندس

الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 20:57
المحور: المجتمع المدني
    

مع افتتاح أول مقهى إسلامي تذكرت مقهي ريك الشهير .. فما هي القصة ..
قطعا التقليد عدو النجاح .. والإيقاع ليس عزفا خارجيا بقدر ما هو من إفراز قدمين وساقين وذراعين يغذيهما قلب واحد .. هو أن تشارك الآخر فتصبح الرقصة ممتعه والأداء مقبولا .. متعة الأداء تمثل أهم عناصر النجاح .. الإمكانيات وحدها لا تكفي .. بالقطع لا يمكنك أن تراقص ظلك .. هكذا فان التنوع هو المحور المشترك لإبراز الطاقات الإبداعية ..
السمع والطاعة تحقق الانضباط ولاشك ولكن ماذا عن كفاءة الأداء والتي قد تتطلب الإبداع .. نعم قد تختلف النماذج لكن يبقي نبض الإبداع الذي نراه ونسمعه لا يتغير .. وهو ما قد يطلق عليه النظام أو السيستم في الغرب .. هكذا ما بين الواقع والإرادة استطاعت شركة «وارنر إخوان» الأمريكية في هوليوود بناء جزءا من مدينة كازابلانكا في أربعينيات القرن الماضي علي ما أذكر ، وهو اسم مدينة بالمغرب العربي وأطلقه عليها البرتغاليون .. وصورت فيه فيلما يحمل اسم المدينة . حقق شهرة واسعة ..
وتدور معظم أحداث الفيلم في مقهى يملكه رجل أميركي اسمه «مقهى ريك»، ويلعب الدور الأساسي فيه أشهر ممثلي الأربعينات؛ إنغريد برغمان وهمفري بوغارت.
قبلها بأعوام قليلة نشأت جماعة الإخوان في مصر وكونوا علاقات سرية وعلنية مع بعض نجوم المجتمع وقتها .. كانوا يحلمون بدولة خلافة إسلامية علي أنقاض الدولة العثمانية أو الرجل المريض الذي عاد لحجمه الطبيعي بدولة تركيا العلمانية .. لكن عوامل مختلفة أثرت عليها لتبدأ كحركة سرية غالبا ويظهر اسم الإمام حسن البنا أول مرشد إخواني ..
الخيال الخصب دائما ما يخلق المعجزات وأشباهها والتي تصبح مع الأيام والإرادة حقيقة .. لم يكن أحد يتوقع أن يتحول الفيلم إلى مفترق تاريخي في عالم السينما. ومن دون أن تحط كاميرا واحدة في الدار البيضاء،.. اشتهر اسم المدينة في الغرب، ودارت حولها القصص الرومانسية. وأطلق اسم «مقهى ريك» على مقاهي كثيرة حول العالم. عام 2000، جاءت كاتي كرايغر ملحقة تجارية في السفارة الأميركية لدى المغرب.خطر لها أن تستقيل وتمضي العمر في المغرب. وكان حلمها أن «تنشئ مقهى ريك» في الحقيقة، بعدما ظل خيالا نصف قرن. في عام 2004، خرج «مقهى ريك» إلى الوجود ليصبح أحد معالم «كازابلانكا»، الاسم الذي أطلقه عليها البرتغاليون. ويطلق عليها أهل مراكش كازا ... ولم تمض سوي أربعة أعوام حتى كان «مقهى ريك» بداية تجديد للأبنية المتداعية في الحارة. وصار السياح المأخوذون بحكاية الفيلم الخيالي يجدون في الدار البيضاء مقهى حقيقيا منقولا عن الخيال، بما في ذلك البيانو القديم.
في المقابل وبضربة حظ ركب الإخوان العرب ثورة الربيع العربي ليصلوا إلي الحكم في تونس ومصر حتى الآن بعد أن كانوا رهن الاعتقال كمشبوهين معروفين ..
كانت نداءات الميدان .. عيش حرية وعدالة اجتماعية .. وبالقطع حرية وعدالة الإبداع كانت المسكوت عنه كما يقول الأدب في مجتمع كثيف السكان .. كانت خطيئة نظام المخلوع الكبري تجريف منظم لإمكانيات الإنسان المصري .. يعيش مريضا وجاهلا ومهزوما فكيف يبدع .. فقد تم حجب الطاقات الإبداعية والكفاءات المصرية المتميزة من الوصول إلى العمل في مؤسسات الدولة الراقية ، والتي تحولت إلى عزب خاصة، وإقطاعيات عائلية، تمهيدا لعملية التوريث الأكبر لرياسة الجمهورية ولكن بدلا من أن يبدأ الحكام الجدد بمشروعهم النهضوي في الظهور إلي النور ، وعدالة توظيف الكفاءات المصرية وهي الأسهل والأوفر والأكثر ضمانا لتغيير صورة الدولة الفاسدة .. كان التمكين له أولوية مطلقة .. المثير أنهم نجحوا من خلال تغيير التحالفات مع الوفد قديما والسلطة المصرية حديثا ثم الجيش للوصول لما يسمي بالتمكين .. ذلك المصطلح المكافئ للاحتلال .. ولكن المقابل لمحاولة الانفراد بالسلطة النجاح ذلك في تكتيل كل القوى السياسية والاجتماعية ضدهم، من القضاة إلى المحامين إلى الإعلاميين إلى المثقفين، وصولا إلى جميع الأحزاب السياسية. ولم يجدوا سوى حزب النور السلفي كي يتحالف معهم ..
خلال أكثر من ثمانين عام لم يظهر للإخوان أثر حضاري فالأمريكية كاتي لم تنتظر السلطة لتحقق حلمها وظهر المقهى أو حلمها للوجود وبمجهود فردي بينما الجماعة كان حلمها السلطة نفسها علي ما يبدو لتحقيق انجاز ما ..
.. منذ أيام تم افتتاح المقهي السلفي بمدينة نصر .. وتم فصل الرجال عن النساء مع تخصيص مكان للعائلات للدردشة الاسلاميه ويالها من عبقرية .. ومع كافيه يعدل الدماغ يخطئ ألإخواني الشاطر الذي تمسكن حتى تمكن كما تقول العامية والاتكال علي الخارج الخليجي والأمريكي يخطئ تقدير القدرة التي تختزنها الإرادة الشعبية ..
يرتكب الإخوان اليوم الخطأ نفسه الذي ارتكبه نظام الاستبداد. يريدون الاستيلاء على المجتمع من خلال أيديولوجية شمولية، ولكن عبر أساليب انتخابية لتصبح مصر الرجل المريض المعرض للانقسام والذي عضه الجوع ومزقه الخوف بدلا من ان يكون معبرا لدولة الحلم. المعركة لا تزال في بداياتها، وان من سينتصر فيها هو من يقدم رؤية متماسكة لعلاقة الديمقراطية بالعدالة الاجتماعي ودور أكبر للإبداع في كل المجالات ..
فالكلمة من الرأس عندما تكون اللقمة من الفأس كما قال الإمام الشعراوي رحمه اللـه .. وعبادة اللـه تستحق من التأمين الغذائي والأمن (فليعبدو رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف ) سورة قريش وصدق اللـه العظيم فسنن اللـه تجري علي الجميع والإبداع الأمريكي لا يجامل ويعرف مصلحته جيدا ..

#الشربيني_المهندس (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات