أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد الكحل - مواطنو الدرجة الممتازة














المزيد.....

مواطنو الدرجة الممتازة


سعيد الكحل

الحوار المتمدن-العدد: 3966 - 2013 / 1 / 8 - 19:24
المحور: كتابات ساخرة
    



أثارت انتباهي صورة لبطاقة منشورة في المواقع الاجتماعية مكتوب عليها"يجب احترام وتقدير حامل هذه البطاقة"، وموقعة من طرف هيئة "الرابطة الوطنية للشرفاء الأدارسة وأبناء عمومتهم بالمغرب". ومنطوق العبارة يلزم أي موظف لدى الدولة باحترام وتقدير حامل البطاقة . وفي هذا إحالة صريحة على أن هذا الصنف من المواطنين لا ينبغي أن يتعرض لقلة الاحترام الذي يتعرض له باقي المواطنين ؛ وها نحن أمام درجات في المواطنة وأصناف من المواطنين. وليس هؤلاء الشرفاء وحدهم "المحميون" ، بل هناك فئات أخرى تعلن عن وجودها المتميز عبر وضع "شارات" على الزجاج الأمامي للسيارات تحدد الانتساب المهني لمالكيها (طبيب ، محامي ،قاضي ،مستشار ، برلماني الخ) . وقد تراود المرء شكوك وتساؤلات عما إذا كان هناك نص قانوني يلزم مالك العربة بالكشف عن مهنته أو مهامه السياسية أو الإدارية . بالتأكيد لا وجود لمثل هكذا قانون باستثناء ما يتعلق بسيارات الدولة والجيش والدرك والأمن التي تتحدد هويتها في صفيحتها المعدنية . وإذا كان ما يبرر الإشارة إلى هوية الجهة مالكة هذه السيارات من أجل منح أسبقية المرور لمركبات الجيش والأمن والإسعاف للمسئولية الوطنية والخدمات الجليلة التي تؤديها هذه القطاعات ، فإن وضع الشارات الخاصة بفئات الأطباء والمحامين والبرلمانيين والقضاة وما شاكلهم على الزجاج الأمامي للسيارات ليس له من مبرر ؛ ولا يمكن تفسيره إلا في إطار تفييء المواطنين ووضع تراتبية على مستوى المواطنة تصنف المواطنين إلى "من يجب احترامهم" ومن لا يجب احترامهم . وبمقتضى هذا التمييز بين مالكي السيارات ، استطاع أصحاب مهن محددة أن يفرضوا على الدولة معاملتهم على الطرقات معاملة تفضيلية تستوجب لهم ، ليس فقط الاحترام ومنح الأسبقية ، بل وأساسا غض الطرف عن مخالفاتهم لقانون السير . إن الطريق العمومية ، في هذه الحالة تشهد تمييزا بين من يجب احترامه والتجاوز عن مخالفاته وبين من تسري عليهم القوانين بالصرامة المبالغ فيها حتى إن كثيرا من "البِدُون" تسجل ضدهم مخالفات وهمية . وهذا التمييز بين المواطنين الذي يفرضه المواطنون المنتمون لمهن محددة هو ضرب لقيم ومبادئ وحقوق المواطنة وخرق سافر لمبدأ المساواة أمام القانون. وإذا كانت الدولة تسير في اتجاه حذف الإعلان عن مهنة المواطن في البطاقة الوطنية تنزيلا لمبدأ المساواة وقطع الطريق على المتاجرين بالتمييز المهني ، فإن الهيئات المهنية والنقابية للقطاعات المشار إليها أعلاه مطالبة بتحيين أنظمتها الداخلية وقوانينها الأساسية حتى تتماشى مع دستور 2011 وقيم ومبادئ المساواة وحقوق الإنسان التي ينص عليها . والاستمرار في إشهار المهن على الزجاج الأمامي للسيارات هو خرق سافر للدستور وعرقلة صريحة في وجه التطبيق السليم لمدونة السير على جميع السائقين . فشرطي المرور أو الدركي مطالبان ، والحافلة هذه ، بتفحص الزجاج الأمامي للسيارات بحثا عن علامة مميزة لصاحبها قبل توقيفه أو مطالبته بأوراق السيارة حذرا مما به بأس . فالديمقراطية التي نصبوا إليها ونطالب بها تنطق من قناعتنا بقيمها ومبادئها ؛ ولا يمكن بناء صرح الديمقراطية إذا كانت لبنات هذا الصرح مهترئة . إن الديمقراطية بناء شامل لا يقوم فقط على الدعامة السياسية أو القانونية ؛ بل هو كل تنصهر فيه جميع مكونات المجتمع والدولة. فلا ديمقراطية بدون مواطنين ديمقراطيين مهما كانت مهنهم ومراتبهم . ومبدأ التمييز المهني ينسف الديمقراطية من أساسها . كان لهذا السلوك مسوغاته في النسق السياسي القائم على المفهوم المخزني للسلطة ، حيث كان المواطنون يسعون باستمرار للبحث عن مظلة تحمي صاحبها من بطش السلطة/المخزن حتى وهو على سيارته في جولة سياحية . فداخله شعور قوي بأنه متهم حتى تثبت براءته . وأي عنصر من عناصر القوة العمومية يجسد المخزن ويملك سلطة الاتهام . وضعية الاستبداد هذه هي التي خلقت الحاجة إلى الاحتماء من المخزن بالانخراط في نسقه الثقافي الممخزَن . فكان من يريد قضاء مصلحة إدارية يرتدي زيه المخزني الرسمي أو يعلن عن مهنته المخزنية عند مدخل الإدارة . زمن ولى دستوريا لكنه حاضر وضاغط واقعيا ونفسيا ، وينبغي قطع دابره وتحرير المواطن من هواجس المخزن ووساوسه . وهذا لا يتأتى وهيئات مهنية تصر على تأبيد مخزنة المنتسبين إليها والحاملين لشاراتها .
لهذا فالدولة الديمقراطية لا تصير كذلك فقط باعتماد الانتخابات النزيهة وضمان تأسيس الأحزاب وحماية حرية الإعلام والتعبير ؛ فهذه ليست سوى أعراض للديمقراطية تؤشر على وجودها ولا تؤسس لها . ذلك أن وجود مؤسسات منتخبة وحرية الإعلام ليس دليلا على وجود تقاليد ديمقراطية في أي مجتمع . من هنا يتوقف وجود الدولة الديمقراطية على حيوية المجتمع وسيادة القيم الأخلاقية والعلاقات السياسية والاجتماعية التي يحكمها مبدأ المساواة بين المواطنين . فالدولة ، في هذه الحالة ، تعبير عن واقع وتجسيد له على مستوى المؤسسات والتشريعات . فلا دولة ديمقراطية بدون مجتمع يتمثل أعضاؤه قيم الديمقراطية ومبادئها قبل النصوص القانونية التي يحترمونها أكثر مما يخرقونها . وطالما ظل المواطن على هامش الجهود التي تروم التغيير الحقيقي الذي يؤسس للدولة الديمقراطية ويقيم دعائمها ، فإن أي بناء للدولة الديمقراطية لن يبلغ تمامه ،على رأي الشاعر : متى يبلغ البنيان يوماً تمامه = إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم



#سعيد_الكحل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكرا لشجاعة الشيخ الفيزازي الابن .
- أزهار الربيع التونسي تصبح أحجارا.
- مرسي المصري ولشكر الاتحادي وجهان لعملية النسف الممنهج .
- 2 الدكتور أحمد الريسوني من الدعوة إلى الفتنة .
- ألا في الفتنة سقطوا !!
- افتراء وزيرة في موضوع المحْرم.
- يوم صار قياس التدين لدى المواطنين مهمة وزارية !!
- وفاء لروح الفقيد السي أحمد الهاشمي .
- المتطرفون لا يمثلوننا ، بل يكرسون الإسلاموفوبيا .
- اختلال الموازين في التعامل مع غياب البرلمانيين وغياب المدرسي ...
- الرسائل الواضحة والمشفرة لخطاب العرش .
- حزب العدالة والتنمية يقرر الإجهاز على مجانية التعليم
- تضامنا مع فتيحة التي قتلت مغتصبها .
- المتطرفون يعدّون القوة والفتوى ، فهل من رادع ؟؟ !!!
- حوار لفائد الصباح المغربية
- حوار لفائدة جريدة الصحراء المغربية .
- هل ستضع الحكومة -الإسلامية- حدا لشرعنة الاغتصاب ؟
- حوار لفائدة يومية الصباح
- ملف حول المرأة
- حزب العدالة والتنمية من معارضة الحكومة إلى رئاستها .


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - سعيد الكحل - مواطنو الدرجة الممتازة