أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - ليبراليتان















المزيد.....

ليبراليتان


محمد سيد رصاص

الحوار المتمدن-العدد: 1144 - 2005 / 3 / 22 - 14:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد انهيار الدولة العثمانية وإلغاء أتاتورك للخلافة، انتشرت بشكل لافت الأفكار الغربية في العالم العربي، وبخاصة الليبرالية منها عبر مفكرين مثل أحمد لطفي السيد وطه حسين، لتمتد بتأثيرها الى مفكرين إسلاميين، مثل علي عبد الرازق، الذي حاول تقديم نظرية جديدة حول "الحكم في الإسلام"، وأخيه مصطفى الذي تولى مشيخة الأزهر، وصولاً الى أحمد أمين: كان هذا المشهد الفكري الجديد مبنياً على حضور الغرب، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، الى ديار العرب، وما ولده من استتباعات في البنية الاجتماعية المحلية.
في هذا الإطار، لم يكن انتشار الفكر الغربي ناتجاً فقط عن ذلك الحضور، وإنما أساساً عن نشوء طبقات وفئات اجتماعية جديدة تولدت عن عملية الغزو الغربي للمنطقة وما أنتجته من انقلابات وتغييرات اقتصادية واجتماعية في البنى المحلية الاجتماعية، شملت نشوء بنى إدارية جديدة، وأخرى تعليمية، ومن ثم فضاء ثقافي جديد رأت نفسها فيه الفئات المتعلمة الحديثة، ومن تدرج في الإدارة الاستعمارية، إضافة الى البرجوازية الناشئة عن التحولات الاقتصادية التي أنتجها انتقال المجتمعات العربية، بفعل ذلك العامل الخارجي، من نمط انتاج ما قبل رأسمالي الى آخر متجاوز له نحو الرأسمالية.
ربما يعبر انتقال طه حسين من الأزهر الى الجامعات الفرنسية عن ذلك التحول، متمثلاً في سيرة حياة، إلا أن أفكاره تعطي بعداً رمزياً أبعد، من نفيه لشرقية مصر معتبراً أن دائرتها الحضارية هي الغرب في انطلاق من نظرته بأن مدنية مصر تنتمي الى فلسفة الإغريق وفنهم وشرائع روما وتنظيمها السياسي، الى دعوته المصريين الى أن يصبحوا "أوروبيين في كل شيء قابلين ما في ذلك من حسنات وسيئات" ("مستقبل الثقافة في مصر")، من أجل وصل ما انقطع "مع الإمبراطورية الإسلامية التي يعتبر أن مصر قد "استعادت شخصيتها القديمة" منها مع الطولونيين.
ماتت تلك الليبرالية في 23 يوليو 1952 على مذبحي حرب فلسطين وعدم حل المسألة الزراعية، مع ما صاحب قيام إسرائيل وموت الأحزاب الليبرالية (الوفد والأحرار الدستوريون في مصر، الحزب الوطني وحزب الشعب في سوريا إلخ...) من انتعاش للفكر القومي، الذي كان متأثراً بنزعات معادية للفكر الليبرالي أتته من اليمين (الفاشية والنازية) واليسار (البلشفية)، وصولاً الى هزيمة حزيران التي كانت صدمتها مولدة لبداية "صحوة" الفكر الإسلامي الأصولي، بعيداً عن أي ملامح ليبرالية وجدت عند مفكرين بالخمسينيات، بعضهم كان أخوانياً مثل الشيخ مصطفى السباعي.
لم تستفق الليبرالية من جديد عند العرب إلا في عام 1989 وتحولاته المتمثلة في سقوط المعسكر الشرقي ومن ثم الاتحاد السوفياتي، كان أتباع موسكو القدماء (إلا من بقي على ستالينيته) هم وقود وعناصر هذه الاستفاقة، عندما انتقلوا (من دون أي مرحلة انتقالية فكرية ومن دون تقديم أي كشف حساب عن وعيهم السابق أو مسوغات فكرية للانتقال الى الفكر الجديد وهو ما يحصل في أي بلد يعيش حياة فكرية وثقافية متقدمة ومحترمة) من ميخائيل سوسلوف الى جون ستيوارت ميل، فيما حاول بعضهم تقديم مرجعية لأفكاره الجديدة عبر محاولة تأويل مفكرين ماركسيين، كانوا يمزجون في فكرهم بين الماركسية والليبرالية مثل ياسين الحافظ المتأثر بالعروي، لمصلحة علمانية متطرفة تأخذ منحى ليبرالية، فكرياً، مع وراثة كل عناصر التطرف اليساري القديم ضد رجال الدين والفكر الديني.
لم تستند هذه الليبرالية الى طبقات وفئات اجتماعية محددة، ولا عبرت عن تحول اقتصادي اجتماعي في البنية المجتمعية العربية، وإنما كانت مستندة الى انهيار مركز عالمي ولد كثيراً من الأيتام الفكريين والسياسيين، ليقوموا، حفاظاً على دور ثقافي ـ سياسي، باستبدال فكر بفكر نقيض مع الحفاظ على طريقة تفكيرهم السابقة ولو عبر استبدال المصطلحات (التقدم ـ الحداثة، الطليعة ـ التنوير، الاشتراكية ـ العلمانية... الخ)، إضافة الى إمساكهم بشعار الديموقراطية، الذين كانوا، حتى اكتشافهم له مع بيريسترويكا غورباتشوف، من ألد أعدائه الفكريين والسياسيين.
أعطى انهيار سلطات الحزب الواحد في الكتلة السوفياتية الخلفية المشهدية لهذه التحولات، إلا أن هؤلاء المتحولين لم يعطوا فكراً منسجماً، حتى على صعيد سياق الفكر الليبرالي من حيث أن معظمهم لم يعِ ضرورة التلازم بين الديموقراطية، بجانبها السياسي ـ الدستوري، وبين المحتوى الاقتصادي متمثلاً في اقتصاد السوق، ولا قدموا جديداً للفكر العربي، كما علي عبد الرازق وطه حسين، فيما كانت تطرفيتهم الجديدة ضد الدين نسخة كاريكاتورية عن تلك الموروثة عن اليسار ولكن من دون العمق الفلسفي لنقد اليسار للدين الموروث من فيورباخ وشتراوس، الى درجة تجعلهم يظنون بأن نقد رجال الدين وأفكارهم هو المعادل لنقد الفكر الديني.
أظهر سقوط بغداد فكراً التحاقياً بالمركب الأميركي عند هؤلاء الليبراليين الجدد، في استعادة مشهدية، عبر تأييدهم للدبابة الأميركية الغازية لبغداد، لمواقفهم المنظرة والمؤيدة لدخول تلك الدبابة السوفياتية الى كابول، عبرت ـ أي هذه الاستعادة ـ عن استمرارهم في طريقة تفكيرهم القديمة التي لا تراهن على العوامل المجتمعية المحلية لبناء السياسة، وإنما على مركز عالمي يريدون عبره استحداث تغييرات وأدوار في السياسة المحلية.
ربما كان (الماركسي الهيغلي) عبد الله العروي في كتابه "العرب والفكر التاريخي" (1973)، عندما دعا العرب الى ضرورة استيعاب مكتسبات الليبرالية، في وضعية المتكلم المنفرد في الصحراء وسط طغيان كل ما هو معادٍ لليبرالية عند أنصار السوفيات والقوميين والإسلاميين: من الواضح الآن أن هناك اتجاهاً مجتمعياً، متأثراً بالجو العالمي الجديد، نحو ليبرالية اقتصادية في العالم العربي، يدفع باتجاهها أغنياء أنظمة (ما بعد 23 يوليو)، ورجال الأعمال، والمتعلمون، والتقنيون، وكل من يمكن وضعه تحت مصطلح (الفئات الوسطى)، إلا أن المؤكد، أكثر، أن هؤلاء لا يمكن أن يعبر عنهم شيوعي سابق متلبرل حديثاً، ربما حتى لم يسمع بجون ستيوارت ميل أو قرأ شيئاً من كتبه، بل ستأتي تعبيراتهم من داخلهم، عبر مثقفين ومفكرين وأحزاب سيفرزهم ذلك الوسط الاجتماعي؟....





#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاصلاح بين الداخل والخارج
- اخفاق القرن العشرين الكبير
- استدعاء الاسلام الى السياسة العربية
- تأملات استرجاعية في الأحداث السورية: 1979 - 1980
- تديين السياسة العالمية
- الحبل السري: من الماركسية الى الليبرالية
- الرئيس الحريري نموذجأ سياسيأ
- النزعة الا لتحاقية
- الثورة اليمينية
- حزب سوري على أبواب مؤتمره
- الديمقراطية والعلمانية - في التجربتين الأوروبية والإسلامية
- ?هل هنا ك شعب كر د ي في سو ر يا
- حجارة النظام القديم
- مل ء الفر اغ
- من أجل نظرة براغماتية عربية للسياسة
- النظام الرسمي العربي : نهاية مرحلة؟
- الأكراد والمعارضة السورية
- هل سيكون أردوغان نموذجاً أميركياً للعالم الإسلامي؟...
- الطارئون على الديموقراطية واشتراطاتهم
- فساد معنوي في المعارضة السورية


المزيد.....




- إماراتي يرصد أحد أشهر المعالم السياحية بدبي من زاوية ساحرة
- قيمتها 95 مليار دولار.. كم بلغت حزمة المساعدات لإسرائيل وأوك ...
- سريلانكا تخطط للانضمام إلى مجموعة -بريكس+-
- الولايات المتحدة توقف الهجوم الإسرائيلي على إيران لتبدأ تصعي ...
- الاتحاد الأوروبي يقرر منح مواطني دول الخليج تأشيرة شينغن متع ...
- شاهد: كاميرات المراقبة ترصد لحظة إنهيار المباني جراء زلازل ه ...
- بعد تأخير لشهور -الشيوخ الأمريكي- يقر المساعدة العسكرية لإسر ...
- -حريت-: أنقرة لم تتلق معلومات حول إلغاء محادثات أردوغان مع ب ...
- زاخاروفا تتهم اليونسكو بالتقاعس المتعمد بعد مقتل المراسل الع ...
- مجلس الاتحاد الروسي يتوجه للجنة التحقيق بشأن الأطفال الأوكرا ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد سيد رصاص - ليبراليتان