أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - العراق.. مِن دكتاتورية صَدام البائِدة الى دكتاتورية المالكي الصاعِدة















المزيد.....

العراق.. مِن دكتاتورية صَدام البائِدة الى دكتاتورية المالكي الصاعِدة


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 18:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في نهاية سَبعينات القرن العشرين، ومَع بداية صُعود نجم المَدعو صَدام حسين الذي جاء الى بَيت خاله في بغداد مَشياً على أقدامِه الحافية في خمسينات ذلك القرن هَرَباً مِن الواقِع المُزري الذي كان يَعيشه في قرية العوجة، بدَأت جَوقة من الشُعراء الشَعبيين والمُثقفين بإسباغ صِفات إلهيّة على هذا الشاب الذي كان حينَها نائِباً لرئيس الجَمهورية والحزب الذي جاء به وأمثاله مِن العَدَم ودَفع بهم للسُلطة. لذا لم يَستوعِب الرَجُل وهو مِن أصحاب بُطون جاعَت ثم شَبعَت ذلك، فأصيبَ بداء العَظَمة وصَدّق أنه سياسي كبير وقائد عَظيم، وبدأ يُصَفّي المُنافِسين مِن رفاقِه قبل أعدائِه وفي مُقدمَتِهم رَئيسُه وصاحِب الفضل بصُعودِه مِن العَدَم أحمد حَسَن البَكر ليُصبح هو الرَئيس والقائِد الضَرورة، ثم حَكم البلاد والعِباد بالحَديد والنار وقادَها الى حُروب وحِصارات إختُتِمَت باحتِلال أجنبي مُباشر.
واليوم تُعاد الكَرة وتتكرّر القُصة بتشابُه غَريب، ولكن مَع نَموذج مُختلف في ظاهِره عَن صَدام لكنه مُشابه له كثيراً في تركيبَتِه النفسية وخلفيّته الإجتِماعِية، فهُما قادِمان مِن نفس البيئة المُتريّفة، ويَحمِلان نفس العُقد الإجتِماعِية التي تنعَكِس آثارها السِلبيّة على سُلوكِهِم ومُمارَساتِهِم عِند وصولِهم للسُلطة التي أبتليَت في عالمِنا العَربي بهذِه النماذِج الطارئة.فقد إنضَم المَدعو جواد المالكي القادِم مِن قرية جَناجة مُبَكِّراً لصُفوف حِزب الدَعوة وتشَبّعَ بأفكاره الطائِفية الشُمولية، وبَعد فراره مِن العراق هَرَباً مِن بَطش صَدام حسين بمُعارضيه وعلى رأسِهم أعضاء حِزب الدَعوة الذي كان حَليفاً لإيران التي كانَت تَخوض حَرباً توَسّعية ضَروس ضِد العراق، أصبَح المالكي مَسؤولاً عَن ذِراع الحزب العَسكرية وتنظيمات الداخِل المُرتبطة بها، وبَقيَ مُتنقِّلا بين سوريا ولبنان حتى سُقوط نِظام صَدام وعَودَتِه للعراق نائِباً للجَعفري الذي كان رَئيسا لحِزب الدَعوة لحين إنقلاب المالكي عَليه يَوم كان رَئيساً للوزراء، ليُصبح بَين يَوم وليلة رئيساً للحِزب ولوزراء العراق، وهو واقِع أشبَه بالحُلم بالنِسبة لمَغمور كالمالكي بدَأت إنعكاساتِه تظهَر شَيئاً فشَيئاً على تصَرفاته وسلوكياته الهستيرية خُصوصاً في الفترة الآخيرة.
تأريخ دَمَوي بالجَناح العَسكري لحِزبه سَوّد قلبه ومَوت ضَميره، تأريخ تآمُري في أروقة حِزبه أنتهى بتنحِية رئيس الحِزب وتوليه للرئاسة بَدلاً عَنه، خِداعَه للشُركاء وقت الضُعف وإنقلابه عَليهم وقت القوة، تمَسّكِه بالسُلطة بشَتى السُبُل وتصريحه عَلناً بعَدم إعطائها مُستقبلا، التفافِه على الدُستور وسَرقتِه لفوز العراقية بالإنتِخابات الأخيرة عِبر تحالفه بَعد صُدور نتائِجها مَع كتل أخرى ليُصبح الكتلة ألأكبر، إختِزاله للدولة بشَخصِه وبحِزبه عِبر السَيطرة على مُؤسّساتِها السِيادية وأجهزتِها الأمنية وهَيئاتِها المُستقِلة، قوّات عَمَليات أمنيّة خاصّة تأتمِر بأمره فقط يُحَرّكها كيفَما يَشاء شَبيهة بالحَرَس الخاص لصَدام، مِهرَجات شُعراء شَعبيين ووعّاظ سَلاطين تُطبّل وترَوّج له، لقائاتِه بإعلامِيين ومُثقفين ووجَهاء مُجتمَع ورجال عَشائِر وضَمِّهم لبطانتِه، تصريحات نارية وإفتِعال أزمات بَين حين وآخر للتغطية على الفشَل. كل هذه وأكثر تُمَثل مَحَطات مِن سيرة المالكي خِلال ثَمان سنوات مَضَت وما قبلها، تذكرنا بمَحَطات مُشابهة لها في سيرة صَدام إنتهَت به طَريداً ثم مُعلقا بحِبال مشنقة، فهَل سَيَتّعِظ المالكي أم سَيَمضي قدُماً حَتى يَصِل لنفس المَصير أو رُبّما أسوَء؟ خُصوصاً مَع وجود بَطانة السوء وجَيش الوعّاظ الذي يُسَبّح بحَمدِه ليل نَهار كما كان يَفعل المُتمَلقين لصَدام وكأن التأريخ يُعيد نفسَه. فمُنذ تولي المالكي رئاسة الوزراء لدَورة ثانية، وشُعور البَعض بأنه بَدأ يُثبّت خُطواتِه بالسُلطة، وبأنه لن يَترُكها كما صَرّح بأحَد لقائاتِه العَشائِرية الشَبيهة بتلك التي كان يُنظِّمُها صَدام، بَدأ ساسة ومُثقفون نفعِيّون يُطلِقون عَلى الرَجُل نُعوتاً خارقة لدَغدَغة نَرجسيّة ونزوع للسُلطة بَدأ يَظهَر لديه بهَدَف حَجز مَقعَد لهُم بالصُفوف الأولى لبطانتِه الفاسِدة التي بَدَأت تتسّع يَوماً بَعد آخر. فالمالكي لايُدير دكتاتورية بمُفرده، وإنّما بجَيش مِن الأتباع مِن حِزب الدَعوة وغَيره، بَل حَتى مِن بَعض أعضاء حِزب البَعث الذين أستبدَلوا الشوارب والزيتوني باللحية والجُبّة والعَمامة والمَحابس.
لم يَعُد الحَديث عَن دكتاتورية المالكي المُتغوّلة سِراً أو حَديثاً مُقتصِراً على مُعارضيه، خُصوصاً بَعد أن بَسَط نفوذه على أغلب أجهزة الدولة ومُؤسّساتِها وأبعَد خُصومَه ومُنافسيه بالتصفِية السياسية والجَسدية أحياناً. فقد باتَ واضِحاً أن خُطوات المالكي الدكتاتورية بالحُكم شَديدة الشَبَه بما خطّه صَدام قبله بعُقود، ولاغَرابة فمِن أين له أن يَتعَلم غير ذلك وأن يَختط لنفسِه خُطوات غَير التي سَبَقه اليها صَدام؟ هل مِن مُؤسّسات دولة مُنظمة البَعث السِرّية التي نشَأ فيها؟ أم مِن مَدرسة حِزب الدَعوة التي إنظَم لها شاباً وتشَبّع بأفكارها الطائِفية الشُمولية؟ أم مِن البيئة البَدَوية لقريَته جَناجة التي تختزل العالم بأجوائِها الصَغيرة الضيقة؟ فالإناء يَنضَح بما فيه وإناء المالكي لايُمكن أن يَنضَح بغير ما نشَأ وترَبّى عَليه في هذه المَحَطات الثلاثة مِن حَياته. الخطير هو إن ما يَقوم به المالكي اليوم هو مَأسَسة لدكتاتورية طائِفية أسوَء مِن الدكتاتورية العَلمانية التي سَبَق وأسّسَها صَدام خلال سَنوات حُكمِه الثلاثين، خُصوصاً أن الحَديث عَن مَفاهيم الديمقراطية وحُقوق الإنسان قد بَدأ يَخبوا ويَغيب في بلاد تبدو تركيبَتها السِياسية والإجتِماعية أبعَد ما تكون عَن مُمارَسة الديمقراطية بشَكلها الواعي الحَضاري.
يَقول المَثل العِراقي.. "يا أم حسين، كنا بواحِد صِرنا بأثنين" وهو يَنطبق الآن على حال العراق. فبَدل دكتاتورية عَلمانية، هنالك اليوم دكتاتورية إسلاموية طائفية راديكالية. وبَدل دكتاتورية تعُد أنفاس مُواطِنيها وتضطَهدَهُم على توجّههم السياسي فقط، هنالك اليوم دكتاتورية تعُد أنفاس مُواطِنيها وتضطَهدَهُم على توَجّههم السياسي وإنتِمائِهم المَذهَبي ونَشاطِهم الثقافي، إضافة لطَريقة مَلبَسِهم ومَأكلهم وتسريحة شَعرهِم وأدَق تفاصيل حَياتهم. إنها دكتاتورية قد تُعَمر لفترة أطول مِن التي سَبَقتها،لأنها إستفادت مِن تَجارُبها وطَوّرَت مِن أساليبها ووَظفت لبَقائِها أسباباً لم تكن مَوجودة في مَن سَبَقتها مِن الدكتاتوريات، وما يَحدُث اليوم في العراق خَير دَليل على ذلك، فطَريقة تعامُل المالكي مَع التظاهُرات التي بَدأت تعُم المُحافظات العراقية مُؤخراً ورُدود أفعالِه وتصريحاتِه الهستيرية والمُتشَنِّجة تِجاهَها تُرينا بوضوح لا يَقبَل اللبسَ والتأويل بأننا قد ودّعنا دكتاتورية صَدام حسين البائِدة، ونَعيش اليوم تجَليات دكتاتورية خَلفِه جواد المالكي الصاعِدة التي يَتوَجّب على عُقلاء العراقيين مُحارَبَتها وإقتلاعها من جُذورها قبل أن ترَسّخ هذه الجُذور عَميقاً في تُربة العراق التي لطالما كانَت خَصِبة ببُذور الدكتاتورية.



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- طيور ظلام الإسلام السياسي على أشكالها تقع
- المَركز والاقليم.. ومُقايَضة المالكي للدَم العراقي بكُرسي ال ...
- نوري سَعيد أفندي البغدادي.. سيرة عَطِرة
- هل إن الحل هو في تغيير الأنظمة العربية أم في إصلاح الشعوب ال ...
- جيل فريد ولكن.. بلا مَلامِح
- التيار الديمقراطي العراقي والإحتفال بإنقلاب 14 تموز .. ألمان ...
- ما هي قصة عِبارة (الشعب يُريد إسقاط النظام) ؟
- أزمة الأحزاب العراقية بين إرث تحالفاتها السابقة و واقع بناء ...
- المُتّهَم الأول محمد حسني السَيّد مبارك... أفندم أنا موجود
- القائمة العراقية رمز للمَشروع الوطني الليبرالي المَدني في ال ...
- السيناريو المُتوَقّع لإنتخابات العراق عام 2014
- ثورات الربيع العربي أم غزوات الظلام العربي ؟
- الشعوب العربية بين الخروج مِن حُفرة حُكامها والسقوط في هاوية ...
- عُقدة البعث وفزّاعة عودته للسُلطة
- ساسة العراق الجديد، سَبع صَنايع والبَخَت مَضايع
- أنها الثورات الرَعناء لا فخر وما غير هذا مِنها يُنتظر.. ليبي ...
- ثقافة الرقيب ودورها في تسطيح ثقافة و وَعي الشارع العراقي
- ساحة التحرير بين التظاهرات الشعبية والمَسيرات الحكومية
- 14 تموز، نراه إنقلاباً وجريمة ويرونه إنجازاً وثورة، وبيننا و ...
- إنهيار أنظمة الشرعية الثورية الجمهورية وصمود أنظمة الشرعية ا ...


المزيد.....




- مصدر إسرائيلي يعلق لـCNN على -الانفجار- في قاعدة عسكرية عراق ...
- بيان من هيئة الحشد الشعبي بعد انفجار ضخم استهدف مقرا لها بقا ...
- الحكومة المصرية توضح موقف التغيير الوزاري وحركة المحافظين
- -وفا-: إسرائيل تفجر مخزنا وسط مخيم نور شمس شرق مدينة طولكرم ...
- بوريل يدين عنف المستوطنين المتطرفين في إسرائيل ويدعو إلى محا ...
- عبد اللهيان: ما حدث الليلة الماضية لم يكن هجوما.. ونحن لن نر ...
- خبير عسكري مصري: اقتحام إسرائيل لرفح بات أمرا حتميا
- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مصطفى القرة داغي - العراق.. مِن دكتاتورية صَدام البائِدة الى دكتاتورية المالكي الصاعِدة