|
العراق .. دولة العشائر
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3965 - 2013 / 1 / 7 - 10:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عدة أسباب أدتْ الى تفاقم دَور العشائر ، في المشهد السياسي العراقي ، في السنوات الأخيرة .. بعض هذه الأسباب ، جزء من ميراث المرحلة السابقة ، وبعضها الآخر من إفرازات ما بعد الإحتلال . وفي جميع الأحوال ، فأن بروز الدَور العشائري ، في مُجتمعٍ ما ، دليلٌ على وجود خللٍ في تركيبة الدولة ، وضعف الشعور بالمواطنة الحقة ، وغياب القانون . إذ ان الفرد ، عندما ييأس من حصولهِ على حقوقه ، من خلال مؤسسات الدولة الشرعية .. فأنه يلجأ مُضطراً الى الإستعانة بالإنتماءات الفرعية ، من أجل حمايتهِ والحصول على حقوقه .. وفي مُقدمة هذه الإنتماءات ، هي العشيرة . ومن مَظاهر تَخّلُف العملية السياسية الجارية اليوم في العراق .. هو تكالب الأحزاب المُسيطرة على السلطة ، منذ عشرة سنوات ، على كَسب وِد العشائر وشراء ولاءها ، مُقابل التنازُل عن كثير من مقومات الدولة الحديثة ! . حيث دأبتْ هذه الأحزاب ، على عقد مؤتمرات عشائرية باذخة وكيل المديح المنافق لرؤساء العشائر وإضفاء صفاتٍ سامية عليهم ، بل ودفع مبالغ طائلة لهم ، من اجل تأمين أصواتهم في الإنتخابات .. كُل ذلك بتمويل من هذه الأحزاب الحاكمة ، المتحكمة بالأموال العامة العائدة للدولة . فعلَ ذلك منذ البداية وبشكلٍ واسع ، حزب الدعوة الإسلامية بقيادة المالكي .. ثم الأحزاب الأخرى الدائرة في فلكه .. وبالمُقابل ، لم تتواتى الأحزاب والحركات السُنية إذا جاز التعبير ، عن إستخدام الورقة العشائرية ، من أجل حشد التأييد والمُساندة . المالكي ، إستغَلَ ( الصحوات ) العشائرية ، التي صرف عليها ببذخٍ كبير ، من الخزينة العامة ، وجّيرها لمصلحته الخاصة ومصلحة حزبه ... وإستمر لسنواتٍ في رعاية وتمويل المؤتمرات العشائرية الكبيرة ، وقام بحجة مُحاربة الإرهاب ، بتسليح العشائر ( التي ضَمَنَ الحصول على تأييدها تقريباً ) في الانبار وصلاح الدين ونينوى وأطراف بغداد وديالى ومحافظات الجنوب والوسط ، ثم ساعد وضغط بعدها ، على ضَم معظم هذه الصحوات الى الجيش والشرطة. النُجيفي في الموصل ، ومنذ 2004 ، عقد مؤتمرا عشائريا ضخماً ، دعا فيه الكثير من رؤساء العشائر في الجنوب والوسط ، وبتمويل تركي على الاغلب، تحت يافطة عشائر آل مخزوم التي أرجع منبته فيها ، الى خالد بن الوليد ! .. وكانتْ نقطة إنطلاق النُجيفيين ، المغمورين " سياسياً " في السابق ، وصعودهم الصاروخي . كتبتُ مقالاً في 2009 ، أشرتُ فيه الى مجلس محافظة نينوى ، كنموذج .. بعد إنتخابات مجالس المحافظات .. حيث ان رئيس المجلس ونائبه والمحافظ ونائبه ورؤساء اللجان في مجلس المحافظة ، كُلهم من " شيوخ العشائر " والأثرياء والإقطاعيين ! . وقامتْ جموع الشعب والذين أكثرهم من الفقراء والمُعدمين والكادحين .. بإنتخاب هذه الطبقة الطُفيلية المُستَغِلة .. فيا للمُفارقة !. من الطبيعي ، ان مجلس محافظة نينوى ، ليس هو الوحيد ، على هذه الشاكلة .. فان معظم المجالس هي كذلك . وهذه الحركة الإحتجاجية الواسعة ، اليوم ، في كثير من المحافظات العراقية .. ولا سيما في الأنبار وصلاح الدين وسامراء وغيرها .. هي برعاية عشائرية صرفة .. فيوماً بعد يوم .. يبدو ان شيوخ العشائر ، هُم الذين يقودونها .. وترتفع الرايات القبلية واللافتات الناطقة بأسم هذه العشيرة وتلك .. يتصدرها أسم الشيخ بالطبع . ومن عمان في الاردن .. مروراً الى بيروت ، وصولاً الى دُبي .. حيث ينتشر " شيوخ " العشائر العراقيين ، وتواصلاً وتنسيقا مع شيوخ الداخل .. فان هذه الفترة ، هي بِحَق فترة ذهبية لشيوخ العشائر وللذهنية العشائرية !. حتى الأحزاب الحاكمة في اقليم كردستان .. تعتاش على القِيَم العشائرية بدرجةٍ او بأخرى . ................................. للأسف .. فأن ضُعف إمكانيات الأحزاب المدنية الحقيقية .. مثل الحزب الشيوعي ، والحزب الوطني والإشتراكيين العرب ... الخ . أدى الى تَرك معظم الساحة العراقية ، الى أحزاب الاسلام السياسي وشيوخ العشائر ! . وإلقاء نظرةٍ سريعة الى قوائم الإئتلافات التي سوف تخوض إنتخابات مجالس المحافظات القادمة ، وأسماء زعماء هذه الإئتلافات .. تظهر بجلاء النسبة الكبيرة ل " شيوخ العشائر " فيها .. وتشير الى المدى الذي وصلنا اليه في تراجعنا للخلف !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كردستان على ضِفتَي دجلة
-
مُظاهرات الموصل : الإسلام هو الحَل !
-
مجالس المحافظات / نينوى / إئتلاف نخوة العراق
-
ملاحظات حول مُظاهرات الأنبار
-
على هامش الأزمة
-
العراقيون : حزينون .. غاضبون
-
تحاميل
-
الفرقُ بين المالكي وسعيد قّزاز
-
صراع الديوك في مجلس محافظة نينوى
-
مجالس المحافظات / نينوى / قائمة نينوى المُوحدة
-
نحنُ في ورطةٍ حقيقية
-
إذا غابَ الطالباني عن الساحة
-
المركز والأقليم .. بينَ مَشروعَين
-
إنتخابات مجالس المحافظات ، وجيل الشباب
-
إختِطاف أبو جعفر المنصور
-
الحَرب التي لا نُريدها
-
مُجّرَد دعايات مُغرِضة
-
البلد الأول في النمو الإقتصادي
-
أكيد .. معمولٌ لنا [ عَمَل ]
-
وضع المسؤولين .. على - الصامتْ -
المزيد.....
-
فيديو غريب يظهر جنوح 160 حوتا على شواطىء أستراليا.. شاهد رد
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1000 عسكري أوكراني خلال 24 سا
...
-
أطعمة تجعلك أكثر ذكاء!
-
مصر.. ذعر كبير وغموض بعد عثور المارّة على جثة
-
المصريون يوجهون ضربة قوية للتجار بعد حملة مقاطعة
-
زاخاروفا: اتهام روسيا بـ-اختطاف أطفال أوكرانيين- هدفه تشويه
...
-
تحذيرات من أمراض -مهددة للحياة- قد تطال نصف سكان العالم بحلو
...
-
-نيويورك تايمز-: واشنطن سلمت كييف سرّا أكثر من 100 صاروخ ATA
...
-
مواد في متناول اليد تهدد حياتنا بسموم قاتلة!
-
الجيش الأمريكي لا يستطيع مواجهة الطائرات دون طيار
المزيد.....
-
في يوم العمَّال العالمي!
/ ادم عربي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|