أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم الحيدري - هاينريش هاينه روح الشعر الألماني















المزيد.....

هاينريش هاينه روح الشعر الألماني


ابراهيم الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 20:40
المحور: الادب والفن
    


في كتابه «هاينريش هاينه روح الشعر الألماني» الذي صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت 2012، يرى الباحث العراقي ماجد الخطيب، بأن أدب وشعر هاينه أثر عميقاً في الأدب الأوروبي عموماً والألماني خصوصاً في المرحلة الانتقالية بين عصري الأدب التقليدي والحديث في أربعينات القرن التاسع عشر.
كان هاينه رائد الشعر الألماني في عصر التنوير وأول شعراء الحداثة واستخدم قصائده السياسية لتحرير الإنسان وتغييره في أسلوب مشحون بمعايير جمالية عالية وعواطف جياشة مملوءة بالشك بالعالم والرامية إلى تبديد الأوهام الاجتماعية والسياسية.
ويعد هاينه شاعر الرومانسية الألمانية. وتعود شهرته لتأليفه الكثير من القصائد الرومانسية في صورة أغانٍ، والتي لحنها واستعملها عدد كبير من الموسيقيين الكبار أمثال روبرت شومان وفرانز شوبرت ويوهانس برامس وغيرهم.
وعلى رغم كونه شاعراً رومانسياً، لكنه أعلن قطيعة مع كل ما هو سطحي ومبتذل في الأدب الرومانسي. وكانت الحركة الرومانسية في ألمانيا رد فعل على الاحتلال البونابرتي والاضطهاد الفرنسي، وتعبيراً عن الروح القومية الألمانية المقهورة، وهو ما جعل أدب تلك الفترة مفعماً بالمشاعر القومية. غير أن هذه الحركة التي كانت تقدمية يوماً أصبحت رجعية مع مرور الزمن.
كما هاجم هاينه الرومانسية الساخرة واتهمها بالمراوحة في مكانها. وصنع من سخريته مبدأ لتحطيم أوهام الناس عن الواقع المنسجم الذي تدعيه الكنيسة والسلطات الإقطاعية للعالم بل بلغ في تهكمه مبلغ «الفلسفة الكلبية» بسبب رغبته عن التعبير عن تمزق الواقع وهدفه تحطيم كل بقايا العصور القديمة التي تدعي انسجام الإنسان مع نفسه ومع الكون.
يقول ماجد الخطيب إن لوكاتش شأنه شأن نيتشه يكن احتراماً وتقديراً لهاينه «وإذ رأى نيتشه في هاينه فنان اللغة الألمانية الأول فان لوكاتش رأى في سخريته ذروة نضوج أدبي لم يبلغها أي شاعر ألماني».
لكن لوكاش هاجم هاينه بلا رحمة بسبب هشاشة موقفه السياسي والشخصي وتردده في الانتقال تماماً إلى صفوف «الثورة البروليتارية» ولكنه يطري بلا حدود شاعريته ورهافة حسه وغنائيته ويقيٌم عالياً موقفه النقدي من الشعر الكلاسيكي والحركة الرومانسية ويرى في «سخريته» أساس المرحلة الانتقالية التي قادها هاينه وأدت إلى انطلاقة مرحلة الأدب الحديث. ولكنه قال أيضاً إن هاينه انتقد «الرجعية الرومانسية» في أربعينات القرن التاسع عشر وكتب أن «تأليههم للتاريخ الألماني هو تأليه لتاريخ بائس وعبودي وأن إطراء العصور الوسطى والكنيسة الكاثوليكية لا يعني سوى البحث عن الأدب البديل في أروقة الفاتيكان».
ولد هاينه في 1797 في مدينة دوسلدورف في ألمانيا وينحدر من عائلة يهودية كانت تمارس التجارة. وفي عام 1825 اعتنق البروتستانتية. تعرف خلال دراسته إلى الفيلسوف هيغل وتطورت المعرفة إلى صداقة متينة مع مر السنين. وعام 1824 زار هاينه الشاعر غوتة في فايمار.
وفي عام 1841 تعرف إلى الموسيقار الألماني ريشارد فاغنر ثم تزوج حبيبته كريسنس يوجين ميرا التي كان يسميها «ماتيلدا». وفي عام 1944 نال تقديراً بعد صدور ديوانه «قصائد جديدة» وكتابه «ألمانيا، حلم شتاء» الذي شحنه بالقصائد السياسية والأشعار الناقدة للمجتمع الألماني.
يرى أغلب النقاد الألمان أن هاينريش هاينه يقف في المنزلة الثانية بعد غوتة، أي قبل شيلر، في قائمة أعظم الشعراء الألمان ونقل عن الموسيقار الألماني ريتشارد فاغنر قوله: «قلب هاينه أرشيف المشاعر الألمانية وموهبة ندر أن انجبت ألمانيا مثيلاً لها». أما كارل ماركس فقال عن هاينه إنه «أعظم الشعراء الألمان بعد غوته».
منعت السلطات الألمانية عام 1835 كافة أعمال اليهود الأدبية، ومن ضمنها أعمال هاينه، على رغم أنه تحول إلى المسيحية قبل 9 سنوات. وأحرق الفاتيكان كتبه وعمم تعليمات على المسيحيين في أوروبا تقضي بالطرد من الكنيسة لمن يقرأ كتبه، وينشرها، وينسخها، أو يتداولها. ثم أحرق النازيون كتبه في الساحات العامة في نهاية الثلاثينات.
أصبحت الحياة تحت رقابة الدولة البروسية غير ممكنة. فهاجر عام 1831 إلى باريس ليصبح مراسلاً لصحيفة أوغسبورغر الغيماينة تسايتونغ. وفي عام 1836 نال من الحكومة الفرنسية تصريحاً بالإقامة وتوفير الحماية له. ويعود إليه الفضل في ابتكار صفحة الأدب والفن التي عمت في ألمانيا لاحقاً اسم «فويليتون».
استقر في باريس وتعرف إلى فيكتور هيغو وأونوريه دي بلزاك وصادق كارل ماركس وارتبطا بصداقة وطيدة. وفي هذه الفترة ظهرت لأول مرة في كتاباته في صحيفة اغسبورغر مصطلحات جديدة من قبيل «رأس المال» و «فائض القيمة» و»البروليتاريا». كما كتب عن أحداث ثورة فبراير الفرنسية. كما أثر هاينه في الشعر الفرنسي الحديث عندما نقل معه الرومانسية الألمانية إلى فرنسا. فالشاعر الفرنسي شارل بودلير قال: «لا تملك فرنسا المسكينة اليوم سوى شعراء قلة لكن لا أحد منهم يقارن بهاينريش هاينه». أما الروائي أونوريه دي بلزاك فقال إنه «جسّد في باريس روح الشعر الألماني كما جسّد في ألمانيا روح النقد الفرنسية البناءة».
تأثر هاينه بالشرق فكتب ديوانه «كتاب الأغاني»، مثلما تأثر الشاعر الألماني غوته به فكتب «الديوان الشرقي-الغربي». فكلاهما اعتبر الشرق منهلاً للأفكار والعوالم السحرية الجميلة التي يمكن أن ترفع الشعر الألماني الكلاسيكي إلى سموات جديدة.
قرأ هاينه تاريخ الشرق والمسلمين بنهم وتولع بآدابهم وحضارتهم وتعرف إلى كتاب الأغاني للأصفهاني والمعلقات السبع ومقامات الحريري وقصائد الفردوسي وقصص ألف ليلة وليلة وغيرها حتى لقبه البعض بـ «الشرقي». وكان له شوق لرؤية الشرق وتمنى لو أنه عاش فيه. وإذا تعذر عليه الذهاب إلى الشرق، فقد هرب إليه عن طريق التشبع بالثقافات الشرقية. في عام 1821 كتب هاينه «تراجيديا المنصور»، تلك المسرحية الجريئة التي تصدت للكتابات التي مجدت انتصار الصليبية في الأندلس ورسم شخصياته مصوراً فيها اضطهاد المسلمين من قبل الغرب المسيحي في الأندلس بروح شرقية المشاعر والأحاسيس.
والمسرحية مشحونة بالعناصر التي تكون مضمون الحكاية الشرقية القديمة: قصة حب عنيف بين المنصور بن عبد الله وحبيبته سليمى بنت الطيب علي. وهي أشبه بقصة مجنون ليلى على أرضية الاضطهاد المسيحي للمسلمين بعد سقوط غرناطة في الأندلس، وموت مأسوي على طريق «روميو وجوليت»، ومقاومة سرية للإسبان وصراع تناحري بين واقعية الغرب المسيحي ورومانسية الشرق الأندلسي، مع تفاصيل دقيقة عن حياة المسلمين في الأندلس وطريقة تفكيرهم وتقاليدهم.
أصيب هاينه عام 1837 بمرض خطير في عينيه وتدهور وضعه الصحي عام 1845 وقضى معظم حياته بعدها في الفراش الذي سماه «السرير القبر». وكتب عام 1850 «في سرير القبر». وافاه الأجل بعد رحلة عذابات طويلة يوم 17 فبراير 1856 ودفن في مقبرة مونمارتر الباريسية. وتشي فحوصات طبية أجريت على خصلات من شعره عام 1997 باحتمال موته مسموماً على أيدي جواسيس الدولة البروسية.



#ابراهيم_الحيدري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل اصبح العرف العشائري بديلا للقانون؟
- النزعة التنويرية في فكر المعتزلة
- عمانوئيل كانت : مبدأ التنوير ، - كن شجاعا واستخدم عقلك بنفسك ...
- النظام الأبوي/البطريركي وتشكيل الشخصية العربية
- خطر تنامي القبيلة والطائفة في العراق
- البداوة المقنعة
- الاختلافات والفروق البايولوجية والاجتماعية بين الرجل والمرأة
- الامزونيات الليبيات، اقاموا أول حكومة للنساء في العالم
- استلاب الانوثة
- هل الأنثى هي الاصل ؟
- حنا بطاطو وتحليل الطبقات الاجتماعية في العراق
- العولمة والمرأة في مجتمع الخدمات الجديد


المزيد.....




- -كائناتٌ مسكينة-: فيلم نسوي أم عمل خاضع لـ-النظرة الذكورية-؟ ...
- مصر.. الفنان بيومي فؤاد يدخل في نوبة بكاء ويوجه رسالة للفنان ...
- الذكاء الاصطناعي يعيد إحياء صورة فنان راحل شهير في أحد الأفل ...
- فعالية بمشاركة أوباما وكلينتون تجمع 25 مليون دولار لصالح حمل ...
- -سينما من أجل غزة- تنظم مزادا لجمع المساعدات الطبية للشعب ال ...
- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...


المزيد.....

- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو
- الهجرة إلى الجحيم. رواية / محمود شاهين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ابراهيم الحيدري - هاينريش هاينه روح الشعر الألماني