أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الفطنة العاطفية














المزيد.....

الفطنة العاطفية


عائشة خليل

الحوار المتمدن-العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 02:38
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


منذ سنوات عديدة اعتل ابني بنزلة برد حادة مما يلتقطه الأطفال بكثرة من المدرسة أثناء فصل الشتاء البارد، ولمدة يومين قاومت محاولات العائلة في الذهاب به إلى الطبيب، فقد كان مريضًا، غير أنني اعتقدت أن أدوية البرد العادية (والموجودة بكثرة لدى أية عائلة بها أطفال) سوف تقوم بمفعولها، وسوف يتحسن، فأنا لست ممن يسعون إلى الأطباء من أول وهلة. ولكنني في اليوم الثالث ذهبت به إلى الطبيب الذي سألني: ما به؟ فأجبته إنه متعرض لنزلة برد منذ يومين، ولكنه اليوم ليس على ما يرام. واعتقدت أنه سوف يؤنبني كما هي عادة الأطباء في إلصاق الإهمال بالأمهات. ولكنه ابتسم وروى لي حكاية مفادها أنه عندما كان طالبًا بكلية الطب حضر البروفسور إلى قاعة المحاضرة وكتب جملة قصيرة على السبورة: "الأم دائمًا على حق" ثم تناول حقيبته وهم بالخروج، فسأله الطلبة ماذا يعني بما كتب، فقال لهم: هذه الجملة هي محاضرة اليوم، ولا أريد أن أضيف شيئًا اليوم، اذهبوا إلى بيوتكم وتذكروا أن الأم دائمًا على حق. وأضاف الطبيب إنه يتفهم ما أقول فبما أنني قلت إن الطفل ليس على ما يرام اليوم، فلابد أنني لاحظت تغير ما حتى وإن لم أستطع وصفه.
تذكرت هذه الواقعة وأنا أقرأ عن نظرية "وجهة النظر" لدى النسويات، والتي تقول بأن لدى النساء وجهة نظر فيما تمر به من أمور الحياة، ليست بالضرورة موضع بحث علمي لدى علماء الاجتماع الذين تمحورت دراستهم حول الذكور في المجتمع، وأهملوا نساءه، حتى جاءت النسويات بنظرية "وجهة النظر" النسوية تلك فبدأن بدراسة النساء ومشاغل حياتهن وأدمجن التجارب الشخصية للنساء وأخضعنها للبحث والدراسة. فكان من نتاج ذلك أن تحدثن عن "الفطنة العاطفية" والتي تحدثت عنها بالأخص آلسن جاجار، فقالت إن النساء ينمين الفطنة العاطفية من خلال أدوار الرعاية المفروضة مجتمعيًا عليهن، فيطورن مجموعة من المهارات التي تلائم تلك الأدوار والمهام. فالفطنة العاطفية لدى جاجار هي مقدرة خاصة في قراءة وتفسير الألم والعواطف المخبئة وفهم تكوين تلك العواطف. ولعل تذكري لما أملاه البروفسور على طلابه من أن الأم دائمًا على حق، هو التطبيق العملي لمثل تلك الفطنة العاطفية، فالأم بحكم التصاقها الوثيق بأبنائها تستطيع أن تحدد تلك التغيرات الطفيفة التي قد لا يلحظها الآخرون.
على أن الفطنة العاطفية - كما قالت جاجار - ليست محصورة في المجال العائلي، وإن كان هذا ما أشرت أنا إليه في مستهل حديثي. فبالنسبة لجاجار تمتد الفطنة العاطفية إلى خارج الأطوار المنزلي وتطبق في المجال الاجتماعي، ولها العديد من التطبيقات: فيمكن تطبيقها في علم الاجتماع، والفلسفة، وعلم النفس، ولعل أفضل تطبيق لها هو في المجال السياسي. فالفطنة العاطفية تمكن النساء من التكيف الأفضل في المواقف المختلفة، بحيث يستشعرن الخطر أو الظلم أو غياب العدالة، وبهذا تكون السيدات أكثر تهيؤًا لكشف مثل تلك العيوب المجتمعية. فبإعطائهن المؤشر الأول أن شيئًا ما ليس على ما يرام في الوقائع المطروحة، أو في التفسير التي قد تبدو مقبولة للأشياء، تستطيع الفطنة العاطفية أن تمكن النساء من إبداء ملاحظات أولية تتحدى الأفكار السائدة للوضع القائم.
ولقد تحدثت النسويات (قبل وبعد جاجار) كثير عن عواطف النساء التى تنزلها الثقافة البطريركية السائدة منزلة متدنية مقارنة بالعقل، والذي يختص به الرجال دون غيرهم من البشر! وعملت النسويات على تشجيع النساء على الاستماع لصوت مشاعرهن أو حدسهن الداخلي. ففي الثقافة البطريركية يتم تدريب النساء على عدم الاستماع لما يشعرن به أو ما يخبرنه، ويتم استبدال حقائقهن الخاصة بصور متوهمة تملى عليهن من الخارج (أي من خارج ذواتهن) ولكن ها نحن نرى أن حدس الأم وفطنتها العاطفية تُدرس في الجامعات العالمية (كان الطبيب من جنوب أفريقيا) وتَكتب عنه النسويات نظريات. فلما لا نزال نشك في قدرات النساء على إسداء خدمات جليلة لمجتمعاتهن؟



#عائشة_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كاتب نسوي من الصين: لي شو-شين
- فرنشسكا دينيز نسوية من البرازيل
- نسوية من الهند: شريفة حامد على
- النسوية اليابانية كشيدا توشيكو
- الأدوار المرسومة اجتماعيًا
- أوباما والناخبات
- المرأة في السينما المصرية: حريم سلطان بورنجا العظمى
- الجسد في الثقافة البطريركية
- عن التحرش. على المزمار. في أمريكا!!!
- تعليم المقهورين من فريري إلى بوال
- برنامج جالز: تجربة من أفريقيا
- مجلة -مز- في الفصل الدراسي
- الرعاية المجتمعية للأمهات
- التغيرات الإيجابية في حياة اليافعات: تجربة من الهند
- الإعلانات والمعايير البطريركية المستحيلة
- النساء والنفايات
- المجتمع الذكوري: مارينا نموذجًا
- الحركة النسوية والدراسات النسوية
- إخضاع الجسد
- عقوبة التحرش بين القانون الفرنسي والمصري


المزيد.....




- “سجلي بسرعة”.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة بالبيت ف ...
- إيران - حظر دخول النساء الملاعب بعد احتضان مشجعة لحارس مرمى ...
- هل تؤثر صحة قلب المرأة على الإدراك في منتصف العمر؟
- اغتصاب وتحويل وجهة وسطو وغيرها.. الأمن التونسي يوقف شخصا صدر ...
- “الحكومة الجزائرية توضح”.. شروط منحة المرأة الماكثة في البيت ...
- جزر قرقنة.. النساء بين شح البحر وكلل الأرض وعنف الرجال
- لن نترك أخواتنا في السجون لوحدهن.. لن نتوقف عن التضامن النسو ...
- دراسة: النساء أقلّ عرضة للوفاة في حال العلاج على يد الطبيبات ...
- الدوري الإنجليزي.. الشرطة تقتحم الملعب للقبض على لاعبين بتهم ...
- ” قدمي حالًا “.. خطوات التسجيل في منحة المرأة الماكثة في الب ...


المزيد.....

- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي
- الطريق الطويل نحو التحرّر: الأرشفة وصناعة التاريخ ومكانة الم ... / سلمى وجيران
- المخيال النسوي المعادي للاستعمار: نضالات الماضي ومآلات المست ... / ألينا ساجد
- اوضاع النساء والحراك النسوي العراقي من 2003-2019 / طيبة علي
- الانتفاضات العربية من رؤية جندرية[1] / إلهام مانع


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عائشة خليل - الفطنة العاطفية