أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية















المزيد.....

يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 1144 - 2005 / 3 / 22 - 13:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بدأت كل من مصر والهند مشروعها الوطني الحديث في وقت واحد تقريبا، وانطلق المشروعان المصري والهندي من رؤية متشابهة الي حد بعيد، وربطت بين زعيمي المشروعين التاريخيين، سعد زغلول والمهاتما غاندي، ثم جمال عبد الناصر وجواهر لال نهرو، علاقات وثيقة ووشائج فكرية وسياسية حميمة، جعلتهما رمزين للعالم الثالث بأسره وبلدان عدم الانحياز وحركة باندونج.
لكن المشروع الهندي انطلق إلي آفاق رحبة وحقق نجاحات مذهلة علي اكثر من صعيد، رغم ضخامة التحديات المحلية والاقليمية، حتي بعد انتقال آل نهرو إلي الظل وخفوت المعارضة عقودا طويلة، بينما أصابت المشروع المصري »نكسات« وعثرات عديدة ليس هذا المجال الاسهاب في الحديث عنها.
وبالنتيجة تراجع الطموح المصري الي حدود بالغة التواضع لا تتناسب مع ما تملكه مصر من قدرات ومقومات ومؤهلات وإمكانيات وملكات ومزايا نسبية ومطلقة.
ولهذا.. فإننا عندما نلقي الضوء علي التجربة الهندية، في التنمية والديمقراطية، فإنما نفعل ذلك ليس فقط من باب العلم بالشيء وإنما أيضا وأساسا لنتعلم من دولة صديقة بدأت معنا تقريبا أحلام ما بعد الاستقلال عام 1947، وهو نفس العام الذي واجهتا فيه الهند تحدي انفصال جزء من شبة القارة الهندية لتتأسس عليه دولة باكستان علي أساس ديني (اسلامي)، وواجهت فيه مصر والبلدان العربية تحدي إقامة دولة إسرائيل علي ارض فلسطين وعلي أساس ديني أيضا (يهودي) وكانت الأصابع الإنجليزية هنا وهناك.
وقد عرضنا في المقالات السابقة لبعض ملامح النهضة الهندية »الشرسة« ومعدلات النمو الكبيرة والمتسارعة والخطوط العريضة للمشروع الاقتصادي الهندي الطموح الذي نجح في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب الغذائية وإنتاج فائض كبير للتصدير الذي تقوم فيه بدور بالغ النشاط والفاعلية هيئة تنمية صادرات المنتجات الزراعية والأغذية المصنعة APEDA ورئيسها النشيط والمثقف والصديق لمصر ك . س . موني.
والي جانب هذه »الثورة الزراعية« حقق الاقتصاد الهندي نجاحا غير مسبوق ومعدلات نمو كبيرة حتي بين بلدان العالم المتقدم في مجال البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات، حيث حققت الهند قفزات هائلة لمعدلات النمو سواء في الإنتاج أو التصدير خلال السنوات العشر الماضية، وتمكنت الهند بذلك من ايجاد قواعد تكنولوجية في عدد من المدن مثل بنجالور وحيدر اباد التي أصبحت لها سمعة عالمية كبيرة، بل وقامت كبريات الشركات الدولية المعروفة، مثل ميكروسوفت، بفتح فروع لها بتلك المدن.
واللافت للنظر، والمثير للإعجاب أيضا، ان الهند -في نفس الوقت الذي حققت فيه هذه »الثورة التكنولوجية«- لم تهمل القطاعات التقليدية، ومنها علي سبيل المثال قطاع الحرف اليدوية. وقد حضرت أثناء وجودي في الهند معرض الربيع للحرف التقليدية في الفترة من 25 فبراير إلي أول مارس، وهو أحد معرضين يقامان سنويا لهذا القطاع ويعقدان بانتظام منذ عام 1994، واصبحا من بين اكبر معارض الحرف اليدوية التي يتم تنظيمها في جنوب شرق آسيا.
ومعرض الربيع ليس سوي مظهر واحد من مظاهر الاهتمام الهندي بهذا القطاع، وهو اهتمام ينبع من رؤية شاملة خلاصتها ان قطاع الحرف التقليدية هو أحد أهم القطاعات الحاملة للتراث الذي يجب حمايته والحفاظ علي تقاليده العريقة وبالإضافة الي هذا المنظور الحضاري ينظر المسئولون الهنود الي قطاع الحرف علي انه يساعد علي حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للحرفيين، إذ يوفر فرص عمل لاكثر من ستة ملايين شخص يعملون في هذه الحرف من بينهم عدد من النساء والأشخاص الذين ينتمون الي الفئات الأضعف من المجتمع وبالإضافة الي إمكانيات هذا القطاع من توليد فرص للعمل فانه يكتسب أهمية اقتصادية من زاوية انخفاض رأس المال المستثمر، وارتفاع معدل القيمة المضافة والإمكانيات الكبيرة للتصدير وحصول البلاد علي عوائد بالعملات الأجنبية. فضلا عن ان هذه الصناعة كثيفة العمالة وغير مركزية، حيث تنتشر في شتي ربوع الهند ومناطقها الريفية والحضرية علي حد سواء.
ومع ذلك فان المسئولين الهنود يرون أن قطاع الحرف مازال يحتاج إلي مزيد من الاستكشاف لمناطق توجد بها إمكانيات غير مرئية بعد وكنوز لاتزال مخبوءة.
ويري المسئولون الهنود ان الستة ملايين شخص العاملين في هذا المجال والذين يشكلون العمود الفقري للصناعة الحرفية يمتلكون مهارات وتقنيات وتقاليد حرفية موروثة تتناقلها الأجيال قد تكون كافية للمرحلة السابقة لكن السوق العالمي المتغير يستوجب تقديم دعم مؤسسي لهؤلاء الحرفيين اليوم حتي يكونوا علي مستوي يسمح لهم بالتنافس مع نظرائهم في الصين وكوريا وتايلاند.. الخ.
وبهذا الصدد تم إنشاء مجلس تنمية صادرات الحرف EPCH كمنظمة غير هادفة للربح.. وتعمل بتنسيق واضح مع الحكومة من أجل تنمية صادرات الهند من المشغولات الحرفية وترويج صورة الهند في الخارج كمصدر يعول عليه للسلع والمشغولات الحرفية وهذا المجلس قام بإنشاء البني الأساسية الضرورية، كما قام بتوفير التسويق والمعلومات اللازمة للمصدرين والمستوردين، كما يقوم بتوفير الخدمات والنصائح المهنية للأعضاء في مجال تطوير التكنولوجيا وزيادة الجودة وتحسين التصميم والمعايير والمواصفات والابتكار، وتنظيم زيارات الوفود من أعضائه للخارج لاستكشاف فرص الأسواق بالعالم الخارجي ، والمشاركة في المعارض التجارية الدولية المتخصصة، وتنظيم معارض الحرف والهدايا في نيودلهي، وتحقيق التفاعل بين جماعة المصدرين وبين الحكومة سواء علي مستوي الحكومة المركزية أو حكومات الولايات.
ونتيجة لهذا النشاط المنهجي ازدادت حصيلة صادرات المشغولات الحرفية (فيما عدا السجاد اليدوي) من 387.00 كرور عام تأسيس مجلس تنمية صادرات الحرف (1986) إلي 10465.14 كرور روبية عام 2003/2004 ( الكرور = 10 ملايين).
وقد تذكرت الفنان التشكيلي عز الدين نجيب الذي ينحت في الصخر من اجل الدفاع عن الحرف المصرية المهددة بالانقراض. وقام بتأسيس جمعية »أصالة« من اجل هذا الغرض. وبدد سنوات عديدة من عمره -كان يمكنه تكريسها للإبداع الفني- للدفاع عن وجود »أصالة« ذاتها، ثم الدفاع عن أهدافها، أو علي حد قوله هو للدفاع عن »العملاق الأخرس المقيد«.. فذلك هو حال قطاع الحرف التقليدية في مصر.. قوة اقتصادية واجتماعية وثقافية هائلة .. تمتد علي بقاع الوطن وأطرافه النائية من جهاته الأربع ، وتقوم علي مخزون حضاري يمتد الي آلاف السنين.. يميز ملامح هوية شعبنا وسط الأمم والشعوب، جدير بأن يضيف علينا ميزة تنافسية في السياحة والمعارض الخارجية.. لكنها قوة مقهورة بأنواع شتي من القيود، قوة بلا صوت تعبر به عن شئونها ومطالبها، فلا نقابة لها ولا رابطة ولا اتحاد ولا مجلة أو حتي نشرة تحمل صرخات استغاثة عشرات الآلاف من العاملين فيها لإنقاذهم مما يعانونه من تجاهل وحرمان وانسداد لمنافذ التجارة.
ورغم الدور المشكور الذي تقوم به جمعية »أصالة« بهذا الصدد فان الفنان التشكيلي المناضل عز الدين نجيب يعترف بأن إنقاذ هذا »العملاق الأخرس المقيد« أكبر من طاقة جمعية أهلية صغيرة تسعي هي بدورها للحصول علي مكان لنفسها تحت الشمس. أن النهوض بهذا العملاق يتطلب جهوداً بقدر حجمه، من جميع الجهات والقوي المخلصة لنهضة هذا الوطن، من مؤسسات المجتمع المدني والهيئات الحكومية والتشريعية سواء بسواء.
ويصرخ عز الدين نجيب في البرية محذرا من أن الحرف التقليدية ليست مثل الآثار التاريخية.. نتاجا يحفظ في المتاحف، بل يعيش ويتجدد وسط البشر وعبر حياتهم اليومية، ولذلك فان تدهورها وانسحابها من هيكل البناء الاجتماعي والاقتصادي لا يعني جمودها فحسب، بل يعني موتها واندثارها كأي كائن حي تحجب عنه مقومات الحياة، وهذا هو ما يهدد بالفعل العديد من الحرف التقليدية، التي اندثر بعضها حتي بغير توثيق لآثاره النادرة، وبعضها الآخر بات قاب قوسين او أدني من الاندثار.
والسؤال الآن.. بعد أن استمعنا الي صيحات الفنان عز الدين نجيب الملتاعة.. هل يمكن ان نستفيد من التجربة الهندية.. وغيرها من التجارب الحية.. التي جعلت الهند -كنموذج مبهر- تحافظ علي حرفها التقليدية في نفس الوقت الذي تحقق فيه ما يشبه المعجزة في البرمجيات والتكنولوجيا فائقة التقدم ؟!



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل تحتل الأرض التى ينسحب منها -التنابلة- العرب .. فى ال ...
- الوطن اكبر من الاقتصاد .. والمواطن ليس مجرد مستهلك
- أحوال أكبر ديمقراطية في العالم
- باب الشمس ) اهم من المكاتب الاعلامية .. ومقررات التاريخ المي ...
- »ملاسنة« بين أصحاب المعالي
- -يد- أبو الغيط.. و-جيب- السادات
- ! شعار البنوك المصرية : حسنة وأنا سيدك
- لمن تدق الأجراس فى بلاد الرافدين؟
- اغرب انتخابات فى التاريخ
- !عـــدلى .. ولينين
- برلمان العرب .. كوميديا سوداء
- ديمقراطية .. خلف القضبان !
- رجل الأعمال يحاور.. ورئيس التحرير يحمل مقص الرقيب
- لا يموت الذئب .. ولا تفنى الغنم !
- حرب عالمية ضد إرهاب الطبيعة
- إعادة انتخاب بوش أخطر من انفلاق المحيط الهندى
- !الأعمى الإنجليزى .. والمبصرون العرب
- الإعلام.. قاطرة الاستثمار
- ! الحكم فى نزاع -جالاوى- و -ديلى تلجراف- .. يديننا
- مفارقة -مادونا- الأمريكية .. و-وفاء- المصرية


المزيد.....




- مصدر عراقي لـCNN: -انفجار ضخم- في قاعدة لـ-الحشد الشعبي-
- الدفاعات الجوية الروسية تسقط 5 مسيّرات أوكرانية في مقاطعة كو ...
- مسؤول أمريكي منتقدا إسرائيل: واشنطن مستاءة وبايدن لا يزال مخ ...
- انفجار ضخم يهز قاعدة عسكرية تستخدمها قوات الحشد الشعبي جنوبي ...
- هنية في تركيا لبحث تطورات الأوضاع في قطاع غزة مع أردوغان
- وسائل إعلام: الولايات المتحدة تنشر سرا صواريخ قادرة على تدمي ...
- عقوبات أمريكية على شركات صينية ومصنع بيلاروسي لدعم برنامج با ...
- وزير خارجية الأردن لـCNN: نتنياهو -أكثر المستفيدين- من التصع ...
- تقدم روسي بمحور دونيتسك.. وإقرار أمريكي بانهيار قوات كييف
- السلطات الأوكرانية: إصابة مواقع في ميناء -الجنوبي- قرب أوديس ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد هجرس - يد تقود ثورة البرمجيات .. ويد تحمي الحرف التقليدية