أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أنا موجود إذاً الله موجود














المزيد.....

أنا موجود إذاً الله موجود


عبد المجيد إسماعيل الشهاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3963 - 2013 / 1 / 5 - 14:16
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


حين قال ديكارت "أنا أفكر إذاً أنا موجود" كان يريد أن يثبت الارتباط والتلازم الأزلي بين الوجود المادي للإنسان وبين الوعي (الفكر) بنفس هذا الوجود، ويظهر الأهمية العظمى لإدراك الإنسان لحقيقة وجوده. بتعبير آخر، ربما كان ديكارت يريد أن يقول أن لا يكتمل وجود حقيقي للإنسان من دون تحقق شرطين أساسيين: (1) الوجود المادي الفعلي، ثم (2) الوعي بهذا الوجود والتفكير فيه؛ لا يمكن أن تكتمل الحقيقة الإنسانية بالوجود المادي (الجسد) فقط، لابد من وعي (روح) أيضاً. في تعبير ثالث، الوجود الإنساني الفعلي مؤلف حقيقة، أو هكذا نتصور، من مادة وروح معاً، لا انفصال أبداً بينهما وإذا زالت إحداهما زالت معها الأخرى بالضرورة. لا مادة دون روح، ولا روح دون مادة، ومن العبث الحديث عن أي منهما بمعزل عن الأخرى. الإنسان (وكل كائن حي آخر) = مادة (جسد) + فكر (روح).

أنا هنا أدعي أن هذا الارتباط الأزلي وغير المنفك أبداً بين الوجود الفعلي من جهة وبين الوعي به والتفكير في تلبية احتياجاته من الجهة الأخرى ينتج عنه ارتباط أزلي وغير منفك أبداً أيضاً بين جوهر هذا الوجود الفعلي من جهة وبين جوهر الوعي به والتفكير فيه من الجهة الأخرى. بلغة التشبيه، الوعي هو صورة مرآه للوجود. وعي (فكر، روح) الإنسان هو صورة مرآة لوجوده (جسده) المادي الفعلي في الواقع ومتطلبات هذا الوجود (الجسد). من هذا، كما أن لكل كائن حي وجود (جسد) مختلف، يكون له وعي (فكر، روح) مختلف بالضرورة؛ ومن ثم هناك اختلاف قاطع بين فكر وسلوك كل من الأسد والإنسان في إشباع متطلبات وجودهما بالنظر إلى الاختلاف القاطع أيضاً في البناء المادي (الجسدي) الفعلي ومتطلباته لكل منهما.

أنتقل الآن إلى بيت هذه الكتابة والسابقة عليها فوراً. كل ما ينسب ولا يزال ينسب إلى الله (والآلهة) سواء في وصفه لذاته، أو وصفه وخلقه وحكمه للكون والبشر، هو "وعي إنساني" خالص. لا حرف من كلمة أو من معنى نسبه أو ينسبه الإنسان إلى الله (الآلهة) وشريعته لم يكن أو ليس بشرياً كله. كل الكتب الدينية والشرائع المستمدة منها بشرية، حرفاً ومعناً. النصوص الدينية كلها وعي إنساني. بالتأكيد لو كان للأسد تصور عن إله وشريعة منه لكان غير إله الإنسان، وشريعته مختلفة. الإنسان نفسه في العصور والبيئات المختلفة له تصورات مختلفة للآلهة، بقدر المتطلبات المختلفة للعصر والبيئة المختلفة. في قول آخر، كافة الشرائع المنسوبة إلى السماء والآلهة هي عبارة عن وعي وتفكير بشري صورة مرآة للوجود البشري والكوني، من منظور إنساني بحت.

هكذا إذا استبعدنا الوعي الإنساني من الكتب والشرائع السماوية، لا يتبقى شيء آخر على الإطلاق، لا حروف ولا معاني؛ لأن هذه كلها هي من إنشاء البشر وموجهة لخدمة أغراض إلى البشر. أو يمكن القول، باختصار، أن الله الذي يعرفه الإنسان هو من خلق وعي الإنسان ذاته. أو، لمزيد من الإيضاح، يمكن القول أن الله الذي يعبده الإنسان هو من خلق روح الإنسان ذاته. أو، لإيضاح أكبر، لا وجود لله كما يعرفه ويعبده الإنسان من دون وجود الإنسان ذاته أولاً، ومن دون وعي الإنسان بوجوده هذا ثانياً، ثم ثالثاً من وعيه هذا ينشئ الإنسان بنفسه لنفسه خالقه ومعبوده، على صورة مثالية منشودة من نفسه أيضاً.

هل، بخلاف الله الذي من صنع وعي الإنسان، لا يوجد حقيقة خالق وإله مستقل للكون والإنسان؟ هذه مسألة أخرى، ومعالجتها تقع أبعد من وعي الإنسان.



#عبد_المجيد_إسماعيل_الشهاوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا موجود، الله موجود؟
- والله لا يتكلم
- المعنى بين النص والواقع
- لغة البهائم والبشر
- لأن الله معهم
- الشعب والنخبة والحاكم بين الديكتاتورية والديمقراطية
- الإخوان لا يهزمون أبداً بالوسائل الديمقراطية
- الدستور أو الشريعة
- حتى لو خلعت ملابسها في ميدان عام
- اصرفوا رئيس اليمين الباطل
- رئيس في الهواء
- عندما يعتلي الإله سدة الحكم
- كذلك الكلاب تتزوج أفضل من البشر
- في وحدانية وسماوية الجسد والمرأة
- سيدنا الشيخ بديع مع سيدنا الولي مرسي
- في فلسفة الدستور (عبثية المادة الثانية)
- الدين والديمقراطية والديكتاتورية الإسلامية
- في فلسفة الدستور
- العلماء الكهنوت
- وكذب القرآنيون-3


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص
- آراء سيبويه النحوية في شرح المكودي على ألفية ابن مالك - دراس ... / سجاد حسن عواد
- معرفة الله مفتاح تحقيق العبادة / حسني البشبيشي
- علم الآثار الإسلامي: البدايات والتبعات / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبد المجيد إسماعيل الشهاوي - أنا موجود إذاً الله موجود