أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الحزب الشيوعي اليوناني - بعض مسائل استراتيجية الحركة الشيوعية المستقاة من تجربة الحزب الشيوعي اليوناني















المزيد.....



بعض مسائل استراتيجية الحركة الشيوعية المستقاة من تجربة الحزب الشيوعي اليوناني


الحزب الشيوعي اليوناني
(Communist Party of Greece)


الحوار المتمدن-العدد: 3963 - 2013 / 1 / 5 - 11:40
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    



مقال يكتبه يورغوس مارينوس، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية في الحزب الشيوعي اليوناني، لمجلة MARXISTISCHE BLÄTTER.

في الحقيقة، يَتطلب تطرُّقنا لمشاكل معقدة تشغل الحركة الشيوعية و العمالية وخصوصا تلك المتعلقة باستراتيجية الأحزاب الشيوعية و سياسة التحالفات، رفع مستوى النقاش الإيديولوجي - السياسي في قضايا تُسجَّل تجاهها مقاربات مختلفة وخلافات. أي رفع المستوى ليبلغ إيداع حجج و اختبار موضوعات و أطروحات مختلفة على أساس الواقع الذي نعيشه و على أساس مبادئ الماركسية اللينينية و تجربة الحركة الشيوعية و العمالية.

و عِبر هذا الطريق، سيجري تجنب التحريمات الإقصائية لكي يُسهم كل من النقاش و التجادل في استخلاص الإستنتاجات، وتعزيز العناصر الإيجابية المتواجدة في استراتيجية وتكتيك الأحزاب الشيوعية و رفض الموضوعات و الأطروحات الخاطئة وتصحيحها.

وكل ذلك في سبيل هدفٍ واحد. يتمثل بوضع الحركة الشيوعية لأسس ثورية متينة و بتجاوز أزمتها، لتصبح مقتدرة على الكفاح من أجل تنظيم الطبقة العاملة، من أجل بناء التحالف الاجتماعي السياسي الضروري و امتلاك مستوى أعلى في محاولة تحشيد القوى بهدف تصعيد الصدام مع قوى رأس المال، من أجل إسقاط بربرية الرأسمالية ، من أجل الاشتراكية.

مما لا شك فيه، قيام كافة الأحزاب الليبرالية و الإشتراكية الديمقراطية كما والأحزاب التي ارتدت عن مبادئ النظرية الكونية الماركسية اللينينية عبر الانحدار نحو الوفاق الطبقي و الانتهازية، باتخاذ خياراتها الخاصة. فهي اختارت طريق إدارة الرأسمالية و الدفاع عنها و ذلك في استقلالية عن ذرائعها ومبرراتها المُستخدمة.

إن مطلب الأحزاب الشيوعية المؤمنة بمبادئ الصراع الطبقي، وبالضرورة التاريخية للنضال من أجل إسقاط نظام استغلال الإنسان للإنسان و بناء المجتمع الجديد مجتمع الاشتراكية- الشيوعية، يتجلى في تكييف استراتيجيتها وتكتيكها مع الأهداف المذكورة المعبرة عن جوهر وسبب وجود الحزب الشيوعي، أي تقديمه أعظم مساهمة ممكنة لمصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

1- لقد تحمل الحزب الشيوعي اليوناني المسؤولية المترتبة عليه. متقدماً عبر خطوات محسوبة و مدروسة في طريق شديد الوعورة، مع استخراجه للخبرة من مسيرته التاريخية، و مع كفاحه لمعالجة نقاط ضعفه و لتكييف استراتيجيته وتكتيكه، (على أساس استراتيجيته) مع حاجات تعبئة وتربية وتنظيم قوى عمالية شعبية في مواقع العمل والسكن في سبيل هدف غير قابل للتفاوض.

هو هدف القطع مع رأس المال الكبير والإتحادات الامبريالية من أجل إسقاط سلطة الاحتكارات، و إسقاط علاقات الإنتاج الاستغلالية و استبدالها بسلطة اشتراكية عمالية شعبية و علاقات إنتاج إشتراكية.

هذا و كان الحزب الشيوعي اليوناني قد قام و منذ سنوات عديدة، في عام 1996 بتعديل استراتيجيته وتكتيكه في مؤتمره اﻠ15 في توافق مع احتياجات جديدة منبثقة من تطور الرأسمالية و سيطرة و تعزيز رأس المال الاحتكاري، كما و من اندماج اليونان في منظمتي الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الاطلسي، الإمبرياليتين.

حيث خَلُص الحزب من خلال دراسة الحالة الموضوعية، للتقدير بوجود تطور (أبعد) في علاقات الإنتاج الرأسمالية في اليونان، وبأن الرأسمالية في اليونان هي في أعلى مراحلها (الاحتكارية) الامبريالية، متوصلاً للإستنتاج بأن الشروط المادية للاشتراكية ازدادت في نضوجها. كما و ذكر المؤتمر المذكور أن عصرنا هذا، هو عصر الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، حيث تَوجُّه الصراع الطبقي هو نحو حل التناقض الأساسي بين رأس المال والعمل. و بأن التغيير الثوري في اليونان سيكون اشتراكياً. حيث ستكون القوى المحركة للثورة الاشتراكية هي الطبقة العاملة كقوة قيادية مع أنصاف البروليتاريين و فقراء المزارعين و الشرائح الشعبية البرجوازية الصغيرة المتعرضة لأشد الإضطهاد في المدينة.

وعلى هذا الأساس حُدِّدَ خط تعبئة و نضال معادٍ للاحتكارات والإمبريالية كأداة، كوسيلة لحشد القوى، و اساسٍ لسياسة تحالفات الحزب و نشاطه ضمن الحركة العمالية الشعبية، بهدف حل مشكلة السلطة، المركزية الطابع و الظفر بالسلطة الشعبية التي ستعيد بدورها تشكيل قاعدة اقتصادية ذات عنصر أساسي متمثل بالتملُّك الإجتماعي لوسائل الإنتاج المتمركزة وبالتخطيط المركزي.

في سياق هذا الاتجاه أجريت التعديلات اللازمة في المؤتمرات الثلاث التي تلت، لإثراء استراتيجية وتكتيك الحزب. ويبرز هذا العنصر خصوصاً في المؤتمر اﻟ 18 المنعقد عام 2009 حيث أثريت استراتيجية الحزب الشيوعي اليوناني عبر تثمين قرار خاص للمؤتمر موضوعه الأسباب والعوامل التي أدت إلى إسقاط الاشتراكية، اعتمد بشكل أساسي على تجربة الاتحاد السوفييتي.

فمن الجلي أن تكييف الحزب الشيوعي اليوناني لاستراتيجيته مع الاحتياجات الجديدة للصراع الطبقي، هو تكييف أخرج الحزب من منطق "المراحل" الذي كان سمة مميزة لاستراتيجية الحركة الشيوعية في العقود الماضية، هو منطق ما زال موجوداً في برامج العديد من الأحزاب الشيوعية.

يستند إثبات القرار المذكور للحزب الشيوعي اليوناني على الواقع الموضوعي الذي يؤكد انتفاء وجود نظام اجتماعي اقتصادي وسيط (بين الرأسمالية والاشتراكية- الشيوعية)، وبالتالي انتفاء وجدود سلطة وسيطة.

يقود منطق المرحلة الوسيطة إلى وجود حالة انتقالية تعجز عن حل مشكلتين اساسيتين متعلقتين بالسلطة وملكية وسائل الإنتاج . و ذلك بغض النظر عن موازين القوى التي من المحتمل تجليها عبر تحسُّن موقع حزب شيوعي معين في الانتخابات البرلمانية.

مما لا شك فيه أنه و في حال غياب الإنقلاب الثوري يبقى كل من السلطة و وسائل الإنتاج والثروة التي ينتجها الكادحون في أيدي البرجوازية، حيث سينتفي (موضوعياً) وجود الشروط اللازمة لتلبية الحاجات الشعبية، مع تأبيد الاستغلال الرأسمالي، وبالتالي فمثل هذا الوضع لا يذهب بعيداً، فهو سيراكم المشاكل الشعبية و سيفضح الحزب الشيوعي واضعاً أياه في حلقة مفرغة من الإندماج في النظام.

شكلت الاستراتيجية الجديدة للحزب الشيوعي زخما له في نضاله، و ذلك على الرغم من الصعوبات التي نجمت عن فترة الثورة المضادة وإعادة تنصيب الرأسمالية في الاتحاد السوفيتي و في غيره من الدول الاشتراكية، كما و على الرغم من تبعات أزمة الحزب الداخلية وانقسامه في فترة 1990- 1991.

حيث احتل الحزب مواقع جديدة في النقابات العمالية و في غيرها من حوامل الحركة العمالية الشعبية. و طور علاقاته مع الطبقة العاملة، والمزارعين، والشرائح الوسطى في المدينة. محققا خطوات هامة في مجال البناء الحزبي، وتطوير نشاطه في صفوف الشباب، حيث تعززت الشبيبة الشيوعية اليونانية. و امتلك الحزب حضوراً برلمانياً جوهرياً و كان له إسهام كبير في محاولات إعادة بناء الحركة الشيوعية الأممية و في مواجهة أزمتها الفكرية السياسية والتنظيمية.

نحن نعلم جيدا ماهية النهج المعارض للتوجه الاستراتيجي للحزب الشيوعي اليوناني ومجموعة الحجج التي يستخدمها و نقوم بطرح حججنا لنقاش و تمحيص في محاولة إبراز العناصر الموضوعية التي قادتنا نحو توجهنا المذكور.

إن الرأسمالية هي نظام عفا عنه الزمن تاريخيا، و يستحيل على أي أسلوب إدارة إكسابه وجهاً إنسانياً. نحن نتحدث هنا عن الإدارة التقليدية الليبرالية و الإشتراكية الديمقراطية، كما و أيضا عن تلك المتمظهرة بعباءة "يسارية" أو "يسارية جديدة" أو "تقدمية"، أو غيرها. التي أثارت بدورها نقاشات داخل صفوف الحركة الشيوعية.

نحن لا نبحث هنا في النوايا، بل أكثر من ذلك بكثير لا نبحث حالات ساهمت فيها أحزاب شيوعية تربطها بحزبنا علاقات ثنائية جيدة، في كتل تتحمل مسؤوليات الحكم في بلدانها.

فنحن نركز على قوانين النظام عينها. على القانون الأساسي لتملُّك فضل القيمة، والعمل الغير مدفوع الأجر و الربح من قبل الاحتكارات التي تشكِّل جوهر الطبيعة الاستغلالية للرأسمالية وليست بقابلة للتغيير عبر أية إدارة مهما كانت تسميتها. ما دام سريان عمل هذا القانون يحدد الطابع الإستغلالي للإقتصاد في استقلالية عن خلائط السياسات المطبقة.

كما ونركز اهتمامنا على احتدام التناقض الرئيسي. أي التناقض بين الطابع الاجتماعي للإنتاج والعمل الذي يشمل حركة الملايين من العمال منتجي الثروة(من جهة)، وبين التملُّك الفردي الرأسمالي لنتائج هذه العملية التي تسير في الوقت الحاضر في مستويات أعلى من ذي قبل نظراً لاستحواذ رأس المال على كل من السلطة و وسائل الإنتاج (من جهة أخرى).

يقود هذا التناقض عينه إلى الأزمات الرأسمالية، و إلى اضطراد عدوانية النظام و رجعيته. أمر تبرزه تحديداً الخبرة الأخيرة من الأزمة الرأسمالية التي تضرب اليونان واسبانيا وايطاليا والبرتغال وايرلندا وغيرها من دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان والدول الرأسمالية الأخرى وفقاً لمرحلة دورة الأزمة في كل بلد.

من غير الممكن تجاوز التناقض المذكور، عبر استخدام أي من خلائط إدارة النظام أو عبر التقليل من قيمة التناقض الأساسي تحت ذريعة "الخصوصيات الوطنية" التي تأسر أحزاباً شيوعية في مواقف مخطئة.

نُركز انتباهنا على العدوانية الامبريالية و احتدام النزاعات الإمبريالية الجارية من أجل السيطرة على المواد الأولية، وتقاسم الأسواق ومناطق النفوذ التي تشكل أساساً لنشوب الحروب الإمبريالية. وهذا لا ينطبق فحسب على الخبرة التاريخية من الحرب العالمية الأولى والثانية، بل على غيرها من عشرات الحروب المحلية والإقليمية، والحروب التي نعيشها في أيامنا، كحروب يوغوسلافيا وأفغانستان والعراق وليبيا. كما و ينطبق على التدخل الجاري في شؤون سوريا الداخلية، والتهديدات الموجهة ضد إيران، وخطر الحرب الإمبريالية الشاملة في شرق المتوسط والخليج و المنطقة المحيطة.

ولا سبيل لتجاوز هذه التناقضات و النزاعات عبر أي إدارة برجوازية، بل على الأكثر، تقود مواجهة العلاقات الدولية بنظرة لا طبقية ضارة إلى الإرتهان لأفكار مسدودة الأفق حول "دمقرطة" التكتلات و المنظمات الامبريالية، كمنظمة حلف شمال الأطلسي، والاتحاد الأوروبي، و إلى سراب ما يسمى ﺑ"عالم متعدد الأقطاب"،أو إلى الإنحدار حتى المشاركة في حكومات شنت حروباً إمبريالية (كما هو الحال في الحرب ضد يوغوسلافيا) كان آخرها قد تجلى في تبرير ودعم الحرب الإمبريالية على ليبيا (انظروا لموقف شريحة من نواب المجموعة الكونفدرالية المتحدة لليسار الأوروبي / واليسار الأخضر الشمالي، في البرلمان الأوروبي).

إن الموضوعة القائلة أن الرأسمالية هي نظام عفا عليه الزمن تاريخيا لا تتعلق فقط باليونان، بل تنطبق على دول رأسمالية أخرى ذات موقع وسيط في النظام الإمبريالي، هي دول ضربتها الأزمة بشدة. و هي منطبقة على النظام بجملته بما في ذلك أقوى الدول الرأسمالية المتقدمة، التي يميزها وجود عنصر درجة عالية لاستغلال قوة العمل (نظراً لزيادة إنتاجية العمل) وربحية الاحتكارات العالية. و يستحيل في هذه الدول (كالولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا و بريطانيا واليابان وغيرها) إنكار واقع العجز عن تحقيق الحاجات الشعبية، عند بقاء معدل عالٍ للبطالة، و إلغاء حقوق العمل و الضمان الاجتماعي مع تقليص الأجور والمعاشات وتسليع الخدمات الاجتماعية.

بما يتمثل إذاً، الرد على الوضع المذكور من زاوية مصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية من زاوية التقدم الاجتماعي؟

يتمثل الرد عبر تطوير الصراع الطبقي. وتطوير النضال الأيديولوجي السياسي الجماهيري من أجل إسقاط همجية الرأسمالية ، والأزمات والحروب والبطالة والفقر، التي يعاني منها ملايين العمال.

أي بتطوير الصراع الطبقي، أولا وقبل كل شيء على المستوى الوطني، حيث يتجلى بوضوح مباشر، تناقض رأس المال- العمل. كما و بالتنسيق الفعال على المستوى الأممي مع الطليعة المتمثلة بالأحزاب الشيوعية والثورية، والقوى الاجتماعية التي لها مصلحة في النضال ضد الاحتكارات والرأسمالية، والتكتلات الإمبريالية.

إن الرد هو في النضال من أجل الاشتراكية. وهذا ليس مطلباً أكاديمياً. فهو ليس بمطلب في جملة غيره. إنه مطلب أساسي مسيطر يُحدِّد جملة باقي المطالب. أي أنه من غير الكافي وجود إشارة إلى مفهوم الاشتراكية في برنامج ووثائق حزب شيوعي معين، أو وجود قبول ضرورة و راهنية الاشتراكية. ويتم هذا عادة ولكن له قيمة صغيرة عندما يطغى ظل الخيارات البرنامجية الأخرى على النضال من أجل الاشتراكية حيث يتصف التكتيك المعتمد بالتقطع لكونه ناجماً عن تبني هدف وسيط إداري. و الأساسي هنا هو النضال من أجل الاشتراكية ومتطلبات هذا النضال.

لكيما يحدد هذا النضال وبالوجه العملي التوجه نحو الحركة العمالية، و نحو الإطار السياسي الذي يخوض الشيوعيون ضمنه المعركة ضد الاستغلال الرأسمالي، نحو مطالب و أهداف النضال و بناء الوحدة الطبقية للطبقة العاملة، ونحو سياسة التحالفات و معالجات الحزب للمشاكل الشعبية.

وذلك من أجل وضع النظام الاستغلالي وقوى رأس المال و تعابيره السياسية على كرسي الإتهام، و لإبراز حل بديل ليس ﺒ"تنمية" و "ديمقراطية" و"تقدماً اجتماعياً" بشكل عام غير محدد بل تنمية (اشتراكية) وفقاً لمعيار تلبية احتياجات الشعب دون الرأسماليين والربح الرأسمالي عبر مرور الثروة التي ينتجها العمال إلى أيديهم.

و في هذه الحالة حصراً، في بيئة معادية جدا، حيث يستخدم الرأسماليون والدولة البرجوازية أحدث وسائل التضليل و القمع والتخويف و حيث تنهمك الانتهازية في إفساد الضمائر، يمكنك تغذية تنمية الوعي العمالي الشعبي و أن يقوم العامل الذاتي بالإستعداد و النضوج و التناسب (قدر الإمكان) مع حاجات الصراع الطبقي. و أن يعطي ذلك دفعاً لنضال العمال لكي يقرروا مشاركتهم في النشاط في أصعب الظروف، و ليصطدموا مع خصومهم الطبقيين كرديف للحزب الثوري.

خلافاً لذلك (أي دون خوض هذه المعركة)، ستتقبل الطبقة العاملة، والشرائح الفقيرة الشعبية التي تتواجد مصالحها (موضوعياً) على النقيض تماماً مع الرأسمالية، النظام الاستغلالي باعتباره حلاً وحيداً حيث ستنسحب من النشاط و ستكون عرضة لكل تبعات نسخ الإدارة.

ويقول بعض الرفاق: "سلبي هو ميزان القوى القائم، لا يمكننا الحديث عن إسقاط النظام، وعن الاشتراكية."

نجيبهم بحسم. مُخطئة هي المقاربة المذكورة. فالثورة الاشتراكية و بالطبع ليست على جدول الأعمال في الوقت الحالي، حيث لم تتشكل شروط الحالة الثورية التي هي تطور موضوعي يتعلق بأزمة سياسية عميقة ستُعبر بالضبط عما أشار له لينين في "إفلاس الأممية الثانية" حيث لا يستطيع من هم في "الأعلى" أن يحكموا على غرار الماضي، و أن لا يحتمل من هم في "الأسفل" أن يُحكموا كما في السابق.

ولكن هذا لا يعني أن الشيوعيين سوف " يكتفون ايديهم" وسيسعون نحو بدائل إدارية ضمن منطق"أهون الشرين".

إن واجب الشيوعيين هو بذل محاولة كفاحية مستمرة لتنظيم الطبقة العاملة و لتغيير ميزان القوى في المقام الأول ضمن الحركة العمالية الشعبية، و ليس فقط ضمن الإجراءات البرلمانية. هو بدوره تغيير لميزان القوى (القابل للتغيير)، مع إضفاء عناصر نوعية طبقية عليه، هي عناصر الحل البديل الحقيقي الذي سيُعدُّ الطبقة العاملة لمعارك قاسية.

في كل الأحوال، لا تتحدد ضرورة الاشتراكية من ميزان القوى. و لا تتغير سمة عصرنا كعصر الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، بسبب التغيرات المؤلمة الناجمة عن تحولات الثورة المضادة. بل إن ما يحكم و ما حكم على مصير النظم الاجتماعية والاقتصادية التي سبقت الرأسمالية، هو نضوج الشروط المادية لبناء نظام اجتماعي اقتصادي أعلى في كل مرة، و احتدام التناقضات التي تتخلل النظام القديم. هو احتدام تناقضٍ بين قوى الإنتاج و بين علاقات الإنتاج البالية التي تدمرها و تعيق تطورها.

إن الأمر المصيري في حاضرنا هو تناسب الطابع الاجتماعي للانتاج والعمل مع الملكية الاجتماعية لوسائل الإنتاج. وهذا هو الأساس الذي تنبثق منه ضرورة النضال من أجل الاشتراكية.

لا يستهين الحزب الشيوعي اليوناني بصعوبات الصراع الطبقي والتطورات المعقدة التي تواجهها الأحزاب الشيوعية عالمياً. و هو يرصد بعناية خاصة على سبيل المثال التطورات في أمريكا اللاتينية، معربا بثبات عن تضامنه مع نضال أحزابها الشيوعية. كما ويدرس التفاعلات الجارية ضمن الشعوب، و مسار الحكومات المنتخبة بشعارات حل المشاكل الشعبية و يستخلص من هذه التجربة استنتاجات على أساس معيار السياسة المطبقة و طابعها الطبقي و بالطبع من موقفها تجاه مسألتين رئيسيتين.

تجاه طبيعة السلطة و طبيعة ملكية وسائل الإنتاج.

وعلى هذا الأساس، نُسجِّل أن تشويه هاتين المسألتين الأساسيتين و التقليل من أهميتهما مع الاستعاضة عن الاشتراكية العلمية بمنطق ما يسمى ﺒ "اشتراكية القرن 21"، الذي تروِّج له قوى الإشتراكية الديموقراطية هو أمر يعني الإنحباس في إطار وهم "أنسنة الرأسمالية" الذي ينزع سلاح كفاح الطبقة العاملة.

هذا و تُطرح ضرورة إسقاط الرأسمالية من قبل كلاسيكيي نظريتنا الكونية حتى من خلال "البيان الشيوعي". و هم يطرحونه أكثر من ذلك بكثير، في السنوات اللاحقة عبر تقييمهم لتجربة"كومونة باريس" باعتبارها أول ثورة بروليتارية.

و يُعبر عن ذلك المقتطف التالي من المقدمة التي كتبها إنجلز عام 1888 لخطاب ماركس حول التجارة الحرة: "إن تبئيس الجماهير العريضة من الشعب هو نتيجة لفرط الإنتاج، الذي يولد إما أزمات دورية أو ركوداً مزمناً في التجارة، إن انقسام المجتمع إلى طبقة صغيرة من كبار الرأسماليين وطبقة كبيرة من العبيد المأجورين جوهرياً بالوراثة،هم بروليتارييون يتزايد عددهم بشكل مطرد، في حين يغدون و باطراد أيضاًَ زائدين نظراً للآلات الجديدة التي توفر من استهلاك العمل البشري، أي أنه يولد بكلام مختصر الإصطدام بنهاية طريق مسدود، ليس له من مخرجٍ سوى إجراء تحول جذري في البنية الاقتصادية بأكملها المتواجدة كأساس لهذا المجتمع. "

لقد قدمت ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى، عبر طابعها الاشتراكي رداً عملياً على تساؤلات ثوار تلك الفترة و كذبت حوامل الانتهازية، و ذلك في بداية القرن اﻟ20 حينها، في بلد متخلف رأسمالياً ذو سكان كُثرٍ من فلاحين و صغار البرجوازيين.

حيث تم التصدي لهزيمة ثورة 1905 كما و للهجمة و القمع القيصريين بشكل حاسم. و جرت إعادة تشكيل الحزب البلشفي تحت قيادة لينين، و اكتسب الحزب الاستراتيجية الضرورية وتكتيكها، و تابع في ظل ظروف غير مؤاتية التحضير للإنقلاب الثوري ليس فقط على الاستبداد الإقطاعي بل أيضاً على السلطة البرجوازية.

لم يقم لينين و البلاشفة باختيار "الشر الأهون" و لم "يتوهوا" في بحثٍ عن حلول إدارية، كما لم يسلموا بمطلاقية سلبية موازين القوى الذي كان ضدهم و لصالح الانتهازيين ضمن السوفييتات و الجمعية التأسيسية قبل ثورة أكتوبر بقليل.

حيث حسم البلاشفة أمرهم بشكل مطلق: "لا تقديم لأي دعم للحكومة المؤقتة"، كما وذكر لينين في موضوعات أبريل عام 1917 "إن انتقال سلطة الدولة من أيدي طبقة معينة نحو أيدي طبقة أخرى هي أول سمة رئيسية من سمات الثورة، و ذلك على حد السواء من الجانب العلمي الصارم لمفهومها و عملياً من الجانب السياسي لمفهوم الثورة".

إننا نذكر هذا آخذين في اعتبارنا النقاش الجاري ضمن الحركة الشيوعية في هذه الفترة، و نكرر أن العامل الحاسم هو تغيير الطبقة المتواجدة في السلطة وأن هذا التغيير ممكن الحصول حصرياً من خلال الطريق الثوري كما ثَبُت من خلال التجربة التاريخية الطويلة القادرة على الحماية من الأوهام البرلمانية. آخذين في الاعتبار لحقيقة انعدام سقوط نظام الاستغلال في أي زمان و مكان من خلال العمليات البرلمانية.

لقد تكلم الكلاسيكيون عن إسقاط الرأسمالية وضرورة الاشتراكية في أواخر القرن اﻟ19 و بداية القرن اﻟ20، و قد نضجت الشروط المادية في حاضرنا لدرجة لا تقارن مع حينها، لذا يستحيل علينا و ليس لنا الحق في العودة للوراء.

يقول بعض الرفاق: "مختلفة هي ظروف هذا البلد عن غيره". نعم بالطبع، إن فاعلية قانون التطور الغير المتكافئ يؤدي إلى نشوء اختلافات في مستوى تطور الرأسمالية، حيث من الممكن وجود اختلافات في البنية الاجتماعية لكل مجتمع رأسمالي، و في مستوى نضج وعي الطبقة العاملة و في ميزان القوى. يأخذ كل حزب شيوعي في اعتباره لهذه العناصر (ينبغي أخذها في الحسبان) أثناء رسم استراتيجيته وتكتيكه و سياسة تحالفاته. ولكن هناك بعض القواعد العامة والمبادئ الأساسية التي أدت حين انتهاكها إلى الإنحراف و حتى الوصول إلى ما يسمى ﺒ "الشيوعية الأوروبية" التي داست و ألغت كل مبدأ ثوري بذريعة الخصوصية القومية. إن تطور الرأسمالية، وظهور الاحتكارات الشامل هي المسألة الرئيسية التي تحدد تواجد النظام في آخر مراحله أي في مرحلته الإمبريالية وتُشدِّد على حقيقة نضوج الشروط المادية لبناء النظام الجديد، لبناء الاشتراكية- الشيوعية.

لقد تكلم كلاسيكيو نظريتنا الكونية و منذ العديد من السنوات عن جوهر مسألة الخصوصيات القومية، حيث مفيدٌ جداً تطرُّق إنجلز الكلاسيكي حيث شدَّد في سياق مقدمة الطبعة الأمريكية لعمله "وضع الطبقة العاملة في إنجلترا" على ما يلي: "إن أسباب نشوء فجوة لا يمكن ردمها بين الطبقة العاملة وطبقة الرأسماليين هي عينها في أمريكا وأوروبا. كما و مشتركة أيضا هي وسائل التغلب على هذه الفجوة. وبالتالي يتوجب على برنامج البروليتاريا الأمريكية أن يتماشى باضطراد مع تطور الحركة و مع البرنامج المقبول عموما من البروليتاريا الأوروبية الكفؤ للكفاح، هو برنامج كان نتيجة ستين عاما من المعارك والسجالات. حيث يجب أن يعلن على غرار البرنامج الأوروبي، كهدف نهائي له، الاستيلاء على السلطة السياسية من قبل الطبقة العاملة كوسيلة لفرض التملُّك الإجتماعي المباشر لجميع وسائل الإنتاج كالأرض والسكك الحديدية و المناجم و الآلات، وغيرها. و من أجل استغلال جماعي لوسائل الإنتاج لحساب و مصلحة الجميع. "

2- يعمل الحزب الشيوعي اليوناني على دراسة التجربة الأممية للحركة العمالية الشيوعية و استخلاص الدروس منها كما و من تاريخه الخاص. حيث هائلة هي كلفة الأخطاء الأكثر مصيرية التي تتعلق بالتخلي عن استقلال الحزب الثوري فكرياً وتنظيمياً لصالح تشكيلات تعاون و تحالف، و لدينا أمثلة كثيرة من هذا القبيل ضمن الحركة الشيوعية، هي أمثلة قادت إلى حدوث تأخير و اندماج مزمن كما و إلى تفكك أحزاب شيوعية.

إن سياسة التحالفات هي سياسة ذات أهمية استراتيجية و تتحدد من الخط الأساسي الاستراتيجي، وهذا هو عنصر هام جدا يتطلب دقة وثباتاً ثورياً. حيث يقهقرك أي انحراف عن هذا الواجب بذريعة المناورات أو المكاسب المؤقتة الانتخابية، إلخ، نحو الوراء ملغياً ما اكتسبه الحزب الشيوعي في الفترة السابقة و يضع في موضع الخطر وجودك الثوري عينه.

إننا نُسجِّل هذا مع أخذنا في الإعتبار للنقاش و السجال الذي جرى حول موقف الحزب الشيوعي اليوناني في الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في شهري مايو ويونيو 2012 في اليونان.

نحن لن نتوقف عند الحديث عن التشهير الزاعم بانعزالية حزبنا. فالحزب الشيوعي اليوناني كان قد رد على ذلك عبر نشاطه اليومي و عبر المواقع الهامة التي اكتسبها في صفوف الحركة العمالية الشعبية، و عبر دوره الرائد في العديد من المواجهات الطبقية في عشرات الإضرابات والاعتصامات والمظاهرات. و عبر صدى مواقفه وهيبته ودوره في حياة البلاد السياسية الذي يفوق بكثير تأثيره الانتخابي.

و مع ذلك، وبغرض الإعلام سنقول أن تهمة الإنعزالية تُطلق من قبل جميع خصومه الطبقيين و السياسيين، بمن فيهم حوامل الانتهازية العاجزة عن السيطرة على الحزب الشيوعي اليوناني و عن وضعه على درب "واقعية الخضوع" والوئام الطبقي.

إن القوى المذكورة لكانت ستشيد بحزبنا في حال خيانته للطبقة العاملةو لشعبه و انبطح زاحفاً على خط إنكار النضال من أجل الاشتراكية، كما و لو توقف عن إدانة الاتحاد الأوروبي و لو تراجع عن موقفه المطالب بفك الإرتباط من حلف الذئاب الأوروبي و من الناتو. و لو قرر المشاركة في حكومة إدارة.

ولذلك لفتنا انتباه قوى تمثل أحزاباً شيوعية تفتح جبهة أيديولوجية سطحية جداً و ضحلة ضد الحزب الشيوعي اليوناني، لإعادة التفكير بذلك لأنها ستنفضح.

نحن لا نتحدث عن نقد بالشواهد، ولا عن مواجهة ايديولوجية عبر الحجج. فهذا أمر مرغوب وضروري. بل نتحدث هنا عن ضربات غادرة و هجمات تشهيرية تشوِّه مواقف الحزب الشيوعي اليوناني و تستخدم مزاعم خصومنا لكي تُجرِّم النضال من أجل إسقاط الرأسمالية، من أجل الاشتراكية (لأن هذا هو جوهر ما تقوم به) عبر تشهيرها بانعزاليتنا المزعومة.

فكل حزب و كل كادر يتحمل مسؤولياته.

لقد دعى حزبنا كل القوى التي دعمت سيريزا ضد الحزب الشيوعي اليوناني في الإنتخابات إما علنا عبر زياراتها لليونان، أو في الخفاء، أن تُعلم أعضاء الأحزاب الشيوعية و العمال عموما عن الحقيقة كاملة.
على سبيل المثال:

فلتقل هذه القوى أن القاسم المشترك بين سياسة حزب الجمهورية الجديدة و الباسوك وسيريزا و غيره من الأحزاب ما عدا الحزب الشيوعي اليوناني، يتمثل في دعم الاتحاد الأوروبي كاتحاد إمبريالي دولي ثبت تطبيقه لاستراتيجية ضد شعبية، هو اتحاد يكمن معيار تشكله و تطوره في مصالح المجموعات الاحتكارية والشركات متعددة الجنسيات.

ولتقل هذه القوى حقيقة مساندة قطاع من الطبقة البرجوازية و مجموعات اقتصادية قوية و صحف ووسائل حكومية مرئية ومسموعة، نحو حزب سيريزا. علماً بتوجيه رئيس رابطة الصناعيين اليونانيين دعوة لتشكيل حكومة ائتلافية تضم الحزب المذكور.

لتقل هذه القوى بحقيقة تخلي سيريزا حتى عن شعاراته الشفهية القائلة بإلغاء المذكرة و إتفاقية الإقتراض وإلغاء برنامج الخصخصة، وما إلى ذلك، التي طرحها في برنامجه الانتخابي عشية انتخابات 6 أيار/مايو، كما و تعديله لبرنامجه ليتوافق بشكل مطلق مع حاجات الإدارة البرجوازية.

و لتقل هذه القوى حقيقة تصدُّر قسم كبير من كوادر حزب الباسوك الأكثر فساداً في المقاطعات و البلديات والنقابات و جهاز الدولة، لعملية التلاعب بالقوى الشعبية و ناخبي حزب الباسوك و تضليلهم، و عبر ممارسة الضغوط المتنوعة الأشكال لصالح حزب سيريزا. و أن حزب سيريزا يتواجد في نواة مخطط جارٍ لإعادة تشكيل الإشتراكية الديموقراطية التي أُثبتت للطبقة البرجوازية قيمة خدماتها، المتمثلة في تحوير الوعي الجذري لصالح "طريق الإتحاد الأوروبي الإجباري" و ضرب الحركة العمالية والسيطرة عليها.

و لتقل هذه القوى بحقيقة لقاء رئيس حزب سيريزا بالكادر الدبلوماسي لدول اﻟ G20 في أثينا بضعة أيام قبل الإنتخابات.

إن من حق أعضاء و أصدقاء الأحزاب الشيوعية أن يطَّلعوا على تطور جرى في اليونان بعد الإنتخابات.

أودع الحزب الشيوعي اليوناني في البرلمان مشروع قانون لإلغاء مذكرات اتفاقية الإقتراض و قوانينها التطبيقية من أجل إلغاء جملة القوانين الضد شعبية. حيث كان الطرح المذكور قد لقي دعماً واسعاً ضمن الحركة العمالية الشعبية. إن حزب سيريزا هو في موضع ارتباك لأنه انضم جوهرياً إلى معسكر قوى "إعادة التفاوض" مع الإتحاد الأوروبي تحت اسم واقعية الخضوع.

لا يفاجئنا هجوم قوى كِلا الانتهازية اليمينية واليسارية على الحزب الشيوعي اليوناني. فهو عنصر من المواجهة الأيديولوجية. و أبعد من ذلك بكثير لم يستغرب الحزب الشيوعي اليوناني موقف حزب اليسار الأوروبي.

حيث أسس الحزب المذكور ضمن إطار المبادئ التوجيهية للاتحاد الأوروبي، و"معاهدة ماستريخت"، واستراتيجية رأس المال. و قبل بالشروط التي وضعها الاتحاد الأوروبي. و هو يدافع عن المركز الأوروبي الإمبريالي، و يؤيد التعاون الطبقي والتوافق الاجتماعي، ويرهب النضال من أجل الاشتراكية كما يرهب الشيطان البخور.

إن من واجب الشيوعيين والشيوعيات والعمال النظر في مواقف كل حزب واستخلاص استنتاجاتهم الخاصة.
قامت لجنة الحزب الشيوعي اليوناني المركزية عبر حس عالٍ بالمسؤولية بتحليل النتيجة السلبية للانتخابات على الحزب والشعب. حيث جرت نقاشات كبيرة سوءاً داخل الحزب ومع أصدقائه و ناخبيه. حيث نوقشت تكتيكاته الانتخابية و نقاط الضعف والتأخر و النواقص التي سجلت مع ابداء العديد من الملاحظات المفيدة، و جرت صياغة خطة عمل للفترة المقبلة.

هذا و أكدت اللجنة المركزية و الهيئات القيادية للمنظمات الحزبية، كما و أعضاء وأصدقاء الحزب الشيوعي اليوناني على ضرورة و صوابية موقف الحزب الرافض للمشاركة في حكومة إدارة برجوازية مع حزب سيريزا و القوى الاخرى

و دعمت القوى الحزبية وأصدقاء الحزب، الموقف الذي يؤكد استحالة امتلاك الحزب الثوري لوجهين. يعتمد أحدهما في نشاطه اليومي و ثانيهما أثناء الإنتخابات. فمن غير الممكن أن يكافح يومياً في سبيل حشد القوى من أجل انتزاع السلطة و بأن يقوم أثناء الإنتخابات "بهدم ما بناه" و أن يتحدث عن حكومة إدارة لتلبية تطلعات الجماهير نحو حل "سهل" ذو طريق مسدود.

تدعم القوى الحزبية و أصدقاء الحزب الخط السياسي الذي خاض الحزب الشيوعي اليوناني وفقه معركة الانتخابات.

هو الخط السياسي الذي يتضمن إدانة السياسة الضد شعبية سياسة اتفاقيات الإقتراض والمذكرات، كما يتضمن فك الإرتباط من الاتحاد الأوروبي وإلغاء الديون من جانب واحد مع سلطة شعبية. حيث يشكل هذا الموقف قلب نشاط الحزب و يجيب في هذه الفترة على التطورات الحاصلة، يجيب على احتياجات الصراع الطبقي من وجهة نظر مصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

إن المسألة الرئيسية التي برزت و التي تُشكِّل تجربة مهمة بالنسبة للحركة الشيوعية العالمية، هي مشاركة الحزب الشيوعي أو عدمها في حكومة إدارة برجوازية في استقلالية عن ظهورها بإسمٍ "يساري" أو "تقدمي" الخ.

لقد أخذ الخيار الذي تبناه الحزب الشيوعي اليوناني برفض المشاركة في حكومة إدارة الرأسمالية في الاعتبار أن ذلك سيكلفه فقدان أصوات في الإنتخابات. و ذلك لأن منطق "الشر الأهون ينشط في حين هناك سعي لقوى شعبية لحل فوري من شأنه أن يساعد على تخفيف حدة مشاكلها، في ظل أزمة رأسمالية عميقة و معدلات عالية جدا للبطالة والفقر و انتشار اللايقين في ترافق مع هجمة منظمة للغاية ضد الحزب الشيوعي اليوناني.

و على الرغم من كل ذلك، حافظ الحزب الشيوعي اليوناني على مواقفه المبدئية و نريد هنا أن نسجِّل التالي:

أولاً وقبل كل شيء، لا بد من محاربة منطق "الشر الأهون". الذي يمثل مشكلة خطيرة جداً دفع حزبنا (أيضاً) ثمنها باهظا في أوقات مختلفة حتى بداية عقد التسعينات بسبب أخطاء في سياسة تحالفاته مع قوى برجوازية "وسطية" من أجل مواجهة سياسة أحزاب ليبرالية و "يمينية" ذات طابع ضد شعبي.
يقود منطق "الشر الأهون" بالحزب الشيوعي نحو سياسات خطرة تدعم الإشتراكية الديمقراطية تحت ذريعة الحد من قوى"اليمين" انتخابياً متحملاً مسؤوليات إدارة السياسة الضد شعبية لأحزاب اشتراكية ديموقراطية.

و هو يقود الحزب الشيوعي إلى سياسات خطيرة يمثل فيها ذيلاً لأحزاب برجوازية عموما، في ذريعة مواجهة تشكيلات يمينية متطرفة أو فاشية. حيث هناك تجربة متعلقة سلبية للغاية.

ففي جوهر الأمر يجري تأبيد حلقة مفرغة تنزع أو تحد من استقلالية الأحزاب الشيوعية الأيديولوجية مبعدة أياها عن صياغة وتطبيق خط ثوري ثابت يستفيد من المعارك الانتخابية كشكل نضال غير منفصل عن الصراع الطبقي عموما، و عن النضال من أجل حشد القوى من أجل انتزاع السلطة.

إن هذه المشكلة ليست آنية و من المهم بمكان أن نذكر الملاحظة اللينينية التي تحمي من ارتكاب الأخطاء:"...نحن مجبرون على الاختيار بين الشر القائم حاليا وأصغر تحسين له. لأن أغلبية المستائين من الشر القائم يؤيدون عموما هذا "التحسين الأصغر"، وعند تحقيقنا للتحسين الأصغر سيتسهل نضالنا من اجل تحقيق الأكبر. نعيد و نقول. هذا هو الاستدلال النموذجي الأساسي لجميع انتهازيي العالم أجمع. ما هي الخلاصة التي تنتج حتما من استدلال مماثل؟ إن الخلاصة الناتجة هي: ليس هناك من حاجة لبرنامج ثوري ولا لحزب ثوري ولا لتكتيك ثوري". ( لينين: "مرة أخرى بصدد الحكومة المنبثقة عن البرلمان – الدوما").

ثانياً، ليس معيار الحكم على حزب ما هو تصريحه بكونه "يسارياً" أو"يمينيا أو "وسطياً" بل برنامجه و موقفه السياسي تجاه النظام الاستغلالي و رأس المال الكبير، والتكتلات الإمبريالية، و تجاه الصراع الطبقي و منظوره. من غير الممكن للحزب الشيوعي اليوناني أن يقدم على تعاون سياسي أو برنامجي أو انتخابي مع أحزاب لا علاقة برنامجية له معها على غرار حزبي سيريزا و "اليسار الديمقراطي".

فهذه الأحزاب لا تدافع عن الرأسمالية فحسب، بل تدافع عن اتحاد إمبريالي دولي هو الاتحاد الأوروبي ذو الاستراتيجية والسياسات والتدابير المتطابقة مع مصالح رأس المال الكبير و الشركات المتعددة الجنسيات.هي أحزاب تعادي الشعوب وفقاً لثوابت دامغة، كما أن حلف الذئاب المذكور لا يتغير حتى لو زعمت ذلك هذه القوة الانتهازية أو غيرها في اليونان. أو عند زعم حزب اليسار الأوروبي الذي يغذي الأوهام ضد العمال من أجل احتباسهم ضمن منطق طريق الإتحاد الأوروبي الإجباري. يدعم حزب سيريزا و "اليسار الديمقراطي" التعايش السلمي بين رأس المال و العمل و يزرعان أوهام إمكانية تطبيق"تنمية" تُرضي كلا الطرفين الذين من المُثبت تعارض مصالحهما الطبقية.

نحن بصدد أحزاب معادية للاشتراكية العلمية، و تعمل على التشهير بالاشتراكية التي بنيت في الاتحاد السوفييتي والبلدان الاشتراكية الأخرى.

لقد كذَّب حزب "اليسار الديمقراطي" المتشكل من انقسام عن حزب سيريزا، و بسرعة كبيرة أصدقائنا خارج اليونان الذين صنفوه كحليف محتمل للحزب الشيوعي اليوناني. فبعد أن حصل هذا الحزب على تصويت الشعب تعاون بعد الانتخابات مع حزبي الجمهورية الجديدة و الباسوك ضمن حكومة ائتلافية ثلاثية مساهما في تنفيذ السياسة القاسية الضد شعبية الحالية.

و حول دور هذه الأحزاب، نموذجية هي تصريحات لينين ضمن مقدمة الترجمة الروسية لكتيِّب فيلهِلم ليبكنِخت في كانون الأول/ ديسمبر 1906 بعنوان: "لا لأي توافق، لا لأي اتفاق انتخابي"، حيث ذكر في سياقها ما يلي:"إن الحملة الحمقاء العنيفة للسياسات البوليسية والملاحقات بموجب قانون حظر الاشتراكيين، والقانون الصارم الذي يعادي الأحزاب الداعية إلى الإنقلاب، من الممكن أن تسبب داخلنا شعورا بالاشمئزاز والشفقة، لكن خشيتنا يجب أن تكون من العدو الذي يمد لنا يده بغرض اتفاق انتخابي و يندس بيننا كصديق وأخ، من هذا العدو ينبغي أن نخشى حصراً"....و ذلك يضيف لينين"لأن الوعي يُفسدُ من أصدقاء العمال المزيفين...".

حيث يُثبت عملياً من التجربة المستخلصة من سياسة الأحزاب السياسية والحكومات المشاركة في الإدارة البرجوازية و بغض النظر عن استخدامها لعنوان "يساري" أو "تقدمي"، ما يلي : ليس من حكومة تدير الرأسمالية، و سلطة الاحتكارات والملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، و تنفذ برنامجا يعتمد على أرباح الرأسماليين و على إنتاجية و تنافسية و ربحية كبرى المجموعات الإقتصادية، و هي بقادرة على اتباع سياسة لصالح الطبقة العاملة والشرائح الشعبية.

لا يمكن لحكومة مماثلة السيطرة على قوانين النظام وتناقضاته لإحباط وقوع الأزمة الرأسمالية.

فعاجلا أم آجلا سيتكشف كذب الوعود المتعلقة ﺑ"إغاثة" الشعب، و سوف يتبعثر كلامهم في الهواء و سيحل مكان ترقب الشعب للأفضل وإنتظاره، إحباط شعبي، و تراجع للحركة العمالية.

ولذلك فهناك أهمية كبيرة للمواقف المبدئية للحزب الشيوعي اليوناني و لرفضه لمنطق المشاركة في حكومة إدارة برجوازية، مواصلاً النضال الطبقي، في صدام مع الصعوبات، مُشدِّداً من نضاله من أجل حل كل مشكلة شعبية، لخلق الظروف الملائمة للتحرر من أغلال الاستغلال.

و بهذا الشكل نسير إلى الأمام عبر رمي المزيد من الثقل نحو إعادة تنظيم الحركة العمالية، وتعزيز الحركة ذات التوجه الطبقي المتمثلة في جبهة النضال العمالي "بامِه"، و تحسين النشاط و التوجه الكفاحي للنقابات. مع وضع المزيد من الثقل على سياسة التحالفات التي صاغها مؤتمر حزبنا اﻠ15 و المؤتمرات اللاحقة حول بناء تحالف اجتماعي سياسي و بناء جبهة النضال المعادي للاحتكارات و الامبريالية على أساس تحالف الطبقة العاملة مع صغار و متوسطي المزارعين و شرائح البرجوازية الصغيرة في المدن مع مشاركة النساء والشباب. و ذلك مع مواصلة الجهود لتهيئة الظروف الاجتماعية والسياسية التي من شأنها أن تؤدي إلى تصعيد النضال من أجل السلطة الشعبية، و فك الإرتباط عن الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي، وإلغاء الديون من جانب واحد، وفرض التملُّك الاجتماعي لوسائل الإنتاج المتمركزة و تخطيط تنمية في صالح الشعب.

إن نظريتنا و ممارستنا تؤكدان علمياً إمكانية انفتاح الطريق أمام استغلال امكانيات البلاد التنموية في سبيل تطوير الصناعة و الإنتاج الزراعي و غيرها من المجالات الإقتصادية على أساس معيار مصالح الشعب. حصراً عند حل مسألتي السلطة و ملكية وسائل الإنتاج المصيريتين و فقط عند تطوير الإقتصاد على أساس التخطيط المركزي.

و في هذه الحالة حصراً، من الممكن حل مشكلة البطالة و تأمين خدمات اجتماعية بمستوى عالٍ و غذاء صحي للشعب و حماية البيئة، مع إلغاء أسس الأزمات الرأسمالية و النزاعات الإمبريالية.

هذا هو موقف الحزب الشيوعي اليوناني الذي يمنحه زخماً خلال كفاحه اليومي.



#الحزب_الشيوعي_اليوناني (هاشتاغ)       Communist_Party_of_Greece#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حول النضال ضد الفاشية الجديدة
- الحركة الشيوعية العالمية، حاضرها و مستقبلها
- حُدِّد موعد انعقاد المؤتمر اﻟ19 للحزب الشيوعي اليونان ...
- كرَّم الحزب الشيوعي اليوناني ذكرى تأسيسه اﻠ94
- النضال ضد الإمبريالية هو نضال ضد الرأسمالية
- الهمجية الإسرائيلية وموقف -اليسار-.
- مسيرة ضخمة مناهضة للامبريالية توجهت نحو سفارات الولايات المت ...
- حول العمليات العسكرية الإجرامية لإسرائيل في قطاع غزة
- جماهير شعبية بالآلاف تظاهرت ضد إقرار الميزانية الضد شعبية
- جماهير شعبية بالآلاف شاركت في تجمع -بامِه- الإضرابي
- تُشكِّلُ قاعدة الولايات المتحدة والناتو في سوذا -مغناطيساً- ...
- حول تصعيد دولة إسرائيل لعدوانيتها ضد الشعب الفلسطيني
- شكَّل إضراب -بامِه- يوم 18/10/2012 رداً على الإجراءات الهمجي ...
- رد طبقي تلقى كل من ميركل - الاتحاد الأوروبي – الحكومة اليونا ...
- إن هدف إسقاط النظام الاستغلالي، لا هدف إبقائه، هو ما يحدد سي ...
- موقف الشيوعيين تجاه الأزمة الرأسمالية: اندماج أم قطيعة
- شكَّل إضراب يوم 26 أيلول/سبتمبر ذو المشاركة الجماهيرية، رداً ...
- في مواجهة تكاثف سحب الحرب الإمبريالية. نرفض أي توريط أو مشار ...
- نداءٌ يوجهه المكتب السياسي للجنة المركزية في الحزب الشيوعي ا ...
- إعلان إضراب شامل رداً على التدابير الضد شعبية الجديدة


المزيد.....




- الجبهة الديمقراطية: تثمن الثورة الطلابية في الجامعات الاميرك ...
- شاهد.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيم ...
- الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا ...
- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الحزب الشيوعي اليوناني - بعض مسائل استراتيجية الحركة الشيوعية المستقاة من تجربة الحزب الشيوعي اليوناني