أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حفصة بوحدو - العمة زارة














المزيد.....

العمة زارة


حفصة بوحدو

الحوار المتمدن-العدد: 3963 - 2013 / 1 / 5 - 00:59
المحور: ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة
    


اهداء الى كل زارات العالم ، وصديقاتهن مع متمنياتي أن لا يتركنهن يوما
ودي و تقديري للقراء و القارئات ...
***************************************************

أنا ، اسمي زارة لعل أمي قصدت زهرة – اسم عربي ــ لكنه اصطدم بألسنة أمازيغية أبت الانصياع لعروبته ، يعبر عني و عن هويتي ،فأنا أمازيغية اصطدمت بواقع عربي فغدوت خليطا مستدرجا ،لا الى هؤلاء و لا الى هؤلاء ،لكني بدوري أبيت الانصياع...
العمة زارة الخالة زارة ،هكذا أدعى معظم الوقت رغم أني أفضل أن أدعى زارة فقط ،عمري ؟ كبيرة بما يكفي لأكون أما أو ربما حتى جدة ،لكن أشعر بأني أصغر و أجمل من عمري بكثير و حتى تصرفاتي و مظهري لا أقيدها أبدا بعمري ،سذاجة طفل صغير ، شقاوة مراهق ، تعب كهل ، و تفكير مؤلم كما الناضجين .
أنا العمة العازفة عن الزواج ،شاهدت صديقاتي تتزوجن واحدة واحدة و حضرت أعراسهن ،بينما أنا أعبث هنا و هناك موسميا دون أن أستقر أو أرتبط برجل ما ... شعرت بالأسف حيالهن لكن ما كان الناس ليتخذوا كلهم نفس القرار ،عرسي كان يوم وجدت عملا و أصبحت مستقلة بذاتي ...ليس لي أطفال و لم أكن مغرمة بهم أصلا ، غير أني مع مرور الوقت و مشاهدتي لأطفال صديقاتي يكبرون تعلمت أن أحب أرواحهم الصافية كجزء من انسانيتي و أصبحت أقضي معهم الساعات الطوال ،حتى غدى حلمي أن تتغير منظومات التعليم لتصبح متلائمة مع "الانسان" بدل تلك السموم التي ندسها في عقول أطفالنا و نحكم الاغلاق عليها ،فنمن عبيدا مستلبي العقل و الهوية تابعين و خانعين و مكملين لمسيرة من سبقهم بأن يصبحوا أفرادا من القطيع ،مشروع عمري هو مدرسة يكون فيها الاطفال مبدعين أحرارا فنانين ،و أكثر ما يغيظ من حولي هو اصراري على تلقينهم الأديان على شكل تاريخ و دراسات لا كواجب هم ملزمون به ،و لهم حين ينضجون حرية اعتناق الدين الذي يريدون من عدمها...
رأيت أول بصيص أمل مع أطفال الصديقات كنت أخرج معهم و أترك لخيالهم الصغير ان يبدع و يتساءل ملء الدنيا ،كان هناك دوما المزيد من الأطفال ، أردتهم مؤمنين بأنفسهم قبل كل شيء ،كنا نقرأ معا نسافر و نكتشف معا كل جديدا ، كنت أكبر معهم و تعلمت منهم الكثير ،أصبح بعضهم في سن المراهقة ، و شجعتهم على أن يجربوا كل شيء و يعيشوا كل جوانب حياتهم ،صار لمعظمهم رأي وقرار اصبح في معظم الأحيان متعارضا مع آراء الآباء المتزمتين ،منهم من اختار الفن ليكمل فيه مساره ،و منهم من أراد أن يسافر ليكتشف ما وراء البحار و بالطبع كان هناك المنضبطون الذين ساروا وفق خطط الآباء أو قرروا أن يكونو هكذا ، كنت شديدة الفخر بهم جميعا و كنت أحترمهم كثيرا ،و أصبح بعضهم يتخلفون عن مواعيدنا ،قلت ربما هي مشاغل الحياة ...
اليوم دعتني الصديقات لنجتمع معا ،أحضرت معي بعض صورنا و توقعت جلسة ممتعة كما لم نفعل منذ زمن بسبب انشغالهن بالطبخ و الكنس و العناية بالزوج و الأولاد ،كنت مصدومة أو أقرب ما أكون للاختناق حين أخبرنني برغبتهن في أن أبتعد عن أبنائهن:من فضلك كفي عن تسميم أبنائنا بأفكارك الشاذة المخالفة لتقاليدنا و مجتمعنا و ديننا ،كفي عن تشجيعهم على الفساد و الانحلال ...
أصبح الفن و التحرر فسادا و انفتاحا ؟ ما يدمي قلبي هو أن معظمهن كن يتفقن معي على آرائي و ان اختلفنا لم يبلغ قط الأمر هذا الحد ،لكن على الأرجح سجن الزواج جعل منهن واحدات من القطيع و كبت فيهن الرغبة في التميز و اكتشاف الجديد و التخلي عن القديم الموروث ...
آن لك الأوان يا زارة أن تعودي لربنا و تحجي و ...
فقط يكفي، غير هذا لم أنطق كلمة ،لملمت نفسي و عدت أجلس وحيدة لا آسف على وحدتي ،أبكي بمرارة كما لم أفعل منذ سنين ذبلت السيجارة في يدي ،و احترق أملي من لهيبها ،ارتميت على أرضية المطبخ و بدأت أعد أنفاسي ... سيصقلون !سيصبحون أفرادا من القطيع أو فاشلين شواذ !!
لا كأس قد تنسيني ما بي ،لست نادمة أن ليس لي أولاد ،على الأرجح كنت لأصبح زوجة مستلبة مثلهن و يصبحوا مبثوري الفكر مثل أبنائهن ، هكذا أواسي نفسي ،غصتي و دمعتي كم أخشى أن تكونا ندم ، لا تقترب مني يا ندم ،دعني صامدة واقفة جلمودا إن تطلب الأمر ،لكن لا تقترب و لا تقل وا أسفاه فات أوان ،فلم يفت أي أوان .
ما كان ليختلف الأمر لو كانوا أبنائي لأني ما كنت لأفرض عليهم شيئا ،أدركت أن دوري انتهى ، أعطيتهم المفاتيح ،و ثورتهم ليست مشروطة بوجودي ،قدمت لهم المبدأ ،كان هذا واجبي و لازالوا أحرارا في اتخاذ القرار
أعلم التناقض موجود في واقعنا ،لكن قدرتنا على الصمود هي التي ستحدد مدى تأثرنا ...
لا زالوا أحرار
و لازلت أنتظر رسالة مواساة منهم أو وعدا بالمضي قدما و عدم الانضمام للقطيع
لازلت أنتظر ثمرات....
لا زلت أنتظر ...



#حفصة_بوحدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذا الموت أو ذاك
- أحطأت التقدير
- سأمضي
- يوم مقداره ألف سنة
- في حضن الزمن البارد
- نحن هكذا أجمل !
- قبل و ضفاضع
- نخبكن! نخب التحرر من التناقض ...


المزيد.....




- السعودية تترأس لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة والإعل ...
- صلة رحم.. معالجة درامية إنسانية لقضايا النساء
- السعودية تترأس لجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة رغم ان ...
- البابا فرنسيس يغسل ويقبل أقدام السجينات في مراسم خميس العهد ...
- السعودية رئيسا للجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة عام 2025
- انتخاب السعودية لرئاسة لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة وسط ...
- -اكتشاف هام- يمنح الأمل للنساء المصابات بـ-جين أنجلينا جولي- ...
- ما حقيقة مشاركة السعودية في مسابقة ملكة جمال الكون بالمكسيك ...
- إيه الحالات اللي بتحتاج استئصال للرحم؟
- بعد خلاف حول الحجاب .. فرنسا تقاضي تلميذة اتهمت مدير مدرستها ...


المزيد.....

- جدلية الحياة والشهادة في شعر سعيدة المنبهي / الصديق كبوري
- إشكاليّة -الضّرب- بين العقل والنّقل / إيمان كاسي موسى
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- العبودية الجديدة للنساء الايزيديات / خالد الخالدي
- الناجيات باجنحة منكسرة / خالد تعلو القائدي
- بارين أيقونة الزيتونBarîn gerdena zeytûnê / ريبر هبون، ومجموعة شاعرات وشعراء
- كلام الناس، وكلام الواقع... أية علاقة؟.. بقلم محمد الحنفي / محمد الحنفي
- ظاهرة التحرش..انتكاك لجسد مصر / فتحى سيد فرج
- المرأة والمتغيرات العصرية الجديدة في منطقتنا العربية ؟ / مريم نجمه
- مناظرة أبي سعد السيرافي النحوي ومتّى بن يونس المنطقي ببغداد ... / محمد الإحسايني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة - حفصة بوحدو - العمة زارة