أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي















المزيد.....

تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي


صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 1144 - 2005 / 3 / 22 - 14:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هناك علاقة مباشرة بين ممارسات السلطة المستبدة والانحراف في أنماط السلوك غير السوي في المجتمع، وبالضد من ذلك فأن السلطة العادلة تعمل على تقويم السلوك الشأن في المجتمع من خلال نشر مبادئ العدالة والمساواة بين أفراده، مما يسفر عنه الارتقاء بالأنماط السوية للسلوك الاجتماعي ويخلق وشائج جديدة مع مسارات السلطة العادلة للاستفادة قدر الإمكان من نتائج استحقاقاتها لتحقيق المصالح الذاتية.
وهذه الوشائج الجديدة لاتقتصر على السلطة والمجتمع، وأنما تنسحب على أفراد المجتمع ذاته حيث يتصرف الأفراد على نحو أكثر تسامح ورقٍ فيما بينهم للاستفادة القصوى من المناخ العادل الذي تؤمنه السلطة لتحقيق المصالح المتبادلة. وبالتالي تحقيق المكاسب والمنافع المتبادلة، وبالمحصلة خلق السلام والاستقرار الاجتماعي الذي بدوره يحيد آليات العنف والاستبداد للسلطة ويخفف من وتيرة العنف الاجتماعي.
يعتقد ((مصطفى حجازي))" إذا كان القهر من خلال الإرهاب والقمع هو الحقيقية التي تعشعش في بنية المجتمع المتخلف لتنخرها وتلغمها، فإن العنف على مختلف صوره لابد أن يكون السلوك الأكثر شيوعاً حين تسنح الفرص. تلك هي كارثة الرباط الإنساني، طالما لم تتغير العلاقة بأخرى أكثر مساواة تعيد الاعتبار إلى الحاكم والمحكوم".
تعتبر السلطة المستبدة، مؤسسة تشرف على ابتكار آليات وسُبل العنف والقهر للسيطرة على المجتمع لإطالة فترة تحكمها به. وتلك السُبل لاتقتصر على تفعيل أو تعدد أجهزة العنف، وأنما تترافق مع نهج وتوجه فكري يعمل على ترسيخ مفاهيم الإذعان والخنوع في وجدان الإنسان المقهور من أجل شل حركته المضادة ولأمد طويل.
وهنا تكمن خطورة مؤسسة الاستبداد خاصة إذا نجحت في إضعاف وشل حركة التوجهات الفكرية المضادة من التسرب إلى المجتمع. كما أنها تعمل على ترسيخ حالة الشعور بالتهديد المتواصل وعدم الاستقرار في اللاوعي لدى الإنسان المقهور، مما يجعله في موقف الدفاع الدائم والحذر الشديد من أي شيء يمت بصلة للسلطة أو قد يخالف توجهاتها للحفاظ على حياته!.
حينها يصاب الإنسان المقهور بحالة العجز واليأس وعدم القابلية على استيعاب الأحداث الجارية في محيطه، والقبول بالأمر الواقع. يلجأ إلى أساليب الادعاء الفارغ بإدراك الأحداث الجارية للوصول إلى حالة الاستقرار النفسي الكذب.
يرى ((مصطفى حجازي))" يتذبذب الإنسان المتخلف بين الشعور الشديد بالعجز عن استيعاب العالم وطغيان مشاعر السيطرة على الواقع من خلال استخدام أسلوب الحذق (الفهلوة) كوسيلة للفهم".
إن من الخطأ قراءة هذا الواقع الاجتماعي بمسلمات فكرية جاهزة، تستند إلى الاحتكام لمفهوم العقل لوحده دون النظر إلى العواطف الكامنة في الذات الإنسانية المقهورة لإعطاء تفسيرات غير دقيقة لشأن اجتماعي دقيق يختلف كلياً عن الشأن السياسي وتفسيراته المضللة عن الواقع الاجتماعي.
إن التنافس بين الأحزاب السياسية في المجتمع المتخلف لاستقطاب (أو كسب) الأوساط الاجتماعية وتوظيفها لتوجهاتها أو تنظيمها الحزبي، لايستند عملياً إلى القناعة الفكرية (بعكس ادعاءات الأحزاب!) وإنما إلى دغدغة عواطف العامة من الناس واستغلال جنوحها نحو العدالة والمساواة.
بدليل أن أغلب هؤلاء من الجهلة والأميين في المجتمع ويجهل الغالبية منهم ماهية الفكر وما يعتنقه، وليس لديه القدرة على خوض المناقشة الفكرية للدفاع عن توجهاته ومعتقداته السياسية. وبالضد من ذلك، فأن المثقف وما يعتنقه من فكر ناتج عن إدراك ووعي بماهية هذا الفكر ولديه القدرة على خوض المناقشة الفكرية للدفاع عنه أو لإقناع الآخرين بماهيته.
يرى ((بارتيو))" أن العواطف هي القوى الأساسية المسيطرة على السلوك الاجتماعي، في حين أن المنطق والعقلانية لها أهمية ضئيلة. وعلى الباحث ألا يلجأ إلى تفسير السلوك البشري من خلال المنطق والعقلانية، وإنما عليه أن يلجأ نحو دراسة العواطف الكامنة وراء هذا السلوك".
وهذا ما يدفعنا للمطالبة بضرورة إشراك علماء الاجتماع في اتخاذ القرارات السياسية الخاصة بالشأن الاجتماعي، إذا ما أريد للحلول أن تأخذ مجراها الصحيح في معالجة أزمات المجتمع المستعصية واجتثاث مسبباتها عبر استخدام سُبل علمية صحيحة وبعيدة كل البعد عن المسلمات النظرية للسياسي وما يتخذه (في أغلب الأحيان) من أساليب عنفية لفرض السلوك السوي أو تعديل المسار الاجتماعي بما يتوافق وتوجهاته الفكرية.
إن أغلب الأزمات الاجتماعية وما أسفر عنها من كوارث ومعاناة دفع المجتمع ثمنها الباهض خاصة في دول العالم النامي ناتجة عن إنفراد السياسي بالقرار، واعتقاده الخاطئ بأنه أكثر إدراكاً وفهماً للمعضلات الاجتماعية من الآخرين.
وهذا ما أدى به إلى إقصاء المختصين والباحثين والمثقفين عن مراكز القرار، كما أنه يؤشر لحالة سيطرت الأميين والجهلة على قيادات الأحزاب السياسية وبالتالي تعطيل مشاركة النخب العلمية والمثقفة في اتخاذ القرار.
تنتهج الأنظمة القهرية نهيجين أساسين للتحكم بالمجتمع هما: الاستبداد والعنف وترسيخ هواجس الخوف والإذعان في اللاوعي لدى الذات الإنسانية لشل قدرتها على الحركة المضادة. لذا نجد أن أغلب تلك المجتمعات، تعيش حالة من الاستنفار الدائم للدفاع عن النفس ضد الجوع والفقر والقهر...... وتصبح غايتها الحفاظ على الذات ولا تعنيها الذوات الأخرى في المجتمع.
وبالضد من ذلك فان الاستقرار الاجتماعي يؤسس لحالة المطالبة بتحقيق الإصلاح لجني أكبر قدر من المنفعة، لأن المطالبة الفردية لاتحقق الرغبة والطموح لدى الفرد كونه غير قادر لوحده فرضها على السلطة إلا من خلال المطالبة بمصالح المجتمع ككل.
لذا فأن الأنظمة المستبدة عندما تشعر أنها استنفذت كل سُبل تصعيد حالة الاستنفار لدى الفرد في المجتمع، تلجأ إلى شن الحروب على جيرانها من أجل خلق سُبل جديدة تعمل على تصعيد حالة الاستنفار إلى أقصى الحدود. وترسيخ الاعتقاد لدى الفرد في المجتمع بحالة التهديد بالفناء الكامل، مما يؤسس لحالة أكثر تعقيداً تتجاوز حالة العجز واليأس إلى حالة الإيمان بالقدرية وبعدم جدوى المقاومة!.
ترى ((ماريا برنيري))" أن النظم المستبدة، لايمكنها أن تعيش إلا إذا جعلت من الحرب مؤسسة دائمة".
إن إحدى أهم أسباب تفشي أنماط السلوك غير السوي في المجتمع، يعود إلى حالة الاستبداد والعنف. وتكمن المعالجة في اجتثاهما والشروع بتنفيذ خطة قصيرة وطويلة الأجل لترسيخ الاعتقاد بأهمية انتهاج أنماط السلوك السوي لتحقيق العدالة والمساواة.
وتقع هذه المهمة بالدرجة الأولى على عاتق المختصين من علماء الاجتماع ورجال الدين الأسوياء والمثقفين، كونهم الأكثر دراية ومعرفة بهموم المجتمع والأكثر قدرة على رفع مستوى الوعي وإعادة توظيف القيم الإنسانية في وجدان المجتمع.



#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دور علماء الاجتماع في تقويم المجتمع
- موقف الفلاسفة من الحاكم والحكومة
- العلم والجهل في المجتمع
- تحرير الثقافة من الهيمنة والتسلط
- الحكومة والشعب
- التصورات اللاعلمية في الفكر الماركسي
- مجالس الفلاسفة والعلماء مع السلاطين
- الملوك والفلاسفة وتهمة الإلحاد
- النظام الديمقراطي والسلطة السياسية
- الفشل في تحقيق الذات وانعكاساته السلبية على المجتمع
- العنصر الثالث لدعم الاستقرار والتوازن الاجتماعي
- سلطة القانون في المجتمع
- مواصفات الرئيس وشروط الرئاسة
- شروط وآليات العقد السياسي والاجتماعي في كتابة الدستور
- المرأة والحب في عالم الفلاسفة والأدباء
- انعدام سُبل الحوار والنقاش مع الإنسان المقهور
- النزاعات العرقية والمذهبية في المجتمعات المقهورة نتاج سلطة ا ...
- تنامي ظاهرة الحقد والعدوانية في المجتمعات المتخلفة
- شرعنة العنف والقتل في الدولة الإرهابية
- العنف والإرهاب نتاج طبيعي للتخلف والاستبداد


المزيد.....




- تمساح ضخم يقتحم قاعدة قوات جوية وينام تحت طائرة.. شاهد ما حد ...
- وزير خارجية إيران -قلق- من تعامل الشرطة الأمريكية مع المحتجي ...
- -رخصة ذهبية وميناء ومنطقة حرة-.. قرارات حكومية لتسهيل مشروع ...
- هل تحمي الملاجئ في إسرائيل من إصابات الصواريخ؟
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- البرلمان اللبناني يؤجل الانتخابات البلدية على وقع التصعيد جن ...
- بوتين: الناتج الإجمالي الروسي يسجّل معدلات جيدة
- صحة غزة تحذر من توقف مولدات الكهرباء بالمستشفيات
- عبد اللهيان يوجه رسالة إلى البيت الأبيض ويرفقها بفيديو للشرط ...
- 8 عادات سيئة عليك التخلص منها لإبطاء الشيخوخة


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - صاحب الربيعي - تأثير الاستبداد والعنف على اختلال أنماط السلوك الاجتماعي