أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - قمــة الهــــاويات















المزيد.....

قمــة الهــــاويات


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1144 - 2005 / 3 / 22 - 13:40
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


إكرام الميت دفنه حسب الشريعة الإسلامية التي يتمسك "الجميع" بأهدابها ويعيشون والحمد لله على بركاتها وكراماتها .فلم الإصرار على إبقاء هذا الوليد المشوه بدون مواراة للثرى والتعامل معه على استحياء ؟ وهل أصبح عالة وعبئا على الجميع؟ وهل تحولت القمة إلى تقليدا بروتوكوليا واحتفاليا ليس إلا لتوحي للبعض بأن العربان قد مروا من هنا يوما ما,وتمنع البكاء على أطلال رومانسيات الأحزاب القومية ,وإقامة مجالس العزاء؟ وهل اعتذار هذا العدد الكبير من الزعماء عن الحضور مؤشر على الحالة الصحية الحرجة لهذا الجسد الذي فتكت به وأنهكته الأمراض والعلل والقابع في غرفة الإنعاش؟أم استجابة للضغوط القادمة من وراء البحار لتبقى المسائل المعلّقة معلقة إلى نهاية الزمان؟ وهل هو إيذانا بإعلان الوفاة الرسمية,,بعد المعاناة الطويلة من حالة الموت السريري والدماغي,ونزع أنابيب التغذية الإعلامية عنه؟وهل أصبح الحضور بحد ذاته مشكلة ,ومعضلة تتطلب تناغمات,وتوافقات دولية وإقليمية مستحيلة التحقيق ,في ضوء الخلافات الثنائية المزمنة بين أكثر من طرف,وحساسية الأوضاع المتفجرة هنا وهناك,والوجود العسكري الضاغط للجار القوي الجديد في عاصمة عربية فاعلة,أم أنه انهيار أحلام المشاريع القومية,وتراجعها للحدود الدنيا المعدومة تقريبا ,وتعقدالأوضاع العامة,واستحالة حلحلتها ,وإحداث اختراقات جدية فيها جعل عقد أية قمة عربية ضربا من العبث والخيال؟والسؤال المثير حقا لماذا الإصرار على البقاء على هذا النظام بهذا الشكل في ضوء فشله وإخفاقه كليا في حل أية مشاكل مطروحة؟هل هو الحنين لتقاليد الشجب والتنديد والرفض والاستنكار, والصراخ المدوّي في الفضاء؟

لا يختلف اثنان على أن الوضع لايسر عدو ولا صديق,ويعيش الجميع مشاكل متعددة وهواجس أمنية وسياسية واقتصادية واجتماعية ووجودية مصيرية وأصولية وعرقية متفجرة وكامنة تحت الرماد,ويعتقدون أن الاحتماء بمؤسسة القمة واللجوء إليها سيجنبهم الهزات القادمة لامحالة. وتجعل هذه العوامل مجتمعة أي تفكير جدي بعملية إصلاح حقيقية,فيما لو حسم أمرها إيجابيا, تحتاج لسنوات لدراستها وقولبتها قبل إيجاد الحلول العملية والواقعية المُرضية لها. وإذا كانت المواضيع الخلافية تأخذ قسطا كبيرا من المداولات فإن المواضيع المتفق عليها تكاد تكون شبه معدومة ,اللهم في المسائل الأمنية التي تُعنى بقمع هذه الشعوب أكثر من أي شيء آخر والجميع متفق على ذلك بحمد الله.ولقد كانت القرارات التاريخية دائما غير ذات شأن,ولم تحدث أية تحولات, ولم ينفذ شيء منها ,وكان مصيرها الأرشيف والتسويف وإحالتها إلى اللجان المختصة والمتفرعة والتي تعني بالعرف الديبلوماسي التملص من تنفيذها,ودفنها في خزانات وزارات الخارجية. كما كان اللجوء الدائم,وفي أغلب الأحوال للصيغ التوافقية المطاطية,التي لاتزعج حتى جزر القمر وزنجبار والصومال, إشارة على العجز الكلي عن حل القضايا الكبرى ومواجهتها بالشكل العملي والعلمي والموضوعي.ولقد أظهر السجال الذي حصل حول عملية الإصلاح عقب الغزو الأمريكي للعراق عقم أية قضية مطروحة أمامها,وعدم التعامل معها بحيادية وموضوعية ,والفشل في أحيان كثيرة في التوصل إلى أية حلول عملية وواقعية بشأنها.وقد قللت الملاسنات الكلامية التي بدت غير مألوفة,وخارجة عن الإطار الرسمي الصارم من هيبتها ,وأظهرت عمق الشرخ والمستوى الحقيقي لما وصلت إليه العلاقات ,وتفجرها سبابا وتشهيرا على الهواء.فماذا سينتظر المرء من هؤلاء؟ومعظم الأنظمة مهددة بشكل أو شيء ما؟ وأصبح جل اهتمامها ومحور تحركها هو البقاء على قيد الحياة.

واستبقت القمة تصريحات توراتية متفائلة ديبلوماسيا عن رغبة عشر دول عربية إقامة علاقات كاملة مع الدولة العبرية.وكانت أيضا تصريحات أحد وزراء الخارجية أخيرا حول عدم قدرة البعض على التعلم مثيرة للدهشة وخروجا على كل الأعراف الديبلوماسية.كما كانت تلك القمم أحيانا تشريعا وإعلانا لموت النظام العربي التقليدي. ولا سيما القمة التي أعقبت غزو العراق للكويت ,وانقسام العرب إلى تيارين رئيسيين مختلفين مع وضد الغزو,وانهيارا تاما لمعاهدة الدفاع العربي المشترك ,التي "تحولت بقدرة قادر" إلى حلف لهجوم مشترك على دولة عضو في الجامعة,وشرعنة عملية للاعتداء عليها .وكانت كل قمة تنحدر نحو الهاوية أكثر فأكثرمن سابقتها .فمن قمم الرفض واللاءات والصرخات النارية ,إلى قمة الدعوة للتطبيع العلني,وإقامة العلاقات,دون حدوث متغيرات لوجستية تذكر في الميدان ,فيما ننتظر ماتحمله القمة القادمة,لو انعقدت,من مفاجآت سارة تدعونا لما هو أعظم وأدهى.وأصبحت في النهاية مجرد ختم رسمي لتمرير الصفقات الكبيرات. فيما يراقب العربي العادي التي تحمل القمة اسمه المشهد بذهول واندهاش.

لا ينكر أحد أن منظومة القمة العربية تتقاذفها تيارات كثيرة,ومحاور واضحة لايجمع بينها جامع, يحاول كل منها التأثير في عمل القمة وقراراتها.والتسابق في تقديم فروض الولاء والطاعة لعواصم القرار. وتبقى المصلحة الفردية لكل نظام على حدة, هي الأساس في تحركه وتوجهه الدائم ,ويقيّم من خلالها العمل العربي المشترك,في حين انعدمت المصالح المشتركة العامة كليا في ضوء التبعية السياسية والاقتصادية لقوى عالمية تتحكم بكل خيوط اللعبة,وتديرها من خلف الستار.وقد كانت هذه القوى بشكل عام تقريبا هي الموجه لعقد أكثر من قمة,وكانت موافقتها الضمنية تعني الضوء الأخضر للمضي قدما في أمر القمة, التي كثيرا ما كانت البيانات الختامية تراعي عدم إغضابها والحفاظ على حبال الود معها.ويعتبر اللوبي الأمريكي في مؤسسة القمة من أقوى اللوبيات ,فيما انزوى بعيدا واختفى خجلا التيار العروبي واللوبي العربي الضعيف وصار يعلن عن نفسه بشكل نادر, وعلى استحياء كما أن مفرداته وخطابه لم تعد تثير, أو تقنع أحدا على الإطلاق.

أن من تقاليد القمم المعروفة التي تعقد هنا وهناك بشكل دوري, أن تجري عملية حساب ومراجعة دائمة لما قد تم انجازه وبرامج العمل المقبلة,وما هي المواضيع التي فرغ منها وحلها وتقييم إداء المرحلة السابقة وتطوير العمل , وحسابات الربح والخسارة .وكثيرا ماكانت تتجاوز العقبات وتجد الكثير من الحلول .ولكن هنا وفي هذه الحالة تتعقد الأمور كل مرة وتختلق مشاكل وأزمات جديدة فيما تُنسى القضايا الأساسية والجوهرية.وقد بدأ العرب قممهم بوجود قضية العرب الأولى فلسطين أيام المد والعز القومي البائد ,ولكن أصبح هناك الآن عد من "الفلسطينيات" المستحدثات التي تنتظر رحمة انعقاد القمة وتحويلها إلى لجان الاختصاص. وباتت أكثر من مشكلة تتطلب الكثير من القمم لمجرد الاتفاق على مناقشتها وجدولتها لتأخذ دورا على أجندة الأعمال.

مما لاشك فيه أن عصر الرومانسية القومية قد انقضى وإلى غير رجعة على الإطلاق,ولم يتحد العرب في تاريخهم المعاصر, ويتفقوا على شيء على الإطلاق, ولم تعد المراهقة السياسية لهذه القيادات الهرمة تناسب أحدا ولاسيما بعد بلوغهم من العمر عتيا ودخولهم دهاليز الشيخوخات السياسية .وأصبح التفكير العقلاني البراغماتي مطلوبا أكثر من أي وقت مضى. ولقد كانت الشعوب ومصالحها,التي تعيش في هاويات في السياسة, وهاويات في الاقتصاد ,وهاويات في الاجتماع,وفي مغاور الحضارة والزمان هي الغائب الأكبر دوما,والخاسر الأكبر في كل المؤتمرات,ولم تحقق لها هذه القمم سوى المزيد من خيبات الأمل والانكسارات وتردي الأحوال.كما لن تفلح هذه القمة وغيرها من فتح آفاق جديدة لهذه الشعوب,وإعطائها دفعة حضارية شاملة وكلية, وتخليصها من براثن الفقر,ونشلها من أعماق البؤس والتخلف والشقاء. ولذلك أصبح الجميع يقابلها بفتور, ولا مبالاة واضحين, كونهم غير معنيين إطلاقا بما يتمخض عنها من نتائج وقرارات, كانت في الغالب والأساس للإبقاء على هذه الأنظمة لأكبر فترة ممكنةعلى قيد الحياة, والحفاظ على هذا النظام الشائخ المترهل من الموت والهلاك.لذلك كله أصبح التفكير بإيجاد صيغ جديدة وعملية, تواكب التطورات أمرا ملحا أكثر من أي وقت مضى نظرا لدقة المرحلة وخطورة التطورات.
وعزاؤنا الِوحيد هو الترحم على الماضي برغم مراراته, وهدايانا انتظار المزيد من التنازلات والانحدارات.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مهمـة مستحيـلة
- حرب النكايات والضرّائر السياسية
- اللقمـــة السائغــة
- طوفــان الإنترنت
- ليل العــربان الطويل
- طغـــــاة بلا حـــدود
- المجتمعات الذكورية والفحولة الشمولية
- عصـــر التحــولات
- تراث المخابرات في كتابات الأدباء
- إيــّـاك ....ثمّ....إيــّـاك
- ما قبـل العاصفـــة
- دســاتير برسـم البيـع
- مرشـــح رئاســي
- البقــــرة الحلـوب
- سقــــوط الرهانات
- سورية العظمـــى
- هل نحن أمة من الجهـــلاء؟
- دروس في الديمقراطيـــة
- الحـــــرب الإليكترونية
- بالـــونات الهواء


المزيد.....




- وحدة أوكرانية تستخدم المسيرات بدلا من الأسلحة الثقيلة
- القضاء البريطاني يدين مغربيا قتل بريطانيا بزعم -الثأر- لأطفا ...
- وزير إسرائيلي يصف مقترحا مصريا بأنه استسلام كامل من جانب إسر ...
- -نيويورك تايمز-: الولايات المتحدة تسحب العشرات من قواتها الخ ...
- السعودية.. سقوط فتيات مشاركات في سباق الهجن بالعلا عن الجمال ...
- ستولتنبرغ يدعو إلى الاعتراف بأن دول -الناتو- لم تقدم المساعد ...
- مسؤول أمريكي: واشنطن لا تتوقع هجوما أوكرانيا واسعا
- الكويت..قرار بحبس الإعلامية الشهيرة حليمة بولند سنتين وغرامة ...
- واشنطن: المساعدات العسكرية ستصل أوكرانيا خلال أيام
- مليون متابع -يُدخلون تيك توكر- عربياً إلى السجن (فيديو)


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - قمــة الهــــاويات