أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - علي هصيص - أبنائي وصحن القهوة














المزيد.....

أبنائي وصحن القهوة


علي هصيص

الحوار المتمدن-العدد: 3961 - 2013 / 1 / 3 - 23:18
المحور: التربية والتعليم والبحث العلمي
    



مع أنهم محترفون في تكسير الصحون والصواني يوما بعد يوم، وأحيانا كل يوم، مما يضطرنا إلى شراء الزجاجيات المطبخية بين الحين والآخر، إلا أنهم يكونون حريصين جدا على صحن القهوة عندما يكونون في الصف الأول، مع أنه لا قهوة فيه ولا فنجان، والأمر ببساطة يتعلق بتلك التجربة التي تعلمناها قبل ألف عام حين كنا نضع القطن على غطاء علبة النيدو، ونضع عددا من حبات العدس لتنمو البذور قليلا بعد أيام قليلة.
مازال نظامنا التربوي متمسكا بهذه التجربة التي ستحل أزمة الغذاء العالمي عام 2030، وكأنها كذلك ستؤمن احتياجات الأجيال القادمة من العدس والفول وسائر البقوليات!
أما آن الأوان أن تتسع هذه الرقعة الزراعية؟ أما آن الأوان أن نستغني عن القطن ونعود إلى التراب؟ ولست أدري ما هو السر الدفين المخبوء في أدمغة التربويين حتى يصروا على أن تبقى هذه التجربة الزراعية في هذه المساحة المحمولة بين يدي طفلتي الصغيرة حتى في أيام البرد؟
هل هذا الصحن هو البديل عن الأحواض الزراعية الشاسعة التي كانت تسحرنا بمنظرها الخلاب في سهل حوران والأغوار التي بدأت أراضيها تتفتت هي الأخرى؟ والمقصود بتفتيت الأراضي هو فرزها رسميا من مساحات كبيرة إلى قطع صغيرة.
يقول نجيب نصار في جريدة الكرمل الفلسطينية بتاريخ 16/5/1926م: "بحت أصواتنا ونحن نصيح إن المعارف في فلسطين غير عملية وتعلم الطلبة على أن يصيروا اتكاليين يطلبون الوظائف الكتابية في الحكومة، بحت أصواتنا ونحن نطالب المستر بومن والإدارة بتعليم مبادئ الزراعة في مدارس القرى، وتخصيص كل مدرسة بعشرات من الدونمات يتمرن فيها الطلبة على غرس الأشجار وترتيبها، وعلى البستنة وزراعة الحبوب..."
حدثني الأستاذ الروائي هاشم غرايبة عن مدرسته في قرية حوارة شرق مدينة إربد حين كانوا في الخمسينيات من القرن الماضي يخصصون لكل طفل قطعة يزرعها، ويعلمونه كيف تتم عملية الزراعة من ألفها إلى يائها، ويأخذ محصولها كاملا في نهاية الموسم لأهله. واليوم ما زال نظامنا التربوي مصرا على الزراعة في القطن وفق استراتيجيات تدريس واستراتيجيات تقويم حديثة يوثقها المعلم في دفتر التحضير، مع أنهم في حوارة لم يكونوا يعرفون هذه الاستراتيجيات إلا أنه تعليم نفعي إنتاجي، لا تعليم استهلاكي كما هو في هذه الأيام.
قبل عامين أو ثلاثة جاءنا الإعلامي المبدع أحمد الشقيري في برنامجه الشهير "خواطر" بحلقة عن التعليم في اليابان، شاهدنا في تلك الحلقة كيف يصطف التلاميذ الصغار ذوو السنوات الثلاث والأربع كل صباح ليجلسوا تباعا – والعفو منكم- خلف بقرة يمسكون ضرعها ويتعلمون كيف تحلب البقرة!
أما عندنا فقد استدعى المدير العام الذي تم تعيينه بالواسطة في إحدى المدارس معلم التربية المهنية ليمنعه من أن يذبح خروفا في المخيم الكشفي المراد إقامته! وعندما سأله المعلم عن السبب أجابه بأن الطلاب يخافون من الدم! طبعا هؤلاء طلاب الكشافة! فما بالنا بغير الكشافة؟ إجمالا قام المدير العام بإلغاء البرنامج الكشفي من المدرسة بشكل نهائي؛ مع أنه برنامج عمره عشرون عاما، ومن ذلك الحين وأنا أفكر بكتابة قصة قصيرة أو طويلة بعنوان "خروف المدير العام" ولكن لست أدري من أين أبدأ!
قبل مدة كتبت ومضة شعرية تقول:
مسكين تموز
معبودٌ
مسخوه إلى شهر

يبدو أن هذه الومضة قد مسخت أيضا لتصير:
مسكين حوران
جنات
مسخوها في صحن

أما أنت يا ابنتي العزيزة، فعودي لنا بصحن القهوة سالما معافى، ففنجان القهوة من غير صحن يفقد جزءا من معناه، تماما كما فقد الفلاح في سهل حوران فأسه، وراح يشتري العدس والخبز والبيض من المدينة!
نسيت أن أقول لكم إن مارية ابنتي كانت تبكي عندما تأخر نمو العدسات قليلا، حيث كانت ترقبها ساعة بساعة، لذلك لن أخبرها بما حلّ بسهل حوران.



#علي_هصيص (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سؤال موجه إلى طلابي
- أبناء أيوب
- هل يوجد لدينا مناهج لغة عربية؟
- آدم وإيﭭلين: من الشيوعية إلى الخبز السماوي
- مقطع من رواية (ديزل)
- مآخذ على كتاب -الصائح المحكي- لخالد الكركي
- لماذا فشلنا في تدريس التعبير؟
- كاميليا الرواية الأردنية
- يا حروفا في ضمائرنا
- ليل قديم
- المناهج: بين الواقع المفروض وآمال النهوض
- حسبي محبا
- لولا قافلة عطشى
- ابن خلدون علقمي دمشق
- قبل مطلع فجرنا
- شعر
- أوان الندى
- الترجمة العربية الأولى ليوميات كافكا
- البحث عن البيت السابع
- التهافت الغريب


المزيد.....




- -الطلاب على استعداد لوضع حياتهم المهنية على المحكّ من أجل ف ...
- امتداد الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين إلى جامعات أمريكية جدي ...
- توجيه الاتهام إلى خمسة مراهقين في أستراليا إثر عمليات لمكافح ...
- علييف: لن نزود كييف بالسلاح رغم مناشداتها
- بعد 48 ساعة من الحر الشديد.. الأرصاد المصرية تكشف تطورات مهم ...
- مشكلة فنية تؤدي إلى إغلاق المجال الجوي لجنوب النرويج وتأخير ...
- رئيس الأركان البريطاني: الضربات الروسية للأهداف البعيدة في أ ...
- تركيا.. أحكام بالسجن المطوّل على المدانين بالتسبب بحادث قطار ...
- عواصف رملية تضرب عدة مناطق في روسيا (فيديو)
- لوكاشينكو يحذر أوكرانيا من زوالها كدولة إن لم تقدم على التفا ...


المزيد.....

- اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با ... / علي أسعد وطفة
- خطوات البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا ... / سوسن شاكر مجيد
- بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل / مالك ابوعليا
- التوثيق فى البحث العلمى / د/ سامح سعيد عبد العزيز
- الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو ... / مالك ابوعليا
- وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب / مالك ابوعليا
- مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس / مالك ابوعليا
- خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد / مالك ابوعليا
- مدخل إلى الديدكتيك / محمد الفهري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - التربية والتعليم والبحث العلمي - علي هصيص - أبنائي وصحن القهوة