أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خالد الأحوازي - مائة عام على المتغيّرات في السياسة الخارجية الإيرانية















المزيد.....

مائة عام على المتغيّرات في السياسة الخارجية الإيرانية


خالد الأحوازي

الحوار المتمدن-العدد: 3960 - 2013 / 1 / 2 - 02:34
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


في محاولة جادّة لفهم السياسة الخارجية الإيرانية لا بدّ من تقديم صورة موجزة عن المتغيّرات التي طرأت على السياسة الخارجية للدولة الإيرانية في القرن الماضي و لتقريب الصورة يجب تحديد موقع الخارطة السياسية لهذا البلد الذي يحتلّ مكانة جيوسياسية هامّة في منطقة كثيرة الحساسية من العالم فلابدّ من رسم خارطة طريق للوصول الى درك عميق في اللاشعور الذي يقود السياسي الإيراني نحو نمط معيّن من صنع القرار في هذا البلد.
مع الأخذ بعين الإعتبارضوابط وأصول هيكلية تبنى عليها سياسة هذا البلد دون مجافات الحقيقة أو التجرّد من نزاهة الباحث أو حتى الغفلة عن موضوعية المؤرخ وفي نفس الوقت تقمّص ضمير القاضي في تناول هذه القضية الشائكة التي تعتريها الكثير من المحاذير و تلتبسها الإشكاليّات العديدة.
كلّ المؤشرات تشير الى أنّ الدولة الإيرانية الحديثة منذ تأسيسها كانت ولا تزال تبذل كل ما بوسعها من طاقات لبسط سطوتها على المنطقة فتتعامل الدولة الإيرانية في سياستها الخارجية مع دول الجوار على أنها حديقتها الخلفية. فجميع الحروب التي شنتها الحكومة الإيرانية بصورة مباشرة أو بالوكالة كانت هدفها السيطرة على المناطق الإقليمية التي تعتبرها ضمن حدودها القومية في يوم من الأيام وتسعى لاستعادتها عبر القوة إن تطلّب الأمر.
من هذا المنطلق كان العهد الصفوي وبسبب صدام الحكومة الإيرانية مع الخلافة العثمانية على السيطرة والتمدّد نحو الغرب في الدول العربية صراعاً شرساً شهد أكثر من حرب بين الطرفين ، لكنّ الصفويين اختاروا آلية تغيير مذهب الدولة قبل خوض معركتهم مع العثمانيين الذين كانوا يمسكون بشرعية دينية على جميع المسلمين فتغيير المذهب كان بمثابة اعلان تقوقع نحو الداخل من قبل الصفويين بسبب عجزهم في هزيمة غريمهم القوي واكتفوا بنفوذهم على بقع من معتنقي المذهب الشيعي في المنطقة العربية التي كانت تخضع للسيطرة المباشرة من قبل الخلافة العثمانية.
إنّ آلية تغيير المذهب لدى الصفويين هو عبارة عن محاولة لقطع الطريق على العثمانيين في نشر ولايتهم المذهبية على الدولة الإيرانية ليصبح المذهب الذي كان همزة الوصل بين السلطتين هو الوازع في فراقهم و الدافع في حروبهم المتعددة . إذن كانت الدولة الإيرانية ومازالت تحاول الحفاظ على مكانتها التقليدية في المنطقة من خلال بسط نفوذها الإقليمي بشتى الطرق منها عبر الشرعية المذهبية أو السطوة العسكرية المطعّمة بالدافع القومي حيناً أو الولاية الدينية حيناً آخر .
استلهاماً من الصفويين أي بعد ذلك بعقود وخلال الثورة الدستورية في إيران تمّ استحداث نظرية ولاية الفقيه في المذهب الشيعي لأول مرة ولكن طرحت تلك الفكرة على استحياء من قبل المراجع الشيعية المواليين للمتدينين التقليديين في إيران لتسييس المذهب و مواجهة العثمانية التي كانت بمثابة الأب الروحي للمسلمين كافة في ذلك الوقت.
حيث في العهد القاجاري الذي شهد انتقالاً في الصراع الإيراني نحو روسيا بعد أن أصبحت الخلافة العثمانية كالرجل المريض حسبما كانت توصف به آنذاك وجرّاء الفراغ الحاصل نتيجة عجز العثمانيين من مواصلة نفوذهم في القوقاز فقد فُتحت شهية الإيرانيين للتمدد نحو تلك المنطقة الجيوسترتيجية . ولما اصطدمت إيران القاجارية في سياستها الخارجية مع روسيا هناك والتي كانت تحاول تصرّف البلاد الواقعة جنوبها . حيث كانت تخضع للعثمانيين عندما كانوا قوة لا يستهان بها . فبعد تكبّد الدولة الإيرانية - القاجارية هزائم متعددة في حروبها مع روسيا للسيطرة على القوقاز أثرت أن تترك تلك المناطق لروسيا وتتجه نحو الخليج وتوسيع داشرة علاقاتها مع الغرب . فقد تمكّن القاجار الإحتفاظ بسطوتهم الإقليمية الى فترة ما من خلال توسيع دائرة نفوذهم مع الدول الغربية الصاعدة خدمة لمشروعهم في التوسّع في إقليم الشرق الأوسط.
بعد ظهور الشيوعية في روسيا عام 1917 ومحاولة تمددها نحو الجنوب بسبب هون القاجاريين ظهر رضا شاه عام 1925 وهو صاحب النزعة القومية المفرطة و الرؤية الشاملة للدولة الإيرانية العتيدة ، وهو رجل عسكري كان يحلم ببناء دولة قومية تشبه إمبراطوية فارس القديمة من خلال العمل على خلق مفاهيم قومية تتناسب مع مرحلة النهوض القومي المفعم بشعور الإنتماء للوطن الكبير في تلك الفترة . فقد عمل على ترسيخ تلك المفاهيم خلال بناءه للدولة الإيرانية الحديثة وذلك بمساعدة بريطانيا وبعض الدول الغربية الأخرى . لكنّ نزعته القومية الجامحة في التوسّع في منطقة الشرق الأوسط جعلته يرتكب حماقة في تقاربه مع الألمان ودولتهم النازية التي كانت تخوض حرباً شاملة مع العالم الغربي أنذاك . من هنا ، اقتضت الضرورة الإقليمية والدولية باستبداله حيث كان يشكّل خطراً على الإقليم والعالم أنذاك . تمكّن رضا شاه من ترسيخ مفهوم الدولة الحديثة عبر سياسات عنصرية مبنيّة على صهر الشعوب في بوتقة اللغة الواحدة والعرق الواحد و الثقافة الواحدة - الفارسية . مستلهماً هذه السياسات من نظريات هتلر الزعيم النازلي الشرس.
الى أن تمّ استبدال رضا شاه بابنه محمد رضا شاه ولي عهده آنذاك وهو صاحب الرؤية الحديثة الذي تربّى وتخرّج من جامعات غربية في أروبا الغربية لكن ذلك لم يغيّر من جموحه في استكمال مسيرة والده في استنهاض المشروع القومي للدولة الإيرانية القوية ذات السطوة في الشرق الأوسط . فقد تمدد الشاه في جميع المناطق المحيطة به . تخاصم مع العراق للتغلغل في كردستان وضمّه الى بلاده و كذلك مع الروس للسيطرة على أفغانستان . أرسل جنوده لظفار العُمانية لقمع الثوّار هناك . و ساند أنور السادات فر حرب أكتوبر 1973 ضد إسرائيل وهو يحتفظ بعلاقات قويّة مع الدولة الإسرائيلية .
قام ببناء ترسانة نووية بمساعدة الألمان في بوشهر وناطانز و أمير أباد في طهران و تحالف مع السعودية لضمان مصالحه في البحرين ودول الخليج التي فيها طائفة شيعية ليستخدمها عند الضرورة . وكل هذه المساعي تصبّ في هدف واحد هو بناء القوة الإقليمية ذات السطوة والمكانة في الشرق الاوسط لإيران والمضيّ خطوة الى الأمام في بناء الإمبراطورية الفارسية القديمة . فقد تحولت حكومة محمد رضا شاه الى ملكية رعب فيها مخابرات تقتل وتعذّب المعارضين وتدير ملفات شائكة .
السافاك كان يمسك بجميع الأمور و يتدخّل في مفاصل الدولة حيث يعّين السفراء والبعثات الدبلوماسية و يرسل مندوبين للتفاوض مع الدول الخارجية . فالشاه لم يكن قد تدخّل خلال الحرب العالمية الثانية ووقف على حياد وقد هزم القوميين بقيادة رئيس الوزراء محمد مصدق صاحب مشروع تأميم النفط و نظرية انتهاج سياسة مستقلة للدولة الإيرانية بسبب سياساته المتشابكة مع معظم الدول .
إطمئنّ العالم بأسره لسياسات الشاهوكان يرى فيه على أنه الافضل لقيادة إيران التي سوف تنزلق بين منعطفين خطيرين إذا ما سقط ملكها ؛ إمّا التشدد القومي أوالإسلامي . ففي حال سقوطه بيد هذين التيارين ستتحول إيران دولة معادية لا يُعرف مدى سلوكها . لكنّ ذلك لم يشفع له حتى بعد قضائه على أعدائه في الساحة الداخلية و امتلاكه موارداً هائلة من النفط حيث هذا الأمر ساعده على البقاء لفترة طويلة لكن سقط بسرعة لم يصدّق أحد مخلّفاً وراءه ملفات سياسية شائكة صارت من نصيب الإسلاميين المتشددين بقيادة الخوميني الذي كان يخشى العالم بأسره وصولهم لسدة الحكم.
كانت تعبّر ثورة 1979 في بداية المطاف التي قامت بها الشعوب الإيرانية عن رغبتها في بناء نظام ينأى بنفسه عن التدخّل في شؤون دول الإقليم والعالم و الإهتمام ببناء الداخل لكن حدث شئ لم تكن تتمنّاه الشعوب الإيرانية ولا حتى الشعوب العربية ولا الإسلامية حيث جيئ بنظام يجلس على عرش عاجي و يمرر مشاريعه باسم الدين على جميع الشعوب العربية والإسلامية فقد أطلق النظام الجديد المبني على مبدأ ولاية الفقيه لقب "ولي أمر المسلمين" على مرشده الروحي وهذا بحد ذاته يعتبرفرط لعقد "سياسة النأي بالنفس" التي كانت ترجوها شعوب إيران والمنطقة للنظام الجديد.
أضف الى ذلك فقد قام نظام ولي الفقيه في إيران بتأطيرنظامه المركّز على الأيدولوجية الدينية والذي يُعادي بصراحة الأيدولوجية القومية التي كانت متّبعة من قبل النظام الملكي السابق في إيران بتبنّي سياسة التدخّل اللامحدود بشؤون دول الجوار والعالم عبر استخدامه العسكري لبؤر في داخل دول فقام الحرس الثوري باستخدام ذراعه الدولي "فيلق القدس" و المخابرات الإيرانية "إطلاعات" بغرض الهيمنة على المحيط الإقليمي عبر مؤسسات ظاهرها إنساني ولكن باطنها أمني مثل "منظمة إغاثة الخوميني" وغيرها .
وعمل على تنشيط أحلام النظام الإيراني السابق في الوصول الى التقنية النووية لإستخدامها في الأغراض العسكرية وتطوير منظومته البالستية من الصواريخ و الترسانة العسكرية الضخمة بهدف تهديد وإرعاب دول الجوار وكان الهدف الوحيد هو أن تكون إيران القوة الوحيدة التي تهيمن على المنطقة وهذا التوجّه نفسه كان متّبعاً زمن الدولة الفارسية القديمة وصولاً الى الدولة الصفوية مروراً بالقاجاريين و رضا شاه ونجله وصولاً الى ولي الفقيه الذي يُطلق عليه "ولي أمر المسلمين " في إيران . فالهدف محدد وواضح منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا وهو السيطرة اللامحدودة والهيمنة اللامتناهية. فالشئ الوحيد الذي تغيّر منذ ذلك الوقت الى يومنا هذا رغم تغيّر كل تلك الحكومات في إيران فقط آلية التطبيق والطرق المتّبعة ، فيوماً كانت القومية الفارسية تلعب دوراً محورياً في الهيمنة من ثمّ تحوّل الدين ليصبح ذريعة للتمدد والهيمنة من قبل الحكومة الإيرانية في دول الجوار وبوصلة التمدد تغيّر أيضاً لا حكم الهيمنة.



#خالد_الأحوازي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب
- الاستراتيجيه الاسرائيله تجاه الامن الإقليمي (دراسة نظرية تحل ... / بشير النجاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - خالد الأحوازي - مائة عام على المتغيّرات في السياسة الخارجية الإيرانية