أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - الطلبة والعصابات والنكتة الايرانية: حول احداث جامعة البصرة














المزيد.....

الطلبة والعصابات والنكتة الايرانية: حول احداث جامعة البصرة


صائب خليل

الحوار المتمدن-العدد: 1143 - 2005 / 3 / 21 - 13:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


كانت طهران التي رأيتها اواخر عام 1991 مدينة مسالمة رائعة الجمال, تحيط بها الجبال, ويخترقها من الشمال الى الوسط شارع "ولي عصر" الارستقراطي الطويل, وعلى جانبيه صفين من الاشجار الباسقة تنموا عند حافتي كل من الساقيتين الممتدتان على طول الشارع, في العاصمة الايرانية, التي تشرب الماء من الجبال طوال العام, حيث لا تقع تلك المدينة الهائلة بنفوسها البالغة 13 مليونا على اي نهر.

طالما تمشيت وزوجتي ساعات ونحن ننزل هذا الشارع في ساعات متأخرة من الليل, بعد ان نغادر شقة اصدقاءنا المطلة عليه متجهين الى شقتنا الى الجنوب منه, ونحن نستغرب الامان الذي يحيط به حتى في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل.

لكن "ولي عصر" لم يكن هادئا دائما. فلقد اخبرنا العديد من الايرانيين ان هذا الشارع شهد قبل سنوات هجمات من المتشددين الدينيين الذين يركبون الماطورات عادة, على الفتيات والشبان الذين لا يتقيدون بمواصفات اللباس الاسلامي الذي فرضته الثورة في بدايتها, فكان يكفي ان يظهر جزء من شعر الفتاة من ربطة الرأس حتى يقومون بالاعتداء عليها, وتخريب مكياجها ان كانت تضع شيئا على وجهها. كذلك يتعرض الشباب الذين يرتدون قميصا بنصف كم او الذين يرتدون ربطة عنق الى الاعتداء.

تذكرت شارع "ولي عصر" وانا اقرأ الخبر المؤلم والمقلق للاعتداء الوحشي على طلبة جامعة البصرة من قبل شلة مماثلة للعصابات المتطرفة والتي كانت تملأ شوارع طهران عنفا في بداية الثورة. لكن عصابات العراق فاقت تلك التي في طهران, فهناك لم اسمع ان احدا قتل من الضرب ولا ان حاجات الناس سرقت بعد ضربهم.

لم اقرأ للان اي رد فعل من الجهات السياسية الدينية يستنكر ما حدث ويعد بالمعاقبة عليه, بل بالعكس قرأت بعض ما اكد تضامنه مع المعتدين. فسمؤول الطلبة في مكتب الصدر في البصرة, عبد الله المنشداوي, يشرح للشرق الاوسط بتعابير تعود الى قرون سحيقة حتى صعب علينا معرفة معناها فيقول انه قد «أقام عليهم الحجة», (ربما ان احدا قد عينه ولي لله على الارض) وتحدث عن « لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» وان الطلبة « كانوا يمارسون الفسق كونهم كانوا يسمعون الأغاني المنبعثة بصوت عال من مسجل صوت كان معهم خلال شهر محرم، حيث دم الحسين لم يجف بعد. »

الشيخ اسعد البصري اعترف بالمسؤولية عن الاعتداء، وبرره بانه "تكليف الهي". كذلك لم يلق هذا الاعتداء الرد المناسب من مسؤولي المحافظة، بل ان المحافظ ابدى اقتناعه بمبررات الاعتداء. ولم تتدخل قوات الشرطة والحرس الوطني التي كانت متواجدة في المكان لحماية الطلبة اثناء وقوع الاعتداء, لكنها كانت سباقة الى الوقوف مع الجانب المعتدي في وجه الطلبة الذين ردوا بشجاعة حضارية تستحق الانحناء فاعتصموا مطالبين بالاغلاق الفوري لما يسمى "اللجنة الامنية"، واغلاق مكاتب الاحزاب والتنظيمات السياسية داخل الجامعة.

هل تذكركم هذه التعابير الموسيقية مثل "اللجنة الامنية" ب "الامن الجامعي" زمن صدام, وهذه الاعمال التأديبية ب "شرطة اداب" البعث؟ للانصاف اجدني مضطرا ان اقول اني لم اسمع ان وحشية شرطة الاداب وصلت الى ضرب احد ضحاياها حتى الموت! هل هذه اول هدايا الديمقراطية التي نطالب اهلنا الاحتفال بقدومها؟ ام انه عقابها الاول لهم لانهم صوتوا لطوائفهم دون عقلهم؟

كان الايرانيون الذين عرفناهم يتناقلون العديد من النكات السياسية اللاذعة, ومن بينها النكتة التالية:

توفى احد الكفار فاخذه الملائكة الى النار, وفي الطريق شاهد جماعة تحمل حقائبها وتغادر النار وهي ترقص طربا فسأل الملاك الذي يقوده : من هؤلاء؟
فقال له الملاك: هؤلاء لاعبي الشطرنج. لقد اصدرا الخميني عفوا عنهم.
دهش الرجل وسأل الملاك: وكيف لهم ان يغادروا النار؟ اليسوا فيها "خالدين ابدا"؟
لم يجب الملاك واستمرا في السير حتى دخلا من بوابة النار, وعندها شاهدا مجموعة اخرى تعد حقائبها بفرح بالغ وهم يتحدثون بحماس ونشاط, فسأل الرجل الملاك : من هؤلاء؟ ولم يعدون حقائبهم؟
قال الملاك : هؤلاء هم الموسيقيون. لقد علموا ان قرارا بالعفو عنهم قد صدر, وهم ينتظرون تنفيذه في اية لحظة.
استمر الرجل والملاك يسيران داخل النار حتى وصلوا مجموعة اخرى تتهامس فيما بينها وتتساءل عن الاخبار فسأل الرجل الملاك عنهم فقال له: هؤلاء هم السكارى, هناك اشاعة تقول ان عفوا سيصدر عنهم.

هذه النكتة الذكية كانت تقصد انتقاد الحكومة الثيوقراطية لكنها اشرت دون قصد, الى تعلم الثورة الايرانية الدروس وتراجعها التدريجي عن الكثير من القرارات العشوائية التي تتدخل في تفاصيل الناس وتصرفاتهم, تدخلا يجعل الحياة مستحيلة في مدينة حديثة.


لا اتخيل ان الله لم يجد من بين كل المصائب والاخطار التي تحدق بالناس في العراق اليوم, ومن بين كل المجرمين واللصوص الكبار السارحين في ارض هذا البلد, ما يستحق الاولوية هدفا لغضبه اكثر من مجموعة من الطلبة في سفرة جامعية, "ليكلف" ممثليه على الارض بضربهم بالصوندات حتى الموت بسبب ضحكهم في شهر محرم اوارتفاع صوت المسجل! وهل يسعد الحسين ان يقتل شاب بتلك الوحشية باعتبار انه لم يتصرف بلياقة في شهر استشهاده؟



#صائب_خليل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تفجير الحلة مؤامرة اردنية عمرها اكثر من عام
- لبنان يكتشف دواء للسرطان
- ايكاروس: مضطهدي الشعوب يدرسونها, لكنها لا تدرسهم
- الاقناع المعكوس: حول قائمة الائتلاف والجلبي والقرارات العشوا ...
- اسئلة قبل نتائج الانتخابات
- نظرية الخونة الابطال لاسحق رابين واشرف عبد الفتاح
- ليس من السهل على ابو مازن ان يكون في شجاعة السادات
- رهان الديمقراطية الخطير
- سياسيون مصابون بنقص الحضارة المزمن: حول الشغب السياسي العراق ...
- من قررت ان تنتخب؟
- خطوط على وجوه المدن العظيمة: اثار الجيش الامريكي في بابل
- صراع بين المتضامنين مع الشعب الكردي
- طائر الشمال الجميل يسحب استقالته!
- استقالتك مرفوضة ايها الطائر الجميل
- خير الامور ليس دائما اوسطها: في العلاقة العربية الكردية في ا ...
- الاعلام والحملات الانتخابية -4 – نظرية التوازن النفسي وتأثير ...
- الحملات الانتخابية والاعلام -3- الخط الايديولوجي
- تحية تقدير للمبادرات السياسية الذكية واصحابها
- ملاحظات حول مشروع الدستور الدائم للدكتور منذر الفضل
- الحملات الانتخابية والاعلام 2- حلزون الصمت


المزيد.....




- وزير الدفاع الأميركي يجري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الـ -سي آي إيه-: -داعش- الجهة الوحيدة المسؤولة عن هجوم ...
- البابا تواضروس الثاني يحذر من مخاطر زواج الأقارب ويتحدث عن إ ...
- كوليبا: لا توجد لدينا خطة بديلة في حال غياب المساعدات الأمري ...
- بعد الفيتو الأمريكي.. الجزائر تعلن أنها ستعود بقوة لطرح العض ...
- السلاح النووي الإيراني.. غموض ومخاوف تعود للواجهة بعد الهجوم ...
- وزير الدفاع الأميركي يحري مباحثات مع نظيره الإسرائيلي
- مدير الاستخبارات الأمريكية يحذر: أوكرانيا قد تضطر إلى الاستس ...
- -حماس-: الولايات المتحدة تؤكد باستخدام -الفيتو- وقوفها ضد شع ...
- دراسة ضخمة: جينات القوة قد تحمي من الأمراض والموت المبكر


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - صائب خليل - الطلبة والعصابات والنكتة الايرانية: حول احداث جامعة البصرة