أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - دعونا نجرب عاما جديدا














المزيد.....

دعونا نجرب عاما جديدا


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 17:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يضع عام 2012 معطفه على كتفيه. يعطينا ظهره من دون أن يلتفت إلي الوراء. ينصرف بهدوء مثل شخص لم يجد في رفقتنا ما يغريه بالبقاء، فغادر بحثا عن مكان آخر وبشر آخرين يكون " زمنا" عندهم. نرسل أبصارنا وراءه ونتمتم " لا نحن أسعدناك بشيء، ولا أنت أيضا أسعدتنا". نتذكر مذبحة بورسعيد في فبراير، وانتخاب مرسي رئيسا في يونيو، والإعلان الدستوري المشئوم وحادثة قطار أسيوط في نوفمبر، ثم الاستفتاء غير القانوني على دستور غير قومي في ديسمبر. الحق أنك لم تهبنا شيئا مبهجا، فإرحل إذن. سنغلق الباب خلفك ونحكم سد النوافذ، ونحتمي بأحلامنا. وليكن في علمك أن هذه هي آخر مرة نتعامل فيها معا. ارحل، ودعنا نجرب عاما جديدا نختبر فيه آمالنا، ونحاول أن نغرس الزهر في الصخر مجددا، نخطئ مرتين، نقوم بالصواب مرة. الأمر الوحيد المفرح نحن قمنا به في عام 2012 . الأمر الوحيد المفرح لايبدو " حدثا " لأنه ليس مرتبطا بواقعة محددة ولا بمكان أو زمان، ومع ذلك فإنه الحدث الأكبر من بين الأحداث. أعني حالة الوعي الفكري الجديد العارمة التي عمت بين أوسع الفئات من الشعب المصري. الوعي الذي بزغ بقوة بقيمة وأهمية الكرامة والحرية، والاستعداد للموت دفاعا عنهما. كم من سنوات طوال انقضت ونحن نتحدث عن ضرورة الثورة الثقافية ؟ ومحو الأمية ؟ واجتذاب الناس للقراءة والتفكير؟ ومنذ كم من الزمن كتب يوسف إدريس في كتابه " أهمية أن نتثقف ياناس " يقول إن" الثقافة هى المعرفة الممزوجة بالكرامة، فلو كانت الثقافة تعنى المعرفة فقط لما اهتاجت السلطة، فماذا يهمها من سابلة الثقافة ورعاعها، إنما الذى يصنع الأزمة الدائمة هى الثقافة ذات الكرامة.. إن لها إشعاعها الخاص، تلمحه فى بريق العيون ووضاءة الجبهة وجلال العقل ونصاعة الموقف، إشعاع يكشف الزيف ويصارع التلفيق ويضرب المخاتلة". وفي العام المنصرم فقط أصبحت دعوة يوسف إدريس حقيقة متجسدة. فقد اهتزت ثقافة الشعب المصري من جذورها – كما لم تهتز على مدى ثلاثين عاما – وتغيرت وتبدلت من ثقافة " العين ماتعلاش على الحاجب" و" اللي يتجوز أمي أقول له ياعمي" إلي ثقافة أخرى ترى أنه " لابد من يوم معلوم ترتد فيه المظالم "، و" ماتقولش للندل ياعم لو كان على السرج راكب". هذا الوعي الجديد جعل الناس – الذين كانوا يجرون من الرصاص – يجرون إلي الرصاص. وحتى داخل النخبة المثقفة يتبدل الوعي بالتدريج ، وبعد أن سادت طويلا مدارس أدبية كرست للكتابة عن الذات باعتبارها نقطة البدء ونقطة النهاية، يبدأ الفن والأدب في استعادة الفكرة الأصيلة وراء كل أدب عظيم وهي تناول القضايا العامة والانخراط في الهم الذي يجمع الناس والمساهمة في تغيير الواقع . يذكرني ذلك بالعظيم نجيب محفوظ حين قال بهذا الشأن ذات مرة " هناك من يقول بأن الفن يتناول القضايا الخالدة ، أما أنا فأقول الخالدة واليومية. فللفن دوره في خدمة المجتمع، يؤديه كيفما يتراءى له وبالوسائل التي تساعده على أداء هذه الخدمة. لنفرض أننا الآن في ثورة، وأنني لا أستطيع أن أساهم فيها إلا بقصة لن تدوم فعاليتها أكثر من أسبوع، فإنني أكتبها، ولا أهتم بموتها بعد ذلك طالما أنها أدت وظيفتها، وهي حين تؤدي هذه الوظيفة فإنها لاتموت " . أعتقد أن الوعي الأدبي أيضا قد تعرض للتغيير خلال العام المنصرم وأننا سنشهد قريبا روايات وأعمالا مختلفة أكثر ارتباطا بقضايا المجتمع. وإذن فقد كسبنا الكثير خلال عام 2012 ، وظلمناه حين قلنا في البداية " لا نحن أسعدناك بشئ ، ولا أنت أيضا أسعدتنا ". وعلى أية حال فها هو ذلك العام يفارقنا ، يضع معطفه على كتفيه، ويعطينا ظهره منصرفا بهدوء. وليس أمامنا الآن سوى أن نجرب عاما جديدا، لم يستخدمه أحد من قبل، لنا أن نخط على أيامه وشهوره مانشاء، ولنا أن نطرزه بالأحلام، حتى لو كان قاسيا معنا ومنذرا بصراعات سياسية واجتماعية كبرى. إنه في كل الأحوال سيكون العام الذي سيحدد مصير النظام السياسي الراهن، ومصير الثورة التي لم تتوقف. فإن أصبنا مرة ، وأخفقنا مرتين فإن عذرنا أنها المرة الأولى التي نعيش فيها. المرة القادمة سنحاول ألا نخطئ . عام سعيد لكل الأصدقاء وللناس جميعا .

***
أحمد الخميسي – كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطوابير المؤنثة .. وصانعة المستقبل
- استفتاء شعبي آخر .. وتصبح - لا - قوة مؤثرة
- مصر والدستور .. زكيبة الدقيق والعصا
- مرسي والإخوان .. كلهم تكلموا باسم الدين !
- ومض
- الثقافة والجلافة فيما جرى مع علاء الديب
- الإخوان ذراع الطغيان
- قبضة الفاشية في إعلان دستوري بمصر
- يكفي أيها اليوم أنك جئت.. لكي لا أعاتبك
- كيف منحنا قلوبنا للرصاص الذي انهمر ؟
- خمسون زهرة ياصاحب الوجه الكئيب
- الدولة العزيزة .. من فضلك لاتحمي الوحدة الثقافية
- الفاشية في مصر تدق الكعب !
- إسرائيل تدك غزة .. لن نغفر ولن ننسى
- - بوس الواوا - .. تهدد الأمن القومي المصري ؟!
- نجيب سرور .. ذكرى الرحيل
- الرئيس مرسي : مظهر قرآني - جوهر أمريكاني
- دراما الثورة والبشر .. من تاريخ الحركة الطلابية
- سنوات عبد الناصر والوحدة الوطنية
- إوعى الأجنحة تكون صيني ؟


المزيد.....




- جملة قالها أبو عبيدة متحدث القسام تشعل تفاعلا والجيش الإسرائ ...
- الإمارات.. صور فضائية من فيضانات دبي وأبوظبي قبل وبعد
- وحدة SLIM القمرية تخرج من وضعية السكون
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /25.04.2024/ ...
- غالانت: إسرائيل تنفذ -عملية هجومية- على جنوب لبنان
- رئيس وزراء إسبانيا يدرس -الاستقالة- بعد التحقيق مع زوجته
- أكسيوس: قطر سلمت تسجيل الأسير غولدبيرغ لواشنطن قبل بثه
- شهيد برصاص الاحتلال في رام الله واقتحامات بنابلس وقلقيلية
- ما هو -الدوكسنغ-؟ وكيف تحمي نفسك من مخاطره؟
- بلومبرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث وجهة النظر الأوكرانية لإنها ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد الخميسي - دعونا نجرب عاما جديدا