أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمل بنويس - تصورات حول الدين في الفكر الغربي














المزيد.....

تصورات حول الدين في الفكر الغربي


أمل بنويس

الحوار المتمدن-العدد: 3957 - 2012 / 12 / 30 - 20:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تعتبر الظاهرة الدينية من أعقد الظواهر الإنسانية التي حظيت باهتمام الفلاسفة وعلماء النفس وعلماء الاجتماع وعلماء الأديان والأنتروبولوجيا.. وقد حاولوا تقديم تعاريف دقيقة لها لكنهم عجزوا عن إيجاد تعريف موحد وشامل، فتعددت التصورات واختلفت الآراء باختلاف المجالاتهم والتخصصات؛ فعلماء الاجتماع رأوا أن الدين ليس إلا مجموعة من المبادئ والأسس التي صنعتها المجتمعات وطورتها مع التاريخ، ولكنها في نفس الوقت تحكم وتنظم العلاقات البشرية؛ في حين رفض علماء الدين و مؤرخو الأديان أن يتم اختزال الدين في مجرد ظاهرة اجتماعية واعتبروه وعيا وإدراكا تاما بالمقدس (المتمثل في الإله وخالق الوجود)، فيما عزا البعض الآخر ظهور الدين إلى إحساس الإنسان بالخوف والعجز عن استيعاب الطبيعة والسيطرة عليها فكان الدين بالنسبة لهم، وسيلة للتقرب من القوى الخارقة وطلبا لرضاها وحمايتها.
لقد ورد لكلمة ديانة " religion"في اللاتينية اشتقاقين اثنين:»الأول « religare » وهو يحيل الى الاتصال بالآلهة عن طريق النذر والأقسام.. والثاني « religere » ويعني التأمل والتوحد والتفقه والتدبر.. وأياً كان، فإن مفهوم الديانة يتجه نحو الروابط التي تصون المقدس»(1). فالاشتقاقين معا يحيلان على علاقة الإنساني بالإلهي.
أما إيميل دوركايهم Emile Durkheim، (رائد الدرس السوسيولوجي الحديث بفرنسا) فقد عرف الديانة بكونها" نظام من المعتقدات والممارسات المرتبطة بأشياء مقدسة (معزولة و ممنوعة) توحد كل من يعتنقها في مجموعة أخلاقية تسمى "ملة".(2) ومن خلال هذا التعريف نجد أن دوركايهم قد ميز في الدين بين أمرين اثنين: المعتقدات والشعائر؛ فالمعتقدات هي التمثلات التي تعبر عن الأشياء المقدسة وعلاقاتها مع بعضها ومع الأشياء المدنسة؛ أما الشعائر أو الممارسات هي "عادات أو قواعد عمل تصف وتحدد كيف يجب على الإنسان أن يتصرف مع الأشياء المقدسة"(3)، فبالإضافة إلى أنه يقوم على التمييز بين المقدس والمدنس، فإن الدين دائما مصحوب بالمعتقدات والطقوس. إن وظيفته الأساسية تكمن في الإخبار عن آلية التنقل الآمن بين مجالي المقدس والمدنس، كما "تحفظ توازن المجتمع عبر مراقبة القوانين المقدسة والمحظورات الضرورية"(4) . هذه المحظورات هي أشياء محرمة تكون معزولة وغير منتهكة، يفترض من المؤمن عدم لمسها أو الاقتراب منها إلا وفق شروط واستعدادات خاصة (أي طقوس) وهكذا تصبح الممارسات الدينية "رموزا وتصورات تعبر عن طبيعة الأشياء المحرمة، وعن علاقاتها بالأشياء المحللة... والديانة تعلم المؤمنين بها التمييز بين هاتين الفئتين لأن خلط الأولى بالثانية خطيئة قد تجر ذيل المصائب في أثرها، وعلى مرتكبها أن يطهر نفسه من أدرانها"(5) .
بناء على ما تقدم فإن الدين يقوم على التمييز بين الحلال والحرام، ويحدد القواعد التي تؤطر العلاقة بين ما هو مقدس وما هو مدنس، و هو ينتظم في إطارين اثنين:
المعتقدات: وهي الأفكار والتصورات و الدلالات والمعاني التي يدرك بها المؤمن الأشياء المقدسة وعلاقاتها بالأشياء المدنسة .. إنها "وسيلة اتخذتها الديانة لتحفظ الأذهان من كل بلبلة و ترد عنها غائلة الشك والإنكار"(6) .
الشعائر: وهي الممارسات والطقوس والعقائد والعادات والمراسيم التي تسمح بالاتصال الآمن مع المقدس. وتدخل ضمنها طقوس التطهير والصلاة والتضحية ..وهي تعبير فعلي عن الخضوع التام للمقدس.
إن دور الدين يكمن في إدارة المقدس و ذلك عن طريق التعاليم والتحريمات والأخلاق التي يفرضها، والتي تحفظ توازن المجتمع. والتحريم له وظيفة أساسية حسب روني جيرارR.Girard "إنه يشكل منطقة محمية في المجتمعات البشرية، يشكل حدا أدنى من اللاعنف لا بد منه، من أجل أن يعيش الأطفال، من أجل تثقيفهم و تربيتهم، من أجل أن تستمر الإنسانية".(7)
ميرسيا إلياد Mircia Eliade سعى بدوره إلى دراسة الأديان واستخلاص الأبعاد المميزة للتجربة الدينية، وقد توصل إلى أن الديانات قد انحدرت من تجليات أولية عاشها أشخاص متدينون وخلاقون(أنبياء وقديسون)، أثروا بقوة في محيطهم، هذه التجليات تبلورت من خلال المحرمات والطقوس والأساطير.. وأصبحت فيما بعد تشكل التقليد. لقد ربط إلياد المقدس بالأسطورة التي يعتبرها نموذجا مثاليا وحقيقي لأنها تحكي "تاريخا مقدسا، أي حدثا بدئيا، حصل في بداية الزمن (...) شخصيات الأسطورة ليست كائنات بشرية إنها آلهة أو أبطال محضرة، ولهذا السبب فإشاراتهم تشكل أسرارا لا يستطيع الإنسان معرفتها إذا لم تكن قد كشفت له، فالأسطورة إذن هي التأريخ لما سبق حصوله في الزمن الأول و قصة ما فعلته الآلهة أو الكائنات الإلهية في بدء الزمن" (8)؛ وبذلك فالإنسان المتدين عندما يحاول أن يحذو حذو آلهته من خلال (الاحتفالات، والطقوس، وإنشاء المعابد، والاحتفالات الدينية..) إنما يعيد تحيين أساطيره وإعادة تمثيل الأحداث المقدسة التي حدثت بداية الزمن، ودور الطقوس والعبادات يكمن في بإمكانية الالتحاق بالعالم المقدس والتواصل الآمن مع الإلهي من خلال إحياء الزمن الأول، الزمن النقي والقوي والطاهر، وفي هذه العملية تكون رغبة المتدين الأولى هي التقرب من الآلهة.

Roudin Sous-Marins « encyclopédia Universalis » paris, Ed :1988 corpus 16 p :336.1
2. Emile durkheim , « les formes élémentaires de la vie religieuse» Ed 5 , paris 1968, p :65.
3. Emile durkheim , « les formes élémentaires de la vie religieuse» p,65
4. Roudin Sous-Marins « encyclopédia Universalis », corpus 16, p :336 .
5. يوسف شلحود "نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني " تقديم و تحقيق د.خليل أحمد خليل دار الفرابي بيروت ط:1 /2003 ،ص:55.
6. يوسف شلحود "نحو نظرية جديدة في علم الاجتماع الديني " / ص70.
7. رونيه جيرار"العنف و المقدس " ترجمة جواد هواس وعبد الهادي عباس ، ص : 241.
8. ميرسيا إلياد: المقدس والمدنس: ترجمة عبد الهادي عباس، دار دمشق، ط1،1988، ص74.



#أمل_بنويس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصورات حول الدين في الفكر الغربي


المزيد.....




- تونس: إلغاء الاحتفالات اليهودية بجزيرة جربة بسبب الحرب على غ ...
- المسلمون.. الغائب الأكبر في الانتخابات الهندية
- نزل قناة mbc3 الجديدة 2024 على النايل سات وعرب سات واستمتع ب ...
- “محتوى إسلامي هادف لأطفالك” إليكم تردد قنوات الأطفال الإسلام ...
- سلي طفلك مع قناة طيور الجنة إليك تردد القناة الجديد على الأق ...
- “ماما جابت بيبي” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على النايل ...
- مسجد وكنيسة ومعبد يهودي بمنطقة واحدة..رحلة روحية محملة بعبق ...
- الاحتلال يقتحم المغير شرق رام الله ويعتقل شابا شمال سلفيت
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أمل بنويس - تصورات حول الدين في الفكر الغربي