أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هنتاء شرف الدين - ميلاد امرأة














المزيد.....

ميلاد امرأة


هنتاء شرف الدين

الحوار المتمدن-العدد: 3955 - 2012 / 12 / 28 - 17:30
المحور: الادب والفن
    


تقف المرأة أمام باب حديدي كبير وخلفها أسوار عالية... أسوار السجن الذي يُسجن فيه ذلك الرجل الذي كبّلها سنين طوال من عمرها ثم ألقاها كالنواة... تقف والآلام تعتصرها ورداء الزوج المتخلي يغطيها... يبتلعها من قمة رأسها إلى أخمص قدميها... حتى بعد تخليه عنها لم تتخلى عن وجوده... وكانت تلف نفسها باسمه الذي كانت تخشى عليه من الوقوع في الأرض...ولكنها ولأول مرة تشعر بالندم من انحباسها في هيكل زوجها المتخلي عنها... كرهت نفسها وكرهت طاعته العمياء لكبريائه وغروره وأنانيته...أنانيته التي كبلتها وحبستها تحت الرداء المائل للصّفرة... وإخفاء نفسها عن العيون تقديسا لأنانية هذا الرجل الذي عبث بصباها وشبابها وجمالها... ليتخلى عنها وهي في أمس الحاجة لمساندته و مؤازرته لها... يتخلى عنها ليبحث عن الجمال والشباب اللذان فقدتهما تحت وطأة أنانيته وجبروته و تسلطه على كيانها ليذيبه في اسم الرجل...
في تلك اللحظات أحست بالذل والمهانة اللذان عانت منهما لسنين طوال... ولكنها كانت تكابر باتسام لتستمر الحياة... من أجل الأطفال من أجل اسم العائلة ومن أجل أن يحيطها رجل كي لا تكون وحيدة... ولكن هاهي اليوم وحيدة تجتر آلامها أمام أسوار السجن العالية وبابه الحديدي... وهي تشد من حولها الرداء الأصفر الفاتح الذي ألزمت بارتدائه من يوم أدركت خطواتها الأولى في الحياة... كبلها العرف والتقاليد والعادات...أب...لأخ... ثم الزوج... أما الولد فقد فُقد... لأول مرة لم تشعر بالندم عن فقد الولد... لأول مرة لم تتألم لعدم وجود الولد... وفي هاته اللحظة بالذات عندما كانت الآلام تعتصرها أرخت يدها عن ذلك الرداء الذي يخفيها وسمحت له بأن يكشف عن شعرها الأسود المنسدل على كتفيها... وبدأ يتهاوى إلى الأسفل و يكشف عن قوامها الرشيق الذي لم يفقد أناقته رغم كل الضغوط والظروف... تهاوى الرداء إلى أن وصل إلى الأرض...
تهاوى الرداء... وبكل بقايا الكبرياء وما جمعته من شجاعة لتحدي الضغوط المحيطة والمحن داست ذلك الرداء وتخطته إلى الأمام لتنطلق مسرعة في عالمها الجديد ... بإحساسها الجديد... بروحها الجديدة... انطلقت مسرعة... مسرعة إلى الأمام دون أن تنظر إلى ما وراءها...إلى تلك الأسوار العالية والباب الحديدي وذلك الرداء الذي تخلت عمه وداسته كما داس زوجها عن كرامتها وكبريائها...
وبدون أن تنتبه إلى ذلك الصوت... صوت الرجل الذي حمل الرداء الأصفر الحريري بين يديه وهو يناديها..."هاي... سيدتي... يا سيدتي... لقد تركت رداءك... لقد نسيت رداءك... لقد أسقطت رداءك..."
وعندما تأكد من انطلاقها إلى الأمام متخلية عن ذلك الرداء...راح يمرغ وجهه فيه... ويلثم فيه ذكرى امرأة تخلت عمّا كبلها سنين طوال... لتولد من جديد...........................



#هنتاء_شرف_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة
- موعد امتحانات البكالوريا 2024 الجزائر القسمين العلمي والأدبي ...
- التمثيل الضوئي للنبات يلهم باحثين لتصنيع بطارية ورقية


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هنتاء شرف الدين - ميلاد امرأة