أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 2/3















المزيد.....

الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 2/3


ضياء الشكرجي

الحوار المتمدن-العدد: 3953 - 2012 / 12 / 26 - 20:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



بعد المقدمة في الحلقة الأولى، نتناول في هذ الحلقة النصوص المكرسة لسلطة الدين:
1. نقرأ في الديباجة فهم الدستور للحرية وحقوق الإنسان بتقريره أن «حقوقه [أي حقوق الشعب المصري] الكاملة في العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، إنما «شرعها الخالق قبل أن تشرعها الدساتير والإعلانات العالمية لحقوق الإنسان». ولكن قد يُسأل أين الإشكال في ذلك، فأقول إن تصور الخالق عن الحرية وكرامة الإنسان وحقوق الإنسان لها الأولوية على فهم الإعلانات الدولية. بلا شك إننا لو علمنا يقينا ما هي نظرية السماء عن حقوق الإنسان والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، لكانت هي النظرية التي تتقدم على غيرها، لأن ما يصدر عن الله لا يمكن أن يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه. لكن الخشية أن الأولوية في فهم هذه المبادئ وتطبيقاتها سيكون وفق فهم واجتهاد الإسلاميين الممسكين بالسلطة، والمحشدين حلفهم الجماهير المتدينة، مستغلين عواطفها الدينية وانخداعها بهم. ثم تؤكد الديباجة هذا المعنى في مقطع آخر، أعني معنى أن المعول في فهم هذه المبادئ، إنما هو على الدين واجتهاد الفقهاء، عندما تقرر الديباجة «بأن هذه الحرية حق سماوي»، ولحد هذه العبارة لا نجد مشلكة، إلا أن ما يتممها يمثل لغما آخر، إذ تنص التكملة أن هذه الحرية قد «وضع الخالق أصولها وثوابتها». وسنجد في نصوص مفسرة لهذه، أن الإسلاميين وفقهاءهم هم الذين سيحددون ما هي أصول وثوابت الخالق للحرية، تعالى الله عن فهمهم علوا كبيرا.
2. في المادة (2) يكتفى بذكر أن «الإسلام دين الدولة» بل يؤكد أن «مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع». وربما جعل مبادئ الشريعة، وليس (أحكام) الشريعة، كما في الدستور العراقي، يسمح بالمرونة في الاجتهاد في تحديد معنى المبادئ، لولا اللغم الخطير في المادة (219)، التي تنص على أن «مبادئ الشريعة الإسلامية تشمل أدلتها الكلية وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب أهل السنة والجماعة»، فجاءت مفسرة – وبئس التفسير – للمادة (2). إذن مبادئ شريعة الله موكول فهمها للناطقين الرسميين باسم الله، من غير ضمانات لعدم تقاطع اجتهاداتهم واستنباطاتهم وفتاواهم مع المبادئ الإلهية. بينما العلمانية هي من غير شك الأقرب – دون دعوى التمثيل لله والناطقية باسمه – الأقرب إلى مراد الله، الذي أودع في الإنسان عقلا يجعله مرجعيته في اختيار الأنفع والأصوب، ويصحح ما يكتشف خطأه عبر التجربة الإنسانية المتنامية نحو قدر أكثر من التعقلن وقدر أكثر من التأنسن، دون قوالب جامدة، يدعى أو يتوهم لها القداسة، وهي غير مقدسة.
3. المادة (4) تتكلم عن دور المؤسسة الدينية (الأزهر)، فتقرر المادة أنه «يتولى نشر الدعوة الإسلامية وعلوم الدين واللغة العربية»، والغريب أن هذ المهمة لم تجعل خاصة بمصر، بل سمح الدستور لنفسه أن يعطي لنفسه حق الوصاية على المسلمين في كل العالم، فنص على أن المهمة آنفة الذكر للأزهر تكون «في مصر والعالم». ثم «يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشؤون المتعلقة بالشريعة الإسلامية»، وبالتلي في شؤون الدولة وتشريعاتها، كون الشريعة هي «المصدر الرئيسي للتشريع» كما في المادة (2) وتفسيرها في المادة (219).
4. المادة (10) تبيح للدولة وبالتالي لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أن تنتهك حرمة وخصوصية الأسرة، من حيث أنها تفرض أن «قوامها الدين والأخلاق والوطنية»، بعد عبارة أن «الأسرة أساس المجتمع». فماذا عن الأسر التي لا تختار أن يكون «قوامها الدين»؛ هل ستتدخل الدولة لتقويمها بمُقوِّم الدين، لكن وفق رؤية الإسلاميين؟ هذا الهاجس يتأكد، عندما نقرأ تكملة المادة بأنْ «تحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية، وعلى تماسكها واستقرارها، وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها؛ وذلك على النحو الذي ينظمه القانون»، ذلك القانون الذي سيحاول أن يشرعه الإسلاميون على ضوء فهمهم.
5. ويتأكد الهاجس عبر المادة (11)، حيث «ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام، والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية» إلى آخر المادة.
6. ووفق المادة (44) «تُحظَر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة». وهذا أمر مشروع ومطلوب، لكن هل نضمن أن هذه المادة لن يساء استخدامها للحد من حرية التعبير وحرية الاعتقاد. لو كتب باحث أو مفكر أو فيلسوف مثلا بحثا يصل من خلاله إلى التشكيك بكون الأنبياء مرسلين من الله، أو لو وصل أحدهم ببحثه أن بعض من ذكر من الأنبياء والرسل، كنوح أو إبراهيم، أو حتى موسى، أو عيسى، هم شخصيات أسطورية، أو قد يكونون شخصيات حقيقية، لكن ما سردت الأديان عنهم، يمكن أن تكون مجرد أساطير. من الذي سيقرر ما يعتبر بحثا موضوعيا علميا، قد يصب فيه الباحث، حتى لو اختلف مع المشهور وما يبدو أنه من المسلمات، وقد يخطئ، وبين أن يمثل بحثه أو كتابه أو مقالته أو كلامه هو من نوع «الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء»، مما سيعرض للملاحقة والعقاب. فمن سيوفق بين هذه المادة وبين المادة (43) التي تنص على أن «حرية الاعتقاد مصونة». واضح أن الأولوية للمادة التي «تحضر [ما يعد من] الإساءة»، لا المادة التي تجعل «حرية الاعتقاد مصونة». بكل تأكيد وضع كتبة الدستور ضمانات لتكون المادة (المُحضِرة) حاكمة على المادة (الصائِنة). وكذلك ستكون حاكمة على المادة (45) ولاغية لها في حالات، والتي تنص على أن «حرية الفكر والرأي مكفولة»، وأن «لكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل النشر والتعبير».
7. المادة (60) تقرر فيما تقرر أن «التربية الدينية والتاريخ الوطني مادتان أساسيتان في التعليم قبل الجامعي بكل أنواعه». ماذا لو قرر أبوان ألا يتلقى أطفالهم التربية الدينية، إما لأنهم هم الذين يريدون أن يتكفلوا بذلك، وإما لترك أطفالهم في المستقبل هم الذين يبحثون فيقتنعون أو لا يقتنعون، ويختارون ما يختارون، باعتبار أن «حرية الاعتقاد مصونة» حسب المادة (43)، وفرض التربية الدينية على الأطفال الذين لم يكتمل عقلهم ولم يترشد وعيهم بعد، هو من قبيل قسرهم على الاختيار الديني، مما يعد نقضا لحرية العقيدة. الإسلاميون يجب أن يكونوا واضحين وصريحين فيما يريدون فيقولوا «حرية الاعتقاد مصونة لغير المسلمين ولغير المولودين من أبوين مسلمين».
8. أما المادة (70) التي تتكلم عن حقوق الأطفال، مما يعني بالضرورة والتلازم أنها من واجبات الآباء والأمهات بأن يكون «لكل طفل [...] الحق في [...] تنمية دينية [...]». إذن الآباء مجبرون وفق الدستور على أن يجعلوا من أطفالهم مؤمنين بالدين ملتزمين بأحكامه، وهذا يسمح بتشريع قانون يعاقب الآباء والأمهات لتقصيره في ذلك، أو يسلبهم حق الرعاية، لتتكفل الدولة (الدينية) بتعويض الأطفال عما حرمهم آباؤهم من هذا الحق الدستوري. أليس كذلك؟
مع ما سجلناه على دستور مصر الإسلامي، يمكن أن تستفيد القوى الديمقراطية العلمانية من بعض المواد، كالمادة (6) التي تقرر أنه «لا يجوز قيام حزب سياسي على أساس التفرقة بين المواطنين، بسبب الجنس أو الأصل أو الدين»، مما يمكن أن يفسر بعدم جواز حزب إسلامي، حتى لو سمى نفسه بتسمية أخرى، لكونه مغلقا على المسلمين، أو يشتمل على مواد في نظامه الداخلي، مما يجعله مما ينطبق عليه كونه يمارس ما تنعته المادة أنه «تفرقة بين المواطنين، بسبب [...] الدين»، أو «بسبب الجنس»، إذا ما كان حكرا على الرجال.
25/12/2012



#ضياء_الشكرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 1/3
- المالكي والبرزاني إلى أين في غياب الطالباني؟
- التقية والنفاق والباطنية على الصعيدين الديني والسياسي
- رؤية في إعادة صياغة العلاقة بين الإقليم والدولة الاتحادية
- نقاش في المفاهيم مع الكاتب محمد ضياء العقابي
- مع هاشم مطر في نقده للمشروع الديمقراطي
- الإسلام والديمقراطية
- فوز مرسي محاولة لقراءة متجردة
- لا أقول: «ديكتاتور» لكنه يتكلم كما الديكتاتور
- بين تحريم التصويت للعلمانيين وحفلة القتل الشرعي للطفولة
- علمانيو مصر أمام الامتحان
- ويبقى العراق يتيما وإن تعدد الآباء
- سليم مطر من دفع له ليفتري علي
- الدولة الكردية التي أتمنى أن أرى تأسيسها
- ماذا نسي كمال أتاتورك في عملية علمنته لتركيا؟
- قالت: الحمد لله كلنا مسلمون
- رئيس وزرائنا يعلن حربه الفكرية ضدنا نحن العلمانيين
- سيبقى العراق وطنا بلا عيد وطني
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 2/2
- الربيع العربي ومدى قدرته على إنتاج عملية ديمقراطية 1/2


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ضياء الشكرجي - الشريعة والرئيس يغتصبان الدستور المصري 2/3