أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - الموسيقى باعتبارها نوعا من السجن















المزيد.....

الموسيقى باعتبارها نوعا من السجن


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 1141 - 2005 / 3 / 19 - 20:19
المحور: الادب والفن
    


في قصة من أشد أنواع الكثافة الرمزية والارتباط بالواقع ألا وهي " تحريات كلب " يقول كافكا :" ان الموسيقى التي يصنعها هؤلاء الكلاب كادت أن تدفعني نحو الجنون ". بهذه الكلمات يعبر كافكا عن بغضه لاسلوب مجتمعه ( الكلبي) !.
وفي موضع آخر يقول " بدأت الموسيقى ثانية ، فسلبتني صوابي ولفتني في دوائرها المدوّمة كما لو كنت أنا نفسي واحدا من الموسيقيين بدلا من كوني ضحيتهم " .
ان طقوسا تمارس بأصوات عنيفة وعالية ، تؤدي الى قرف كافكا منها أو من ظروف اعادة عزفها أو معانيها ....
ولعل هذا يذكره بالضوابط الحديدية التي تمارسها بعض المنظومات الفكرية أو النصوص غير القابلة للتغيير – أبد الآبدين ! كما تمارسها أيضا الأحزاب والعوائل ! .
هناك من يؤمن بالخروج على النص وسيناريو كل قضية ! فهل يمكن الخروج على عوالم طقوس الموسيقى الكافكوية السجنية ؟ ..هل بالامكان التجاوز قليلا على أوامر السلطة البطريركية العليا : ( الأب ) ؟ أم على الرئيس ، والسادن ، والشرطي ، والمسؤول الحزبي ، ؟ ومن قال ان كل شئ يقولونه منزّل ؟ ان فضاء اللآقاعدة أعطر وأفسح من قاعدة محصورة في مكعب يفسد الهواء فيه يوما بعد يوم !.
هل بالامكان نبذ العادة او تغيير الاسلوب أو نزع الحذاء الصيني .؟ هل بالامكان ولو مرة واحدة في هذا العصر المجافي بأن نطلق للعقل حرية الفراشة في النسمة ..يقول الشاعر محمد مهدي الجواهري " ما أحوج الشاعر الحساس يوما لساعة من جنون ِ " بل ما أحوجه لأخلاق تجاوز .
كم شوّهت حياتنا الرؤية الصنمية فكلنا بقضنا وقضيضنا يجب أن نسير وراء قائد واحد ، او تحت راية واحدة ، أو فكرة واحدة . واذا حققنا تعداد مواقعنا القيادية عددنا أيضا أبراج المنجنيق وقذائف الاتهامات والشتائم ! لماذا الصنمية وهل انزل ذلك بكتاب مقدس ولماذا يرى حزب واحد بأن من حقه تبعيث الآخرين أو تشويعهم أو تشييعهم أو تسنينهم أو تثليثهم أو تربيعهم أو تقعيرهم أو تبعيجهم أو تعليبهم أو تسميرهم او تعليقهم او تجنيدهم أو ارسال" طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل" أو ارسالهم الى محارق الحروب ( المقدسة ) وتخريب بيوتهم وانكاب زوجاتهم أو تخبيلهم وايهامهم بالنصر الكاذب بينما احتمالات فنائهم 99وتسع أعشارهم .
من سرب هذه الدسيسة الى الأذهان ؟ وعمقها في الرؤى الفكرية للأحزاب ، من صيّر الانسجام الفكري ضرورة ؟ ! ...ان هذا هو الخطل بحد ذاته ! والخرافة هي ان تدعو البيانات الداخلية للتنظيمات الى الوحدة الفكرية . وفوق كل تلك اللعنات ان تدعو الى الضوابط الحديدية ، والا وبعد اشهر وسنوات يجد المرء نفسه قد ارتعد وارتعب من الأحاديث الانسانية المجردة وذلك لأنه حشد برأسه مقولات حزبوية تبدو واقعية لكنها في المحك ليست سوى طوباوية شائنة ، او سطوة حاقدة او ديناميت موقوت أو تبييت دموي ! .
ان كافكا المسكين الذي هو أكثر العناصر براءة في مجتمع الكلاب في قصة (تحريات كلب) هو حضور قابع فينا ، بل وان كل امرئٍ منا ، حسب القصة ، هو كافكا الذي يعاني طقوس موسيقى عنيفة وسجنية ! ...والموسيقى هنا هو هذا الرقم المهووس لعالم السياسة .
نحن ( الكافكويين الجدد ) ! اذا صح التعبير بحاجة الى فتح نوافذ دارنا جميعا ، الى عدم تسريب دسيسة تقول ان هذه نافذة مدام بوفاري ، وتلك لشايلوك ، وهذه لساتير ( كائن اسطوري له ساقا التيس ونصفه الأعلى انسان ، شديد المجون والشبق ) ... نحن بحاجة الى تأسيس جديد لحق اختلافاتنا بالتواجد ، وأن يكون لنا ،ً كما كان يفعل كُليب كافكا ، الحق بالاستفسار عن أدنى البديهيات ! ومناقشتها بمنطقية ، وكسر الأصنمة في التفكير والتقليل من عنف الموسيقى العالية ذات النمط الواحد ، كي لا تغدو سجنا وأن نفكر مرتين ، مرة لصالح لصالحنا بلا شك والاخرى لحق الآخرين بالرأي ، وبالتكون والتواجد السلمي والوفاق الوطني والانساني . ان القوة هي ليس بأن أرفض مالدى الآخرين ، بل كم أستطيع أن أرفض سلبيات مااعتدتُ عليه وكيف أتحرر من الموسيقى الظالمة المضادة لحرية كافكا .
انه من الضروري الخروج من السجن الى باحة الانسانية المجردة وتلقائية الحياة . انه من الجوهري ان احترم فردانيتي فلا أنضوي كالببغاء واردد ما تردده الجوقة . يجب أن احترم خصوصيتي ولا أجعلها مادة يسيرة المتناول لموسيقى كافكا . انا أيضا انسان وتقتضي كرامتي أن ادافع عنها وعني فلا أُباع واشترى فانصاع كالعبد وأجلس أمام سيّاف وابتسم له لأنه اشتراني ومارس ابوته ضدي وتلذذ بانضوائي . على ذاتي ان ترقى بذاتي وعلى اذني ان تختار لا أن تجر وتقطع وتستعبد بالكلام العالي والادلاء الموسيقي . متى أستمع لموسيقاي بحكم ارادتي هل عندما أموت ؟ . الأنا (أناي ) الجميلة المقررة أين هي ؟ . والسؤآل الأكثر ضراوة في الساحة الاجتماعية الآنية هو : كم أستطيع أن أُمارس حقي في اختيار مااريد من مأكل وملبس واقتناء كتاب ما واستماع الى اغنية دون غيرها والذهاب الى مكان سهرة أوسفرة طلابية أوالتواجد في منتدى أو أية سعادات يومية اخرى ! كم من حقي ان اتمتع بذلك وهناك أجواء مخبولة واستثنائية تقوم بمصادرة( فرديانيتي ) وتعتدي عليّ بارغامي على أن أكون نسخة مثلها ( فوتو كوبي ) وقتلي اذا اقتضى الحال ومن ياترى يدافع عني لو رفضت اسلوبا وسيرا على سكة الحديد اياها وانا حر! ولماذا استعبد من قبل هؤلاء الناس ولمن من حقهم اشاعة موسيقى كافكا في الأجواء .
ان الصراع الضاري والملح الآن هو اما الحرية الاجتماعية واما آمرية فئة الكلاب الذي أشار اليه كافكا .. ولكي أضمن سعادة الحياة وتنوعها وجمالياتها واسلوبها الحضاري وأعمل من أجل أن يكون بلدي زاهي الألوان لاأسود قاتما مسجونا ومعلبا ومعتقلا في زنزانات من نوع آخر! من كبت اجتماعي واعتقال للرغبات وللحرية الشخصية وأول المعتقلين في بلدي بلا شك هي المرأة : الاُم السامية والاخت الكريمة والزوجة الغالية ، ولكي لايواجه بلدي أزمة حادة وطغيانا متوقعا يجب الانتباه والعمل من أجل سحق العقرب حالا وقطع رأس الافعى فورا . لابد من تحشيد الطاقات للرد على نوع جديد من الاوغاد من العقول المتحجرة بل المتصخرة ...لابد من حماية لأية فعالية فرح . ان بلدي في أدنى المستويات الحضارية بسبب المؤدلجين والمعلّبين والمُمَسطرين والمتعصبين والذكوريين الساديين ! .. واذا كان كافكا يجن من الموسيقى ذات النمط الواحد فان ابناء شعبنا يقتلون كل يوم ويصح عليهم القول تعددت الاسباب والموت واحد . ان نقطة النزاع الآنية والمستقبلية هي الحرية الاجتماعية والمرأة .. هو تهديم سجن آخر اسمه موسيقى كافكا .
..............................

* ملاحظة : اني اعتذر حقا وفعلا للكائنات الجميلة ( الكلاب ) لولا أن جرى النقد والتعليق على ماورد عند كافكا من رموز . فأنا لا أضمر أي شعور عدائي لأي كلب على وجه البسيطة ولا أية كراهية نحوهذه الكائنات الوفية والتي تستميت في الدفاع عن صاحبها .. أعتذر مرة اخرى لكل كلب على وجه المعمورة .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كتابات في الحرية ألمعية الأديب في كسر القاعدة والمسلّمات
- اوروك والتاو الصيني والآخرون
- قوس الفلسفة في قزح الشعر
- أُمهات البلاد الحبيبة
- الذباب بين الفكر الفلسفي والواقع المحسوس
- على هامش الفلسفة الوجودية


المزيد.....




- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - الموسيقى باعتبارها نوعا من السجن