أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - مولد يسوع - كيف يحقق السلام (2-2)















المزيد.....

مولد يسوع - كيف يحقق السلام (2-2)


مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3951 - 2012 / 12 / 24 - 11:59
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


لم يكن الاعلان عن " السلام بين اناس الرضى " النبوة الوحيدة المرتبطة بمولد يسوع. فبالاضافة الى ما اعلنه الملائكة للرعاة المدهوشين, كان رسولان سماويان اخران قد نقلا بوحى من الله اعلانين الى مريم ورجلها يوسف يتعلقان بالمولود الجديد يسوع. والتأمل فى هذين الاعلانين يعطينا نظرة اوسع الى مولد يسوع ويمكننا فهم المغزى الحقيقى للوعد الملائكى بالسلام بين الناس.
قبل مولد يسوع, حتى قبل ان تصبح مريم حبلى, زارها ملاك يدعوه الكتاب المقدس جبرائيل. فالقى عليها السلام قائلا : " طاب يومك, ايتها المنعم عليها, يهوه معك ". ويمكنك ان تتصور كم اضطربت مريم من هذا الكلام. ولربما اصابها شئ من الرعدة من جراء ذلك. فما عسى ان يكون هذا السلام ؟
اوضح لها جبرائيل قائلا : " ها انت ستحبلين وتلدين ابنا, فتدعين اسمه يسوع. هذا يكون عظيما ويدعى ابن العلى, ويعطيه الله عرش داود ابيه, ويملك على بيت يعقوب الى الابد, ولا يكون لمملكته نهاية ". فتساءلت مريم كيف يكون هذا, وهى عذراء لا علاقة زوجية لها برجل. فقال لها جبرائيل انها ستحبل من روح الله القدس. لذلك لن يكون مولودها طفلا عاديا.
لا بد ان كلمات جبرائيل ساعدت مريم على الادراك ان الطفل الذى ستحبل به هو محور العديد من النبوات القديمة. ولا بد ان الاعلان الذى تفوه به الملاك, ان يهوه سيعطى ابن مريم " عرش داود ابيه " جعلها تفكر فى الوعد الذى قطعه الله لداود ملك اسرائيل , شأنها فى ذلك شأن اى يهودى اخر ملم بالاسفار المقدسة.
كان الله قد اخبر داود بفم النبى ناثان " يكون بيتك ومملكتك راسخين الى الدهر امامك, وعرشك يكون ثابتا الى الدهر ". كما ذكر الله فى شأن داود " اجعل نسله الى الابد, وعرشه كالشمس امامى ". وهكذا, لم يكن تحدر مريم ويوسف كليهما من بيت داود وليدة صدفة محض.
وبالاضافة الى هاتين النبوتين, تتحدث عدة نبوات فى الاسفار العبرانية عن ابن لداود يرث عرش مملكته. ولابد ان النبوة التالية التى تفوه بها اشعيا كانت مألوفة لمريم. قال هذا النبى بالوحى " يولد لنا ولد, ويعطى لنا ابن, وتكون الرئاسة على كتفه. ويدعى اسمه مشيرا عجيبا, الها قديرا, ابا ابديا, رئيس السلام. لنمو رئاسته وللسلام لا نهاية على عرش داود ومملكته, ليثبتها ويسندها بالعدل والبر, من الان والى الدهر. غيرة يهوه الجنود تفعل هذا ".
من الواضح اذا ان مضمون الرسالة التى اعلنها جبرائيل لمريم لم يقتصر على ولادة صبى بطريقة عجائبية. فابنها سيكون وريث عرش الملك داود, الوريث الدائم الابدى لملكوت يؤسسه الله بنفسه. لذلك, ان ما اعلنه جبرائيل عن دور يسوع المستقبلى يحمل مغزى عميقا لنا نحن العائشين اليوم.
حين علم يوسف ان خطيبته حبلى, قرر فسخ خطوبتهما. فقد علم ان الولد ليس ابنه, لأنه ومريم لم يكونا قد اجتمعا بعد. ويمكنك ان تتصور كم كان صعبا عليه ان يصدق التفسير الذى قدمته مريم لحبلها. لكن رواية الانجيل تخبرنا ان ملاك يهوه " تراءى له فى حلم قائلا : يا يوسف ابن داود, لا تخف ان تأخذ زوجتك مريم الى بيتك, لأن الذى حبل به فيها هو من روح قدس. وستلد ابنا, فادع اسمه يسوع, لأنه سيخلص شعبهم من خطاياهم ".
لا يقول لنا الكتاب المقدس الى اى حد فهم يوسف كيف يمكن لهذا الطفل ان " يخلص شعبه من خطاياهم "غير ان الرسالة التى تسلمها من الملاك كانت كافية لتطمئنه ان خطيبته الحبلى لم ترتكب اى ذنب. ففعل حسب قول الملاك واخذ مريم الى بيته, فكان ما فعله بمثابة التزوج بها.
اما نحن فيمكننا فهم ما عناه الملاك بالتأمل فى مقاطع اخرى من الاسفار المقدسة. ففغى فجر التاريخ البشرى تحدى ملاك متمرد سلطان يهوه الله. وتخبرنا الاسفار العبرانية ان هذا المتمرد ادعى من جملة ما ادعى ان طريقة الله فى الحكم ظالمة, وأن الانسان لا يحافظ على استقامته امام الله عندما يتعرض للامتحان. لقد كان ادم احد الذين لم يحافظوا على استقامتهم. وبسبب خطيته ورث كل البشر الخطية التى تنتج الموت. اما يسوع فولد بلا خطية اذ لم يحبل به نتيجة زرع بشرى. وعندما بذل حياته البشرية الكاملة فدية معادلة للحياة التى خسرها ادم, صار بامكانه ان يخلص البشر من خطاياهم ويمنحهم رجاء العيش الى الابد.
لقد اعطى يسوع خلال خدمته على الارض لمحة مسبقة الى ما ستعنيه ازالة اثار الخطية. فشفى الناس من شتى الامراض الجسدية. حتى انه اعاد الموتى الى الحياة. فكانت هذه العجائب نموذجا لما سيفعله فى المستقبل. قال يسوع : " تأتى الساعة التى سيسمع فيها جميع الذين فى القبور التذكارية صوته فيخرجون.
يوضح هذا الوعد بقيامة مقبلة تكون ولادة يسوع, وخصوصا موته, على جانب عظيم من الاهمية لنا. فالله ارسل ابنه الى العالم ليخلص به العالم. وهذا يردنا الى الاعلان الذى سمعه الرعاة الساهرون على رعيتهم فى الليلة التى التى ولد فيها يسوع.
كان اعلان الملاك ولادة " مخلص, هو المسيح الرب ", بشارة بفرح عظيم. فهذا المولود سيصبح المسيا, النبى العظيم والحاكم القدير الذى انتظره شعب الله زمنا طويلا. وكان لحياته وموته دور حيوى فى تبرئة سلطان يهوه الكونى, لذلك قال الملائكة " المجد لله فى الاعالى ".
لقد اظهر يسوع, الذى يدعوه الكتاب المقدس ادم الاخير, ان فى مقدور الانسان المحافظة على امانته لله تحت اقسى الامتحانات. وبذلك برهن ان الشيطان كاذب وشرير. فكان ذلك سببا للفرح بين الملائكة الامناء فى السماء.
لنعد الان الى السؤال الذى ورد فى المقالة السابقة : " هل يمكننا واقعيا ان نرجو اتمام ما وعده الملائكة ليلة مولد يسوع ؟ " الجواب, هو نعم بالتأكيد. فالسلام عنصر لا غنى عنه لاتمام قصد الله للارض الذى يشمل تحويلها الى فردوس. وحين يتحقق ذلك فى كل انحاء الارض, ستغدو المحبة والولاء الدافع وراء كل ما يفعله البشر. وهذا يعنى ان اتمام قصد يهوه يشمل ايضا استئصال كل من يقاوم سلطانه. وليس هذا بالخبر السار بالنسبة الى الذين يصطفون الى جانب الشيطان ويدعون ان مقاييس الله غير نافعة. فبالنسبة اليهم, سيعنى ذلك الدمار والفناء.
لاحظ من فضلك ان الملائكة لم يبشروا الرعاة بالسلام لجميع الناس, بل اعلنوا " السلام بين اناس الرضى ", اى بين الذين يقبلهم الله ويرضى عنهم. ان الذين يمارسون الايمان الحقيقى بالله ويصيرون اتباعا امناء ليسوع ويسعون الى التمثل به. وهم يرغبون فى الاعراب عن الكرم والتعاطف نحو الاخرين, لا مجرد فترة وجيزة كل عام بل طيلة ايام السنة.
تؤثر البشارة التى كرز بها يسوع تأثيرا عميقا فى حياة اعداد لا تحصى من الناس. فكثيرون يعتنقون المبادئ المسيحية ويطبقونها فى كل اوجه حياتهم. والذين كانوا يعيشون نمط حياة تشوبه الانانية يحاولون التمثل بيسوع عند مواجهة ظروف الحياة. كما ان بعض الذين كانت حياتهم تتمحور حول الممتلكات المادية والملذات ادركوا قيمة الامور الروحية وأهمية مشاركة جيرانهم فيها. فهؤلاء يبذلون الجهد للاعراب عن الكرم واللطف على مدار السنة.
لو تأمل كل المخلصين فى اهمية ومغزى الاعلان الملائكى عن السلام وعملوا بانسجام مع فحوى هذا الاعلان, لكان العالم الذى نعيش فيه افضل بكثير مما هو عليه الان.
ان النبوات التى رافقت مولد يسوع تؤكد للحائزين رضى الله ان التمتع بالسلام الحقيقى الى الابد ليس بعيد المنال. أو ليس هذا ما نرغب فيه ؟ ويمكننا الثقة ان الاعلان النبوى المجيد الذى تفوه به الملائكة سيتحقق لا محالة. حقا, ان الاعلان عن سلام دائم ليس شعارا فارغا يرفع فى فترة الميلاد, بل سيصبح حقيقة واقعية وابدية.



#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الروح الميلادية - هل تبقى على مدار السنة (1-2)
- سد حاجة بشرية اساسية - بالتقدير
- لم لا يحتفل البعض بعيد الميلاد ؟
- رفقة - امرأة تقية تحلت بروح المبادرة
- لماذا نحن هنا ؟
- سيدة الصحراء السورية ذات الشعر الفاحم
- انكار الله فى القرن العشرين
- جذور الالحاد
- على اى اساس نبنى حياتنا ؟
- قوة اللسان
- يعقوب وعيسو - قصة للتأمل
- اى طابع يتخذه عيد الميلاد ؟
- هل يحق ان يتعاطى رجال الدين السياسة ؟
- كلمات وطرائف ونكات
- من الملوم ؟
- المرأة مكرمة فى عينى الله (3)
- شجرة النخيل
- هل يهتم الله بالمرأة ؟ (2)
- المرأة فى المجتمع الذكورى (1)
- كون صورة شاملة عن المسألة


المزيد.....




- ترامب: جامعة كولومبيا ارتكبت -خطأ فادحا- بإلغاء حضور الفصول ...
- عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف منفذي هجمات سيبرانية
- واشنطن تدعو بغداد لحماية القوات الأميركية بعد هجومين جديدين ...
- رئيس الوزراء الفلسطيني يعلن حزمة إصلاحات جديدة
- الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويشتبك مع فلسطينيين بالخليل
- تصاعد الاحتجاجات بجامعات أميركية للمطالبة بوقف العدوان على غ ...
- كوريا الشمالية: المساعدات الأمريكية لأوكرانيا لن توقف تقدم ا ...
- بيونغ يانغ: ساحة المعركة في أوكرانيا أضحت مقبرة لأسلحة الولا ...
- جنود الجيش الأوكراني يفككون مدافع -إم -777- الأمريكية
- العلماء الروس يحولون النفايات إلى أسمنت رخيص التكلفة


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - مجدى زكريا - مولد يسوع - كيف يحقق السلام (2-2)