أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد حمزة - الثورة المصرية و مخاض الانتقال الديمقراطي















المزيد.....

الثورة المصرية و مخاض الانتقال الديمقراطي


محمد حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 19:47
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


اعتبرت ثورات "الربيع العربي" لحظة تاريخية غير مسبوقة ، كتب فيها الشباب العربي و المغاربي فصلا جديدا من كفاحه من اجل الانعتاق ، الكرامة ، المساواة ، الحرية و الدمقراطية. ثوار "النيت" و المعرفة الحديثة لم يستبشروا بمجتمع جاهز سحري وحتمي لاهوتي كامل و مكتمل، بل اعلنوا انهم ذاهبون لبناء مجتمع افضل ؛ مجتمع تكون فيه لحظة الاتفاق على الحاكم لحظة للدفاع عن الحرية وبناء مجتمع المواطنة الذي ينبذ ثنائية " الكفر – الإيمان " السياسية و يقلص فضاء المقدس ، و يسيد رابطة القانون ،و المساواة بين الرجل و المرأة ، و يصون حقوق الأقليات ...
في مصر انتفض الشباب الثائر في وجه نفسه ( عبر كسر حاجز الخوف ) تم عمد الى تحديد هوية انسانية عنوانها الكرامة و حريات الفرد و حقوقه السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية ...وحقه في المشاركة و تقرير المصير.
والثورة المصرية لا تبتعد عن كونها ضد العقل " المكون " على الحاكمية او "المستبد العادل"، لصالح حاكمية الشعب. فالشعب هو الذي كان يريد ، موضوعيا ، اسقاط الاستبداد و الفساد و بناء الدولة الديمقراطية العصرية رغم النجاح الانتخابي الكاسح للحركات التي تنهل من السياسات اللاعقلانية و من "فكر" التداخل بين العقيدة والفضاء العام , والتي لم تحسم مشكل الديمقراطية بصورة نهائية . النجاح الانتخابي للاخوان المسلمين و التيار السلفي في مصر يعيد مرة أخرى سؤال العقلانية السياسية (وهو سؤال الحداثة الجوهري) إلى الواجهة بعد أن غيبته ثقافة الاستبداد. فهل ستكون هذه الثورات هي نهاية الخرافة السياسية؟ أم انه سيكون أشبه ب 1848 في أوروبا ؟. فإلى أي مدى قد تصل تلك المقارنة؟ يبدو ان الوقت لازال مبكرا كي نتمكن من تحديد ذلك.
في أوروبا، انتهت ثورات 1848 التي بدأت باسم الحرية والديمقراطية، و انتهت بإنشاء أنظمة ديكتاتورية .فمثلا، بفضل ثورة 1848 بفرنسا (الايام الثلاث الخالدات) جاء لويس نابوليون الى السلطة، حيت فاز في الانتخابات الرئاسية باغلبية الاصوات. لكن وبعد ثلاث سنوات، اصدر دستورا جديدا ركز فيه كل السلط بين يديه، ثم اعلن نفسه امبراطورا تحت اسم نابوليون الثالث (وهو بالمناسبة ابن اخ نابوليون بونابارت). استمرت امبراطوريته الى سنة 1870 سنة الانهيار بعد الهزيمة في معركة سيدان امام الجيش النمساوي.
فهل مرسي الآن يشبه نابوليون الثالث؟ وهل من الممكن أن يحدث الشيء نفسه في مصر؟ الإجابة هي أننا لا ندري. وعلى الرغم من ذلك، فيمكننا القول بأن إسقاط الاستبداد مدخل أساسي ،لكنه غير كاف للانتقال إلى دولة الحرية والديمقراطية.
الانتقال الديمقراطي في مصر يشهد الان ولادته العسيرة و المتعثرة نتيجة عوامل متعددة من بينها :
- الاستفادة الانتخابية للتيار الاصولي ( الاخوان و التيار السلفي) مما يستبدل شعار الثورة بشعار " الاسلام هو الحل " ، وتصبح المرجعية الاسلامية فوق الديمقراطية و تقزيم هده الاخيرة في صندوق الانتخاب فقط او لصالح حكم الاغلبية.
- معضلة الاعلان الدستوري للرئيس محمود مرسي الذي طالب ب"ديكتاتورية مؤقتة" تؤسس لدكتاتورية قائمة على حكم الرجل الاوحد ، يصعب الخلاص منها.
- محاولة فرض دستور "الاخوان" لا يستجيب للمعايير الديمقراطية ، دستور يفرق المصريين بين من مع الشريعة و من ضدها، و يجمع المتناقضات : مشروع التحديث و مشروع التيوقراطيا المقنعة، والتنصيص في الدستور على الاخذ برأي علماء الازهر حصرا في الشؤون المتعلقة بالشريعة الاسلامية مما يعطي لهؤلاء العلماء الحق في تفسير الدستور بدل المحكمة الدستورية العليا.
فاذا كانت الثورات لا تقود حتما الى ديمقراطية جاهزة ، فان الثقافة السياسية متغير مهم في تفسير و استشراف الديمقراطية. فواحدة من انماط التحول الديمقراطي هي الضغوط من اسفل الهرم السياسي. وهذا ما تعيشه الحركة المدنية المصرية الان من مقاومة مواطنة للدفاع عن الحقوق و الحريات و مدنية الدولة ، مما يبقي الامل في تغيير موازن القوى لصالح التغيير الديمقراطي الشامل و انبعاث مواطنة لازالت تعيش مخاضا .
الديمقراطية لا تعطى، بل تنتزع، و انتزاعها يعني انها معركة طويلة و النضال الشعبي من أجل الديمقراطية هو شرط قيامها و مدخلها الحقيقي. انها سيرورة معقدة و مركبة تحتمل التقدم و التراجع، الفشل و النجاح. فإعادة توزيع السلط في أي مجتمع من المجتمعات ليست قضية نظرية ، ولكنها تستدعي معركة حقيقية. ذلك أنها تمس مصالح فئات و طبقات حية موجودة على الساحة، وقادرة على الحركة والدفاع عن مكتسباتها. كما ان تكريس الحريات السياسية ليست هي الأخرى أيضا مسألة أخلاقية ، و لكنها مرتبطة مباشرة بالتوزيع المادي للموارد. فمتى تمكن المواطنات و المواطنون من حرياتهم السياسية، صار بإمكانهم الاعتراض على الاستخدام الاحتكاري لهذه الموارد من قبل نخب دائمة وقائمة.
ان بناء قوة ديموقراطية منظمة تعد مدخلا اساسيا لإعادة بناء ميزان القوى من اجل الضغط على الاسلام السياسي للكف عن تلاعبه بالحقوق و الحريات و بهوية الدولة .فمعركة الدستور تتطلب من الحركة الديمقراطية المصرية عملا منظما و طاقة نضالية عالية ، فهو اخطر من ان يترك "للإسلام السياسي " وحده و للا عقلانيته السياسية.
بالطبع ، تحول مصر الى دولة مدنية ديمقراطية حديثة امر لن يتحقق بين عشية و ضحاها ، فهي ولادة عسيرة و قد تتم على نحو طبيعي او بتدخل الاطباء لإجراء عملية قيصرية ، لكن المؤكد النتيجة لها علاقة بمدى قوة و حيوية الجبهة المدنية الديمقراطية.
إن الديمقراطية لن تخرج من قلب المجتمعات كما يخرج الجنين من بطن امه ، انها ثمرة مخاض و صراع طويل و النضال الشعبي هو شرط قيامها و مدخلها الحقيقي.
ان استمرار مقاومة شباب الثورة الان و الاتفجار الشعبي الهائل الدي ادخل كثل هائلة من الشباب الى معترك النشاط السياسي ، يبقي الامل في انبعاث المحتمل الديمقراطـي. فغالبا ما عاينا خلال مجرى التاريخ ، يقول "ادغار موران" كيف ان اللامحتمل قد يتحقق اكثر من المحتمل . فلنتعلم كيف نراهن على ما هو غير محتمل الان ، أي نهاية اللاعقلانية السياسية و بناء الدولة المدنية الديمقراطية العصرية .



#محمد_حمزة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدل و الإحسان و سؤال الحكمة الإنسانية
- من اجل جبهة وطنية للدفاع على الجامعة العمومية
- المطالب الديمقراطية لحركة 20 فبراير و شعار إسقاط الفساد
- العلم و المواطنة و دحض فكر-الكل لغز -
- الإصلاحات الديمقراطية و مجتمع العلم و المواطنة .
- إضراب هيئة التدريس و البحث و سؤال الجامعة الوطنية العمومية
- اليسار و أزمة المهام النضالية
- علم و مواطنة : تأملات حول العدالة و القانون
- حُراس الهيكل (تاج السر عثمان نموذجاً )


المزيد.....




- قائد الجيش الأمريكي في أوروبا: مناورات -الناتو- موجهة عمليا ...
- أوكرانيا منطقة منزوعة السلاح.. مستشار سابق في البنتاغون يتوق ...
- الولايات المتحدة تنفي إصابة أي سفن جراء هجوم الحوثيين في خلي ...
- موقع عبري: سجن عسكري إسرائيلي أرسل صورا للقبة الحديدية ومواق ...
- الرئاسة الفلسطينية تحمل الإدارة الأمريكية مسؤولية أي اقتحام ...
- السفير الروسي لدى واشنطن: وعود كييف بعدم استخدام صواريخ ATAC ...
- بعد جولة على الكورنيش.. ملك مصر السابق فؤاد الثاني يزور مقهى ...
- كوريا الشمالية: العقوبات الأمريكية تحولت إلى حبل المشنقة حول ...
- واشنطن تطالب إسرائيل بـ-إجابات- بشأن -المقابر الجماعية- في غ ...
- البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك


المزيد.....

- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب
- سلافوي جيجيك، مهرج بلاط الرأسمالية / دلير زنكنة
- أبناء -ناصر- يلقنون البروفيسور الصهيوني درسا في جامعة ادنبره / سمير الأمير
- فريدريك إنجلس والعلوم الحديثة / دلير زنكنة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد حمزة - الثورة المصرية و مخاض الانتقال الديمقراطي