أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - مقدمة لجغرافية الكون المطلق















المزيد.....



مقدمة لجغرافية الكون المطلق


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 3948 - 2012 / 12 / 21 - 22:50
المحور: الطب , والعلوم
    



قال أبو الفيزياء الحديثة غاليلو غاليله يوماً : إن كتاب الطبيعة كتب بلغة الرياضيات
le livre de la nature est écrit dans la langue des mathématiques

ماهي الوسيلة الأنجع والأكثر فعالية لفهم العالم الذي نعيش فيه؟ يرد البعض وبلا تردد إنها طريق العلم. إن اتباع المنهج العلمي للوصول إلى الحقائق ليس مجرد ترف أو فضول ثقافي، أو منهجية من بين عدد كبير من المناهج والسبل التي تقود البشرية إلى إدراك الحقيقة وكشف أسرارها، إن كانت هناك حقيقة ما تقبع في مكان مجهول من هذا الوجود. ولا يمكننا فهم هذا العالم المعاصر وتعقيداته إلا من خلال العلم ومنجزاته التكنولوجية، وإلا سنبقى نرواح على السطح الخارجي لظواهر الواقع التي تدركها الحواس، وللولوج إلى أعماق الواقع وسبر أغواره، لا بد من الغوص في قلب العلم وكشف جوهره المتمثل بقوانينه الكونية. الباحثون عن معنى للوجود والحياة وسبب وجودهما، وعن معنى الإنسان وغاية وجوده وهل هو وحيد في هذا الكون المرئي الشاسع أم أن هناك غيره من الكائنات، يبحثون أيضاً عن كيف وجد الكون المرئي ولماذا ومتى، هي نفس الأسئلة التي أرقت فكر الفلاسفة والعلماء والمفكرين والناس العاديين على مر التاريخ.
إن التعاطي مع العلم يعني معرفة قوانينه الجوهرية والتعامل معها لفهم علاقتها بسير وعمل الطبيعة والحياة وتطورهما، خاصة بعد أن هيمن الفكر الثيولوجي والأيديولوجيات الدينية والفلسفات على هذا المجال لقرون عديدة.

سفر التكوين العلمي :
يمكننا تلخيص مسيرة الوجود المادي ببضعة ارقام تقريبية وليست نهائية إلا أن لها دلالاتها الخاصة. إن عمر الكون المرئي الذي ندرسه ونعيش فيه ونعتقد أننا نعرفه، وكما حددته أجهزتنا القياسية البدائية، رغم التقدم الذي حققه البشر لغاية النصف الأول من القرن الواحد والعشرين، هو 13.700 مليار سنة من خلال تحليل أقدم طيف ضوئي وصل إلينا اليوم، وفي الحقيقة إن عمر الكون المرئي هو أقدم بكثير من هذا الرقم فهناك نجوم بعيدة جداً لم ننجح بعد في تقدير أعمارها الحقيقية وهي قطعاً أكثر من 20 مليار سنة حسب بعض التقديرات العلمية. وبعد مرور 300 ألف سنة تقريباً على ولادة الكون المرئي الافتراضية المربوطة بحدث الانفجار العظيم، ظهرت الذرات الأولية بفعل تفاعلات حصلت بين الجسيمات الأولية التأسيسية. وبعد مرور مليون سنة تقريباً على ظهور الكون المرئي المادي ظهر أو شعاع للضوء، وبعد حوالي المليار سنة من تاريخ الانفجار العظيم أو الكبير تشكلت أولى النجوم. وقبل 6 مليار سنة من تاريخنا المعاصر المحدد بميلاد المسيح، ولدت شمسنا كإحدى النجوم المتوسطة العادية والمبتذلة. وقبل حوالي 4.6 مليار سنة قبل الميلاد تكونت كرتنا الأرضية، وقبل 3.5 مليار سنة ظهرت بوادر الحياة الأولى على أرضنا بنمطها الخليوي، وتطورت الحياة وتعرضت الأرض إلى كوارث طبيعية، حيث اختفت الديناصورات قبل 65 مليون سنة، وبين 9 إلى 7 مليون سنة قبل الميلاد يعود تاريخ ظهور أسلافنا الأوائل من البشر البدائيين المنحدرين من أحد أجناس الغوريلا أو أحد أجناس الشمبانزي حسب سلسلة australopithèque lignée أي البشر الأوائل في استراليا الذيت استخدموا النار والحجر، ومن ثم اكتشف الإنسان الـمنتصب Homo erctus النار وتمكن من السيطرة عليها والتحكم بها الـ Homo ergaster حوالي 500 ألف سنة قبل الميلاد وكانت بداية مرحلة الـعصر الحجري القديم paléolithique في الخمسين ألف سنة 50000 التي سبقت الميلاد انتهى العصر الجليدي الأخير وفي العشرة آلاف سنة قبل الميلاد كانت بداية العصر الـنيوليتي néolithique المختص بالعصر الحجري الأخير حيث حدث أول تحول في تنظيم المجتمع البشري من قبل الانسان الحديث Homo sapiens ثم أعقب ذلك طفرات تطورية إجتماعية واقتصادية وعلمية مهمة. فبدأت الكتابة في الحضارة السومرية التي تعتبر أولى الحضارات البشرية قبل حوالي 3000 قبل الميلاد وكانت بداية فلسفة المنطقة قبل 500 سنة قبل الميلاد عند الإغريق، وكذلك أولى مباديء الرياضيات ومجالات أخرى في طرق التفكير البشري. وبعد 1600 سنة من ولادة المسيح بدأ العلم التجريبي خطواته الأولى حيث حدثت الطفرة التطورية الثانية في المجتمع البشري. منذ ذلك التاريخ تجرأ الإنسان على التساؤل العلني عن أصله ومن أين جاء ولماذا، ومن أين جاء الكون المرئي الذي يعيش فيه ولماذا، ومن أين جاءت فكرة حتمية وجود الكون المرئي، وهي تساؤلات طرحت من قبل عقل بشري واعي وذكي قرر أن يسلك طريقاً آخر غير طريق الدين للبحث عن الإجابات ألا وهو طريق العلم والتجربة والملاحظة والمشاهدة والتدقيق والتجريب والبرهنة قبل الاعتقاد واليقين.
البشر عطشى للإجابات المقنعة التي تروي غليلهم لكنهم لايعرفون لماذا يطرحون مثل هذه الأسئلة التعجيزية التي تطوعت الأديان السماوية لتقديم إجابات ميتافيزيقية عنها اعتبرها البعض كافية ولديها ما يكفي من المصداقية لكي تقنعنا بصحتها وجدواها ولا حاجة لمناقشتها أو دحضها لأنها منزلة من السماء وتتمتع بالقدسية. وهكذا تحولت المساهمات الدينية إلى نصوص مقدسة لا يأتيها الباطل من أمام ولا من خلف وتحرم مناقشتها والشك أو الطعن فيها ويعاقب بالموت والعذاب المبين من يتجرأ على مخالفة ذلك وقد حملت الكنيسة الكاثوليكية لواء القمع والتنكيل اقتفت آثارها المؤسسات الدينية الأخرى اليهودية والإسلامية التي تكفلت بمهمة الدفاع عن قدسية النصوص ومنع التطاول عليها وذلك باستخدام القوة والعنف والقتل كوسائل ردع فعالة أغرقت البشرية في سبات عميق دام عدة قرون.

شدد الكثيرون على أطروحة الخلق، سواء الخلق الذاتي، أو الخلق الإلهي، ومنهم من قال بالخلق من العدم création ex nihilo، وهو مفهوم غامض وعسير على الفهم والإستيعاب لأنه يعني أن هناك néant" عدم" دون أن نعرف ماهيته، ومنه إنبثقت " كينونة être، إما بفعل قوة غامضة مجهولة أسماها البعض الله، أو بفعل قوانين كامنة في ذلك العدم تفاعلت وقامت بتنظيم أصل للكون وأدت إلى إنبثاق الوجود المادي الذي عرف فيما بعد بالكون المرئي بكل مكوناته، ولكن يحق للمتلقي أن يتساءل ما هي الآلية أو المعجزة التي مكنت العدم من أن " يخلق " كينونة " مادية موجودة بدأت بنقطة لامتناهية في الصغر ولامتناهية في الكثافة والكتلة والحرارة إلى زمكان لامتناهي في الكبر؟ تبارت الأساطير والخرافات والروايات الملحمية الغارقة في القدم، خاصة الدينية منها، لتقديم رؤاها الخاصة لهذا الحدث، أي عملية الخلق. أي أن هناك بداية حدثت في أعقاب شيء ما سبقها، ولكن هل هي هذه فعلاً هي البداية، إن كانت هناك بداية؟ سنبحث في ذلك بالتفصيل لاحقاً.
تحدث البعض عن " المسبب الأول cause première الذي لا يحتاج لمسبب يسبقه والذي أطلق عليه أفلاطون إسم الـ آرخيه arkhè والذي يمكن أن نترجمه بـ " المبدأ principe، أو البداية commencement ولكن ما معنى السبب والمسبب عندما لم يكن الكون المرئي المادي موجوداً بعد؟ البعض الآخر يحدثنا أن الكون المرئي هو كناية عن تجلي مادي لتصميم ذكي dessein intelligent وهو تجسيد لخطط ربانية أو إلهية مسبقة أو معدة مسبقاً أعدها المهندس الأعظم super ingénieur، أو صممها إله يحب المعادلات الرياضية الأنيقة belle équations والتنظيم الدقيق réglages fins، ولكن بأي عود كبريت أو قادح يمكن تحويل الصيغ الرياضية التجريدية formules mathématiques abstraites كون مادي فيزيائي يخضع لها ولقوانينها؟
من هنا نشبت حرب شعواء وتنافس شرس بين العلم Science، وعلى وجه التحديد الكوزمولوجيا العلمية أو علم الكون cosmologie scientifique من جهة وكافة الأديان السماوية وغير السماوية، من جهة أخرى. ودخل الإيمان والاعتقاد الصرف في صراع مع المعرفة وكل واحد منهما يشحذ أسلحته ومبرراته وحججه ويستخدم ما لديه من سلطات لفرض أطروحته، وبعد قرون طويلة من المواجهات والصراعات الدامية استسلم الدين للعلم وصرح البابا جون بول الثاني عند استقباله للعالم البريطاني ستيفن هوكينغ Stephen Hawking قائلاً :" نحن متفقون ياسعادة العالم الفيزيائي والفلكي astrophysicien، إن ما بعد البيغ بانغ Big Bang الانفجار الكبير هو لكم وماقبله هو لنا" ce qu’il y a après le big bang c’est pour vous ; et ce qu’il y a avant، c’est pour nous، ومهما كانت حقيقة أو مصداقية ما دار في ذلك اللقاء بين الحبر الأعظم والعالم الفذ، إلا أنه يؤشر إلى السهولة التي تقزم فيها وتختزل المواقف والحجج والمبررات حيث يعتقد البعض أن بإمكان الدين أن يذهب إلى أبعد ما يمكن أن يصل إليه العلم، بينما يعتقد البعض الآخر أن بوسع العلم خطف شعلة الخلق من يد الدين والروايات الأسطورية والخرافية récits mythiques ووضعها في موضعها الصحيح بعد تصفيتها من الشوائب الخرافية ودعمها بالتجارب المختبرية والمعادلات الرياضية بغية استيعاب معناها ومغزاها.
تمكن العلماء من صياغة رواية الكون المرئي الكبيرة التي يعود الفصل الأول فيها إلى 13.7 مليار سنة وأحدثوا قطيعة شبه تامة مع كافة الصيغ الثيولوجية الدينية التقليدية التي تحدثت عن نفس الموضوع. وكان عنوان الرواية العلمية هو" الانفجار العظيم أو الكبير وركائزه الثلاثة وهي: تباعد المجرات، فكلما ازدادت سرعاتها ازدادت المسافات بينها، وكذلك فإن الكون المرئي في حالة تمدد وتوسع دائم، وهناك إشعاعات الخلفية الكونية المتحجرة الكهروموجية le rayonnement diffus cosmologique التي تنبأت بوجودها نظرية الانفجار الكبير واكتشفت سنة 1965 وخضعت للدراسة والتحليل والتدقيق، وأخيراً النسب التي أعطتها هذه النظرية للعناصر الكيميائية الخفيفة كالدوتيريوم والهليوم 3 والهليوم 4 والليثيوم 7 حيث جاءت متطابقة مع الحسابات التي أجريت فيما بعد عنها في الكون المرئي برمته. يتوقع بعض العلماء على نحو متفاءل جداً بأن العلم سيتمكن قريباً من معرفة أصل ومصدر كل شيء مادي موجود في الكون المرئي، خاصة مع تطور علم الرياضيات وأجهزة الحاسوب العملاقة وبرامج المحاكاة والتلسكوبات الفضائية المتطور جداً بفضل تطور العدسات وعلم البصريات. كل ما نعرفه اليوم يقع على الجانب الذي يعرف بماوراء جدار بلانك Mur de planck الذي هو أصغر حيز مكاني في الكون المرئي وأقرب شيء لنقطة الانفجار الكبير، ويعمل العلماء في ايامنا هذه على عبور هذا الجدار والذهاب إلى ما قبل جدار بلانك الذي مازال يعتبر العائق الأهم أمام النظريات الفيزيائية الحديثة، وازداد تفاؤل العلماء بعد اكتشاف بوزونات هيغز bosons de Higgs أو جسيمات الله في مصادم الجزئيات العملاق LHC التي أكدت صحة نظرية الانفجار الكبير خاصة فيما يتعلق بأصل ومصدر كتلة الجسيمات التي سنتحدث عنها بإسهاب لاحقاً عندما نتناول بالدرس فيزياء الجسيمات الأولية بلغة الرياضيات. ولقد صدق غاليلو في مقولته الشهيرة عندما قال:" يمكن قراءة سفر الطبيعة العظيم فقط من قبل أولئك الذين يعرفون اللغة التي كتب فيها وهذه اللغة هي الرياضيات " وبعده بقرون صرح العالم جيمس جينز james jeans قائلاً يبدو العالم وكأنه مصمم من قبل عالم متخصص بالرياضيات البحتة.
يقول مثل فرنسي: إن التفكير باللاشيء لا يعني عدم التفكير بشيء، penser le rien n’est pas penser à rien.
بات من الواضح اليوم أن العلماء متفقون تقريباً على أن ما يعرفونه عن الكون المرئي ليس سوى غيض من فيض، أو بعبارة أخرى أنهم لا يعرفون الشيء الكثير وإن كل ما يعرفونه لا يتعدى النظريات والفرضيات المصحوبة بجملة من المعادلات الرياضية المعقدة والغامضة والصعبة جداً لتبرير هذا الاستنتاج النظري أو ذاك، وتدعيم وجهة النظرة هذه وتفضيلها على تلك، وذلك لفترة زمنية محددة ريثما يظهر ما يدحضها أو يثبت خطأها أو العكس. هذا هو واقع الحال فيما يخص مسألة أصل الكون المرئي التي لم يعد مجرد مشكلة عويصة يمكن أن نعثر لها على حل ممكن يوماً ما بل باتت اليوم طلسماً وسراً يستعصي على الحل.
ومن الجلي أيضاً أن أغلب العلماء يتمسكون بما لديهم من نظريات ومعتقدات ومسلمات ولا يحبذون التخلي عنها أو تقبل نقضها بسهولة. ومن هذه المسلمات أن العلم متمسك بفكرة ويعمل على تنفيذها ألا وهي محاولة فهم الظواهر وكيفية حدوثها وليس أسباب وغايات حدوثها، أي التركيز على الكيف على حساب الـ لماذا.
ويزداد الأمر تعقيداً وصعوبة عندما يتعلق بموضوع الكون المرئي وسؤال كيف ظهر هذا الكون المرئي ولماذا ظهر؟ وهنا نكتشف عجز العلم عن تقديم الإجابات القاطعة والنهائية التي لاتقبل الدحض ولا الطعن. تمكنت الفيزياء la physique والكوزمولوجيا أو علم الكون la cosmologie من تقديم بعض الأجوبة المقنعة فيما يتعلق بالشطر الأول من السؤال أي كيف ظهر الكون لكنهما عجزا عن تقديم أية مقاربة مقنعة ومقبولة عن الشطر الثاني وهو لماذا ظهر الكون وما الغاية منه؟ ناهيك عن تحديد مصيره ونهايته، إن كانت هناك نهاية محتملة له كما يعتقدون. وحتى عندما يتناهون لدراسة الأصل والبداية لهذا الكون المرئي ويعالجون هذه المسألة فإنهم يصطدمون بنفس العقبات التي واجهت وتواجه الثيولوجيين والقائمين على المؤسسات الدينية في الأديان السماوية الرئيسية الثلاثة والأديان الأرضية الوضعية كالهندوسية والبوذية وغيرها، ويسقط العديد منهم في هوة التفسيرات والأطروحات الميتافيزيقية حسب تعبير خصومهم.
وعلى ضوء المنجزات العلمية الحديثة والتقدم التكنولوجي الهائل والأجهزة والمعدات العلمية والتقنية المتطورة ، يعمل العلماء اليوم على صياغة نظرية وحيدة وواحدة جامعة وشاملة قادرة، بلغة المعادلات الرياضية، على وصف واستيعاب وجمع القوى الجوهرية الكونية الأربعة التي تنظم وتسير وتدير الكون المرئي وتتحكم به حسب تصورهم، ويسمونها نظرية كل شيء théorie du tout. ولو افترضنا أنهم سينجحون يوماً ما في التوصل إلى هذه النظرية المعجزة، فهل ستتمكن هذه النظرية فعلاً من إزالة الحاجز القائم بين العقل والذكاء البشري الحالي ومعضلة الأصل الحقيقي le vrais origine de l’univers، وليس الافتراضي، للكون المرئي؟ وماذا لو كنا قد خدعنا على نحو ما، بالطريقة التي روت لنا حدث الانفجار الكبير وتلك الفرادة la singularité الكونية التي اعتبرت بمثابة النقطة أو اللحظة صفرle point ou l’instant zéro التي افترضوا أنها تزامنت مع وقوع هذا الحدث التأسيسي الذي خلق بدوره كل ما هو موجود اليوم من خلال فكرة انبثاق الكون ـ أو بالأحرى الكينونة الكونيةl’univers ou l’être univers ــ من العدم néant. والحال لاشيء يؤكد أو يثبت لنا أن لهذا الكون المرئي المرصود الذي نعرفه وندرسه ونعيش فيه، بداية وأصل معلوم، فطالما لم يتمكن العلماء من تسلق جدار بلانك mur de Planck والعبور إلى الجانب الآخر منه الذي سبق الانفجار الكبير، فإنهم لن يفلحوا في الوصول إلى الجواب الحقيقي لما كان موجوداً قبل الوجود الفعلي المادي للكون المرئي، أياً كانت طبيعة وماهية ذلك الوجود الافتراضي السابق للوجود المادي .
في البدء كانت المعلومة:
علينا أولا وقبل كل شيء، وأمام هذا المحيط الهائج من الأفكار والنظريات ، العلمية والدينية والفلسفية وغيرها، أن نكون دقيقين في استخدام المفردات والمصطلحات والمفاهيم والصياغات اللغوية كي لا نضيع في متاهة التفسيرات والتأويلات والشروحات. ولنشرع بوضع فرضية hypothèse وجود " أصل origine " ما بالمعنى الدقيق والصارم للكلمة، ونقول لأنفسنا أن هذا المفهوم ليس فقط محاولة لوصف وشرح المراحل الأقدم لنشأة كوننا المرئي فحسب، بل هي بمثابة تساؤل حول عملية العبور من " غياب كل شيء absence de toute chose، الذي يمكن أن يعادل في إطار الفهم البشري العدم néant ، إلى حضور شيء ما أو كينونة ما على الأقل présence d’au moins une chose ou un être ما يعني أننا أمام استحالة إدراك أو استيعاب كيفية تحول العدم أو جزء منه إلى نقيضه أي الوجود، وتوقفه أو تعطله عن أن يكون عدماً؟ من هنا منشأ الصعوبة لفك أسرار هذه المعضلة. كل الروايات والنصوص التي تحدثت عن، ووصفت، ولادة الكون المرئي افترضت وجود مايسبق العالم prémonde، و تخيلت العالم الأصلي بانتظام، على أنه مملوء بشيء ما سماه المتدينون الماهيات الإلهية ، والتي لم تخرج من العدم البحت، بعبارة أخرى أن العالم ينبثق دائماً من جوهر ومكان مجهول لا نعرف كنهه، أو من واقع مغاير لما نألفه، كان في حالة انتظار لا محدود زمنياً وخصب جوهرياً، ومستعد في أي وقت للتحول إلى مادة matière، بكل أشكالها المعروفة والمجهولة ، الظاهرة والخفية، الملموسة ونقيضها كالمادة المضادة مثلاً، وإيجاد زمان ومكان متداخلين ومندمجين في وحدة الزمكان حيث يمكن أن يتحول أحدهما إلى الآخر في ظروف معينة، إلى جانب كل أنواع الطاقة ، الظاهرة، والخفية، المعتمة أو الداكنة، حيث يمكن أن تتحول الطاقة إلى مادة وبالعكس. وكل ذلك يحدث لأول وهلة في العتمة والظلام الدامس قبل ظهور الضوء. فالبداية الفعلية للخلق تحدد بظهور أول شعاع للضوء وإلغاء أو إنهاء حالة العماء التام. فكل الحضارات البشرية، القديمة منها والحديثة، تحدثت عن هذه الحكاية الأسطورية. فالمصريون القدماء، على سبيل المثال، صوروا ما قبل العالم هذا، الموجود في فراغ أسود ومعتم تماماً، على إنه محيط بدئي ، أصلي وأولي، جوهري وأساسي primordial، وهو عبارة فوضى عارمة على شكل دوامة كونية هائلة، بلا قوانين ولا استقرار، حيث لم يخرج للوجود بعد، لا الحياة ولا الموت، فقط مياه نون Noun الداكنة التي تتلاطم داخل هذا المحيط البدئي. ومن ثم قامت التدفقات والموجات اللامرئية بقذف الرمال والطمى الأسود والخصب على سواحل هذا المحيط. وتدريجياً تشكل تل . وفجأة قرر الإله الخالق آتوم le dieu créateur Atoum، الذي تعب من الطوفان فوق مياه نون، الاستقرار فوق هذا التل. وكانت أول إشراقة للشمس على التل واتخذ الإله لنفسه هيئة الإنسان أو البشر واتخذ إسم رع ـ آتوم Ré-Atoum. هذا هو ملخص أسطورة الخلق المصرية. وفي حضارة وادي الرافدين الميزوبوتاميا Mésopotamie، هناك ايضاً محيط بدئي وأولي أساسي،مضطرب يسبق كل شيء. عندما لم تتخذ السماء في الأعالي بعد شكلاً لها، وفي أسفل لم تتخذ الأرض إسماً لها بعد، كان هناك فقط آبسو Apsou، محيط المياه العذبة، و تيامات Tiamat، بحر المياه المالحة الخطر، تتلاطم موجاتهما العملاقة وتختلط في عناق بلا قرار وداخل حيز بلا حدود، ومن هذا الخليط وهذا الاتحاد، يولد بلا توقف عدد كبير من الآلهة، جريئة وعنيدة وفي حالة غضب عارم، تنمو وتتكاثر في كل يوم وتزداد قوة وجرأة. إلا أن آبسو خاف من تهديد أبنائه الآلهة وعزمهم على إطاحته من عرش الربوبية المطلق لذلك قرر تصفيتهم والتخلص منهم ، تأثرت الآله الأم تيامات فقامت بمساعدة من إيا Ea، وهي الآلهة الإبنة الأكثر حذاقة ودهاءاً ومكراً ، من بين جميع الأبناء،بوضع خطة لقتل آبسو ، كما ورد في كتاب ولادة العالم حسب أكد للعالمين الفرنسيين بول غاريللي و مارسيل ليبوفتشيLa naissance du monde selon Akkad : Paul Garelli et Marcel Leibovici . أما الإغريق القدماء فقد كان لديهم في البدء الخواء أو العماء الكاووس Chaos كما يخبرنا نص التيوغوني Théogonie ، اي النص المختص بنسب الآلهة الوثنية ويبحث عن أصلهم وتحدرهم ، الذي ألفه هيسيودHésiode . ويتحدث النص الإغريقي عن فراغ مهول ومعتم ظهرت في داخله الغايا Gaïa، أي الأرض ذات الجوانب والأحضان العريضة التي كونت القاعد الراسخة التي لا تتزعزع للعالم. ومن ثم نشأ الإيروس Eros وهو إله الحب وأجمل الآلهة الإغريقية، والقادر على إخضاعها كلها لسحره كما هو قادر على إفتان البشر فيما بعد ، ومن الكاووس أو العماء ولد ايضاً الظلام والشرورténèbres في الأعماق والليل المدلهم الدامس، ومن هذا الاتحاد نشأ الضوء في الأعالي ومعه ظهر النهار.وعند الصينيين القدماء توجد قصة البانغو Pangu الخالق حيث نعثر على أولى آثاره في كتب يعود تاريخها للألف الثالث قبل الميلاد . فلقد نمى بانغو طيلة آلاف السنين داخل بيضة وفيما بعد حطم قشرتها بفأس وبدأ العمل للفصل، بكل قوته، بين العناصر غير المكتملة، كما أمر بظهور الخواء الأصلي أو الكاووس الأساسي، ومن جراء عمله المضني، وبسبب تعبه وإرهاقه، تعثر وانزلق وكان من هول سقوطه أن عينيه قذفتا في السماء فأصبحت إحداهما، وهي اليمنى الشمس، والأخرى، اليسرى القمر، وعظامه كونت الجبال وعضلاته كونت الأراضي الخصبة وشرايينه كونت مجاري المياه وأوردته كونت الأنهار وأسنانه صارت اللآليء والحيوانات ولدت من اصابعه والبشر من قمله ses poux. وبالطبع هناك النص التوراتي الذي نذكر منه هذا المقطع بتصرف، حيث يبدأ الخالق اثره عبر الكلمة التي كانت هي البدء بتنظيم عالم أو كون كانت تختلط فيه كل المكونات ، الأرض والماء والنور والظلام الخ قبل ظهوره للعلن، فقد خلق الله في البدء السماء والأرض، وكانت الأرض قاحلة وفارغة والظلام يغمر المحيط الأولي أو البدائي . كان نفس الله يطفو فوق سطح المياه ثم قال الرب ليكن النور فكان النور، رأى الله أن النور جيد ففصله عن الظلام وسمى النور نهاراً وسمى الظلام ليلاً وكان هناك مساء وكان هناك صباح وكان هناك اليوم الأول، إلى آخر القصة المعروفة التي كررتها بصيغ مختلفة ومتنوعة، النصوص المقدسة الأخرى المسيحية والإسلامية. وماذا حدث بعد ذلك؟ كل حضارات وأساطير الشعوب على مر التاريخ ، وبمختلف الصيغ والحكايات والطرق، المتعلقة بقصة الخلق، التقت بنقطة مشتركة وهي ظهور وتنظيم تدريجي لنوع من " المادة matière الأصلية originelle لم يحدد أصلها ومنشأها ومصدرها في أي نص أو رواية .
قال الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه Freidrich Nietzsche إن نصف المعرفة تنتصر على المعرفة الكاملة بسهولة لأنها ترى الأشياء بصورة أسهل مما هي عليه في حقيقتها ومن هنا فهي تعطي عنها فكرة أكثر قابلية للفهم وأكثر إقناعاً.

يشاع لدى عدد لا بأس به من العلماء اليوم أن الحياة والوعي مهمان في التنظيم الكوني العظيم للأشياء، فالعقل والذكاء والوعي، وبالتالي الحياة، في الكون المرئي تمثل حقيقة كونية هامة وهي أنه: حيثما يكون هناك كون تكون هناك حياة في شكل ما.
فلقد شهد العلم خلال القرن العشرين المنصرم ثورة حقيقية بحكم التطور العلمي والتكنولوجي الذي حققه البشر خلال قرن من الزمن وتوافقت كل الفروع العلمية تقريباً على أن أغلب الأشياء الكونية التي ندرسها لم تكن دائماً كما هي عليه الآن عند رصدها ومراقبتها أو مشاهدتها. فهذه الأرض التي نعرفها ونعيش فوقها لم تكون موجودة عند ولادة الكون المرئي ولم تكن هناك حياة عليها عند نشوئها، فمن أين جاءت الحياة ومنذ متى تواجدت هذه الحياة على الأرض وكيف حصل التحول من الجماد إلى الكائن الحي وما هو سر هذه الحياة وهل هناك آثار علمية تدل على بدايتها الحقيقية وما هو شكل تلك البداية وآلياتها؟ هذه الأسئلة الحساسة وغيرها الكثير طرحت على مدار سير التاريخ الفكري، ومنه تاريخ العلوم، للبشر لأنها تدفعنا للبحث عن أصلنا، وسنكرس حلقة كاملة لهذا الموضوع لاحقاً ونطرح فيها كل النظريات العلمية، منذ القدم إلى يوم الناس هذا. وحتى النجوم التي نراها يومياً وكأنها خالدة وثابتة لا تتغير على مر الأزمان هي في حقيقة الأمر كباقي الموجودات المادية تولد وتتطور وتشيخ وتتحول وتنازع أو تحتضر ومن ثم تموت وتختفي أو تتحول إلى شيء آخركالثقوب السوداء مثلاً. وكذلك الذرات البدائية لم تكن موجودة دائماً فالكون المرئي البدائي لم يكن يحتوي على ذرات العناصر التي نعرفها اليوم بل فقط جسيمات ما دون الذرية، الأولية التأسيسية المتخمة بالطاقة، فالذرات ولدتها النجوم فيما بعد بكل أنواعها الخفيفة والثقيلة بفعل التفاعلات النووية العنيفة.فكل شيء متحرك في الكون المرئي فهو إذن غير ثابت وغير مستقر وفي حالة توسع وتمدد متسارع أكثر فأكثر، وبعد أن كان حار جداً بما لايمكن لبشر أن يتصوره أصبح اليوم بارد جداً ويزداد برودة يوماً بعد يوم. وهذا يعني أن لهذا الكون المرئي تاريخ. فهو لم يعد يستند على ظهر سلحفاة ضخمة أو ظهرت حوت عملاقة كما كان يعتقد القدماء، وليس محدداً بالمجموعة الشمسية كما أعتقد كثيرون لقرون خلت. لقد تطورت فكرة الكون منذ القرن السادس عشر 1609-1610 وتبلورت منذ عصر غاليلو غاليله الذي يعتبر الأب الحقيقي للفيزياء المعاصر مع من سبقوه من الرواد في هذا الميدان ومهدوا له الطريق.بات واضحاً اليوم أن الكون المرئي مكون من مادة وطاقة وتحكمه قوانين جوهرية ثابتة اكتشفها البشر بمساعدة لغة الرياضيات، أي أن الكون المرئي محكوم بمفاهيم الوحدة والقانون والنظام. ومن هنا أصبح هذا الكون المرئي موضوعاً للعلم بما أنه يمتلك كم من المعايير والثوابت والكموم المحددة التي تتوقف عليها دالة من المتغيرات المستقلة التي يمكن صياغتها بمفاهيم ومصطلحات قابلة للقياس والدرس. فالفكرة العلمية عن الكون التي صاغها غاليله Galilée واستأنفها نيوتن Newton من خلال تطويره لأول نظرية كونية هي نظرية الثقالة أو الجاذبية التي هي إحدى القوى الجوهرية الأربعة المسيرة للكون المرئي المرصود. وتكرست النظرة العلمية للكون المرئي والمرصود بفضل النظرية العلمية الثورية في وقتها وهي نظرية النسبية العامة لآينشتين La relativité général d’Einstein التي قدمها سنة 1915 والتي اعتبرت أعظم أداة علمية قدمت في بداية القرن العشرين لترسيخ الخطاب العلمي بشأن الكون المرئي والمرصود. فهناك تقنين رياضي يفترض وجود قوانين فيزياء تطبق بنفس الطريقة في كل مكان وزمان في هذا الكون المادي المرئي وإنه يتم التعبير عن تلك القوانين الفيزيائية بلغة الرياضيات Le Langage mathématique. كانت خصوية آينشتين تكمن في أنه اعتبر الثقالة أو الجابية ليست قوة بالمعنى الكلاسيكي للعبارةبل تجلي محلي لتشوه المادة الذي تجريه على الزمكان l’espace-temps لكوننا المرئي الذي يفرض بدوره حركته على المادة المكونة له، وبفعل التفاعل بين المادة والزمكان، يمكن لهذا الأخير، أي الزمكان، أن ينطوي أو ينحني أو يتحدب se courber أو يتمدد se dilater أو ينكمش أو يتلقصse cintracter. بعبارة أخرى إن تحدب أو إنحناء الزمكان يملي على المادة كيف تتحرك والمادة تملي على هندسة الزمكان la géométrie de l’espace-temps كيف تتحدب، وبالتالي تسمح نسبية آينشتين بوصف الخصائص الكلية propriétés globales للكون المرئي والمرصود.
في سنة 1929 اكتشف العالم إدوين هيوبل Edwin Hubble بفضل تلسكوب هوكر Hooker المنصوب على قمة جبل ويسلون،ظاهرة تباعد المجرات عن بعضها البعض بسرعة كبيرة تتناسب مع المسافات القائمة بينها فكلما كانت المسافة كبيرة كانت سرعة التباعدة كبيرة وكان هذا دليل على أن الكون المرئي المرصود في حالة توسع en expansion وليس ساكناً على التصور السائد آنذاك. واتضح فيما بعد أن الذي ينتقل ويتسع ليس المجرات بل المكان أو الفضاء نفسه هو الذي يتمدد حاملاً معه المجرات. ومنذ ذلك الحين فهم العلماء إنه في حالة نظرهم للظاهرة بالمعكوس سوف يظهر ذلك أن الكون المرئي المرصود في ماضيه البعيد كان أصغر بكثير وأكثر كثافة وأكثر سخونة مما هو عليه اليوم، ولو توغلنا في الاتجاه المعاكس فإننا سوف نصل إلى حجم معدوم taille nulle وإلى نقطة انطلاق أصلية pointe origine أي فرادة بدئية أساسية singularité initiale انطلق منها الكون المرئي وتوسع وتمدد. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هناك شخص ثالث هو الراهب البلجيكي جورج لوميتر Georges Lemaitre الذي كان أول من صرحج بهذه الفكرة سنة 1927 والتي تقول أن الكون المرئي المرصود يمكن أن يكون في حالة توسع وتمدد انطلاقاً من نقطة بدئية أولية معدومة الأبعاد.وهو الذي تحدث بفكرة الذرة البدائية L’atome primitif التي سبقت فكر الانفجار الكبير البيغ بانغ Big Bang. زفي سنة 1964 تم اكتشاف الخلفية الكهروموجية الكونية المنتشرة fond diffus cosmologique التي أثبتت أن للكون ماضي سحيق وإنه مر بمرحلة كان فيها في غاية الكثافة والسخونة وكانت له بداية تعود إلى 13.7 مليار سنة تقريباً.

في سنة 1950 أثبت العالم من أصل روسي جورج غاموف George Gamow أن الكون البدائي لم يكن فقط كثيف وساخن فحسب بل كان في غاية الاضطراب أي ذو طاقة هائلة énergétique حيث عاشت المادة حالة من الحمى لا يمكن تخيلها.
وضع عدد من العلماء تحفظات معرفية على أطروحة الولادة والخلق ونقطة الانطلاق التي شاعت من جراء انتشار وشعبية الصيغ الأولى نظرية الانفجار الكبير. ففي ذلك الوقت لم تعر النظرية اهتماماً ولم تحسب حساب سوى لقوة واحدة هي التي كانت معروفة آنذاك وهي قوة الثقالة أو الجاذبية وهي فاعلة وعلى مدى لا محدود حيث أن القوة الممارسة بين كتلتين لا تكون معدومة إلا كانت المسافة الفاصلة بين الكتلتين لا نهائية. ولكن لو عدنا إلى الوراء إلى ماقبل 13.7 مليار سنة فسوف نجد أن المادة كانت موجودة في ظروف فيزيائية غاية في الخصوصية والتفرد إن لم نقل خارقة للطبيعة بحيث ليس بوسع النسبية العامة لآينشتين أن تصف وحدها تلك الحالة الفريدة مكن نوعها لأن هناك تفاعلات جوهرية أخرى غير الثقالة تدخل في الحسبان. وهي التفاعلات الكهرومغناطيسية والتفاعلات النووية الضعيفة والشديدة أو القوية التي تحدد وتتحكم بسلوك المادة خاصة عندما تكون هذه الأخيرة ساخنة جداً ومكثفة جداً وفي حالة اضطراب وحركة هائجة. فالتفاعل الكهرومغناطيسي L’interaction électromagnétique الذ اكتشفه جيمس كليرك ماكسويل James Clerk Maxwell في منتصف القرن التاسع عشر، هو أكبر كثافة وقوة من الثقالة أو الجاذبية وبفضله تعمل كافة أجهزتنا الكهربائية البيتية والصناعية وهي التي تؤمن التماسك cohésion بين الذرات الخلايا والجزئيات الخليوية وتتحكم بكافة التفاعلات الكيمائية والظواهر البصرية المنتظمة على هيئة فوتونات. أما التفاعل النووي الضعيف L’interaction nucléaire faible الذي أكتشف في سنوات الثلاثينات فمداه صغيرة جداً ويقدر بحوالي جزء من المليار من مليار من المتر، أي جزء ضئيل من حجم نواة الذرة وهو تفاعل اتصال أي لا يمكن لجسيمين أن يتفاعلا إلا بعد اتصالهما مادياً وهذه القوة هي المسؤولة عن إشعاعات بيتا النووية radioactivité beta التي بفعلها يتفكك النيوترون إلى بروتون وإلكترون مع بعث مشترك لجسيم مضاد هو النيترونو المضاد أنتينيوترينو antineutrino الذي يلعب دوراً مهماً في تكوين نوى الذرات وكما يدل عليه إسمه فهو ذو خاصية ضعيفة جداً تجعل من الصعب رصده او مراقبته ولكن هذا لا يمنعه من لعب دور جوهري ومهم خاصة داخل الشمس حيث يدير تفاعلات الاندماج النووي للهيدروجين ولو اختفت هذه القوة من الكون فسوف تتوقف شمسنا عن الإشعاع والإضاءة. وأخيرا التفاعل النووي الشديد أو القوي L’interaction nucléaire forte وهو الأكثر كثافة وحدة بين القوى الجوهرية الكونية الأربعة وتم اكتشافه في نفس الفترة التي اكتشفت فيها القوة النووية الضعيفة ومداه قصير جداً بحجم نواة ذرة أي بنسبة 10-15 من المتر ويعمل على تماسك الذرات وكأنه صمغ لاصق glu الذي يلصق جزيئين ذريين 2 nucléons بروتون أو نيوترون متصلين مع بعضهما وتضعف هذه القوة بمجرد أن نبعد إحداهما عن الأخرى، وهو تفاعل قوي جداً.والحال إن النسبية العامة لآينشتين لم تأخذ بالاعتبار أيا من هذه القوى الجوهرية الثلاثة الأخرى المذكورة بل تتعامل فقط مع الثقالة أو الجاذبية لوصف الكون المرئي والمرصود في حجمه الهائل واتساعه المهول لذلك كان لا بد من إيجاد نظرية فيزيائية مكملة تتعامل مع هذه القوى الكونية الجوهرية الثلاثة وهي نظرية ميكانيك الكوانتا أو نظرية الكم La théorie Quantique.
هناك واقع ظاهر أو مرئي وهناك واقع خفي أو مخفي فأيهما حقيقي وأيهما وهمي؟ بات من الشائع في المخيلة الجمعية لدى عامة الناس غير المتخصصين بأن البيغ بانغ Big Bang حدث بالفعل في لحظة زمنية ما على شكل انفجار هائل، على غرار انفجار القنبلة الذرية، وإن هذا الحدث وقع في نقطة الصفر التي ولد عندها الكون، وهو بالطبع انطباع أو تصور خاطيء، وقد حاول بعض علماء الفيزياء الفلكية وعلم الكون بلا طائل إزالة هذا الوهم من أذهان الناس من أمثال ميشيل كاسيه Michel Cassé وهيوبير ريفيز Hubert Reeves على سبيل المثال لا الحصر. ولقد استغل رجال الدين والمؤسسات الدينية الرسمية هذا اللبس ليثبتوا صحة أطروحتهم في عملية خلق الكون من قبل خالق موجود خارج الكون وقبله، حيث بدأت عملية الخلق بإرادته بهذا الحدث الذي سمي بالانفجار الكبير. فعملية الربط بين هذا الحدث الفيزيائي المحض وقضية خلق الكون فتحت المجال أمام الجميع للتساؤل عما كان موجوداً قبل الانفجار الكبير. والحال أن هذا السؤال لا معنى له لو اعتبرنا أن كل شيء، المكان، والفضاء، والزمان، والمادة على هيئة الجسيمات الأولية، والطاقة، ظهروا كلهم في نفس الوقت مع ظهور الزمان الذي نعرفه لذلك من العبث تخيل مرحلة تسبق ظهور الزمان وبدايته. لذلك كان القديس أوغسطين saint Augustin ذكياً في تعامله مع هذه المسألة عندما قال " إن الكون خلق مع الزمان وليس داخل الزمان". وعندما طرح عليه سؤال محرج: ماذا كان يفعل الله قبل أن يخلق الكون؟ أجاب :" لم يكن هناك زمان قبل خلق الكون لأن الزمان ليس سوى خاصية من خصائص الكون ومكوناته وإن الله بأبديته وأزليته غير مرتبط بزمان وبالتالي لم يكن هناك زمن فارغ أو زمن بلا عالم ومن ثم انتشر الكون بداخله، وإذا أردتم معرفة ماذا كان الله يفعل قبل خلقه للكون أقول لكم إنه كان يعد جهنم أو الجحيم لأمثالكم من الملاحدة". لكن المعضلة لم تحل فهناك من يسأل ما الذي تسبب في حدوث الانفجار الكبير في اللامكان واللازمان في قلب العدم؟ وهل للعدم قلب أو مركز؟ وهل تفجر العدم بنفسه لينبثق من رحمه الكون المادي؟ وبالطبع يبقى سؤال الكينونة قائماً إلى الأبد :" لماذا يوجد شيء ما بدلاً من اللاشيء؟ أو لماذا حدث انفجار كبير بدلاً من البقاء في حالة السكون المطلق في اللاشيء؟ وكيف يمكننا أن نتصور حالة ثالثة بين الكينونة وعدم الكينونة l’être et le non-être ؟ وما أن نلج هذا التساؤل الفلسفي الوجودي حتى يطل الله برأسه ويدخل حلبة السجال من خلال مريديه كجواب بديهي لا مفر منه إذ يقوم هنا بدور مشعل فتيل الانفجار الكوني الكبير. بيد أن علم الكون الحديث cosmologie لا يناقش هذه المسائل الوجودية الميتافيزيقية métaphysique أو الثيولوجية théologique وقد أعلن علماء الفيزياء صراحة أن الانفجار الكبير لا علاقة له على الإطلاق بعملية خلق الكون وإنما هو مجرد مرحلة مر بها الكون المرئي فلا وجود لواقع فيزيائي يسمى اللحظة الأولى في سياق ما يسمى بماضي الكون وإن اللحظة صفر ليست سوى تصور أو بناء نظري محض construction purement théorique بولغ في دورها وهي ليست توقيت حقيقي أطلق مسيرة الزمان الفيزيائي الذي نعرفه. فلا يمكن لأية نظرية في علم الكون أن تطرح فرضية أن أصل الكون يكمن في فرادة ما quelconque singularité أو إنفجار أولي explosion initiale فاللحظة صفر هي ليست إعراض symptôme لانفجار المادة بقدر ما هي تعبير عن إنهيار نظرية النسبية العامة التي عجزت معادلاتها الرياضية ولم تكن قادرة على وصف الماضي الأقدم للكون الذي ندرسه ونعيش فيه . فمعرفة البدايات الأولية الحقيقية للكون تتطلب اجتياز أو عبور ما سمي بجدار بلانك mur de Planck الذي يحدد لحظة محددة ومتميزة من تاريخ الكون شكلت مرحلة مر بها الكون تقف عندها النظريات العلمية عاجزة عن وصفها ووصف ما حدث عندها. فهذا الجدار هو العائق الحقيقي الذي يمنعنا من معرفة أصل الكون لو كان هناك أصل بالفعل. فكل المفاهيم الفيزيائية التي نعرفها تتعطل عند حدود هذا الجدار فهي تصلح لوصف ما يوجد بعد الجدار وليس قبله، فكل مفاهيمنا عن الزمكان تتعطل عند هذا الجدار وعلينا أن ننتبه إلى أن جدار بلانك ليس جداراً فيزيائياً حقيقياً بالمعنى الحرفي المباشر للكلمة إنما هو معطى نظري حسابي أو رياضي وهو بالتالي موضوع تحدي أمام العلماء والباحثين في هذا المجال. حيث سيحتاجون حتماً إلى نظرية أقوى بكثير من النسبية العامة la relativité générale لآينشتينEinstein أو ميكانيك الكوانتا الكمومي la mécanique quantique الذي اقترحه ماكس بلانك Max Planck وهذه النظرية الجديدة الموعودة أو المنتظرة يمكن أن نسميها نظرية الثقالة الكمومية أو الكوانتية théorie quantique de la gravitation التي يمكن لمعادلاتها الرياضية، من الناحية النظرية البحتة، أن توحد، في إطار نظري واحد، الفيزياء الكمومية أو الكوانتية والجاذبية أو الثقالة، ولكن لا أحد يعرف كيف يمكن صياغة هذه النظرية. وهنا تقدمت نظرية الأوتار الفائقة – théorie des super cordes- superstring theory ، ذات الأحد عشر بعداً، للقيام بهذه المهمة شبه المستحيلة لكنها لا تعدو كونها مجموعة معطيات وفرضيات رياضية وأفكار جديدة حول تركيب الكون من اختلاق الفيزياء النظرية. وتكمن خصوصية هذه النظرية في أنها تأخذ في الاعتبار جميع قوى الطبيعة: أي الثقالة أو الجاذبية والكهرومغناطيسية والقوى النووية الضعيفة والشديدة، فتوحدها في نظرية واحدة، تسمى النظرية الجامعة أو النظرية أم théorie M. تصف هذه النظرية البنية الأوّلية للكون المرئي بمعادلات رياضية معقدة سنتناولها بالتفصيل لاحقاً، ولا تنطلق من العرض التجريبي المباشر للجسيمات الأولية في تفاعلاتها. فالمكونات الأولية للمادة وفق هذه النظرية مكونة من أوتار لا متناهية في الصغر، ذات بعد واحد تسمى الأوتار. وإن هذه الأوتار تتذبذب فتصدر نغمات تتشكل منها الجسيمات الأكبر منها ابتداءاً من الكواركات والغليونات، ومروراً ثم البروتونات والنيوترونات والإلكترونات وانتهاءاً بالذرات المركبة les molécules. فكل شيء بحسب نظرية الأوتار الفائقة هو نتاج نغمات وذبذبات لأوتار صغيرة جداً لا يمكن رصدها بأجهزتنا البدائية الحالية وسنتحدث بالتفصيل لا حقاً عن هذه النظرية المهمة.
تتعاطى هذه النظرية وغيرها من النظريات الفيزيائية مع نفس منظومة القوانين الكونية الجوهرية وثوابتها. ولو تغير قانون واحد أو ثابت واحد ولو بدرجة قليلة جداً عن قيمته المعروفة رياضياً فسوف تتغير كافة المعطيات الوجودية والمادية المعروفة في كوننا المرئي والمرصود. فلن توجد حياة ولن يوجد تطور. وهذا يناقض ما عرف في الفيزياء بمعامل غولديلوك Goldilock الذي تبدو القوانين وفقه ملائمة بالضبط وبدقة لا متناهية لنشوء الحياة على نحو حتمي في كل مكان في الكون المرئيK وعرف أيضاً بالمبدأ الإنساني الكوني l’entropie cosmique وهذا ما شجع على انتشار مبدأ الانثروبي ـ الإنساني principe d’entropie – anthropic principale الذي يستند إلى مسلمة تقول بوجود التناغم الجيد والدقيق في قوانين الفيزياء، بعبارة أخرى التلميح إلى نوع من التصميم الذكي ، الإلهي المنشأ بالطبع ، مما أثار حفيظة العلماء الملحدين ودفعهم للبحث عن مخرج تمثل بتبني أطروحة الأكوان المتعددة بغية إيجاد تفسير لملائمة كوننا المرئي للحياة لأنها موجودة فيه بالفعل والدليل هو أننا هنا نناقش ذلك، وسنكرس حلقة كاملة لموضوع الأكوان المتعددة .
إن التعاطي مع منظومة القوانين الفيزيائية الكونية يتطلب معرفة الثوابت الكونية والفيزيائية العلمية المحسوبة بدقة لا متناهية لأن تلك الثوابت هي التي تحدد وتسير وتركب القوانين الجوهرية والنظريات العلمية ، وهي ثوابت باتت معروفة اليوم ومن أشهرها ثابت نيوتن للثقالة أو الجاذبية constante de la gravitation G :، وهناك ثابت نظرية النسبية théorie de la relativitéالذي قرره آينشتين والمتعلق بسرعة الضوء C :constante de la vitesse de la lumière ، وهذين الثابتين يلعبان دوراً جوهريا في النسبية العامة la relativité générale باعتبار هذه الأخيرة نظرية عن الثقالة أوالجاذبية. وبالطبع هناك ايضاً ثابت بلانكH constante de Planck الذي قدر بهذه القيمة h = 6,626 068 74 × 10-34 J.s والذي يدخل في الحسابات والمعادلات الرياضية التي تتعامل وتتعاطى مع الظواهر الكمومية أو الكوانتية phénomènes quantiques وتقف قيم هذه الثوابت عن حائط أو جدار بلانك الشهير mur de Planck الذي يشكل العقبة الكأداء أمام العلم لمعرفة ماقبل ومابعد ، أي ما حدث قي الجهة الأخرى المجهولة للجدار وما حدث فعلاً وبالدليل العلمي القاطع ما بعد الجدار، أي من مرحلة الانفجار الكبير فما فوق. فقيمة بلانك، تقدر بـ (35- 10 ). وطاقة بلانك l’énergie de Planck على سبيل المثال تعادل عشرة مليارات المليار مرة طاقة كتلة بروتون واحد أي 1019Gev2بمعنى آخر أن المادة في مرحلة جدار بلانك كانت مضطربة ومهتاجة بصورة جنونية. وطول بلانك longueur de Planck يقدر بــ 35- 10 من المتر أي أقل من سبعة عشرة مرة بتسلسل نظام القيم ordres de grandeur من حجم إلكترون واحد أو حتى كوارك quark واحد وإن ما تحت هذا المقياس أو المسافة اللامتناهية في الصغر لن يكون هناك معنى للفضاء أو المكان الذي تصفه نظرياتنا الفيزيائية العلمية وكذلك يختفي الزمان الذي نعرفه عند حدود زمان بلانك temps de Planck والذي قدر بــ 43- 10 من الثانية ، لذلك اعتاد الكثيرون على ترديد مقولة خاطئة تقول أن جدار بلانك يمثل الكون المرئي في اللحظة 43- 10 بعد الانفجار الكبير مما يعني التنويه إلى وجود الزمان صفر أو اللحظة صفر وهي غير موجودة فيزيائياً من الناحية العلمية إلى جانب أن مفهوم الزمان قبل جدار بلانك يصبح بحد ذاته إشكالية عويصة ومعضلة بقدر ماهو الحال بالنسبة للمكان أو الفضاء . أما سرعة الضوء أي ثبات النسبية العامة فقد قيست بدقة وهي Vitesse de la lumière c = 299 792 458 m/s وكذلك ثابت الثقالة أو الجاذبية لنيوتن Constante de la gravitation G = 6,672 59 × 10-11 m3 kg-1s2.
يتبع



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صرخة المنفى
- الثنائية الأبدية
- مقابلة مع الدكتور جواد بشارة أجراها عارف فكري
- السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية ...
- إيران وسورية في ميزان الانتخابات الأمريكية
- درس في التصوير والإخراج السينمائي أو كيف نقرأ الصورة السينما ...
- السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية ...
- السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية ...
- السر الكبير : الحكومة الأمريكية وتكنولوجيا الحضارات الفضائية
- رحلة لاكتشاف الوجه الخفي في أعماق الكون المرئي 2
- رحلة لاكتشاف الوجه الخفي في أعماق الكون المرئي
- بوزون هيغز أو جسيم الرب هل سيكون إثباتاً للنظرية المعيارية أ ...
- غرائب الكون المرئي
- الكون المرئي ليس عبثياً لكي يكتفي بالإنسان وحده
- كون واحد أم عدة أكوان؟
- الكون المرئي ماذا بعد الانفجار العظيم؟
- الأفق الفلسفي والأفق العلمي في علم الكون والفيزياء الفلكية
- الكون المرئي بين رؤيتين : تقليدية وتجديدية
- إيران وسورية في مرمى الإصابة الأمريكي مرة أخرى
- من أجل فهم أفضل لألغاز الكون


المزيد.....




- السباق على المعادن المهمة يغذي نزاع الهيمنة على أعماق البحار ...
- حافظ على عينيك من العمى بهذه الأطعمة
- موسكو: اتفاق منع استخدام تكنولوجيا المعلومات لأغراض إجرامية ...
- دراستان: النوم الجيد والكافي قد يكون مفتاح الشباب الدائم
- 5 علامات تشير لمشكلة في الرئتين تلزم الذهاب إلى الطبيب
- 10 فوائد للخرشوف..ما أبرز ما يتضمنه الأرضي شوكي من فيتامينات ...
- لماذا قيل عن دولة إسرائيل “معزولة كما لو أصابها الطاعون”؟
- ماذا يحدث عندما تنام أقل من 7 ساعات فى رمضان؟
- ماء النعناع يساعد في فقدان الوزن الزائد.. اعرف أفضل وقت لتنا ...
- مركز روسي يجري اختبارا ناريا ناجحا لمحرك البلازما المستخدم ف ...


المزيد.....

- المركبة الفضائية العسكرية الأمريكية السرية X-37B / أحزاب اليسار و الشيوعية في الهند
- ‫-;-السيطرة على مرض السكري: يمكنك أن تعيش حياة نشطة وط ... / هيثم الفقى
- بعض الحقائق العلمية الحديثة / جواد بشارة
- هل يمكننا إعادة هيكلة أدمغتنا بشكل أفضل؟ / مصعب قاسم عزاوي
- المادة البيضاء والمرض / عاهد جمعة الخطيب
- بروتينات الصدمة الحرارية: التاريخ والاكتشافات والآثار المترت ... / عاهد جمعة الخطيب
- المادة البيضاء والمرض: هل للدماغ دور في بدء المرض / عاهد جمعة الخطيب
- الادوار الفزيولوجية والجزيئية لمستقبلات الاستروجين / عاهد جمعة الخطيب
- دور المايكروبات في المناعة الذاتية / عاهد جمعة الخطيب
- الماركسية وأزمة البيولوجيا المُعاصرة / مالك ابوعليا


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الطب , والعلوم - جواد بشارة - مقدمة لجغرافية الكون المطلق