أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عدنان الصباح - بين الحقائق فوق الأرض















المزيد.....

بين الحقائق فوق الأرض


عدنان الصباح
(ADNAN ALSABBAH)


الحوار المتمدن-العدد: 1141 - 2005 / 3 / 19 - 20:28
المحور: القضية الفلسطينية
    


عدة أمتار قليلة انسحبت الحواجز العسكرية الإسرائيلية من حول مدينة أريحا لتعلن للعالم أنها تبدأ خطوات ايجابية في تنفيذ التزاماتها تجاه الفلسطينيين، ويعرف المراقب جيدا لتعاطي إسرائيل مع موضوعة الأرض أنهم ينفذون دعوة توراتية بترك ارض أريحا التي لم يدخلوها أصلا منذ اتفاق اوسلو وهم بذلك لا يقدمون شيئا على الإطلاق بل بالعكس إنها عودة للحلقة المفرغة بعد قرن على تجربة أريحا أولا لنعاود الأمر مرة أخرى وقد ينطلي الأمر على المراقب البعيد إن لم يكن حتى على القريب، و نعود مرة أخرى لاتفاقات عدة جديدة كنا قد أعددناها وخضنا حولها مفاوضات ماراثونية طويلة كاتفاق جنين ثانيا واتفاق الخليل وعودة إلى مناطق الحروف الهجائية وقد نجري مفاوضات طويلة على حاجز عسكري هنا وآخر هناك دون أن يرفع احد منا عقيرته بسؤال علني مباشر حول جدوى ما فعلناه ولصالح من كانت انتفاضة السنوات الخمس العجاف وآلاف الشهداء والجرحى والمعتقلين والبيوت المهدومة والتدمير شبه التام لكل شيء.

إسرائيل وحدها تتقن إعادتنا إلى نقطة الصفر دائما وكأن شيئا لم يكن، وهي وبمساعدة العراب الأمريكي وغباءنا تمكنت من جعل العالم ينسى كليا حكاية اتفاق اوسلو لنعود لتفاهمات شرم الشيخ وأية أسماء لاحقة، فلم يعد هناك لا اوسلو ولا واشنطن ولا طابا ولا واي رفر ولا كامب ديفيد وتماما كما جعلتنا ننسى حكاية حيفا ويافا وليصبح الحديث عن استعادتها مدعاة للتندر فهي وبتواصل نمط تعاطينا مع قضايانا ستقودنا حتما عبر إغراقنا في التفاصيل الصغيرة إلى نسيان ما له علاقة بقضايا القدس واللاجئين والحدود وغيرها الكثير وتدريجيا قد نجد أنفسنا مجرد جالية غريبة على أرضها تبحث قضيتها في لجان حقوق الإنسان أو مجموعة من الإرهابيين تنغص حياة شعب إسرائيلي متحضر ويجب على المجتمع الدولي أن يوقف هذه المجموعة عند حدودها.

خمس سنوات من الانتفاضة تمكنت خلالها إسرائيل من بناء الجدار الذي تريد وكما تريد ومن عزل القدس كليا ومن طي صفحة الحديث عن قضايا العودة والحدود وعادت بنا لتفاوضنا حتى على مابين يدينا وتأتي حكاية تسليم مدينة أريحا كواحدة من اكبر المهازل في التاريخ فهي لم تقتحمها أصلا ولم تحاول البقاء بها أبدا وأريحا المدينة الفلسطينية الوحيدة التي ظلت على حالها منذ أريحا أولا في المرة الأولى.

خمس سنوات عجاف انطلقت بها حناجرنا بكل أشكال الخطاب اللغوي عن معركة الاستقلال وانتفاضة الأقصى لننجز عزل القدس بأقصاها وقيامتها, ولنتنازل إلى حد قبول التكرار لحكاية أريحا مقابل الهدنة التي نوافق الآن على إعلانها فلماذا إذن فعلنا كل ما فعلناه وما هو مبرر من وافقوا على الهدنة اليوم إذا سألهم ناسهم ماذا حققتم حتى تقبلون وأين ذهبت مبرراتكم لعدم قبول الهدنة قبل ذلك، أليس من حق الناس الذين لا يملكون بعد بصيرتكم وليسوا ضالعين في علوم الثورة والعسكرة مثلكم أن يسألوكم أين هي مبرراتكم الآن وماذا تغير وماذا كانت أهدافكم وانتم تحاربون بنا وتخوضون بنا مسيرة نهايتها أن نبدأ من أريحا مرة أخرى وهذه المرة مع أجزاء من وطن مطوقة بجدار عنصري عازل.

يبدو أن على المواطن الفلسطيني أن يحمل رأسه على جسده بالمقلوب أو أن يمشي على يديه بدل قدميه حتى يفهم كيف تفكر هذه القيادات الثورية جدا والتي تتقن رفع شعارات الثورة العالية الصوت عند بدء الثورة وعند ذبحها كما نفعل الآن وكما ستفعل نفس هذه القيادات غدا عندما تعلن انتفاضة جديدة تحقق لإسرائيل إنجازا جديدا ونعود نحن وحقوقنا إلى الوراء مرة أخرى، ولست ادري كيف يفسر الثوريون جدا من محاوري القاهرة مرة ومرة ما الذي تغير لصالحنا منذ بدء الانتفاضة حتى الآن ليوافقوا على الهدنة بكل هذه البساطة ومقابل ماذا يفعلون ذلك ولماذا لم يقبلوا بهذه الهدنة منذ الدقيقة الأولى إذن لكانوا استراحوا وأراحونا ووفروا على شعبهم كل هذه المعاناة ولكنا لم ننجز لإسرائيل الجدار كما تريد.

ما تقدم لا يعني أبدا أنني لست مع الهدنة والتهدئة وما إلى هناك من تسميات أو أنني مع أو ضد تلك الأصوات التي تتحدث عن هدنة محددة أو مفتوحة، إنني وبكل بساطة أحاول التذكير بالجريمة التي ارتكبناها بحق أنفسنا وأحاول رفع صوت المواطن الفلسطيني العادي الذي لا حول له ولا قوة ولا يعرف كيف يمكن تحويل الهزائم إلى انتصارات وتحويل إنجازات الاحتلال فوق أرضنا إلى مواقف ثورية لصالحنا وأحاول دق ناقوس الخطر فوق رؤوسهم عسى أن يتذكروا حين سيحاولون تكرار نفس التجربة في المرة القادمة أن على شعبنا أن يدفنهم وشعاراتهم الجوفاء مرة واحدة والى غير رجعة، إنني وباختصار شديد اكتفي بإلصاق تهمة الغباء والمغامرة الجوفاء التي تدمر صاحبها بدل أن تردع عدوه بهذه القيادات التي لاتعتبر من التاريخ ولا من تجاربها المباشرة.

الإسرائيليون توراتيون حتى النخاع في كل سلوكهم السياسي فلقد اختاروا مثلا خيمة الكيلومتر 101ليفاوضوا المصريين بعد حرب أكتوبر واستخدموا هذا الرقم كثيرا في مفاوضاتهم مع السادات لان له دلالة الخير في التوراة على بني إسرائيل وهم اختاروا مدريد لإطلاق مؤتمر السلام لان لها دلالة إضاعة الأرض والمجد عند العرب وهم اختاروا أريحا أولا ويكررون ذلك الآن لان توراتهم تعتبرها ارض ملعونة وتدعو اليهودي أن يسرع حين يضطر للمرور من أرضها وهم لذلك جعلوها المدينة الوحيدة خارج نطاق سيطرتهم المباشرة في الانتفاضة الحالية وتركوها الملاذ الوحيد لسلطتنا، فإلى أين تقودنا توراتية حكام إسرائيل.

ترى إلى أين نحن سائرون وما هي الأهداف الحقيقية التي نناضل في سبيلها وما هي البرامج التي تقوم أنشطتنا على أساسها وأين هي مراكمة الإنجازات التي يمكن لأي شعب من الشعوب أن يعتمد عليها في صياغة مستقبله، ونحن في حقيقة الأمر نراكم الخسائر والهزائم والتراجع، والمصيبة أننا نفعل كل ذلك من خلال إطلاق أعلى الأصوات عن نجاحاتنا وإنجازاتنا دون أن نرى على الأرض إلا عكس ذلك ولذا تبقى أصوات تحويل التراجع إلى إنجاز أعلى بكثير من أية حقائق فوق الأرض مهما كانت فجة ومباشرة.

رغم كل شيء فإننا لم نتعلم بعد شيئا على الإطلاق ففي حين تنشغل إسرائيل بحملتها لعرقلة أية جهود في سبيل إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية بهدف شراء الوقت لصالح فرض حقائقها على الأرض ومن أهمها حقيقة التنفيذ الكلي لبناء الجدار ننشغل نحن بحكاية تقاسم للقرار المفقود أصلا ونرفع شعارات عن شراكة الدم والقرار وكأن كل ما كان لدم الشهداء هي مكاسب من ظلوا من بعدهم أحياء، وتدور معارك حول المناصب والمقاعد ومن يملك حق إصدار القرار بينما تنشغل إسرائيل بنهب الأرض وفرض الحقائق فوق الأرض لا فرض الشعارات فوق المنابر والأوراق، والسؤال إلى متى ستبقى نفس اللعبة قائمة هم ينشغلون بأرضنا وسرقتها ونحن ننشغل ببعضنا فوق الوهم لا أكثر.



#عدنان_الصباح (هاشتاغ)       ADNAN_ALSABBAH#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قديسات وعاهرين
- في مواجهة الصلف الاسرائيلي
- صواريخ غاندي
- قوة الضعف الواعي
- المرأة والحريات المنقوصة
- خارج الأولويات
- إلى الرئيس محمود عباس
- حكماء لا أمناء
- ايها الديمقراطيون اتحدوا
- الإعـلام وحماية حقوق الانسان
- بصدد أولويات الأعلام الفلسطيني
- لكي لا تقولوا فرطوا
- غاندي ومهمة فحص العتاد
- مذبحة صالح بلالو
- دولتان بلا حدود


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - عدنان الصباح - بين الحقائق فوق الأرض