أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - مع ديوان -فاكهة الندم- للشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح















المزيد.....

مع ديوان -فاكهة الندم- للشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح


شاكر فريد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 3947 - 2012 / 12 / 20 - 13:20
المحور: الادب والفن
    


مع ديوان "فاكهة الندم" للشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح
شاكر فريد حسن
"فاكهة الندم" هو عمل ابداعي ونص جمالي للشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح ، المقيم في طولكرم . وهو احد الاصوات الشعرية الرافضة والغاضبة وشديدة الحضور والتوهج في حركة الابداع الادبي الفلسطيني والحياة الثقافية والنضالية الفلسطينية تحت الاحتلال، وله صوته الخاص وملامحه المتفردة. وقد صدرت له عدة دواوين شعرية منها:"الفارس الذي قتل قبل المبارزة ، داخل اللحظة الحاسمة، خارطة للفرح، المجد ينحني امامكم ، نشيد البحر" وغير ذلك.
وعبد الناصر صالح يحمل هما وطنياً وقومياً وانسانياً يكاد يفوق كل همومه ، وتحس بانه شاعر طبقي يكتب للفقراء والمسحوقين والمحرومين ، عنهم ولاجلهم، لانه عاش وجاء من بيئة شعبية ينمو فيها بسطاء الناس . انه يؤمن بفكرهم وينحاز الى جانبهم في معركتهم نحو المستقبل الاخضر والاجمل ، ولذلك نجد ان وطنه مرسوم بحب عظيم وكبير لهؤلاء الناس الطيبين ، الذين سيرثون الارض ، القاعدين والجالسين على الطرقات والشوارع ، وبين الازقة والحارات، والسائرين في المظاهرات، والمناضلين المحبوسين والمسجونين في المعتقلات وسط دياجير العتمة والظلام ، والمكافحين من اجل بناء مملكة الشمس والحرية والعدالة الاجتماعية الحقة والفرح الحقيقي.. فلنصغ اليه وهو يتساءل في قصيدته المدهشة "فاكهة الندم" التي حملت عنوان الديوان ويستهله بها :
من يرث الارض
اعداؤها المستبيحون
ام حبل سرتها الفقراء؟
وتتشكل قصائد الديوان في لغة جديدة خاصة تستعيد تدفقها وألقها وحيويتها ولحظة اضاءتها من الواقع الراهن ، منطلقة الى رحاب وأفاق الوطن المنتظر ، مستوعبة كل الحالات القائمة والممكنة ، ومعبرة عن الراهن الذي لا يكتمل، وعن الحلم الفلسطيني الذي يكاد يتجسد ، وتعد لمرحلة قادمة بعد تسكين الالم وتضميد الجراح ، ناسجة خيوط الفجر القادمة،التي تزهو بالوانها مع زقزقة عصافير الصباح:
ونرسم افراحنا قمراً
وجزائر نخل على حلم هاجع في السماء
وحيدين كنا كيوم الاجازة
نكتب عن وردة تتسلق نافذة الشمس
عن عاشقين يؤرقهم صمتهم
ويعذبهم بوحهم
في ظلال الحدائق.
وشعر عبد الناصر صالح هو شعر التجربة الفلسطينية المريرة، انه التعبير الحي والصافي عن معاناة شعب محتل ومحاصر ومحاط بالاسلاك الشائكة والاطواق الحديدية ، ويقمع ويجوّع ويسفك دمه وتهدم بيوته وتصادر اراضيه. واذا كان الشعر الحقيقي هو الذي يغير الواقع ويطرح المعاناة والبديل معاً فأن الشعر بالنسبة لعبد الناصر صالح هو قيمة عليا لها طابع القدسية ، وتجسيداً مثالياً للطموح والحلم الانساني والنبوءة الثورية بحياة افضل واجمل، ومصدر سعادة وفرح، فنراه يسجل يحسه ورؤيته ويسطر بدمه المعاناة اليومية الفلسطينية والاغتراب الذي يعيشه الانسان الفلسطيني ويعطي الصورة الواضحة للمشهد الفلسطيني الراهن:
نجتث جذور الكآبة
حناؤنا المطر المتهجد في صفحة الكون
والشعر في ارائكنا
اي موت سيدخل فينا دماً
وشرانق مسمومة!
هكذا يبدأ الشجن المر يا صاحبي
يشعل الموت مصباحه المتهجم
يسقي حشائش صحرائنا
ثم يخطفنا فجأة من خلال الشجر
وحيدين كنا
وحيدين ها نحن يا صاحبي
مثل جذع قديم على حجر.
وعبد الناصر الملتزم بالهم الفلسطيني ، بالارض والقضية والوطن، ومن خلال تجربته النضالية والكفاحية، التي تفولذت خلف قضبان الزنازين والسجون الاحتلالية ، اكتسب طاقة ابداعية خلّاقة تنعكس في سطور قصيدة "ملائكة خضر وصبية فرعون" حيث تتفجر فيها مشاعره وتمتزج امتزاجاً فنياً مع بركان الغضب وانتفاضة الحجر وبطولات الانسان الفلسطيني،والعشق الدافئ لوطن الحب والالم والامل وسيد الكون:
لك المجد يا اخضر الوجه والقسمات
لك الكبرياء ، البهاء
لك الريح والمطر الدافق السرمدي
الحقول مكللة بالسنابل
تشدو على نغم الماء موالها
لكأني اسميك يا وطني سيبد الكون
سيد كل العصور
الفصول
وماوى الينابيع والصبية الفرحين الذين يجيئون
من اعين المستحيل.
وللشهداء والفقراء حضور ملح وقوي في الديوان ، فهو يكتب لاجلهم ترانيم الحب والعشق ، ويهتف للذين يسقطون و"تتوضأ الارض بدمهم" ويتجددون بعد موتهم ليرثواالحياة ، والذين يعبدون طريق الحرية والاستقلال بدمائهم الفواحة .. فيقول في قصيدة "افق مطرز بالندى" التي قالها في حضور شهداء المسجد الاقصى المبارك:
دمهم هويتهم
وطين الارض كحلها الامين
وزادهم عشق التراب
يدافعون
ويسقطون
ويبعثون
ويسقطون وينهضون
لا الموت يهزمهم ولا خوذ الجنود اليائسين
ويصمدون
القدس قبلتهم
ورايتهم تجوب الأفق نحو الشمس.
ورغم الألم والوجع والبكاء والجرح العميق فان شاعرنا يغني للفرح ويبشر بالآتي ، الذي يراه في العيون الحالمة والوجه المشقق المليء بالحزن الشفاف :
خذي ما شئت من عمري
ومن عطر دمي الفواح
طقس الماء والعشب
انطلاق الفرح المسبي
ايقاع اغانيي التي تنفذ للروح.
وفي قصيدة "سندس المدينة كحلها" يرثي الفارس النصرواي القادم من "غرة الفرح الآدمي" الشاعر والمناضل توفيق زياد ، الذي "القت الريح فوق مآذن مدينته وجهها المشرئب الشاحب ولآلىء كنيستها وبهجة اعيادها" حزناً واسى ولوعة لموته وفراقه التراجيدي ، فيخاطبه بكلمات مؤثرة وحزينة:
يا سيد الكلمات الجميلة
يا فارس المرج
ها انت تنهض مؤتلفاً كالمنارة
مزدهراً كالنبوءة تنثر فيروزها
في صدور الذين آبوا الى وطن ملهم.
وينجح عبد الناصر الى حد بعيد في تصوير رواية الصمود والبطولة والمقاومة الفلسطينية في ظل القهر والحصار والقمع والعسف الاحتلالي ، ورسم وتكوين ملامح المرحلة المقبلة والقادمة من مسيرة هذا الشعب المثخنة بالجراح والآلام، والشغوف بالحياة ، فيخلد الى الحلم والنبوءة ، رغم الانكسارات والهزائم والاخفاقات في هذا الزمن العاهر والمهترئ الرديء:
سيكتمل الآن ما بعثرته فتوحاتهم
واحتفالاتهم بالهزائم
هذا دمي بلسم العصر ملحمة النصر.
وهو يكثر من استخدام تعابير الرفض والثورة، ويهتم بالعنصر الموسيقي ، الذي يوظفه بنجاح في ايحاءاته وتداعياته ورؤى قصائده وابعادها الوطنية والسياسية والقومية والطبقية :
تجيئين من سرة الارض
من بؤرة الفرح المتآكل
حافلة بالاغاريد
كوكبة ساهرة
وموجة عشق على القلب تحنو
واغنية عاطرة
تجيئين مثل الهواء النقي
على تلة زاهرة.
ويمتاز اسلوبه بالبساطة الممزوجة بالرمز الشفاف، والايحاء العميق، واللغة المدهشة ،والمفردات الخاصة، وهو لا يتكلف او يتصنع وانما يكتب بما يمليه عليه وجدانه وقلبه.
وفي المحصلة ، فان عبد الناصر صالح شاعر يمتلك تجربة ثرية ومكثفة اغتنت في السجن ، واستطاع ان يحلق ويسمو في الفضاء الشعري الفلسطيني بما كتبه وانتجه من شعر ملتزم وصادق مليء بحرارة الانفعال، ويندرج في اطار الشعر الواضح والسهل الممتنع والادب المقاوم والرافض للظلم والقهر والاحتلال والاستغلال ، الملتصق والمسكون بالهاجس والعذاب الفلسطيني.



#شاكر_فريد_حسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نايف سليم شاعر الفقراء ونصير المظلومين
- بمناسبة ذكرى رحيلها التاسعة:قراءة في شعر فدوى طوقان
- مع ديوان -ضحك على ذقون القتلة- للشاعر الراحل طه محمد علي
- مع قصيدة -ايوب المعلولي- للشاعر مفلح طبعوني
- وليد الفاهوم في -وطن الثدي-
- الحرية لابن الذيب القطري ..!
- الى روح الشاعر الفلسطيني فيصل قرقطي
- مع قصيدة شفيق حبيب (العاهرون)
- ذكرى اعلام الأدب والثقافة
- سعود الاسدي و-التيه الأخير-
- مدخل لدراسة الرواية الفلسطينية في اسرائيل
- نجيب سرور ... الشاعر -المجنون- تمرداً
- اصدار العدد السابع من مجلة -الاصلاح- الثقافية
- صدور عدد ايلول من مجلة -الاصلاح- الثقافية
- الاصلاح في عددها الجديد الخاص بالتعليم العربي
- في ذكرى رحيل الاديب الفلسطيني نواف عبد حسن
- شبابنا الى اين ..!
- من تاريخ الحركات الوطنية في الداخل الفلسطيني (حركة الارض)
- استعجلت الرحيل يا ابا اياس..!
- صدور ديوان -انا والعمر سائران صحابا- للشاعر د. محمد حبيب الل ...


المزيد.....




- “العيال هتطير من الفرحة” .. تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- مسابقة جديدة للسينما التجريبية بمهرجان كان في دورته الـ77
- المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي: إسرائيل تعامل الفنانين كإرهاب ...
- نيويورك: الممثل الأمريكي أليك بالدوين يضرب الهاتف من يد ناشط ...
- تواصل فعاليات مهرجان بريكس للأفلام
- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - شاكر فريد حسن - مع ديوان -فاكهة الندم- للشاعر الفلسطيني عبد الناصر صالح