أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شمخي جبر - الاحزاب الاسلامية في العراق من الحاكمية الى الديمقراطية الحزب الاسلامي العراقي (أنموذجا)















المزيد.....



الاحزاب الاسلامية في العراق من الحاكمية الى الديمقراطية الحزب الاسلامي العراقي (أنموذجا)


شمخي جبر

الحوار المتمدن-العدد: 3945 - 2012 / 12 / 18 - 17:53
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الاحزاب الاسلامية في العراق من الحاكمية الى الديمقراطية
الحزب الاسلامي العراقي (أنموذجا)
شمخي جبر

تنويه لابد منه:

نشر هذا البحث في مجلة مدارك في العدد السابع 2007، وقد حاول كاتب هذه البحث انذاك الاتصال بقيادات الحزب للافادة من معلوماتهم ونشراتهم ، ولقد قام بعدة محاولات من اجل التعاون مع الحزب الاسلامي ولكن دون جدوى،اذ طلب من عدة اطراف في الحزب لتزويده بوثائق الحزب،كتب للمستشار الاعلامي للامين العام للحزب، وللمكتب الاعلامي في الحزب، ومكتب البحوث، ومكتب حقوق الانسان وموقع الحزب على النت، وارسل بعدة اسئلة للدكتور عمر عبد الستارعضو المكتب السياسي للحزب قبل شهر من كتابة البحث، ولم يرد عليها،العائق الكبير كان الظرف الامني الصعب في العام 2007الذي لايسمح بالوصول الى مقرات الحزب.
يرحب الباحث باية آراء او ردود من قيادات الحزب وانصاره للافادة منها في تعديل البحث الذي سيصدر على شكل كتاب.


ضوء:

اي متابع لحركة تطور الطرح السياسي والفكري للحزب الاسلامي، يجده متمسكا بأصولية اسلامية تقف عائقا بينه وبين التخلص من الحاكمية ومن ثم طرح مشروعه الديمقراطي،اذ نصت المادة الثانية من منهاج الحزب (على أن غاية الحزب تطبيق أحكام الإسلام تطبيقاً شاملاً كاملاً لجميع شؤون الحياة وأمور الأفراد والدولة).

مقدمة(1)
هل يمكن للباحث ان يكون موضوعيا؟ او ان يغادر كل مواقفه؟ ويتفرغ من محتواه وهو يناقش مٍسألة ما،اعتقد هذا، لاسيما ذا كان الامر متعلقا بالتاريخ والمواقف، فهي مسجلة وموثقة ولايمكن تزويرها، نعم قد يكون هناك تأويل وتحليل لموقف ما قد يبتعد الباحث بعض الشيء عن الحقيقة، او يلوي عنقها لتعبر عن ما يدور في عقله، او يقرأها على هواه.
اقف الان امام جدليتي عالمين يقض مضجعهما الجدل وهما عالم السياسة وعالم الدين، السياسة حين تصبح دينا وفتوى والدين حين يصبح سياسة وستراتيجية وتكتيك،وكان الله في عون من يتمنطق بهذا النطاق المفخخ،اقصد الاسلامي صاحب الفتوى، كيف تكون مواقفه السياسية،كيف يناور، اعتقد ان منطقة المناورة لديه ضيقة جدا،لان الحكم الشرعي لديه اما حلال او حرام،وان كانت هناك رخص فهي ضيقة ايضا.
وحين نقول بالتحول الذي جرى على الحركات الاسلامية ،ونظرتها للديمقراطية، فهذا لايعني ان هناك تحولا جديا وحقيقيا على مستوى الفكر والايديولوجيا والسلوك،اذ لم تجري الاحركات الاسلامية هذا التحول في مشاريعها وبرامجها السياسية.
بل التحول الذي نقصده، هو قبول هذه الحركات بالعملية الديمقراطية والياتها واندراجها داخل العملية السياسية في عدد من الدول العربية.ولانعني بكل هذا انها قد اصبحت احزاب ديمقراطية.
واذا اقتصرت الديمقراطيه على الانتخابات فقط تسمي الديمقراطيه غير الليبراليه‏,‏ تمييزا لها عن الديمقراطيه الليبراليه التي لا تقتصر على مجرد الانتخابات‏,‏ وانما تقوم اساسا على منظومه من الافكار والقيم الليبراليه مثل قبول وجود الاخر المختلف‏,‏ ونسبيه الحقيقه‏,‏ واحترام الاغلبيه للاقليه‏,‏ وقبول الاقليه لحكم الاغلبيه‏,‏ وحريات الاعتقاد والتعبير والاختلاف‏.‏ وعندما اقتصرت الديمقراطيه على الانتخابات فقط‏,‏ اي عندما كانت فيه من نوع الديمقراطيه غير الليبراليه انتهت بصعود تيارات فاشيه‏,‏ جرت البلاء على من انتخبوها‏.‏كما هو الحال في الانتخابات الجزائرية 1998التي صعدت من خلالها جبهة الانقاذ،او الانتخابات الفلسطينية اذ فازت حماس، او الانتخابات العراقية،فتسيدت الساحة فيها التيارات الاسلامية التي لم تذكر الديمقراطية يوما في اي بيان لها
وهذا مايؤكده فريد زكريا رئيس تحرير الطبعة الدولية لمجلة نيوزويك في كتابه (مستقبل الحرية) والذي اثار جدلا كبيرا وثناءا من قبل كبار الساسة والباحثين الامريكان، اذ اهتم به هنتنغتون وهنري كيسنجر، وفكرة الكتاب كانت على شكل دراسة نشرت عام 1997في مجلة فورين افيرز تحت عنوان الديمقراطية غير الليبرالية،فهو يفرق هنا بين الديمقراطية الليبرالية والديمقراطية غير الليبرالية،ويرى "فريد زكريا" ان الديمقراطيه غير الليبراليه هي الديمقراطيه التي تعطي الاسبقيه للانتخابات قبل لافكار والقيم الليبراليه‏.‏ ومخرجات الديمقراطيه غير الليبراليه هو حكم التسلطيه والشعبويه‏(Populism),‏ ففي غياب الليبراليه يصل الي السلطه غير ديمقراطي باسم الديمقراطيه‏,‏ وهذه اول اساءه للديمقراطيه‏.‏ وفي غياب الليبراليه ايضا نصبح امام طغيان الاغلبيه غير الديمقراطيه لان اساس الديمقراطيه هو ان السلطه للاغلبيه‏,‏ وهذه ثاني اساءه للديمقراطيه‏.‏
فهتلر صعد الي الحكم من خلال الانتخابات الديمقراطيه‏..‏ ‏ وانتهت الديمقراطيه في المانيا الي انتصار الفاشيه النازيه.
ويرى فريد زكريا ان على الغرب ان يفهم انه لا معني للسعي للديمقراطيه في الشرق الاوسط الا اذا سبقه وقبل كل شيء السعي الي الليبراليه الدستوريه‏.‏ وينبغي ان تسبق اي انتخابات قوميه متعدده الاحزاب فتره انتقاليه للاصلاح السياسي وتنميه المؤسسات‏.‏ فالديمقراطيه ليست مجرد انتخابات حره‏.‏

طبيعة الاحزاب العراقية
منذ التأسيس الأول للدولة العراقية في مطلع العشرينات من القرن الماضي؛ لم يكن هناك وعيا حقيقيا يحتضن كل مكونات الأمة العراقية فيعبر عن مصالحها مجتمعة؛ وليس العمل لتأسيس ايديولوجيا تفتت الأمة او تزرع الفرقة والتشتت. فبقت الأمة مشدوة الى واقع غير واقعها؛ مرة يقع في زمن مضى؛ وأخرى في جغرافيا وتاريخ او ثقافة أخرى نقلت من هناك.هذه الايديولوجيات شكلت تشويها لوعي الأمة.
هذا وغيره شكل شرخا كبيرا في وطنية الفرد وفي ارتباطه بأرضه ووطنه فاصبح غريبا بلا هوية؛ حين ضاع بين الهويات ؛ او تجاذبته الهويات من كل حدب وصوب فمرة الهوية الإسلامية وأخرى الهوية العربية ؛ اما هويته الوطنية الهوية العراقية ؛ فقد سمي من يتسمى بها قطريا او إقليميا وأحيانا يسمى شعوبيا واعتبر من اعداء الوحدة العربية ؛ على اساس ان من يلتزم او يتبنى الهوية الوطنية يشكل ما يسمونه ( القومنه القطرية). من جانب آخر فان الفرد العراقي وفي ظل هذه التجاذبات اخذ يحتمي بهويات فرعية من داخل الهوية العراقية او لأحد مكوناتها ؛ مما شكل خطرا آخر على الهوية الوطنية حين يصبح هناك بديلا عنها (العرقية والدينية والطائفية والقبلية ). فحين يختصر الوطن بطائفة او قبيلة او دين ؛ يدخل من يبحث عن مصالحه في ظل الفرقة هذه ؛ وخصوصا الزعامات التي لا تستطيع ان تجد لها مكانا إلا في ظل هذه الظروف. ونظرة متفحصة للمشهد السياسي العراقي تعطينا كيف تشكل هذا المشهد ؛ فاكبر أحزابه هي الأحزاب الطائفية والدينية والعرقية .
وفي ظل غياب الهوية الوطنية للأمة العراقية تصبح هذه الأحزاب أكثر حظا في الانتخابات لأنها تجيد العزف على أوتار الفرقة ؛ ويخدمها في هذا ما تعرض له الفرد من اضطهاد وتهميش وحرمان من المشاركة السياسية ؛ في سلطة احتكرت الوطن والأمة والدولة في يد الأقلية ؛ وكل ما سلط على الفرد من ظلم جعله يبحث عن هوية او مظلة يستظل بها فلم يجد إلا مظلة هويته الفرعية لان مظلة الوطن والأمة مغتصبة ومحتكرة.
ان ماجرى بعد التاسع من نيسان(2003) مثل انفلاتا للقوى والمشاريع الكبرى والصغرى التي كان يخنقها قمقم الاستبداد، وحين رفع غطاء هذا القمقم جرى ماجرى، وحدث الالتفاف على العملية السياسية التي كانت تطمح ان تلبس الثوب الديمقراطي على الرغم من كونه فضفاضا ولم يكن يتسع للواقع او يسعه هدا الواقع، فتحول الحلم الى كابوس بعد ان تسيد الحراك السياسي من لم يكن يؤمن في يوم من الايام بالديمقراطية وشرائطها، فكان الانقضاض شرسا على العملية السياسية من قبل القوى التقليدية التي لم تزل تتمنطق بحزام الاستبداد واسلحته، ولم تستطع ان تفارق المرحلة السرية التي عاشتها ومازالت تعيش على برامجها ذات النظرة الفئوية الضيقة، والتي تجعلها غريبة على الحياة الديمقراطية، بل شكلت عبئا وعائقا امام العملية السياسية والحياة الديمقراطية المرجوة.
حين نقول الانقضاض على الديمقراطية او اختطافها فنـحن نتفق مع من يقول بهذا حين يكون الكلام عن القوى التقليدية البعيدة عن الديمقراطية فكرا وسلوكا، وركوب هذه القوى للديمقراطية كوسيلة لتحقيق غاياتها وليس غاية بحد داتها، ومن هنا تحولت الديمقراطية لدى هذه القوى غاية تمكنها من الوصول الى السلطة..وهكذا رأينا كيف ان القوى غير المدنية والتي استطاعت الانقضاض على الديمقراطية واختطافها أشاعت أنساقها الثقافية والاجتماعية والتي تميزت بروح الإقصاء للآخر وتهميشه.
وحين نقول بفقدان القوى الفاعلة في الحياة السياسية للبرنامج السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فهذا يعني ان هذه القوى كانت منفعلة بالواقع وليس فاعلة فيه او متفاعلة معه، نتلمس هذا من خلال مواقف انفعالية عاطفية بعيدة كل البعد عن العقلانية التي هي احد الأسس المهمة للحياة الديمقراطية، والتي حاصرت الحياة السياسية، بل حصرتها في خانق ضيق، انطلق من قيم وثقافة تقليدية قادت الى المحاصصات الطائفية والعرقية، وصعدت من التحشيدات في الخنادق الطائفية والعرقية التي أصبحت بديلا عن الهوية الوطنية التي تجمع تحت خيمتها كل المكونات العراقية.
ان روح الاستئثار والهيمنة التي تميزت فيها الكثير من المواقف، كانت تنطلق من مواقف شعبوية أملتها المؤسسات التقليدية الطائفية والقبلية لما تملكه من سلطة اجتماعية وسياسية ولاتنطلق من افق استراتيجي يؤسس لهذا التغيير.،احزاب بهذه المواصفات لم تعش في حياتها الداخلية الصيغ الديمقراطية، كيف لها ان تقبلها في الحياة السياسية؟، فلو نظرنا الى القيادات المتنفذة داخل هذه الاحزاب نراها هي هي منذ ثلاثين سنة او حتى خمسين سنة،أخذت تجدد (البيعة) لقائد هذا الحزب او تلك الحركة، هذا ان كانت هناك بيعة او مؤتمرات،وحجة القيادات في عدم عقد مؤتمرات هي ظروف العمل السري، والان وجدت هذه القيادات ذريعة الظروف الأمنية،بل لازالت تعمل بعض القيادات باسمائها الحركية. ومن هنا كانت سيطرة افراد بعينهم ( اهل الحل والعقد) على كل العملية السياسية، فكيف تقود احزاب غير ديمقراطية الحياة الديمقراطية الجديدة ؟ ولان العملية السياسية منذ بداياتها جرت على وفق التكتلات الفئوية، فقد جاءت الانتخابات لتصعد من المد العصبوي والتخندقات الفئوية والعرقية تحت وقع البيانات والبرامج التعبوية بهذا الاتجاه، وغياب البرنامج الوطني او تغييبه.
ولان الاحزاب والتكتلات الكبيرة بنيت على اسس ايديولوجية فئوية ابعدها عن ان تطرح برنامج وطني فبقيت محاصرة بفئويتها.
ان الفترة الطويلة التي عاشها العراقيون في ظل الرفض القاطع لقبول الشريك في الحكم ورفض التداول السلمي للسلطة (واستمرارها في ايدي طرف واحد مفسدة تقترب من الوهم ) بل احتكارها من خلال سياسة الحزب الواحد والقائد الواحد افقرت الحياة السياسية والثقافة السياسية ومأسست الاستبداد داخل الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية العراقية.وتهميش قطاعات واسعة وكبيرة من المجتمع وحرمانهم من فرص المشاركة في وضع السياسة العامة واتخاذ القرارات ومتابعة تنفيذها، هذا اضافة الى الظروف الاقتصادية الصعبة في ظل حصار دام ثلاث عشر عام اصبحت فيه الثقافة السياسية لدى المهمشين هي ثقافة لقمة العيش التي جعلت من الناس لايهتمون بالموضوعات السياسية.
عزز هذا عزلة الاحزاب وعدم فعاليتها داخل المجتمع وحصول القطيعة بينها وبينه،لان المجتمع كان يرى فيها نسخة مكررة من حزب السلطة السابقة نتيجة لما كانت تمارسه هذه الاحزاب من هيمنة على كل شيء واستئثارها بالمناصب والسلطة وعدم تقديم أي عون للمواطن الا اذا كان منتميا لهذا الحزب او ذاك، هذا اضافة الى ان هذه الاحزاب بنت نفسها ليس على مستوى وطني شكلا ومضمونا بل على وفق بنية فئوية (مناطقية او عشائرية او طائفية ) فسيطر على هذه الاحزاب ابناء طائفة بعينها او ابناء عشيرة او عائلة او منطقة.ان غياب الاحزاب السياسية عن المشهد الاجتماعي حول الوعي الاجتماعي الى وعي مزيف يقف في طريق التغيير في كثير من الاحيان نتيجة توجية هذا الوعي من قبل قوى متخلفة او قوى ترى في التغيير إضرار بمصالحها، كل هذا أدى الى نمو اتجاهات السلبية واللامبالات لدى المواطنين اتجاه الشأن العام. من هنا نقول ان الديمقراطية لايمكن لها ان تعيش او يتم استنباتها في ارض يباب مليئة بادغال الاقصاء والاستبداد والقمع ورفض التعدد في الرأي والفكر والمعتقد، بل لابد من التاسيس لثقافة ديمقراطية تكون ذات فعالية واسعة اعلاميا وثقافيا من اجل التاسيس لسلوك مقبول ومطلوب داخل الجسم الاجتماعي، وتقع المسؤولية الكبرى في هذا المجال على مراكز البحوث ووسائل الاعلام وبقية مؤسسات المجتمع المدني التي لابد ان تاخذ دورها في التاسيس لهذه الثقافة، وبدون هذا يصبح الحديث عن التغيير الديمقراطي او عن الحياة الديمقراطية فاقدا لمعناه، مهما اجرينا انتخابات او كتبنا دستورا او شكلنا برلمانا، حيث يبقى كل هذا قشرة على السطح لاتعني شيئا. والمراهنون على الدور الامريكي ومايمكن ان يقوم به سيصابون بالاحباط،لان الديمقراطية لاتصنعها الدبابات او الهمرات،بل تصنع بالقبول الاجتماعي لهذه الثقافة والتفاعل معها وتحويلها الى سلوك يومي.

الحركة الاسلامية وثنائية الفكر والواقع
المشكلة الاساسية التي واجهت الاحزاب الاسلامية هي مشكلة الفكر والواقع تطور الواقع وديناميته وثبات الفكر وستاتيكيته،حين وصلت الاحزاب الاسلامية الى السلطة، وصلتها عن طريق الاليات الديمقراطية، التي ليس لها وجود في الفقه السياسي لهذه الاحزاب وان وجد فانه جاء متأخرا كثيرا، ومترددا وغير واضح، وهنا وجدت الحركة الاسلامية نفسها امام تطبيق دون نظرية.
و(من الملاحظ ان انتشار الظاهرة الاسلامية جعلها تقترب من الديمقراطية باعتبارها وسيلة شرعية يمكن ان توصلها الى السلطة او أداة تمكين في الحكم، عدا ذلك لم تقدم الحركات الاسلامية اية ممارسة او سلوك ديمقراطي عملي.. وبالذات حين يتعلق الامر بقضايا حقوق الانسان التي غالبا ماتصطدم بمسألة خصوصية المجتمعات الاسلامية، فهناك حق التعبير والعقيدة والحريات الشخصية، كل هذه قد تتعارض مع مباديء دينية ثابتة وقد تهدد تماسك الدين ووحدته، او قد تشكك في مسلمات الايمان، او قد تستفز الاخلاق والمشاعر الدينية)(2) هل على الاحزاب الاسلامية ان تتعامل مع الديمقراطية كآلية؟ أوسيلة توصلها الى السلطة فتنفض يدها منها ؟ اليست الديمقراطية اكبر من هذا بكثير؟ اليست الديمقراطية منظومة فكرية وايديولوجية متكاملة ؟ نعم، الديمقراطية ليست تداول سلمي للسلطة عن طريق الانتخابات وليس كل من يجري انتخابات او يدخلها يسمى ديمقراطيا، فهتلر وصل للسلطة عن طريق الانتخابات وحماس كذلك وجبهة الانقاذ في الجزائر،هؤلاء اعتبرو الديمقراطية وسيلة وليست غاية،وسيلة توصلهم الى السلطة ليمارسوا استبدادهم (في مطلع التسعينات حين اكتسحت قوائم جبهة الانقاذ الاسلامية الجولة الاولى من الانتخابات التشريعية، وقبل ان تبدأ الجولة الثانية وكان المرجح ان تكتسحها القوائم ذاتها، اخذ الرجل الثاني في جبهة الانقاذ الشيخ علي بلحاج يهدد ويتوعد بفرض الدولة الدينية على الجزائر،وحرضت هذه التصريحات ـ بالذات ـ قوى دولية مثل فرنسا،وقوى الجيش بتأييد من قطاعات واسعة في المجتمع السياسي والمدني، خرجت للشوارع منددة ومحذرة من تبعات تصريحات الشيخ بلحاج، الى انقلاب عسكري انهى حكم الرئيس الشاذلي بن جدبد ومعه التجربة الديمقراطية الوليدة ودخلت الجزائر الى حمامات دم وحروب اهلية طويلة ومريرة)(3) لكن هل هؤلاء ديمقراطيون؟ الديمقراطية تتضمن على قيم اجتماعية وثقافية واقتصادية،لابد من العمل على توطينها واستنباتها بعد تهيئة التربة الصالحة، والا فهي كأية نبتة قد يأكلها السبخ، وملح الاستبداد والادغال الضارة الكثيرة التي تتضمنها انساقنا الثقافية، فتموت بعد ان تعيش لفترة غريبة بين غرباء عن عصرهم.

الحركة الاسلامية من الحاكمية الى الديمقراطية
منذ عقد التسعينات من القرن الماضي ومسألة الديمقراطية تطرح بوتيرة متصاعدة ومكثفة في الخطاب الاسلامي المعاصر، بأنماط مختلفة من الفهم والتحليل التاريخي والفلسفي والسياسي واللغوي،تكشف عن تحول في الرؤية السياسية وتغيير في النظرية الفكرية السياسية عند الاسلاميين. اذ نرى برنامج حزب الدعوة (برنامجنا) الذي وضع 1992 الذي يناقش باسهاب مسألة التغيير السياسي في مرحلة مابعد صدام حسين، ويقترح اقامة حكومة انتقالية لمدة سنتين يكون من مهامها.... الغاء كل الاجهزة القمعية للدولة، والغاء كافة القوانبن التي تتناقض مع قيم حقوق الانسان المعترف بها دوليا، والسماح بتشكيل الاحزاب السياسية، وضمان حرية التعبير والرأي، وفيما يخص النظام السياسي بعد المرحلة الانتقالية اعتمد الحزب على طرح مفهومه عن الانتخاب، مبدأ الشورى والانتخاب المباشر هما حجر الزاوية في بناء النظام السياسي، يشارك الشعب في صياغة دستور اساسه الاسلام وقيم المجتمع العراقي)(4).
ولكن مع كل التطور الذي اجرته الحركة الاسلامية على برامجها فأنها بقت متخلفة عن ماطرحه محمد عبده مع سبقه التاريخي والتطورات الكبيرة التي حدثت بعده، اذ ينظر للحاكم في الدولة الاسلامية نظرة مدنية ( ان الحاكم في مجتمع مسلم ينبغي ان يكون حاكما مدنيا من كل الوجوه، وانتخابه يخضع لارادة الناس، وليس حقا الهيا يجعل الحاكم يدعي لنفسه سلطة الدين)(5) ولكن مع كل هذا لم تطرح الديمقراطية بشكل جدي،بل كانت معظم الاطروحات بهذا الاتجاه محاولات ترقيعية لمواجهة الواقع.
ولكن هذه المواجهة ليست كافية بما فيه الكفاية،اذ تحمل الاحزاب والحركات الاسلامية عبئا ثقيلا من الارث السياسي والفقهي والتاريخي، لايمكن الفكاك منه بين ليلة وضحاها،فكان التطور الاول في برامجها السياسية هو قبولها باللعبة الديمقراطية والياتها،كالانتخابات مثلا.
وقراءة سريعة لخطابها القديم، يجعلنا نفرح بهذا التطور البسيط،فمثلا اطروحة ( لابد ان تكون حكومة المستقبل في العراق حكومة اسلامية وشيعية وسيكون مبدأ ولاية الفقيه هو مبدأ مستقبل العراق، فقائد الامة الاسلامية هو الامام الخميني،لافرق بين الشعبين الايراني والعراقي في قبول الامام قائدا وفي اتباع أوامره، فالحكومات والدول بالحدود الدولية، ولكن الامام ليس محدود بعوائق جغرافية)(6) او ان يرى بعض الفقهاء ان القيادة في الدولة الاسلامية( لابد ان تأتي بتعيين من أعلى من قبل المولى الحقيقي وهو الله سبحانه وتعالى او وليه، وهذا يعني ان شكل الحكم في الاسلام شكل الاستخلاف والنيابة عن ولي الامر وهو الامام المعصوم في معتقدنا، وهذه الحقيقة تعطي ربانية الحكم وارتباط القيادة بالله سبحانه وتعالى لانه خليفة الله في الارض، او خليفة خليفته)(7) او كما يقول قائد (حركة الجماهير المسلمة) محمد الشيرازي في كتابه (اوليات الدولة الاسلامية) (الاسلام لايحرم الاحزاب وانما يحرم فقط الاحزاب الكافرة، التي تحكم طبقا لمباديء وتطبق قوانين غير اسلامية، مثلما نرى من امثلة في البلاد الاسلامية، الحزب القومي او الشيوعي او حزب البعث او الحزب الديمقراطي )(8)،فنرى الشيرازي هنا يرفض الحياة الحزبية لغير الاسلاميين، فليس هناك احزاب خارج أطارالاسلام،وعن دور الامة في تعيين الحاكم او تحديده يقول ( رأي الامة او الاغلبية في هذه النظرية يكون كاشفا عن الحاكم ولايكون معينا ولايكون الحاكم مفوضا من قبلهم في حكومتهم بل هو مسؤول مكلف من الله بذلك)(9) فآلية الاختيار مهما كانت او مهما سميت (بيعة او انتخاب) فأن من يقوم بها لايملك شيئا حتى يعطيه كما يرى الفقيه محمود الهاشمي (ان الافراد الناخبين في هذه النظرية لايكون لهم حق اعمال رغباتهم واذواقهم او مصالحهم الشخصية، اذ ليس هم اصحاب الولاية لكي يعطوها ويفوضوها لمن يحبون وانما هم لابد ان ينطلقوا في ذلك من تكليفهم الشرعي ايضا في الفحص والتحري عمن جعلت له الولاية عليهم من قبل الله سبحانه وتعالى )(10)،ومن هنا نقول هناك تطور تدريجي يمكن التعويل عليه لتطورات لاحقة، اذ لايمكن المقارنة بين الاسلام والديمقراطية، فأي مقارنة تعد ظلما للاسلام والديمقراطية معا لان ( الديمقراطية ليست دينا يوضع في صف الاسلام وانما هي تنظيم العلاقة بين الحاكم والمحكوم، ننظر اليه كيف توفرت الكرامة الفردية للمؤيد والمعارض على سواء، وكيف شيدت اسوار قانونية لمنع الفرد ان يطغى... وان الاستبداد كان الغول الذي اكل ديننا ودنيانا، فهل يحرم على ناشري الخير للمسلمين ان يقتبسوا بعض الاجراءات التي فعلتها الامم الاخرى)(11) والرأي ذاته يقول به فهمي هويدي الذي يرى ان المقارنة متعذرة من الناحية المنهجية بين الاسلام والديمقراطية لان ( الاسلام دين ورسالة تتضمن مباديء تنظيم عبادات الناس واخلاقهم ومعاملاتهم، والديمقراطية نظام حكم والية للمشاركة وعنوان محمل بالعديد من القيم الايجابية)(12).
ولكن فهمي هويدي يستدرك فيقول (الديمقراطية عند البعض في زماننا لاينظر اليها كنظام للحكم يقوم على الحرية والمشاركة السياسية والتعددية وغير ذلك فحسب، وانما لرمز لمشروع غربي مارس القهر والذل بحق العرب والمسلمين )(13).
البعض ينسب العنف في السياق الاسلامي الحركي الى حسن البنا ولكنه (كان ميالا نـحو قبول اليات الديمقراطية واساليبها وهو ماعبر عنه في محاضرة القاها في عام 1948 بجمعية الشبان المسلمين تحت عنوان (الديمقراطية الاسلامية) اما مصادر العنف عند الاخوان المسلمين فقد دخلت على يد سيد قطب وسيما بعد تجربته في السجن.
وفي السياق ذاته يرى الشيخ محمد مهدي شمس الدين (ان للديمقراطية ثلاث سمات،اولها الخلفية الفلسفية الليبرالية والتي تعطي للشعب حق ان يحكم نفسه والفهم الاسلامي يؤكد على صيغة (ولاية الامة على نفسها)، والاخرى كون الديمقراطية الية لادارة السلطة وتداولها، وهنا لايوجد في الشرع ايي نص شرعي على ـ الاطلاق ـ لافي الكتاب ولافي السنة ولافي الفقه العام مايمنع اعتماد الديمقراطية واساليبها ومؤسساتها في هذا الحقل)(14) لكن المفكرالاسلامي السوداني حسن الترابي له موقف اخر، اذ يرى ( ان الديمقراطية الغربية تنطوي على اطلاق الهوى والشهوات السياسية من قيود الاخلاق، ففي حدود احترام الشعب او الاغلبية، يبقى كل عامل سياسي حر، وتبقى كل حيلة او تدبير سياسي مباحا)(15) ويرى ضياء الشكرجي (لا نجد لدعوى التعارض بين الديمقراطية والإسلام. بل التعارض والتناقض إنما هو بين الديمقراطية والإسلامسم أي (الإسلام السياسي)، الذي يمثل طريقة فهم للإسلام، لا يجب أن تكون بالضرورة متطابقة مع الإسلام، بما هو. فالإسلام بالأصل دعوة، وليس دولة، وكفى دليلا على ذلك برفض علي (ع) لتولي الخلافة، رغم ما نعتقده من نص صدر فيه، حيث قوله كان في غاية الوضوح: "إني لكم وزير خير مني أميرا"، وكذلك قوله: "لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر". أما توهم التعارض بين فلسفة الديمقراطية، وفلسفة التوحيد، لكون الديمقراطية تعني حاكمية الشعب، وتعارض ذلك مع فلسفة التوحيد التي تعني فيما تعني حاكمية الله، فهذا فهم فيه الكثير من التسطيح، وهو يشبه إلى حد كبير فهم وتطبيق الخوارج لقوله تعالى "إن الحكم لله"، كما يشبه سوء الفهم للتوكل على الله والتسليم لقضائه، والذي صححه رسول الله (ص) لذلك الأعرابي بقوله الشهير "اعقلها وتوكل"، عندما أراد أن يترك ناقته سائبة من غير أن يعقلها، متوهما أن هذا السلوك يمثل التطبيق العملي للتوكل، عندما فسر تركها من غير عقال بقوله أنه توكل على الله)(16).

مرجعيات وبيئة الحزب الاسلامي
تأسست حركة الاخوان المسلمين في مصر عام 1928 من قبل الشيخ حسن البنا ثم انتقل تنظيمها الى العديد من الدول العربية والاسلامية ومنها العراق الذي تشكلت النواة الاولى للاخوان فيه في الاربعينات في مدينة الموصل بأشراف الشيخ عبدالله النعمة وانطلاقا من هذه المدينة أنتشرت خطوط الجماعة الى بغداد وبعض مدن الشمال والوسط، وفي عام 1948 تشكلت الهيئة المؤسسة للجماعة من الشيخ محمد محمود الصواف، وتحسين عبد القادر الفخري، وعلي فاطن، وعبد الرحمن الشيخلي، منيب الدروبي، عبد الغني شندالة، محمد فرج السامرائي(17) أصدر الاخوان المسلمين مجلة (الاخوة الاسلامية) عام 1952 والتي أغلقت فيما بعد، كما أصدرت الجماعة صحيفة (الحساب) عام 1954، وكانت اول جريدة اسلامية تصدر خلال تلك الفترة، وكان المراقب العام للاخوان الشيخ محمد الصواف، الذي غادر العراق عام 1959 الى المملكة العربية السعودية ليستقر هناك وذلك بسبب مضايقة الشيوعيين له(18).
بعد صدور قانون الجمعيات يوم 1 كانون الثاني 1960 واعلان بداية تنفيذه في يوم الجيش تقدمت يوم 9 كانون الثاني 1960 اربعة احزاب سياسية بطلب ترخيصها وهذه الاحزاب هي : الديمقراطي الموحد لكردستان العراق ( البارتي) وحزبان شيوعيان ترأس أحدهما زكي خيري سعيد وترأس الاخر داود الصايغ(19).
كان نشاط الاخوان المسلمين في العراق قد ضعف بسبب موقف الحكومة منه واضطر زعيم الحزب محمد محمود الصواف لمغادرة العراق كما ذكرنا وحل محله في قيادة الاخوان المسلمين، عبد الكريم زيدان، قدم الاخوان المسلمين في الثاني من شباط 1960 طلبا لاجازة حزبهم بأسم( الحزب الاسلامي العراقي) قدم الطلب ابراهيم عبد الله شهاب، نعمان عبد الرزاق السامرائي، صبري محمود الليلة، وليد عبد الكريم الاعظمي، ابراهيم منير المدرس فليح حسن الصالح، فاضل دولان، مجيد الحاج حمد الذهيبة، الحاج محمد اللامي، عبد الجليل ابراهيم يوسف طه، الدكتور جاسم العاني(20).
وقد ارفق مع الطلب منهاج الحزب الذي اكد ان غاية الحزب تطبيق احكام الاسلام تطبيقا كاملا شاملا لجميع شؤون الحياة وأمور الافراد والدولة، كما يعمل الحزب على محاربة الدعوات المفرقة للصفوف كالطائفية والعنصرية وجميع الافكار والمفاهيم الالحادية التي لاتعترف بغير المادة ويرى في شيوعها هدما للمجتمع لايجوز السكوت عنه،كما يؤمن الحزب بضرورة الوحدة العراقية بين جميع المواطنين على اساس جنسيتهم العراقية، ويعتبر العراق جزءا من الامة العربية التي يجب ان تتوحد في دولة قوية على اساس الاسلام لا على اساس اخر وتكون هذه الدولة الواحدة نواة للوحدة الاسلامية الشاملة بين جميع الشعوب الاسلامية ولتقيم في العالم دولة اسلامية تضم جميع المسلمين، وكذلك يؤمن الحزب بضرورة التضامن العربي ويعتبره ضرورة من ضرورات كفاح الشعب العربي لنيل استقلاله وتحرره كما يؤمن الحزب بسياسة الحياد الحقيقي بين المعسكرين المتنازعين في العالم(21).
جاء في النظام الداخلي للحزب الاسلامي العراقي، ان اللجنة الادارية للحزب تقبل في عضوية الحزب، كل عراقي لايقل عمره عن 18 سنة، وتتألف اللجنة من رئيس وسكرتير، واخرين يقررهم المؤتمر الذي يجب ان يعقد كل سنة،وللحزب مكتب ادارة ولجان تفتيش ورقابة عامة ولجنة للتنظيم ولجنة ادارية، ولم يكن الحزب في الواقع الا واجهة لجماعة الاخوان المسلمين في العراق(22).
رفض طلب التأسيس من قبل وزارة الداخلية التي استندت في رفضها الى المادة الرابعة من قانون الجمعيات التي اكدت وجوب عدم تعارض اغراض الجمعية مع استقلال البلاد ووحدتها الوطنية ومع النظام الجمهوري ومتطلبات الحكم الديمقراطي وان لاتهدف الى بث الشقاق او احداث الفرقة بين القوميات او الاديان او المذاهب العراقية المختلفة وان لايكون غرضها مجهولا او سريا تحت اغراض ظاهرية، اي ان الحزب المنوي تأسيسه مخالف للنظام الجمهوري فعلا لعدم اتفاقه مع (روح العصر) وتعارضه مع احكام الاسلام ومبادئه خاصة وان الوزير قد أكد في رفضه، انه علم بوجود علاقة بين المؤسسين وعناصر أجنبية ذات نزعة لايقرها القانون وكان ذلك يعني ضمنا جماعة الاخوان المسلمين في مصر(23).
وقد اعترض المؤسسون على قرار الرفض لدى الهيئة العامة لمحكمة تمييز العراق وفي 26 نيسان نقضت المحكمة قرار وزير الداخلية وعللت قرارها بأن المباديء التي بني عليها المؤسسون مناهجه لاتتعارض مع النهج الديمقراطي ولا المباديء التي قامت عليها الجمهورية، ولايمكن ان تعد أهداف الحزب سرية بعد وضوح منهاجه الذي سجل على نفسه العمل بتعاليم الاسلام ونظامه وهي بمجموعها يمكن ان تعالج المشكلات كافة، ومعظمها لايقال عنها انها لاتماشي روح العصر، كما ان المنهاج ينسجم مع الدستور المؤقت الذي صرح بأن دين الدولة الرسمي هو الاسلام.
واجه الحزب مضايقات من السلطة بعد اجازته بشهر، اذ ان الرقابة لم تسمح له بأصدار جريدة ناطقة بأسمه بأسم (الجهاد) وفق قانون الجمعيات الذي يجيز للحزب اصدار جريده خاصة به على الرغم من طلبات الحزب المتكررة، وقد قبلت صحيفة الحياد مهمة التعبير عن وجهة نظر الحزب(24).
عقد الحزب مؤتمره الاول في29 تموز 1960 وأكد رئيس الحزب نعمان عبد الرزاق السامرائي في كلمة الافتتاح ان العمل في الحزب واجب ديني ووطني وأن الاسلام بوصفه عقيدة ومبدأ بحاجة الى الدعوة لها والعمل على رفع لوائها، لان جرف الاحزاب غير الاسلامية للشباب أمر في غاية الخطورة مما يستلزم وجود حزب يقي الشباب والامة ويوجهها وجهة اسلامية(25).
وعند أجراء الانتخابات فاز بعضوية الهيئة الادارية عبد الجليل ابراهيم، ونعمان عبد الرزاق السامرائي، وابراهيم منير المدرس ووليد عبد الكريم الاعظمي، وفاضل دولان العاني(26).
على اثر رفع مذكرة الى عبد الكريم قاسم تدين الاوضاع في العراق وتحمله مسؤولية مايجري، فأمرت السلطات بألقاء القبض على عبد الجليل ابراهيم و وليد عبد الكريم الاعظمي وعلى تسعة أعضاء بارزين في الحزب، وأغلق مقر الحزب في بغداد يوم 21 تشرين الثاني 1960.في 16 اذار 1961 اصدر الحاكم العسكري احمد صالح العبدي بيانا حل فيه الحزب، وبعد حل الحزب انقسمت جماعة الاخوان المسلمين الى قسمين الاول اراد مواصلة العمل بصورة سرية واخر دعا الى الانصراف الى التربية والتوقف عن ممارسة ا اي نشاط حتى اشعار آخر، ومع ذلك فقد واصل الحزب اصدار بيانات محدودة العدد تحت تسميات مختلفة مثل (الرابطة الاسلامية) و(الجبهة الاسلامية)(27).
وقد شهدت حركة الاخوان المسلمين انتعاشا ملحوضا في العراق في عهدي عبد السلام عارف وشقيقه عبد الرحمن عارف، وفي عام 1967 عقدت الحركة مؤتمرا في جامع حسيبة في بغداد حضره اربعون من اعضاء القيادة والكادر المتقدم بحثت فيه القضايا المتعلقة بشؤون التنظيم والاوضاع السياسية التي يمر بها العراق، وقد برز خلال الاجتماع تيار يتزعمه العميد محمد فرج السامرائي، يدعو الى اسقاط النظام واقامة حكومة اسلامية بقيادة الاخوان المسلمين، الا ان ذلك التوجه لم يحظ بموافقة المراقب العام الدكتور عبد الكريم زيدان. وبعد مجئ حزب البعث إلى السلطة عام 1968 تعرض الإخوان المسلمون للملاحقة واعتقل عدد كبير من نشطائهم، وجرت اوسع عملية لتصفية التيار الاسلامي،( فتم تصفية ابرز قيادات الحزب الاسلامي العراقي ومطاردة الآخرين، فتم اعتقال الشيخ عبد العزيز البدري وشقيقه في 18 ايار وبعد شهرين وجدت جثتيهما امام باب بيتهما، كما تم اعدام الزعيم محمد فرج الجاسم ومجموعة من الضباط الاسلاميين منهم العميد عبد الستار العبوسي والمهندس عبد الغني شندالة، كما دس السم للشيخ ناظم العاصي (شيخ مشايخ العبيد) وكان من الاعضاء المؤسسين لهذا الحزب. في عام 1971 أقدم النظام على اعدام العميد محمد فرج السامرائي ومعه شخصيات اسلامية اخرى من خطه، كما تم تسريح كافة العسكريين المرتبطين بحركة الاخوان او بالسامرائي(28).
مما أدى في النهاية الى قرار حل الحزب لان وجوده يعني الموت (ولاترموا بانفسكم الى التهلكة)، مما أدى الى مغادرة مجموعة كبيرة من كوادره الى خارج العراق(29)).
نشط الإخوان المسلمون في عمل سري في العراق ودعوي وظهرت في التسعينيات بوادر هذه الدعوة من خلال التدين والإقبال على المساجد التي تم بنائها بأعداد كبيرة، وانتشرت الكتب الإسلامية في المساجد والجامعات وكان للعمل الخيري والاغاثي والاجتماعي دور كبير في مجال الدعوة. أعلن في المهجر عن إعادة إحياء الحزب الإسلامي بقيادة اياد السامرائي عام 1991 وبعد سقوط نظام الحكم في العراق وإعادة الحياة السياسية العلنية في العراق أعلن الحزب الإسلامي عن نفسه بقيادة الأستاذ الدكتور محسن عبد الحميد الذي شارك في مجلس الحكم العراقي. والدكتور عبد الحميد أستاذ في جامعة بغداد -كلية التربية وهو من الشخصيات البارزة في الإخوان المسلمين في العراق وقد سجن في أيام النظام السابق، وخرج منه بوساطات من الشخصيات الإسلامية في العالم ومن أبرزهم الدكتور حسن الترابي.

نموذج يضع الامة في مأزق
ونـحن ندرس الحزب الاسلامي العراقي المشارك في العملية السياسية والمنطلق من مرجعية اسلامية اخوانية، لابد ان نقارن بين موقفه من الاليات الديمقراطية وولاية الامة واعتبار الشعب مصدر السلطات، مع تيارات اسلامية تشاركه الساحة العراقية وخصوصا في جانبها (السني ). اذ انه محاصر بالكثير من الحركات التي تنظر اليه بعين الريبة وعدم الثقة على الرغم من الهوية الاسلامية التي يحملها.وفي هذا المجال اخذنا حزب التحرير، كأحد الاحزاب الاسلامية العريقة في الساحة العراقية، والذي لعب دورا كبيرا في بلورة العمل الحزبي في الاوساط الاسلامية، فكان مدرسة للكثير من الكوادر التي عملت فيه، وانتقلت الى حركات اسلامية اخرى، اذ تشير بعض المصادر الى تخرج بعض قيادات الحركة الاسلامية الشيعية(30) من مدرسة هذا الحزب قبل ان تكون هناك احزاب شيعية، يقول مرتضى الانصاري احد مؤسسي حزب الدعوة الاسلامية ( لقد كنت على صلة ببعض الاحزاب الاسلامية ومنها حزب التحرير والاخوان المسلمين وذلك بغرض القيام بعمل مشابه)(31).
اذ كان مبدأ الحزبية ابان نشأة حزب الدعوة موضعا للخلاف الشديد من قبل رجال الدين، يروي مرتضى العسكري (لقد كان الحديث حول حزب اسلامي في بيئتنا كالحديث عن الكفر تقريبا)(32) ولكن هذا الحزب العريق يعد انموذجا للجمود والانغلاق الفكري اذ لم يستطع ان يطور اطره ومنطلقاته النظرية الايديولوجية،ولم يستطع ان ياخذ الواقع بنظر الاعتبار،لهذا نعده نموذجا لجماعات الاسلام السياسي، فرغم التطور والتغيير الذي حدث او احدثته الحركات الاسلامية على فكرها فأنه مازال مصرا على ان الديمقراطية كفر والحاد ولابد من أخذ الجزية من الكتابيين، وان المرأة لاتستلم مناصب حكم مهمة، ان فضيلة حزب التحرير الوحيدة انه وحسب اطلاعنا المتواضع لا يدعو الى العنف ضد مخالفيه فهو (حزب سياسي مركزي، تتميز نظرته بالتغيير الجذري والشمولي والانقلابي في العالم الإسلامي، هدفه استئناف الحياة الإسلامية عن طريق إقامة الخلافة الإسلامية. أسّسه القاضي تقي الدين النبهاني في القدس عام 1953م. وإثر وفاة المؤسس في الأول من المحرم 1398هـ الموافق 11/12/1977م قاد الحزب الشيخ عبد القديم زلوم حتى سنة 2003م حيث توفاه الله، فترأس الحزب منذ ذلك الوقت عطا أبو الرشتة الملقب بأمير حزب التحرير عقب عملية انتخابات شملت عدداً من المرشحين..)(33) فكما يبين في ادبياته المنشورة (يعمل بين الامة ومعها لتتخذ الاسلام قضية لها وليقودها الى اعادة الخلافة والحكم بما انزل الله الى الوجود))(34) ويحرم على المسلمين ان يتكتلوا على اساس طبقي او وطني او قومي او طائفي، لانه يرى ان كل هذه الاحزاب كفر وتدعو الى الكفر، وينظر الى المجتمعات من خلال ثنائية (دار الاسلام ـ دار الكفر) فكل الدول في زماننا دار كفر، وينظر الى الديمقراطية على انها كفر والحاد لانها (مبدأ كفر يتناقض مع الاسلام لان الله هو المشرع وهو وحده الذي وضع النظام للبشر)(35) وعن الحريات العامة (هذه الحريات هي حرية العقيدة وحرية الرأي وحرية الملكية والحرية الشخصية... هذه الحريات الاربع العامة تتناقض مع احكام الاسلام، فالمسلم ليس حرا في عقيدته فأنه اذا ارتد يستتاب فان لم يرجع يقتل،قال (ص)، من بدل دينه فأقتلوه) والمسلم ليس حرا في رأيه، فما يراه الاسلام يجب ان يراه، ولايجوز ان يكون للمسلم رأي غير رأي الاسلام، والحرية الشخصية لاوجود لها في الاسلام، فليس للمسلم حرية شخصية، بل هو مقيد بما يراه الشرع)(36) وبشان الديمقراطية (هذا النظام الديمقراطي هو نظام كفر، فهو من وضع البشر وليس احكاما شرعية لذلك فأن الحكم به حكما بالكفر، ولهذا لاتجوز الدعوة اليه، او الاخذ به بحال من الاحوال(37) وقد وضع حزب التحرير دستورا للدولة التي يعمل على اقامتها، يتكون من عدة ابواب ومن (186) مادة، وجاء في المادة (19) في باب نظام الحكم ( لايجوز ان يتولى الحكم او اي عمل يعتبر من الحكم الا رجل بالغ، عاقل، حر عدل، ولايجوز ان يكون الا مسلما)(38)واقل مايمكن ان يقال عن هذه المادة انها: اولا انها استثنت المرأة وثانيا استثناءها غير المسلم.وفي المادة (112 ) من هذا الدستور (لايجوز ان تتولى المرأة الحكم، فلاتكون خليفة ولامعاونا ولاواليا ولاعاملا ولاتياشر اي عمل يعتبر من الحكم)(39) وفي المادة (161)(يمنع استغلال واسثمار الاموال الاجنبية في البلاد كما يمنع منـح الامتيازات لاي اجنبي)(40) وفي المادة( 186 ) ( المنظمات التي تقوم على غير الاسلام او تطبق احكام غير احكام الاسلام لايجوز للدولة ان تشترك فيها، وذلك كالمنظمات الدولية، مثل هيئة الامم المتحدة، ومحكة العدل الدولية وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي وكالمنظمات الاقليمية مثل الجامعة العربية)(41).
كان هدفنا من هذا الاستعراض هو تشريح للبيئة التي ولدت من رحمها الاحزاب المعتدلة والتي طرحت مشروعا سياسيا يطمح لمواجهة التحديات ومتطلبات العصر وتطوره،فضلا عن تقديم نظرة سريعة للواقع الذي يواجه المؤمنين بالتحديث والتجديد من تحديات ومايقف في طريقهم من عقبات.
والحزب الاسلامي كا ذكرنا سابقا حين قرر الدخول في الحياة السياسية والمشاركة الفاعلة في العملية السياسية وطرح مشروعه السياسي فأنه دفع الثمن غاليا فشارك الحزب في عملية الاقتراع الثالثة في سلسلة الانتخابات العراقية رغم الحملة التي تعرض لها من قبل فصائل المقاومة العراقية وتلقى عدة تهديدات من جماعة التوحيد والجهاد التي يتزعمها الاردني ايو مصعب الزرقاوي. وتعرضت على اثرها بعض قياداته إلى الاغتيال على ايدي تلك الجماعات، اذ راح ضحيتها الدكتور اياد العزي.

المشروع السياسي
اي متابع لحركة تطور الطرح السياسي والفكري للحزب الاسلامي، يجده متمسكا بأصولية اسلامية تقف عائقا بينه وبين التخلص من الحاكمية ومن ثم طرح مشروعه الديمقراطي،اذ نصت المادة الثانية من منهاج الحزب( على أن غاية الحزب تطبيق أحكام الإسلام تطبيقاً شاملاً كاملاً لجميع شؤون الحياة وأمور الأفراد والدولة.. ). وجاء في مشروعه السياسي(الحزب الاسلامي العراقي الذي يستند في فكره وسلوكه الى عقيدة الاسلام النقية الصافية كما جاءت في القران الكريم والسنة المطهرة يستلهم المعاني السامية للدين الحنيف في صياغة مشروعه السياسي ليلبي تطلعات كل العراقيين بلا استثناء، يتصدى لشواغلهم واهتماماتهم , ويجتهد في رسم سياسات ناجعة للمشاكل القائمة، املا في ان يعبر البلد من محنته الى بر الامان، يعيش فيه العراقي كريما معززا آمنا مطمئنا في ماله وارضه وعرضه)وهناك رؤية شمولية يطرحها الحزب تتعلق بالفرد والمجتمع، اذ يسعى الحزب الى أسلمتهما(ما يزال بعيدا عن الاسلام وقيمه، وكل مجتمع يسعى لنهضة شاملة لابد له من اساس فكري وقيمي يستند اليه، ونـحن نرى في الاسلام ذلك الاساس الذي نتحدث عنه، وفي غيره فان المجتمع يبقى في حالة اضطراب وصراع لا ينتهي.ان هذه القيم والمبادئ الاسلامية لابد لها من عملية تربوية شاملة ينبغي ان تجري في المجتمع قبل التفكير في التطبيقات والتشريعات الاسلامية، فالمجتمع يعاني من حالة اختلال قيمي واخلاقي كبير وضعف في الوعي والالتزام مع وجود الاستعداد لتبني طروحات منـحرفة لا تمت للاسلام بصلة، ولابد من عملية تربوية طويلة وشاقة نجد انفسنا الاكثر تأهلا لادائها , حيث تقصد هذه العملية تحقيق اهداف عديدة لاعادة بناء الانسان على اسس الاسلام في عقله وعلمه وفكره وثقافته ومنهجه وارادته وحتى في جسده , وكذلك في افعاله وعلاقاته وسلوكه وتعاملاته اليومية , وذلك عبر برامج عديدة يمكن ان تعد لتحقيق ذلك.)وعن المشاركة في العملية السياسية، يؤكد الحزب الاسلامي(حين درسنا المشكلة وفق الموازنات وجدنا أنّ من الأصلح لنا أن نستمر حتى مع وجود الغبن وانّ المشاركة مع الغبن أفضل من الانسحاب لان تجربة الانسحاب التي فرضت علينا من قبل الجماهير وبعض القوى الرافضة للعملية السياسية كان لها الأثر السلبي البالغ ليس على مكوّن واحد بل على جميع مكونات الشعب وذلك بسبب استبداد فئة واحدة بالحكم الأمر الذي أدى إلى إلحاق الأذى وسبب ردود أفعال غير منضبطة في الشارع العراقي. علينا ان نسعى جميعاً لرأب الصدع والمصالحة والأخذ على يد المسيء وبث روح الأخوة والتسامح وتغليبهما على الثأر والانتقام. إننا نطالب جميع القوى الوطنية أن تظهر من الأعمال ما يدلّ على حسن النية)(42).

كيف ينظر الحزب الاسلامي للمقاومة؟
ان منهج الاعتدال الذي نمتاز به عن غيرنا سرعان ما سوف يجد صداه في مجتمعنا , واننا نعترف بفضل كل من يسهم في تحرير العراق , ورغم ان الاهداف الوطنية واحدة فان طرق تحقيقها ستبقى متعددة ونـحرص على ان نكون مع كل من يتفق معنا في الاهداف وان خالفنا في الوسائل , وسوف نسعى لتفعيل كل الوسائل الممكنة في اطار منهجنا العام الذي رسمناه.
بات علينا ان ننظر نظرة موضوعية منصفة للمقاومة العراقية الراشدة التي التي دفعت الادارة الامريكية الى الواقعية السياسية بدل المطامح الامبراطورية واجبرتها على اعادة النظر في حساباتها واهدافها. في الوقت الذي لاينبغي ان ننكر دور المقاومة المدنية التي انتهجها الحزب واثرها الفاعل في اجهاض العديد من المشاريع السياسية و الاقتصادية والاجتماعية والتي تؤكد صحة النهج وسلامة الرؤية. وحين اشتدت حملة التكفير ضده فاصدر بيان رقم ( 99 ) بشأن التهديدات والاتهامات الصادرة بحق أعضاءه،جاء فيه (قال تعالى ((لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْأِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(المجادلة:22) هذا معيار الحزب الاسلامي الذي يزن به نفسه قيادة وقاعدة فولاؤنا لله ولرسوله ومحبتنا لله ولرسوله نقولها صريحة لكل من وجه سهام النقد لنا وكل من اراد استباحة دماءنا ظناًمنه اننا ارتددنا عن الدين فوجب اقامة الحد المبين علينا لذا فاننا نـحب ان نوضح الاتي حتى نعذر امام الله تعالى ونبين وجهة نظرنا التي جهلها للاسف اخواننا فاصدروا احكامهم القاسية علينا دون وجه حق.
ان الحزب يؤمن ان الاسلام عقيدة وشريعة ونظام،لذلك يرى ان لا حكم الا لله (( ان الحكم الا لله )) وان لا ايمان الا بالرضى والتسليم لكل ما امر به الرسول (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)(النساء:65) وان الحزب قضى عقودا طويلة يعلم الناس التوحيد ويحثهم على الالتزام بالاسلام شريعة ويحذر من عبادة الجبت والطاغوت وقد واجه من العلمانيين واللادينين حربا شعواء تمثلت باعدام الكثير من اعضائه وسجن وملاحقة الكثير(43).
والحزب الاسلامي يفرق بين المقاومة والارهاب الذي تقوده القاعدة في العراق اذ يقول طارق الهاشمي(هناك خلافات حقيقية بين "المقاومة" وتنظيم القاعدة كون القاعدة تطبق سياسة الارض المحروقة وتكفير كل شئ على الارض)(44) وقد طالب الحزب الإسلامي العراقي الحكومات العربية والإسلامية والهيئات والمنظمات الدولية بالتعامل مع المجلس السياسي والاعتراف به كونه ممثلاً لشريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي. وقال الحزب : لطالما دعونا الفصائل الوطنية إلى ضرورة الإعلان عن مشروعها السياسي كي لا تذهب الدماء الزكية سدىً ولأجل أن تخطو تلك الفصائل الخطوة الأولى لإنهاء الاحتلال وتحقيق السيادة للعراق والعراقيين والسعي إلى تحريره من كل أشكال الاحتلال والتبعية. وأضاف الحزب في بيان أصدره بهذا الخصوص : إننا نتمنى أن يكون المجلس مفتوحاً لقبول جميع الفصائل الراشدة التي لم تدنس سمعتها الإسلامية والوطنية بل ولجميع الاتجاهات السياسية الوطنية على كامل التراب العراقي كي يتحول المشروع إلى مشروع وطني شامل.
واكد البيان إن دعم المجلس السياسي للمقاومة العراقية سيكون عاملاً مساعداً لاستقرار البلد واسترداد سيادته.كما اعلن الحزب استعداده لدعم أي مشروع وطني ينقذ العراق ويخدم شعبه ويحقق وحدته.
وجاء كلام الحزب هذا على خلفية إعلان مجموعة من فصائل المقاومة الوطنية العراقية تشكيل مجلس سياسي لها )(45).

كيف تنظرالمقاومة للحزب الاسلامي العراقي؟
يرفض الحزب الاسلامي اشكال العنف والغلو والارهاب كافة في الفكر والممارسة(46)،و(بذل الحزب الاسلامي جهدا في اقناع بعض فصائل المقاومة والحصول منها على وعد بوقف عملياتها خلال التصويت على الانتخابات، وقد نجح الشيخ الدكتور اياد العزي عضو المكتب السياسي للحزب في اقناع بعض تلك الفصائل بضرورة مشاركة العرب السنة في الانتخابات وقد تم اغتيال الشيخ العزي على يد مسلحين بعد حصوله على تلك الوعود)(47)وناصبت بعض فصائل المقاومة الحزب الاسلامي العداء،اذ يرى مناهضوا رؤية الحزب، في المقاومة السلمية تأتي (تماشيا مع رؤية قوات الاحتلال وفهمها للارهاب والمقاومة، وكذلك الحكومات المتعاقبة التي لم تعترف بالمقاومة العراقية ومشروعيتها والحزب الاسلامي كشريك معها)(48) يقول الباحث الاردني ياسر الزعاترة(نـحن بإزاء مأزق آخر تعيشه جماعة الإخوان في مختلف الأقطار بسبب موقف فرعها العراقي من الاحتلال الأميركي، ذلك أن الرصيد الذي حصلت عليه الجماعة من خلال بطولات أبنائها في فلسطين سيكون مهدداً أمام موقف مغاير لا يبدو مقبولاً على الصعيد الشعبي العربي والاسلامي في العراق.
بدت المشكلة للعيان عندما مال الحزب الإسلامي العراقي، الذي هو عملياً الوجه السياسي للإخوان إلى المشاركة في مجلس الحكم العراقي، وهو ما فاجأ الدوائر الإخوانية في شتى الأقطار، بما في ذلك التنظيم الدولي. بل فاجأ أيضاً أعضاء الجماعة في الداخل العراقي، وإن كان من الصعب القول إن الجماعة هناك كانت في وضع طبيعي يملك تراتبياته التنظيمية على نـحو ما هو معمول به في الأقطار الأخرى، وبالطبع للأسباب الأمنية الرهيبة المعروفة)(49).
ينطلق الحزب الاسلامي في موقفه هذا من نهجه المعلن في تبني خيار المقاومة السلمية لانهاء الاحتلال(لان الحزب وجد فراغا كبيرا في المجال السياسي كما يرى الدكتور عمار زين العابدين مسؤول مكتب الاعلام ويعتبر المشاركة السياسية تعزيزا للمقاومة الراشدة، فيما يحاول الحزب ان يكون ممثلا سياسيا للمقاومة وان يستغلها لصالحه(50).
ويتحمل الحزب ضريبة وتبعات موقفه هذا والتزامه المقاومة السلمية منهجا، الكثير من النقد الذي وصل في بعض الاحيان الى حد الافتاء بارتداد اعضاءه وقادته عن الاسلام والخروج على ثوابته، واتهام قادته بالخيانة، اذ يرى البعض ان الحزب( استمر في رفضه المقاومة المسلحة رغم انه حزب سياسي يستمد افكاره من تعاليم الاسلام، بل ان ائمة المساجد وخطبائها من المنتمين الى الحزب يدعون الناس صراحة الى عدم مقاومة المحتل عسكريا بدعوى ضرورة انتظار المحتل حتى يفي بوعوده للامم المتحدة والعراقيين بالانسحاب)(51).
ويمضي المناهضون للحزب من الاوساط السنية بتعداد المآخذ عليه (لم يعترض الحزب الاسلامي على الفيدرالية، بل هو يقف الى جانبها من خلال قراره ودعوته العراقيين للتصويت على الدستور بـ(نعم) في 13 تشرين الاول 2005، والدستور يقر الفيدرالية كأساس من اسس بناء العراق الجديد، بينما يسعى الحزب لجعل العراق وطنا للعراقيين جميعا، ويسعى الى صيانة وحدته واستقلاله كما جاء في نصالمادة الثانية من مباديء الحزب، وهي تتناقض تماما مع مواقف الحزب الحقيقي من الفيدرالية)(52).
ولايمكن اغفال مسألة مهمة وهي ان الكثير من فصائل المقاومة صنفت الحزب الاسلامي كأحد القوى المساندة للاحتلال نتيجة مشاركة في العملية السياسية منذ تأسيس مجلس الحكم، وفي ضوء هذا التصنيف تلقت مقراته وقياداته ضربات متتالية من المقاومة العراقية، وتم استهدافه في اغلب المدن التي يمارس نشاطاته فيها.
ويرىالمؤمنون بالمقاومة المسلحة انه ( لايمكن باي حال من الاحوال العمل بالخيار السياسي على انفراد، في حين يمكن للخيار المسلح ان يقطع مسافات متقدمة بأتجاه مهمته في انهاء الاحتلال بمفرده، ثم يأتي الخيار السياسي بعد ان يتم انهاك العدو،وبعد ان يرى هذا العدو قوة العمل المسلح ونتائجه السليبية على مشروعه واهدافه التي جاء من اجلها غازيا، عندها يبدأ العدو في البحث عن قنوات للتفاوض مع المقاوميين من موقع ضعف، وبذلك تتمكن المقاومة العراقية من فرض ارادتها على العدو لا العكس )(53).

هل يمكن اقامة اسلام عراقي؟
جاء في المشروع السياسي للحزب الاسلامي (ان خطابنا لا ينبغي ان يكون خطابا قائما على التذكير بالمصالح والقواسم المشتركة فقط , بل لابد ان ننطلق فيه من حقيقة انتمائنا الى الاسلام وايماننا بمبادئه وقيمه وادراكنا ان الانسان العراقي لابد من اعادة بنائه على اساس من تلك القيم ووفق تلك المبادئ. وعندما نتكلم عن الاسلام فنـحن ننطلق من المشتركات القائمة بين جميع المسلمين باختلاف قومياتهم ومذاهبهم متجاوزين جوانب الاختلاف التي لا مكان لها في هذا البنيان المجتمعي المتماسك. إن القرآن الكريم والسنة النبوية وتاريخ السلف من آل بيت النبوة المطهرين و صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه الكثير من القيم الاخلاقية والدروس العملية التي يمكننا الاستفادة منها في ذلك , وعلينا ونـحن نعمل على بناء الوحدة الوطنية العراقية أن نبنيها بناء متماسكا يقوم على تلك القيم والمبادئ الاسلامية العظيمة مذكرين الجميع باخوة الاسلام التي جمعت بيننا) وعلى الرغم من هذه الدعوة،كذلك هناك دعوة طرحها المفكر العراقي ضياء الشكرجي والتي تمثلت بمشروع لتوحيد حزبي الدعوة والحزب الاسلامي العراقي، والكثير مما يماثلها في ادبيات الحركات الاسلامية، الا انها لم تستطع ان تغادر طائفيتها التي حصرت نفسها داخلها،فتدعي غير هذا، لانها مبنية اساسا على وفق، منظومة تاريخية وفقهية لايمكن مغادرتها او التعالي عليها، بالرغم من الدعوات الكثيرة للوحدة الاسلامية والتقريب بين المذاهب، التي راجت في الكثير من الاحيان، ولم تجد لها وجودا على ارض الواقع.الا ان الظروف التي نمر بها في العراق في الوقت الحاضر، والتصعيد والتخندق الطائفي الذي وصل مديات كبيرة، يحتم على الفاعلين السياسيين مراجعة مسيرتهم لانهم السبب الاول والاخير فيما وصل اليه الحال في العراق من قتل وتهجير على الهوية.وبقد تعلق الامر بالحزب الاسلامي العراقي، فان بداياته الاولى التي تمثلت بجماعة الاخوان المسلمين التي نشأت في العراق 1948،لم تستطع ان تثبت أقدامها في المجتمع الشيعي، ولقد حاول الشيعة ان ينشئو منظمة خاصة بهم على غرار الاخوان المسلمين، ولم تأخذ في الاعتبار ضمها للاخوان المسلمين العراقيين او حزب التحرير، وبذلك كانت الحركة الاسلامية في العراق منذ البداية موجهة مذهبيا، ولم تتمكن الحركة الاسلامية من تجنب الحدود الطائفية)(54) على الرغم من وجود قادة عراقيين في المؤسسة الدينية، او في الحركات الاسلامية كانت تعقد عليهم الامال، في تحقيق مشروع الوحدة الاسلامية،ويقف الشهيد محمد باقر الصدر في مقدمة هؤلاء ففي بيان وجهه الصدر* الى جميع المذاهب والعناصر في العراق ، وفيه انكر ان نظام البعث يمثل المذهب السني، فيقول : ان الطاغوت وطغمته يحاولون خداع ابنائنا الاعزاء لسنين مدعين لهم ان المشكلة هي مشكلة التعارض بين الشيعة والسنة، انهم بذلك يحاولون زج السنة في المشاركة في المعركة ضد العدو المشترك، اود ان اقول لكم يا أبناء علي والحسين وابناء ابي بكر وعمر، ان الصراع لن يكون بين السنة والشيعة، سنكافح جميعا تحت لواء الاسلام بغض النظر عن لونه المذهبي، ان السلطة ليست سلطة سنية، حتى لو انتسبت المجموعة المسيطرة الى المذهب السني، ان السلطة السنية لاتعني ان احدهم ينـحدر من ابوين سنيين، بل اكثر من ذلك سيطرة كما حكم ابو بكر وعمر، ان حكام الان يسيئون كل يوم الى مقدسات الاسلام والى قدسية عمر وعلي )(55) بل هناك من يقول (وامتاز "الحزب الإسلامي" بتبني عقيدة الإسلام والسعي من أجل إنشاء أو إعادة نظام الخلافة الإسلامية الى كل بقاع العالم الإسلامي. ورغم أصول الحزب السنية باعتباره واجهة لتنظيم الإخوان المسلمين، الا انه طرح منذ البدء شعارات إسلامية عامة، وكان قريبا جدا الى "حزب الدعوة الإسلامية" الذي ولد في الوقت نفسه وحمل التوجهات والشعارات والأحلام والتطلعات نفسها. وبعد نضال دام حوالي خمسين عاما، أتيحت الفرصة للحزبين "الإسلامي" و"الدعوة" لأن يتشاركا في حكم العراق، وذلك بعد سقوط نظام صدام حسين ذي التوجهات القومية العلمانية. وبدلا من أن يتحد الحزبان الإسلاميان ويوحدا معهما العراق، وجد الحزبان نفسيهما في خضم تجاذب طائفي وسياسي عنيف(56) وبشان اسلامية الحزبين او وطنيتهما او كونهما حزبان طائفيان يقول احمد الكاتب (ورغم وجود إمكانية فرضية لاستيعاب جماهير حزبية من مختلف الطوائف لكل حزب، الا ان التجربة العملية أثبتت حصر الانتماء لكل حزب على طائفة معينة، وهذا أمر بعيد كل البعد عن شعارات الحزبين الإسلاميين المشتركة والواحدة، وله صلة وثيقة بعلاقة كل حزب بمصالح الفئات والمجموعات المنتمية له والقريبة من هذه الطائفة أو تلك. وبكلمة أخرى ان كل حزب أخذ يعبر عن مصالح أتباعه الطائفية أكثر مما يعبر عن أهدافه وشعاراته الإسلامية العامة. وربما يقدم كل حزب الكثير من المبررات بأنه يقوم بذلك اضطرارا للرد على مواقف وسياسات الأطراف الأخرى "الطائفية")(57).
وبشان الوهم الطائفي الذي يأكل الارواح قبل الاجساد يرى الكاتب ان(لا حقيقة لمفهوم السنة والشيعة اليوم، وخاصة في العراق، وذلك لأن التشيع والتسنن مذهبان سياسيان ولدا في القرون الإسلامية الأولى ضمن ظروف الصراع السياسي بين العلويين والعباسيين والأمويين، فقال فريق بأن الإمامة من حق هؤلاء، وقال فريق آخر بأن الإمامة من حق أولئك. ومع مرور الزمن قبل الشيعة بوجود حاكم "سني" كما قبل الإمام الرضا الخليفة العباسي المأمون، وكما قبل الشريف الرضي، أكبر علماء الشيعة في القرن الخامس الهجري، أن يكون نائبا للخليفة العباسي القادر بالله، هذا من جهة ومن الجهة الأخرى فقد كان السنة يقبلون بأي حاكم ولا يشترطون سوى أن يكون من قريش، ولا ينظرون الى هويته الطائفية سواء كان معتزليا أم سنيا أم شيعيا إسماعيليا أم اثني عشريا، وقد قدموا ولاءهم لمختلف الحكام العباسيين حتى الذين كانوا يضطهدون "أهل السنة" كالمأمون والمعتصم والواثق، وكذلك قدموا ولاءهم للحكام الفاطميين، ولم يعترضوا على الخلفاء العباسيين عندما أعلن بعضهم الانتماء للمذهب الشيعي الاثني عشري، كالخليفة الطائع والمعتضد والناصر لدين الله. وقد تنازل أهل السنة عن شرط القرشية عندما بايعوا الخلفاء العثمانيين.)(58) وعن شرط كون الحاكم من هذه الطائفة او تلك ومدى استفادة الطائفة منه يقول الكاتب(وينقل عن المرجع الشيعي الأسبق المرحوم السيد محسن الحكيم أنه كان يقول :"نريد حاكما عادلا، سواء كان شيعيا أو سنيا، ولا نريد الحاكم الظالم، سواء كان شيعيا أو سنيا" وهذا عين الصواب فان العدل أو الظلم يعود بالخير أو الشر على الناس، بينما لا تعود الهوية الطائفية للحاكم بأي شيء على الناس)(59).
لكن هل يمكن اقامة تحالف اسلامي للحركات الاسلامية في العراق؟ بعيدا عن التخندق الطائفي،قد يبدو هذا التوجه بعيدا عن الاطر القانونية، بل يمكن ان يوصم بالرومانسية والتحليق العالي، الذي ليس له علاقة بالواقع وتطوراته،القائلون بأمكانية مثل هذا الاتجاه يرون ان "هذين الحزبين [المقصود الحزب الاسلامي العراقي وحزب الدعوة] بالذات يملكان مؤهلات الضلوع بمشروع مواجهة الفتنة الطائفية، والإقدام الجريء والشجاع والمسؤول والتاريخي على هذه الخطوة التاريخية المطلوبة منهما، والتي يقدمها لهما هذا النداء التاريخي، والتي تحتاج إلى شجاعة استثنائية تتناسب مع حساسية المرحلة،إذا نجح الإسلاميون المعتدلون في ذلك، وإذا نجحت موازاة لذلك قوى الوسط الوطنية الديمقراطية الليبرالية، المتشكلة من الإسلاميين الديمقراطيين والعلمانيين الديمقراطيين، غير المتخندقين طائفيا؛ هذه القوى التي يتشرف كاتب هذه السطور بالانتماء إليها، عندها نكون فعلا قد خطونا خطوة كبيرة نـحو إنقاذ العراق من أتون الفتنة الطائفية، ومن مخاطر التطرف بكل أنواعه، وعندها فقط نكون قد خطونا خطوة حقيقية وصادقة وعملية ومؤثرة في طريق المصالحة الوطنية على مستوى الواقع الملموس، وليس على مستوى المؤتمرات والمهرجانات الإعلامية، هذا دون التقليل من شأن مشروع المصالحة، ولكن لا بد من حركةِ مصالحةٍ على أرض الواقع ببرنامج عمل وخطوات حقيقية ملموسة ومؤثرة"(60).

الهوامش
1. حاول كاتب هذه البحث التعاون مع الحزب الاسلامي ولكن دون جدوى،اذ طلب من عدة اطراف في الحزب لتزويده بوثائق الحزب،كتب للمستشار الاعلامي للامين العام للحزب، وللمكتب الاعلامي في الحزب، ومكتب البحوث، ومكتب حقوق الانسان وموقع الحزب على النت، وارسل بعدة اسئلة للدكتور عمر عبد الستارعضو المكتب السياسي للحزب قبل شهر من كتابة البحث، ولم يرد عليها،العائق الكبير كان الظرف الامني الذي لايسمح بالوصول الى مقرات الحزب.
2. حيدر ابراهيم علي، التيارات الاسلامية وقضية الديمقراطية، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، 1996
3. السناوي، عبدالله، حديث الملبشيات، الشبكة العالمية للمعلومات.
4. فرهاد ابراهيم ، ص422 نقلا عن (برنامجنا) الصدر عن حزب الدعوة، في لندن 1992 ص45.
5. محمد عبدة، الاعمال الكاملة ، الجزء الاول ، ص 104 ــ 105
6. فرهاد ابراهيم ، الطائفية والسياسة في العالم العربي، نموذج الشيعة في العراق، ط1 ..ـ القاهرة: مكتبة مدبولي، 1996 ، ص 409
7. محمود الهاشمي، مصدر التشريع في النظرية الاسلامية، في كتاب (الاجتهاد والحياة، حوار على الورق، حوار واعداد محمد الحسيني، مركز الغدير للدراسات الاسلامية، ط2، 1997 . ص177.
8. الشيرازي، محمد، من اوليات الدولة الاسلامية، قم : 1405 ص 19.
9. م. ن، ص178.
10. م. ن، ص178.
11. الشيخ محمد الغزالي، دستور الوحدة الثقافية بين المسلمين ص 211، نقلا عن علي المؤمن، النظام السياسي الاسلامي الحديث ص56.
12. فهمي هويدي، الاسلام والديمقراطية، بحث في كتاب (الحركات الاسلامية والديمقراطية، دراسة في الفكر والممارسة، تأليف مجموعة من الباحثين، بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية، ص17.
13. م. ن، ص 18.
14. المؤمن، علي، مصدر سابق ص 104.
15. المؤمن، علي، المصدر نفسه، ص 104.
16. الشكرجي، ضياء، مصدر سابق.
17. الخرسان، صلاح، حزب الدعوة الاسلامية، حقائق ووثائق (فصول من تجربة الحركة الاسلامية في العراق خلال اربعين عاما). ط1، دمشق : المؤسسة العربية للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 1999ص39.
18. م. ن، ص39.
19. بيت الحكمة، تاريخ الوزارات العراقية في العهد الجمهوري 1958ــ 1968، ط2 منقحة وموسعة/ بغداد: بيت الحكمة، 2005، ج 4 ص45.
20. يذكر صلاح الخرسان ان الحزب الاسلامي حين قدم للاجازة كان برئاسة ابراهيم عبد الله شهاب، الخرسان، مصدر سابق ص39.
21. م. ن، ص 101.
22. م. ن، ص102.
23. م. ن، ص 102.
24. م. ن، ص 103.
25. م. ن، ص 104.
26. م. ن، ص104.
27. بيت الحكمة، تاريخ الوزارات العراقية ج 5 ص .56.
29. الخرسان، صلاح مصدر سابق ص40.. هادي حسن عليوي، طبيعة العلاقة بين السلطة والقوى السياسية والدينية (1968 ـ 2003) جريدة الصباح، ملحق ديمقراطية ومجتمع مدني , ع 641، 30 اب 2005 .
30. محمد هادي السبيتي الذي كان احد قادة حزب التحرير اصبح احد مؤسسي حزب الدعوة، انظر الخرسان، مصد سابق ص 41. ويذكر الخرسان ان طالب الرفاعي احد مؤسسي حزب الدعوة كان على اتصال بحزب التحرير انظر الخرسان المصدر نفسه ص48. وكان محمد باقر الصدر قد طلب ادبيات بعض الحركات الاسلامية، فحصل على الكتب العشرة التي الفها تقي الدين النبهاني رئيس حزب التحرير الاسلامي، والتي كانت بمثابة منهاج لحزب التحرير، وكانت تناقش في الاجتماعات الاسبوعية في مرحلة التمهيد لتأسيس حزب الدعوة، فضلا عن الاطلاع على كتاب الدعوة والداعية لحسن البنا، وبعض كتب عبد القادر عدة، وكانت هذه الكتب مادة تثقيف في الاجتماعات التي تعقد كل ثلاثاء، ومن بين المطبوعات الاخرى مجلة الحساب التي تصدرها جماعة الاخوان المسلمين في العراق، ومجلة المسلمون التي يصدرها الاخوان (التنظيم الدولي) المصدر نفسه ص52. الي عارف البصري الذي جاء الى النجف ليفتح فرعا لحزب التحرير فأصبح فيما بعد احد قادة حزب الدعوة المصدر نفسه ص66.
31. فرهاد ابراهيم ص 245.
32. م. ن، ص 247
33. م. ن.
34. حزب التحرير (كراس، حزب التحرير تأسس سنة 1372هج ــ 1953 م (لا يوجد على الكراس تاريخ الطبعة او مكان او سنة النشر) ص4.
35. م. ن، ص6
36. م. ن، ص 35
37. م. ن، ص36
38. حزب التحرير ـ ولاية العراق،دستور حزب التحرير ، 1426 هج ـ 2005 م باب نظام الحكم ص 11
39. م. ن، باب النظام الاجتماعي، ص44.
40. م. ن، باب النظام الاقتصادي، ص 59.
41. م. ن، باب السياسة الخارجية، ص68.
42. بيانات الحزب الاسلامي العراقي، بيان رقم (126) في21 / 5 / 2006 م،موقع الحزب http://www.iraqiparty.com.
43. موقع الحزب الاسلامي العراقي على الشبكة العالمية للمعلومات.
44. لقاء طارق الهاشمي مع صحيفة المدينة المنورة السعودية.
45. موقع الحزب الاسلامي العراقي.
46. المادة الرابعة من مباديء الحزب.
47. رائد الحامد ــ الحزب الاسلامي العراقي.. المسيرة والدور، بحث غير منشور.
48. م. ن.
49. الزعاترة، ياسر ، الاخوان المسلمون في العراق والخارج: بين المقاومة ومجلس الحكم .http://www.alarabnews.com/alshaab/GIF/10-10-2003/yaser.htm
50. م. ن.
51. م. ن.
52. م. ن.
53. م. ن.
54. فرهاد ابراهيم مصدر سابق ص246
55. فرهاد ابراهيم ، مصدر سابق ص375..
56. احمد الكاتب، الاحزاب الاسلامية في العراق http://www.iraqcenter.net
57. م. ن.
58. م. ن.
59. م. ن.
60. الشكرجي، ضياء العلمانية والديمقراطية والليبرالية بين الإسلام والإسلامسم 2، الحوار المتمدن - العدد: 1838 - 2007 / 2 / 26



#شمخي_جبر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مذلون مهانون
- الدولة الفاشلة .... ضعف السيادة وتفشي الفساد وقيم الانحطاط ا ...
- 25 تشرين الثاني
- ثورة الحسين ... المأثرة الانسانية والتضليل الديني
- المثقف وثورة الحسين
- بمناسبة اليوم العالمي للطفولة
- رحلة عدوها الادراك وحجابها العقل
- الحريات اولا
- الايمو ...الظاهرة وحقوق الانسان
- بمناسبة الثامن من آذار ...تاريخ نضالي مجيد وواقع متردي
- الاسلام السياسي وقطف ثمار انتفاضات الربيع العربي
- نزيف عراقي مستمر
- مبادرة السلم الاهلي
- الحرية مخاطرة
- بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الانسان 10 كانون الاول
- بمناسبة اليوم العلمي لمناهضة العنف ضد النساء 25 تشرين الثاني
- بمناسبة يوم الطفولة العالمي ... صرخة طفل .... صرخة امة
- العرب بأنتظار الدرس التونسي
- قانون حرية التعبير
- رسالة الى اعلامي كبير ، لكنه صغير..!!!!


المزيد.....




- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شمخي جبر - الاحزاب الاسلامية في العراق من الحاكمية الى الديمقراطية الحزب الاسلامي العراقي (أنموذجا)