أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام جودة - محطات مختصرة ... بين انتفاضة الحجارة .....ومعركة حجارة السجيل















المزيد.....


محطات مختصرة ... بين انتفاضة الحجارة .....ومعركة حجارة السجيل


بسام جودة

الحوار المتمدن-العدد: 3943 - 2012 / 12 / 16 - 11:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


- بعد مرور خمس وعشرون عاما" على انتفاضة الحجارة في التاسع من ديسمبرعام 1987، التي كانت أول فعل جماهيري حقيقي لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية بعد العام 1967، يمكن استرجاع بعض المحطات لرؤية ذلك الحدث وما تبعه الى ما وصلنا اليه في ظل الخالة التي نعيشها باعتبار أن انتفاضة الحجارة كانت نقطة تحول في القدرة الجماعية الموحدة للشعب الفلسطيني الذي يعيش على أرضه لتحدي قوة هذا الاحتلال الاستيطاني ، بما شكلته من مواجهة بصدور عارية للقوة العسكرية الاسرائيلية الغاشمة ، التي اعتقد قادتها أن حالة الهدوء التي سبقت اندلاع الانتفاضة تمثل حالة من القبول والرضى لسكان قطاع غزة والضفة الغربية للتعايش مع الواقع الاحتلالي ، لاسيما وأن ما يزيد على 130 الف عامل من قطاع غزة وحده كانوا يعملون داخل الكيان الصهيوني بالاضافة لعشرات الالآف من سكان الضفة الغربية ، كما أن الأسواق الفلسطينية في الاراضي المحتلة كانت تستهلك مايزيد على 25% من الانتاج السلعي الاستهلاكي للكيان الغاصب في ظل انعدام آفاق التطور الاقتصادي للسكان الفلسطينيين الواقعين تحت براثن الاحتلال ، مما جعل سوق العمل الاسرائيلي هي المكان المتاح أمامهم رغم كل حالات الاذلال والاجحاف الذي كانوا يتعرضون له من حيث الحقوق والأجور مقارنة بالعامل الاسرائيلي ، لقد كان العمال الفلسطينيين بمثابة العبيد لصاحب العمل الاسرائيلي يستغل طاقاتهم وقدراتهم أسوء استغلال هؤلاء العمال الذين ساهموا في تطور عجلة الانتاج والاقتصاد الاسرائيلي ، كما قامت على أكتافهم حركة البناء والتوسع العمراني في المدن والبلدات المحتلة في أراضي 48 ، كذلك مكونات البنية التحتية الاسرائيلية خلال مايزيد على خمس وعشرون عاما من الاستغلال البشع لقوة العمل الفلسطينية.
- لقد ظن صانع القرار في اسرائيل أن هذه التبعية الاقتصادية لسكان الاراضي الفلسطينية المحتلة للأقتصاد وسوق العمل الاسرائيلي هي الكفيل باستمرار الاحتلال وحالة الهدوء في تلك المناطق ،حيث لم يستطع قادة الكيان أن يدركوا أن هناك برميل بارود تحت السطح يغلي في انتظار لحظة الانفجار ، التي جاءت مع حادث دهس أربعة مواطنيين فلسطينيين من سكان مدينة جباليا في قطاع غزة من قبل مستوطن يهودي ، كان هذا الحادث ممكن أن يمر كحادث مروري عادي لولا حالة الاحتقان والرفض للاحتلال وممارساته التي كانت تستعر مختفية تحت سطح ذلك الهدوء الشكلي الذي خيم على صورة الاراضي الفلسطينية المحتلة، فكان الحادث بمثابة القشة التي قسمت ظهر البعير.
- فاجأت الانتفاضة الشعبية الفلسطينية في العام 1987، "انتفاضة الحجارة"، الاسرائيليين وقادتهم العسكريين لحجم انتشارها السريع في الاراضي المحتلة وحجم المشاركة الواسعة لكل القطاعات والشرائح في الاراضي المحتلة ، حتى تلك الشرائح التي اعتقد المحتلون أن مصالحهم الشخصية والمعيشية ترتبط بوجود هذا الاحتلال، فكانت الانتفاضة علامة بارزة في تاريخ العمل الفلسطيني الشعبي المقاوم ، أدت الى رفع مؤشر العمل الفلسطيني المقاوم والذي ظهر تراجعه بعد خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت ، وتراجع الاعمال العسكرية من خارج الاراضي الفلسطينية المحتلة وحالة الضعف الذي لحق بدور منظمة التحرير الفلسطينية ، لقد كانت الانتفاضة في الاراضي الفلسطينية هي الرافعة التي انتشلت الواقع الصعب لمنظمة التحرير الفلسطينية بعد خروجها من لبنان وتشتت قواتها في بلدان عربية مختلفة بعيدة عن الحدود مع فلسطين التاريخية ، لقد أعادت انتفاضة الحجارة للشعب الفلسطيني في الاراضي الفلسطينية المحتلة البوصلة للقيادة الفلسطينية في الخارج، التي تراجعت بفعل ما جرى على الساحة اللبنانية على اثر الخروج من بيروت ، بعد الاجتياح الاسرائيلي على لبنان في العام 1982م.
- على ضوء قيام انتفاضة الحجارة والمشاركة الشعبية الواسعة في مواجهة قوات الاحتلال الاسرائيلي قام الاتجاه الديني في 14/12/1987 ، بالاعلان عن انطلاقة حركة المقاومة الاسلامية (حماس) ، التي اتخذت من فعل الانتفاضة طريقا" للإعلان عن وجودها كفصيل مقاوم إلى جانب بقية الفصائل الفلسطينية وان لم تكن جزء من القيادة الوطنية الموحدة لفصائل العمل الوطني الممثلة في منظمة التحرير الفلسطينية، حيث لم يكن قبل هذا التاريخ دور يذكر للاتجاه الإسلامي في العمل المقاوم ضد الاحتلال ، وان كانت مؤسساته الدعوية والدينية موجودة ممثلة في الجمعية الإسلامية ، المجمع الإسلامي كجزء من حركة الأخوان المسلمين.
- مع استعار الانتفاضة الفلسطينية في كل مدن وقرى الضفة الغربية وقطاع غزة ، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال الالآف من الشباب الفلسطينيين من النشطاء في مقاومة الاحتلال والمشاركين في أعمال الانتفاضة الشعبية ،كذلك القيادات السياسية الميدانية للتنظيمات الفلسطينية والنشطاء السياسيين ، حيث تم احتجازهم في مخيمات في صحراء النقب (معتقل كتسيعوت) أنصار 3 ، ومعتقل كيلي شيفع بالنقب ،وبالرغم من كل محاولات الاحتلال كسر ارادة الانتفاضة عبر استخدام كل أشكال العنف ضد المنتفضين والاعتقالات التي طالت الالآف من الشباب والفتيان ، إلا أن جذوة الانتفاضة لم تخبو واستمر الصغار والكبار، النساء والرجال ، في انتفاضة شعبية كان سلاحها الحجارة دون كلل أو ملل ، تحت شعارات إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ، التي قام الزعيم عرفات في أوج تلك الأنتفاضة في 15/11/1988 م بإعلان قيامها على الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1967م ، وهذا ما أعطى العمل المقاوم للانتفاضة بعدا" سياسيا" جديدا" ، لقد وجدت إسرائيل نفسها أمام شعب انتفض من أجل الخلاص من واقع الاحتلال وبناء دولته المستقلة ولن بثنيه عن ذلك كل أشكال القمع والإرهاب والاعتقال والحصار ، مما اضطرها إلى القبول بحضور المؤتمر الدولي الذي عقد في مدريد العام 1992م، لإيجاد حل لوضع الأراضي الفلسطينية المحتلة في يونيه العام 1967م ، حيث شارك وفد فلسطيني يمثل سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة وغزة برئاسة المناضل المرحوم د.حيدر عبد الشافي ضمن الوفد الأردني ، حيث استمرت اللقاءات عدة شهور ولم تفلح كل الضغوطات على الوفد الفلسطيني من تمسكه بضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة وحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ورغم التشاور الذي كان يقوم به الوفد الفلسطيني مع قيادة م.ت.ف. ، الا أن الجميع فوجئ بقناة حوار سرية بين إسرائيل ومنظمة التحرير، يقودها الرئيس الحالي للسلطة الفلسطينية ، محمود عباس، كان نتاجها اتفاقيات أوسلو وملحقاتها ، والتي أسفرت عن عودة قيادات م.ت.ف.، الى الاراضي الفلسطينية ، هذه الاتفاقية التي كانت تنص على قيام دولة فلسطينية في اطار المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي مع نهاية العام الخامس لتوقيع الاتفاقية ، وهذا الذي لم يحدث حتى اليوم ، واستغلت اسرائيل تلك الاتفاقية لاذلال الشعب الفلسطيني ولمزيد من الاستيطان والتوسع على حساب الأرض الفلسطينية.
- لقد كانت مباحثات واي ريفر المكثفة ، التي جرت بمشاركة أمريكية من قبل الرئيس الأمريكي كلينتون ، والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات ورئيس الوزراء الاسرائيلي يهود براك ، بمثابة محاولة للتوصل لاتفاق لحل يقوم على أساس الدولتين ، ولكن الانحياز الامريكي لا سرائيل وتجاهل حق العودة على أساس القرار 194 ، والانسحاب الاسرائيلي الكامل من القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة عام 67 ، بمثابة الفشل الكبير لكل محاولات تنفيذ اتفاقية المبادىء التي تم توقيعها في أوسلو وشكل حالة من الغليان في الاراضي الفلسطينية المحتلة ، تركت أثارها السلبية على الوضع الفلسطيني ، فكانت زيارة شارون لباحة الحرم القدسي الشريف نقطة الانفجار التي فجرت الغصب الفسطيني لتكون الانتفاضة الثانية في العام 2000 ، والتي أخذت شكلا" أكثر عنفا" باستخدام كل اشكال ووسائل الكفاح ضد المحتلين باعتبار أن طريق المفاوضات لم تحقق أي" من أهداف الشعب الفلسطيني نحو قيام دولته ، فعادت الانتفاضة لتشمل كل الاراضي الفلسطينية المحتلة في العام 67 ، التي كانت قد عادت لها القيادة الفلسطينية في الخارج وتشكلت لها قوات أمنية ، شارك العديد منهم في أعمال تلك الانتفاضة ، حيث قامت اسرائيل بتدمير مقرات تلك الأجهزة وضرب بنيتها التحتية ، كما قامت بمحاصرة الرئيس الفلسطيني بعد فترة وجيزة من مقتل رحبائيم زئيفي وزير السياحة الاسرائيلي ، ومنعته من الخروج من رام الله ونشرت دباباتها على بعد 200 متر ، مطالبة بتوقيف وتسليم قاتليه ، وقد رفض ذلك ومنع عرفات من الخروج الى بيروت لحضور القمة العربية ، وبعد اعتقال المتهمين الستة ومحاكمتهم ونقلهم الى سجن أريحا تحت اشراف فرنسي وبريطاني ، تم رفع هذا الحصار عن عرفات على ضوء انتهاء المرحلة الأولى من عملية السور الواقي التي قامت بها اسرائيل في الضفة الغربية ، وكان عملية الحصار الثانية لعرفات في المقاطعة 19 سبتمبر 2002 ، حيث تم تدمير مقر اقامته بالمقاطعة وتهديد حياته ، هذا الحصار الذي جاء بعد عملية انتحارية في تل أبيب والذي استمر لعشرة أيام ، ولقد كان لصمود المحاصرين والتدخل الدولي الذي ترجم بالقرار 143 الصادر عن مجلس الأمن الفضل في انهاء هذا الحصار الذي كانت اسرائيل تهدف منه رحيل الرئيس عرفات، لكن اسرائيل لا حقت الزعيم الفلسطيني عرفات حتى اغتالته بالسم في العام 2004م، ولازال هذا الأغتيال يثير جدلا" حول كيفية حصولة كما زالت التحقيقات جارية لمعرفة ماجرى بعد فتح قبر الرئيس وأخذ عينات من الجثمان بعد ثماني سنوات على اغتياله.
- شكلت وفاة الرئيس الفلسطيني في 11/11/2004م علامة فارقة في تاريخ العمل الفلسطيني، ترك أثاره على مجمل الوضع اللاحق الفلسطيني، بما مثله عرفات من قائد للعمل المقاوم ورئيسا" للسلطة الفلسطينية طوال فترة قاربت الأربعين عاما"، هذه الغيبة لقائد بحجم عرفات أثرث تأثيرأ مباشرا" على وضع حركة فتح وعلى دورها ووحدتها ، مما تم ترجمته في الواقع الفلسطيني الذي أعقب وفاته وحالة الفراغ التي تركها ، مع انعدام وجود مؤسسات فاعلة وقوية قادرة على تجاوز عثرات النظام السياسي الفلسطيني الذي لا زال يعاني من هذا الوضع حتى الآن والذي تم ترجمته في واقع الانقسام على الساحة الفلسطينية.
- كان الانسحاب الاسرائيلي من جانب واحد من قطاع غزة في العام 2005م وازالة المستوطنات الاسرائيلية ، كأحد ثمار المقاومة الفلسطينية للاحتلال عبر هذه الانتفاضة، لقد شكل ذلك حافزا" لاعتبارات العمل المقاوم ، بأن التحرير لن يتم الا بلغة القوة والمقاومة ، في خضم ذلك وبعده بأقل من سنتين ونتيجة الانتخابات وصراع على السلطة ، استطاعت حركة المقاومة الاسلامية حماس ، التي اعتبرت فوزها بالانتخابات تفويض لها لقيادة الشعب الفلسطيني ضمن منهجية جديدة تتعارض ورؤية قيادة السلطة الفلسطينية المتمسكة بالعملية التفاوضية ، فكان استيلاء الحركة على قطاع غزة بالقوة ، وشكلت قواتها المتمثلة بكتائب عز الدين القسام الاداة لتحقيق ذلك وتثبيته على الأرض ، وإقصاء حركة فتح عن نفوذها في قطاع غزة وانهاء سيطرتها على مفاصل السلطة في قطاع غزة ، مما تسبب في ضربة موجعة لعناصر حركة فتح وقياداتها وأجهزتها الأمنية لا زالت تعاني منه حتى الآن في ظل استمرار حالة الانقسام بين شطري الوطن.
- ان خطوة استيلاء حماس على السلطة في قطاع غزة نقطة تحول في تاريخ العمل الفلسطيني ، هذه الخطوة التي سماها البعض انقلابا" ، وسمتها حماس حسما" عسكريا"، فهذه الحركة لم تكن ومازالت خارج إطار م.ت.ف. ، وان دخلت الانتخابات على أساس اتفاقيات أوسلو التي لم توافق عليها، فهي سياسيا" وعقائديا" خارج إطار منهجية هذه المنظمة ولا تؤمن بنهج التفاوض مع إسرائيل ، وترفض أصلا" إمكانية الاعتراف بها، وتعلن أن نهج المقاومة المسلحة هو طريقها لتحرير فلسطين كل فلسطين من النهر الى البحر ، معتبرة أن التفاوض مع إسرائيل سياسة عبثية لا طائل من ورائها ، حيث تعزز هذا النهج مع قدرتها على الصمود بعد العدوان الاسرائيلي والحرب التي شنها على قطاع غزة في نهاية العام 2008-2009 ، ومن قبل بصمودها في وجه الحصار الذي فرض على قطاع غزة بعد استيلائها على السلطة وعملية خطف الجندي الإسرائيلي شاليط في عملية لمجموعة تسمى جيش الإسلام ن حيث استطاعت حماس بعد مايزيد على ثلاث سنوات من مبادلته مع أسرى فلسطينيين في صفقة بواسطة مصرية سميت (وفاء الأحرار) خرج فيها العديد من كوادرها والقليل من معتقلي الفصائل الأخرى.
- واذ استمر الخلاف على الساحة الفلسطينية ، ووجود حكومتين ، واحدة في رام اهره والأخرى في غزة، مما عمق معه الانقسام الحادث بين قطاع غزة تحت حكم حماس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ، مرسخا" انقساما" جغرافيا" وسياسيا" ، ترك أثاره السيئة على الواقع الفلسطيني ،ولم تنجح عبر السنوات الخمس الماضية كل الوساطات والاتفاقيات المبرمة بين الجهتين (فتح وحماس) وبشهادة الفصائل الأخرى والحكومات العربية التي عملت كوسيط بين الجانبين وفي مقدمتها مصر وقطر في إنهاء حالة الانقسام هذه وتهربت كل منهما من التزاماتها بسبب مصالحهما ومواقفهما السياسية المختلفة ، كل ذلك على حساب الشعب الفلسطيني وقضيته الأساسية في الخلاص من الاحتلال وانجاز التحرر والاستقلال الوطني .
- تحت واقع من الانقسام والظروف السيئة التي يعيشها الشعب الفلسطيني قامت اسرائيل وللمرة الثانية في غضون أقل من أربع سنوات بشن عدوانها الثاني على قطاع غزة وذلك باغتيال القائد العسكري البارز لكتائب الشهيد عز الدين القسام (أحمد الجعبري)، الذي على أثره ردت فصائل المقاومة برشقات من صواريخها على المدن والبلدات الحدودية وتطور ذلك الى ضرب المدن داخل فلسطين المحتلة في بئر السبع والمجدل وتل الربيع(تل أبيب) والقدس ، في معركة أسمتها حماس (معركة حجارة السجيل) في مواجهة ما أسمته اسرائيل (عمود السحاب) ، حيث كان الرد من قبل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ردا" نوعيا" مفاجأ" ومزلزلا" أصاب الكيان بحالة من الارتباك أمام قدرة المقاومة في نقل ضرباتها الصاروخية الى هذا العمق ، مما تسبب في وضع ملايين الاسرائيلين في هذا العمق تحت هذا القصف الذي شل الجزء الأكبر من مكونات الاحتلال الاقتصادية والسكانية وأصبح مطلب وقف النار والتهدئة مطلبا" اسرائيليا" سعت اليه حكومة الكيان بالتعاون مع موقف أمريكي ووساطة مصرية بعد أن تراجعت عن توجهها لشن هجوم بري على قطاع غزة حشدت له عشرات الالاف من جنود الاحتياط.
- لقد جرى بواسطة وضمانات مصرية توقيع اتفاق جديد للتهدئة ، هذا الاتفاق لازالت بنوده الأساسية والتزاماته المصرية والفلسطينية الحمساوية غامضة وان كان ظاهرة يوحي أنه حصل بشروط المقاومة على التهدئة ، فعبارات وقف اطلاق النار المتبادل بين الجانبين تحتوي على الكثير من التأويل والتساؤلات على ما يحمله ذلك من التزامات لا تتماشى وواقع استمرار اسرائيل في احتلال الاراضي الفلسطينية كما استمرار حصارها لقطاع غزة وتهديدات قادتها بعدوان جديد لن يطول أمده اذا استمر دخول السلاح الى غزة.
- في خضم هذا الواقع الجديد بعد العدوان على غزة كان موعد التوجه الفلسطيني الى الأمم المتحدة بتاريخ 29/11/2012 ، يوم التضامن مع الشعب الفسطيني، للحصول على دولة مراقب في الأمم المتحدة من خلال طلب تقدمت به السلطة الفسطينية بالرغم من كل التهديدات من قبل اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية ، حيث استطاعت أن تحصل على تأييد 138 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة وليتوج سعيها بالنجاح .
وهنا يمكن أن نخلص الى مايلي:
** لقد تحقق بعد سنوات طويلة من الاحتلال والعدوان المستمر على الشعب الفسطيني تحولا" لافتا" في قدرة هذا الشعب على تغيير موازين المعادلة القائمة بينه وبين الاحتلال عبر نهج المقاومة المسلحة المرتكز الى عمل دؤوب من أجل تطوير القدرات وامكانية الرد وايقاع حالة من الخوف والرعب للمغتصبين الصهاينة ، فكانت معركة حجارة السجيل انتصارا" للاراداة الفلسطينية المتمثلة بنهج المقاومة ومواجهة العدوان.
** أثبتت معركة حجارة السجيل أن الشعب الفلسطيني يمتلك رغم كل الظروف الدولية والعربية والإقليمية قدرة على إعادة صياغة وسائل مواجهة عدوانية الكيان ولجمه على طريق بناء قوة التحرير للاراضي الفسطينية عبر استخدام المقاومة المسلحة كوسيلة شرعية تمتلكها الشعوب المحتلة ، مما يلزم المحيط العربي والاسلامي بضرورة الاسناد للمقاومة الفلسطينية بالسلاح والمال لتحقيق انتصارها الأكبر في مواجهة الكيان الغاصب لفلسطين والمهدد لشعوب المنطقة ومصالحها.
** أن أي نجاح أو انتصار يتم تحقيقه من خلال أي فصيل فلسطيني ، لايمكن اعتباره نصرا" فصائليا" يمكن تسويقه لصالح هذا التنظيم أو ذاك وتحقيق تطلعاته الذاتية على حساب المصالح الوطنية العليا للشعب الفلسطيني ومن يحاول تكريس مثل هذه المفاهيم والمنهجية يبتعد كثيرا" عن الهدف الفلسطيني الذي قامت كل مسيرة شعبنا النضالية والجهادية من أجل تحقيقة وهو تحرير فلسطين.
** إن ما تحقق في الأمم المتحدة من قبول فلسطين عضو مراقب في الأمم المتحدة هي خطوة سياسية مهمة في هذه المرحلة لتكريس اعتراف دولي وإقليمي أكبر للشعب الفلسطيني باعتباره صاحب الأرض والوجود عليها على طريق التحرير الشامل.
** أن نهج المفاوضات القائم على وحدانية الممارسة في التعامل مع إسرائيل لم يعد أمرا" مقبولا" أو مجديا" ويجب العمل على تغييره والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني باستخدام كل الوسائل المشروعة التي يتيحها القانون الدولي والأعراف الدولية لتحرير الأرض والإنسان.
** أن الوحدة الفلسطينية التي تجلت على الأرض في معركة حجارة السجيل هي الوضع الطبيعي للشعب الفلسطيني الذي يسمح بتحقيق الانتصار في كل معاركه السياسية والعسكرية لتحقيق الدولة والاستقلال وعلى الجميع أن يدرك مغزى ذلك وأن يتصرف على أساسه.
** أن إعادة صياغة الإستراتيجية الفلسطينية ، والتمثيل القيادي لهيئات ومنظمات الشعب الفسطيني وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، تحتاج الى تجديد وهيكلة تنسجم مع كل المستجدات وتكرس الوحدة الفلسطينية والشراكة بين كل قواه الفاعلة ، مما يتطلب التحضير الفوري لاجراء الانتخابات الفلسطينية في الداخل والخارج لاختيار قياداته وممثليه.
- من هنا فإننا بعد انتصار المقاومة في معركة حجارة السجيل وتحقيق الانجاز السياسي للاعتراف بفلسطين دولة مراقب في الأمم المتحدة ، نفتح صفحة جديدة من تاريخ شعبنا على الجميع أن يشارك في كتابتها، متفقين أنها تؤسس لمرحلة صعبة ومليئة بالتضحيات ، لكنها مشرقة وواعدة على طريق انجاز التحرر الوطني وحق تقرير المصير الذي طال انتظاره .... فهل هناك أمامنا غير هذا الخيار...؟؟؟؟



#بسام_جودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعب الفلسطيني أمام منعطف تاريخي
- بين كلام السفية الجاهل ومعرفة العالم


المزيد.....




- استهداف أصفهان تحديدا -رسالة محسوبة- إلى إيران.. توضيح من جن ...
- هي الأضخم في العالم... بدء الاقتراع في الانتخابات العامة في ...
- بولندا تطلق مقاتلاتها بسبب -نشاط الطيران الروسي بعيد المدى- ...
- بريطانيا.. إدانة مسلح أطلق النار في شارع مزدحم (فيديو)
- على خلفية التصعيد في المنطقة.. اتصال هاتفي بين وزيري خارجية ...
- -رأسنا مرفوع-.. نائبة في الكنيست تلمح إلى هجوم إسرائيل على إ ...
- هواوي تكشف عن أفضل هواتفها الذكية (فيديو)
- مواد دقيقة في البيئة المحيطة يمكن أن تتسلل إلى أدمغتنا وأعضا ...
- خبراء: الذكاء الاصطناعي يسرع عمليات البحث عن الهجمات السيبرا ...
- علماء الوراثة الروس يثبتون العلاقة الجينية بين شعوب القوقاز ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بسام جودة - محطات مختصرة ... بين انتفاضة الحجارة .....ومعركة حجارة السجيل