أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - محاولة طبقية لفهم احتمالات تطور الثورة السورية















المزيد.....

محاولة طبقية لفهم احتمالات تطور الثورة السورية


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3942 - 2012 / 12 / 15 - 02:31
المحور: الثورات والانتفاضات الجماهيرية
    


بعد أن تمكن النظام السوري من احتواء أو سحق المعارضة النخبوية و معها آخر محاولات الشارع السوري لتنظيم حراك مجتمعي حر في ثمانينات القرن الماضي , لم يبق من السياسة في سوريا إلا الصورة الرسمية التي كانت ترعاها أجهزة الأمن بكل مشاهدها من "انتخابات" و "الجبهة الوطنية" و أحزابها و "نقابات" الخ .. بعد نجاح النظام في إقامة الدولة البوليسية تسارعت عملية برجزته و أخذ يفقد قاعدته الاجتماعية التقليدية في الريف لصالح قاعدة اجتماعية أضيق تمثلت في البرجوازية الوسطى المدينية .. عوض الأسد الأب ذلك بمهارته في اللعب على الانتماءات المناطقية و الطائفية و توزيع الامتيازات بين الطوائف و المناطق لربط جزء من قياداتها بنظامه .. لكن مع تزايد ثراء الطبقة الحاكمة و تزايد فقر الطبقات الكادحة كانت التناقضات الطبقية تتفاقم حتى وصلت مستويات غير مسبوقة مع السياسات النيوليبرالية لحكومات الرئيس الابن و تصاعد نهب العائلة الحاكمة للبلاد .. جاءت القوى الاجتماعية التي صنعت الثورة و شاركت فيها من مواقع طبقية متعددة , جاء أكبرها و أكثرها كفاحية من الريف و من مهمشي المدن , أو ريف المدن تحديدا , كان هناك أيضا ناشطون أقل عددا من الطبقة الوسطى و حتى من نخبة الطبقة العليا .. في نفس الوقت مثلت الثورة تجاوزا لكل الأشكال السياسية السابقة على قيامها , فجأة دخل جيل جديد من الشباب معترك السياسة من أوسع أبوابها من باب صنع و المشاركة في ثورة شعبية ضد الاستبداد و الاستغلال , جيل لم يعرف الأحزاب المؤدلجة و لا التنظيمات المغلقة للحركات السياسية القومية و اليسارية و الإسلامية و لا التنظيمات الليبرالية لفترتي الانتداب و بعده و التي تمحورت حول قيادات و شخصيات تقليدية نافذة .. هكذا و مع المواجهات الأولى أنتج هذا الجيل الشاب الثائر أشكالا تنظيمية جديدة غير مألوفة لا للسياسيين و لا للمثقفين السوريين , و لا المعارضة الليبرالية و لا الإسلامية , و لا للنظام السوري أيضا : التنسيقيات , ثم المجالس المحلية و أخيرا كتائب ( ميليشيات ) الجيش الحر .. مثلت هذه الأشكال ظاهرة جديدة تماما , و كانت أهم أهداف قمع النظام الدموي في محاولته سحق الثورة , لذلك ربما لم تتمكن هذه الأشكال الجديدة من مراكمة أو تطوير تجربتها , إلا في شقها العسكري المتمثل بكتائب المعارضة المسلحة .. كان موقف الخارج , لا سيما دول الخليج و أوروبا و أمريكا , مراقبا في الأشهر الأولى للثورة , احتفظت جميعها بعلاقات ما مع النظام أو حاولت الضغط عليه باتجاه تطبيق "إصلاحات" ما , لكن تصاعد الثورة الذي عبر عن تصميم الشعب السوري على مواصلة ثورته , إلى جانب حسابات سياسية إقليمية و دولية أخرى فعلت فعلها في تغيير هذا الموقف .. تعرف دول الخليج أنه ما أن تتمكن إيران من تطوير سلاحها النووي حتى يصبح من الصعب حتى على أمريكا حمايتها من تنمر الجار السمج الذي يزداد قوة و وقاحة , و لا شك أن خوفها من سلاحه النووي لا يقل عن خوف إسرائيل منه .. طبعا كانت الثورة السورية ضد الحليف الأبرز أو الوحيد لنظام ملالي طهران في المنطقة فرصة لا تفوت لإضعاف إيران على المستوى الإقليمي و حتى داخليا تحت وطأة التكلفة الباهظة لدعمها لنظام الأسد .. في تلك الفترة كانت القوى الإسلامية , إخوانية و سلفية و جهادية , قد بدأت تدخل هي أيضا إلى الساحة .. لا يعرف المقاتل الشاب في كتائب المعارضة المسلحة بما في ذلك الجهادية منها و لا الناشط الشاب غير المؤدلج أو ابن المناطق الثائرة , حقيقة معنى الدولة الدينية التي أصبح ينادي بها عدد كبير من هؤلاء , إنه يعرف أن النظام الذي قمعه و نهبه طوال عقود , الذي يجوعه و يرميه بالقنابل و براميل الت إن ت , هو عدوه الوحيد , و هو يستنتج من عداء هذا النظام للإسلاميين أنهم القوة التي تحمل مشروع خلاصه و أن تلك الدولة "الدينية" تعني كل ما هو نقيض النظام , القمعي و الفاسد .. صحيح أن الإسلاميين استخدموا أيضا الإمداد بالمال و السلاح لتقوية نفوذهم , لكن تأثير هذا لم يكن هو الحاسم على الأغلب في مكاسبها المهمة في الشارع , بل يمكن الزعم بأن محاولاتهم شراء الذمم و الولاءات و رشوة الثوار و الناشطين كانت جزئيا ذات مفعول عكسي ضد ما ينسبونه لأنفسهم من ممارسات أخلاقية و عقائدية تقع خارج الفساد المألوف في السياسة .. لقد وجد الإسلاميون أنفسهم في مقدمة حالة ثورية لم يفهموها و لم يكونوا مسؤولين عنها , بل إن كثيرا منهم , إن لم نقل أغلبهم , هم ضد قيامها من حيث المبدأ لالتزامهم بمبدأ تحريم الخروج على الحاكم الجائر أحد التعاليم الأساسية للإسلام السني المتأخر الذي كان قد أصبح الإيديولوجيا الرسمية للسلطة في الدولة العربية الإسلامية القروسطية .. مصدر الخطر في سرقة الثورة السورية من أصحابها ليست في الحقيقة في الفهم الشعبي المبهم لشعار الدولة الدينية و لا في التبني الشعبي الجزئي رغم أن هذين العاملين قد يسهلان سرقة الثورة السورية من الإسلاميين فعلا , المشكلة هي في رغبة القيادات الدينية في تحويل كل ذلك إلى أمر واقع , إلى هيمنتها على المجتمع , إلى سلطة واقعية , ستكون سلطة شمولية توليتارية غالبا .. حتى مع ذلك تبقى هذه الرغبة لوحدها قليلة الخطر , الذي يمنح هذه الرغبة أرجل و يدين , هي عملية البقرطة و البرجزة المتسارعة , باستخدام المال الخليجي , لقيادات الحراك الشعبي , خاصة العسكرية منها , و جزئيا , قيادات الحراك السلمي أيضا .. لقد ضعف الحراك الشعبي و أصبح مضطرا تحت ضغط حصار و قمع النظام و سياسات الأرض المحروقة التي ينتهجها ليبحث عن موارد لاستمرار الحياة و مواصلة الصمود و المقاومة , لكن هذا جاء لصالح قيادات هذا الحراك التي أصبحت هي من يتخذ القرارات المصيرية المتعلقة بالثورة دون مشاركة مؤثرة من الشارع و لا من قوى الحراك نفسها , هذا لأنها أصبحت تمتلك موارد مالية كبيرة في مقابل تزايد مريع في حاجة الشارع الثائر للمساعدات لكي يواجه النتائج الكارثية لعنف النظام .. سيكون التنافس غالبا في المرحلة اللاحقة على دمج هذه القيادات الآخذة بالانفصال السريع عن الجماهير إما في منظومة القيادات الإسلامية التي تحاول منذ فترة دمجها في تشكيلات و تنظيمات عسكرية تحت سيطرتها لكن دون أن تحقق نجاحا كاملا في هذا حتى الآن , أو في منظومة المعارضة السياسية التي تعول عليها كثيرا أمريكا و أوروبا , و ربما أيضا دول الخليج التي ذاقت الأمرين بعد كل موجة جهادية , سواء الجهاد الأفغاني أو العراقي , رغم أن هذه المعارضة أكثر عزلة و هامشية في التأثير على ما يجري على الأرض .. مع كل هذا , على الأغلب أن تظهر و تتشكل تيارات و حركات شبابية , سواء من الطبقة الأفقر أو الوسطى , مستقلة عن هذه المراكز ستبقى في الأغلب كممثلة أكثر التصاقا بالطبقات الأفقر وفية لشعارات الثورة الشعبية في الحرية و العدالة و الكرامة الإنسانية لتلك الطبقات بالتحدي , و قد تتمكن , بعد السقوط الوشيك أو شبه الحتمي للنظام , من تشكيل قوة ضغط حقيقية في اتجاه تحقيق شعارات الثورة السورية تلك أو معارضة شعبية مؤثرة للسلطة القادمة في سوريا .. عندها سيتوقف كل شيء على المزاج الشعبي بما في ذلك موقفه من التحقق الفعلي لشعار الدولة الدينية أو تزايد الطابع الديني للدولة , بشكل لن ينسجم لا مع تصوراته المسبقة عنها و لا مع مصالحه أو شعارات ثورته , أو أن ينحى مرة أخرى نحو اللا مبالاة و يبحث مرة أخرى عن حلول فردية لمشاكله الجماعية



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية سورية أو حكاية كل زمان و مكان
- دلالات المواجهة العنيفة أمام قصر لاتحادية
- حوار ودي مع الرفيق علي الأسدي , أو لماذا تحيا الكومونة
- مصر : نحو اللجان و المجالس الشعبية , نحو بناء البديل التحرري ...
- ما بعد صواريخ غزة ؟
- عن ائتلاف المعارضة السورية الجديد
- تأملات بعد العودة من سوريا المحررة
- الإخوان , البلاشفة و الربيع العربي
- يسقط الطغيان , تسقط الطائفية , يحيا الإنسان , تحيا الحرية
- السلبي و الإيجابي في الحديث عن الطائفية
- لماذا العودة إلى سوريا في 10 آب ؟
- مجزرة الحول و القبير : انفلات جنون الديكتاتور
- معلومات عن منظمة العمال الصناعيين في العالم
- عن جنون الحرب الطائفية عند السادة
- الحب و الجنس كدافع للمقاومة و التمرد
- من نقد الفوضوية إلى تبرير الليبرالية : سجال مع وسام سعادة
- عندما يتصرف الجنود كبشر و ليس كآلات للقتل
- تكتيكات اليسار و الثورات العربية
- تعليق على مقال خالد عودة على الإخوان أون لاين : إنهم يكذبون ...
- إلى الرفاق الاشتراكيين الثوريين في مصر : ملاحظة سريعة على مش ...


المزيد.....




- الفصائل الفلسطينية بغزة تحذر من انفجار المنطقة إذا ما اجتاح ...
- تحت حراسة مشددة.. بن غفير يغادر الكنيس الكبير فى القدس وسط ه ...
- الذكرى الخمسون لثورة القرنفل في البرتغال
- حلم الديمقراطية وحلم الاشتراكية!
- استطلاع: صعود اليمين المتطرف والشعبوية يهددان مستقبل أوروبا ...
- الديمقراطية تختتم أعمال مؤتمرها الوطني العام الثامن وتعلن رؤ ...
- بيان هام صادر عن الفصائل الفلسطينية
- صواريخ إيران تكشف مسرحيات الأنظمة العربية
- انتصار جزئي لعمال الطرق والكباري
- باي باي كهربا.. ساعات الفقدان في الجمهورية الجديدة والمقامة ...


المزيد.....

- ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي / الحزب الشيوعي السوداني
- كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها / تاج السر عثمان
- غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا ... / علي أسعد وطفة
- يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي / محمد دوير
- احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها / فارس كمال نظمي و مازن حاتم
- أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة- / دلير زنكنة
- ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت ... / سعيد العليمى
- عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة / حزب الكادحين
- الأنماط الخمسة من الثوريين - دراسة سيكولوجية ا. شتينبرج / سعيد العليمى
- جريدة طريق الثورة، العدد 46، أفريل-ماي 2018 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الثورات والانتفاضات الجماهيرية - مازن كم الماز - محاولة طبقية لفهم احتمالات تطور الثورة السورية