أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - حرب النكايات والضرّائر السياسية















المزيد.....

حرب النكايات والضرّائر السياسية


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 1139 - 2005 / 3 / 16 - 09:43
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


أفراح, وأعراس, وأهازيج, وزغاريد, وألوان زاهية, وأعلام مرفوعة ترفرف في السماء, ودبك, ورقص, و"زلاغيط" وطنية, و"ولولات"وتشفيات وترحمات, وشعارات لاهبة,وتبديد لملايين ساعات العمل المهدورة والزمن الذي ليس له قيمة ابدا في هذه الأصقاع ,ونقل حي ومباشر وأبواق تهلل وتمجد وتؤيد, وإذاعات تصدح بأغاني الأوطان المنكوبة بحملة الشعارات وتجار السياسة المفلسين. ومع ذلك كله ,لم تبد مظاهرات المعارضة والولاء عادية في أغلب الأحوال,وكل واحد واحد يحاول أن يحتكر الأوطان ويختزلها بحزب ومنشور وشعار. وكان يقف دائما وراءها أصحاب الطموحات والأحلام ومقاولو الحكومات . فيما بدت مسيرات الولاء والمبايعات,وتقاليدالمزايدات مكررة ونمطية وبنفس السيناريوهات ولا تحتاج إلى شرح وإيضاح. ومع الاحترام الشديد لمشاعر الكثيرين من البسطاء والمساكين الصادقين أحيانا في التعبير عن مشاعر وطنية وشخصية وعامة, والذين قد يذهبون مساء إلى بيوتهم وقد تورمت حناجرهم من شدة الصراخ ,ويبيتون ليلتهم تلك من شدة الفقر والإملاق وفجور السياسات من دون عشاء وخاليي الوفاض, ولكن في النهاية, ليس كل مايلمع ذهبا,ولا يحكم العاقل أبدا على ظواهر الأشياء.ووراء الأكمة ماوراءها من أثمان وأرباح ومقامرات.

فطالما أننا لا نجيد لغة الحوار الهادئ فلنخرج مظاهرات,وطالما أننا لا نجيد إلا الصراخ والمهاترات فلنمشي بالمسيرات الشعبية في طقوس الولاء والبراء من سياسات الولاة والتي لم تكن ذات جدوى في يوم من الأيام,وطالما أننا أفلسنا من كل شيء ,ولم يتبق لدينا عمل نقوم به فلنجيّش الآلاف للشتائم والسباب,وطالما أننا لا نجيد الجلوس والاجتماع مع بعض تحت قبة البرلمان ,أو في أي مكان فلننزل إلى الشوارع ونتبادل التخوين والتهويل والاتهامات,وطالما أن الصدور تعتمر بكل ألوان الحقد والكراهية السوداء,فلتنفجر صراخا ونعيقا على الطرقات,وطالما أننا دُحرنا وهُزمنا أمام الأعداء فلنتشاطر على بعضنا ونتسلى بقليل من الهتافات, وطالما أنه لا عمل نقوم به, وانتشرت البطالة والعطالة في كل المجتمعات ,فلنشتغل ببعضنا البعض وليزدهر بيزنس المظاهرات,والمسيرات الذي أصبح له مقاولوين ,وموظفون ووكلاء.وصارت هناك أحزاب ,وشركات تجميل للوجوه الكالحة والعابسة وشد الجلود السياسيةالمترهلة, وإعادة الشباب السياسي, وتيارات تتعهد إقامة المظاهرات بكل الألوان والأشكال والأحجام والمقاسات المئوية والألفية والمليونية, ومهرجانات الولاء وكتابة المبايعات بنجيع الدماء ,والممثلون الأبطال منهم والكومبارس جاهزون لإطلاق التصريحات البركانية والنيرانية في حب وتقديس الزعماء , إلى إطلاق الأغاني الحماسية الجديدة والفيديو كليبات الوطنية ,إلى شتم الأوطان الغائبة كليا في هكذا مناسبات.

وأصبح المواطن المسكين الذي أنهكته الدونكيشوتيات يجلس يوميا أمام التلفاز لمشاهدة مسلسل المظاهرات ومتابعة آخر الحلقات, المتنقلة بين المدن التي لايذكرها أحد إلا في مناسبات التحشيد ولم الشمل الوطني والمسيرات, والتي تظهر أول ماتظهر عمق الشرخ والانقسام الذي وصلت إليه هذه البلاد ,وحجم الحقد والكراهية والنار الكامنة تحت الرماد ,وأولا وأخيرا زيف الإعلام الرسمي,وكهنته من الكتاب والرواة, وعلى مدى سنوات طويلة بالحديث المستمر عن الوئام والوفاق والوحدة الوطنية ومحاولاته الحثيثة لطمروإخفاء المتناقضات,وعدم المكاشفة والمصارحة ,واستمرار مسلسل التضليل والمواربة, كما ظهرت سرعة الانشطار السياسي, وتغيير الولاءات لدى الساسة المرائين الذين لاهم لهم في النهاية إلا الأمجاد الشخصية, وتكديس وجمع الأرصدة السياسية في "بنوك القرارات" المتنقلة هنا وهناك, تحفزا للوثوب إلى الوزارات.كما ضاعت جهود السياسيين وعلى مدى عقود من الرحلات والزيارات المكوكيات,والاحتفاليات والمجاملات والاجتماعات والتصريحات عن حدوث اختراقات ,ونجاحات وتحقيق للمعجزات ,ظهرت في النهاية كلها قبض ريح وكلام فارغ, وثرثرة ومناطحة في الهواء.وكنا نحن دائما الخاسرين الأكبر والممستهبلين الأكثر والمدحورين كالعادة بمرارة, والمضحوك على ذقوننا في سيرك الكذب, وسوق النفاق ,ومهرجان المزايدات هذا. ويحمد المرءُ الله كثيرا أن انفجرت تلك المتناقضات بهذا الشكل ,وأن تبقى في هذه الدائرة ولا تخرج أبدا – برغم عبثيتها ولا جدواها- عن هذا الإطار.والسؤال المهم الآن ما هو العمل حين تخلو "كل الساحات" من كل المتظاهرين والأعلام والشعارات,وفي كل المدن ,وهذا هو جوهر المشكلة , ولب الكلام؟

وظهر فسق وعهر السياسات وتلونها وارتداءها لكل الأثواب,وحين تتغير موازين القوى لا بد ستتغير الولاءات والاتجاهات ,وهذا من بديهيات السياسة الذي لن يتعلمه البلهاء يوما,وانتظروا ,وراقبوا جيدا كيف ستتغير أثواب كثيرة قريبا,حين تخلو ,أوتتثاقل بعض كفات الميزان, وحين تتبدل المواسم السياسية وتأتي فصول أخرى تتطلب ملابس صيفية ,أو شتوية.وحين يتطلب الأمر أن تخلع كل الأسمال الباليات وتظهر العورات ,ويبقى الورعاء الطهراء عراة في العراء, لن يترددوا في ذلك كرمى لعيون المصالح, والمنافع ,والاستمرار على الحلبة وداخل لعبة السياسات, ولتذهب إلى الجحيم كل المبادئ والنظريات .وظهرذلك كله في النهاية كحرب نكايات,و"مجاكرات", وصراع بين ضرائر سياسية, تتنافس للبقاء في فراش السلطات الوثير وعدم حصول القطيعة والطلاق, ,وليس حبا بعلي ,ولكن نكاية بـ"المعاويات" الكُثر الموجودين في هذه الأيام,وإحياء لتراث الآلام والمكابدات العامر في هذه الديار.

من يعوض هذا الدهر السياسي العقيم, وكل ذاك الجهد والعرق والمال الضائع بين اجتماعات السياسيين, وتصريحاتهم, وبياناتهم, ومؤتمراتهم, وبرامج التلفزيون الممجوجة, والمفروضة فرضا في مساءات الأوطان, والمكرسة أصلا لغسل وترويض الأدمغة, والتي عُريت كلها الآن وظهرت حقيقتها الجرداء حتى للعميان ,وما أصابنا نحن,بعد كل هذا التاريخ ,من الإحباط والدهشة والخذلان؟ وأخشى ما نخشاه أن يصيبنا في قضايا أخرى ما أصابنا الآن من هذا الهذيان.

ونلقاكم ان شاء الله في حلقة جديدة من مسلسل "المكايدات والمناكدات".

نضال نعيسة كاتب سوري مستقل





#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللقمـــة السائغــة
- طوفــان الإنترنت
- ليل العــربان الطويل
- طغـــــاة بلا حـــدود
- المجتمعات الذكورية والفحولة الشمولية
- عصـــر التحــولات
- تراث المخابرات في كتابات الأدباء
- إيــّـاك ....ثمّ....إيــّـاك
- ما قبـل العاصفـــة
- دســاتير برسـم البيـع
- مرشـــح رئاســي
- البقــــرة الحلـوب
- سقــــوط الرهانات
- سورية العظمـــى
- هل نحن أمة من الجهـــلاء؟
- دروس في الديمقراطيـــة
- الحـــــرب الإليكترونية
- بالـــونات الهواء
- مجانيـــن بلا حــــدود
- لوحــــة من الصحراء


المزيد.....




- مصور بريطاني يوثق كيف -يغرق- سكان هذه الجزيرة بالظلام لأشهر ...
- لحظة تدمير فيضانات جارفة لجسر وسط الطقس المتقلب بالشرق الأوس ...
- عمرها آلاف السنين..فرنسية تستكشف أعجوبة جيولوجية في السعودية ...
- تسبب في تحركات برلمانية.. أول صورة للفستان المثير للجدل في م ...
- -المقاومة فكرة-.. نيويورك تايمز: آلاف المقاتلين من حماس لا ي ...
- بعد 200 يوم.. غزة تحصي عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية
- وثائق: أحد مساعدي ترامب نصحه بإعادة المستندات قبل عام من تفت ...
- الخارجية الروسية تدعو الغرب إلى احترام مصالح الدول النامية
- خبير استراتيجي لـRT: إيران حققت مكاسب هائلة من ضرباتها على إ ...
- -حزب الله- يعلن استهداف مقر قيادة إسرائيلي بـ -الكاتيوشا-


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - نضال نعيسة - حرب النكايات والضرّائر السياسية