أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال عوض سلامة - تكاد تتحول العمليات الاستشهادية إلى ايدلوجية فلسطينية1















المزيد.....



تكاد تتحول العمليات الاستشهادية إلى ايدلوجية فلسطينية1


بلال عوض سلامة
محاضر وباحث اجتماعي

(Bilal Awad Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 3940 - 2012 / 12 / 13 - 22:00
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


"ظل الشعب الذي يقولون انه لا يفهم غير لغة القسوة، يحزم أمره الآن، على أن يعبر عن نفسه بلغة القسوة" فرانتز فانون.

توطئة
عانى الشعب الفلسطيني تاريخ من التضحيات والتشرد، أبتداءً من التطهير العرقي عام 1948، وتاريخ من الهزائم المتتالية في اعوام 36، 48، 67، 82، وحتى أوسلو عام 93" وأقتلع من جذوره وتشرذم في بقاع الأرض، فتعرض للقتل والسلب والاضطهاد والسجن والنفي من قبل الاحتلال الصهيوني، فَسجل تاريخ وكلمات وواقع أليم، سجل يحكي حكاية فلسطيني مشرد غائب وحاضر عن وطنه، تستدعيه أحزانه وكوارثه ونكساته إلى عالم من الجحيم المسكون باعداد من مخيمات واللجوء.

وبهذا الواقع القهري، والاستغلال الاقتصادي، وحتى العقائدي، يضمر الفلسطيني المقهور الحقد على المحتل، ويكون التمرد والثورة صبر ساعة لا أكثر، فكلما حان الوقت وتكاملت العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية والعقائدية، تكون الثورة رد فعل ثوري يرفض هذا الواقع، ويسعى لتغييره، إذا ما توفرت حاضنة قيادية واضحة الاهداف ومصصمة على بلوغ اهدافها؟.

أما الوصمة التي وصم بها الفلسطيني بالارهابي والقاتل والمتخلف، والبدائي، والتي نستدل عليها من خلال دراسات بعض من المستشرقين والصهيونيين امثال روفائيل باطي، والذي اعتبر أن الفلسطيني يجاهد كي يثأر لشرفه وليس من اجل أن يصلح الخطأ ويعمل على إزالة الظلم، وبهذا النص المجرد يعني ضمنياً أن الكفاح الفلسطيني هو نوع من الثأر وليس لرفع الظلم وانهاء الكيان الصهيوني وسياساته الكولونيالية، هذه العقلية الصهيونية العنصرية والتي يسيطر عليها الهاجس الأمني والحل الأمني، والرؤية الأمنية، وفرض تسوية أمنية على الشعب الفلسطيني المقهور بالقوة.

هذه القوة، عبر عنها في الانتفاضة الثانية للشعب الفلسطيني من خلال القصف والتدمير للاحياء السكنية دون دون اعتبار وجود مدنيين، بل ويتعدى الامر أبعد من ذلك إلى قصف السيارات المدنية وبها عائلات ويبرر أنه خطأ وقيد الصدفة، واغتيال سياسيين، واقتحام وتدمير القرى والمدن الفلسطينية الواقعة تحت وصاية "سلطة الحكم الذاتي"، وتدمير ونسف وقتل الأمكنة الفلسطينية، كما حدث في مخيم جنين، ونابلس، واخيراً وليس آخراً ما حدث في محاولات التطهير العرقي في قطاع غزة الصامد.

هذا النوع من الأعمال الإجرامية بحاجة إلى حالة من الاستنفار في المجتمع الصهيوني المفكك من الداخل، تروجه وتصوغ له وسائل الاعلام والتلفزة، والتي صاغت وعياً للجمهور الصهيوني يتناسب وردات الفعل والقرار للخطاب السياسي والعسكري "لحكومة تل أبيب؟" المبنية على انقاذ وحطام مدينتنا الفلسطينية تل الربيع، تسيطر على الأجواء هستيريا أمنية جماعية تجاه ما يدعي "بالعدو الخارجي" في خضم هذه الهستيريا الجماعية لا تكاد تفرق ما بين "اليسار؟" أو اليمين الصهيوني، على مستوى الخطاب السياسي او لدعم تدمير الفلسطيني كمكان وزمان وحتى فكرة الانسان، فهذا هو الصهيوني بني موريس يتنازل عن مواقفه المقنعة سابقاً ويعود إلى تأنيب ابيه بنغوريون بعدم ابادة كل الفلسطينيين، ويعلن ولائه للدولة الصهيونية،؟ هذا التوحد في العقلية العسكرية القمعية تؤدي إلى حالة من الجنون في مجمل النظام وبالتالي يبرر غباء الأجزاء والنظام والجنود، ويجعل الخطاب السياسي لبنغوريون المفكر وشارون المنفذ وباراك النازي أو لغيره من الجرائم والمذابح المقترفة بحق انسانية الشعب الفلسطيني مشروعاً وقراراً عقلانياً ومنطقياً مدعم بسياسات امريكية واوروبية فرنسية، وبعض من المتصهينين الفلسطينيون أو عمالة الأنجزة.

وبقدر ما يقترب الفلسطيني من فهم العلاقة والتي تربطه بالمحتل الذي يقهره، بقدر ما يوظفها في حركته وفعله النضالي، فتعد مجابهة المحتل نوع من الاحساس بالقوة، والتي تصبح رمز الحياة في فترات الثورات والانتفاضات، ففي مرحلة بداية التمرد والثورة يتغلب الفلسطيني على الخوف من الموت، لأن تحدي الموت وقهره يحمل في النهاية معنى للانتصار على القهر والاضطهاد والاحتلال، حيث يعني العيش تحت المحتل موتاً معنوياً ووجودياً، ومن هنا نجد أهمية الشعارات التي تطرح في بداية التحدي والثورة " الشهيد، المقاتل، الفدائي، الصامد، الجريح، والسجين، والاستشهادي" كلمات تستدعى من الذاكرة والممارسة الفلسطينية في حال ثورتهم على المحتل، تحمل في ثناياها مكانة اجتماعية وسياسية وعقائدية تستدعي التقدير والاحترام لمن يحملون تلك الصفات.
وكلما إزداد قهر وظلم الاحتلال، كلما زاد الشعب الفلسطيني في إصراره على المقاومة، وبتغيير وإزدياد وتيرة ومستوى القمع والقصف الاحتلالي، بقدر ما تتطور الأداة القتالية للمناضل الفلسطيني، وهذا ما تجلى به العمل النوعي للمناضل الفلسطيني، وتمظهر على عدة مستويات، منها " اقتحام معسكرات للجيش الصهيوني، اغتيال وزير السياحة وضباط عسكريين، اشتباكات مسلحة داخل العمق الصهيوني والعمليات الاستشهادية".

قلت سابقاً "يتغلب الفلسطيني على الخوف من الموت"، حيث ان هذه الجملة تحمل في ثناياها مصفوفة نفسية اقتصادية وسياسية وعقائدية ثورية، تنتظم وترسم حركة ونضال المقاتل الفلسطيني ضد من يحتله، فتجعل من الموت أمراً طبيعياً بل ودافعاً يتجاوز اللاشعور، ليصبح برنامجاً محفزاً لتحديه الموت والمحتل معاً، وبعلاقة المستعمِر والمستعمَر يشكل هذا التحدي رمزاً معنوياً لوجوده الجديد، البعيد عن التوتر الوجودي الذي كانت عليه حالته في مرحلة الرضوخ والإذعان لتكنولوجية التأديب والتطويع التي يمارسها المحتل. هنا، في هذه الحالة النفسية المتمردة والمدعمة بعقيدة المقاومة ورفض الإمتثال للمحتل، يشعر الفلسطيني بالرضاء عن الذات من خلال قدرته على التغيير لموازين القوى والتحكم بمصيره وبمصير من بمحيطه، وتتجلي سياسات وأداة الفلسطيني في رفضه لواقع ومعطيات سياسات الاحتلال الكولينالي الصهيوني، بممارسات عدة، جميعها تصب في نفس البوتقة كـ "التظاهرات والمسيرات الشعبية، ضرب الحجارة، الدعوة لمقاطعة الاحتلال ومنتجاته، ضرب الحجارة، النضال السلمي السلبي، الاشتباكات المسلحة في عمق الكيان، تحدي طفل فلسطيني لماركفاة، وعمليات استشهادية"، الأخيرة كما قبلها من حيث الهدف والمبدأ، ولكنها أشدها ايلاماً وزعزعاً للكيان الصهيوني، وسنهتم بها لانها موضوع المسح الذي نفذ عام 20082، ومن حيث أنها استدعت مركز اهتمام العالم بشكل عام، واثارت نقاشات حادة ما بين قلة من المثقفين الثوريين الفلسطينيون وطغمة من عمالة الانجزة من منظري ومروجي أفكار المحتل والدول المانحة.

لماذا يحمل شاب في عمر الحياة بندقيته ويقتحم معسكراً أو مستعمرة صهيونية، أو يحمل/تحمل كمية من المتفجرات في حقيبته/ا، ليكون الفعل والنضال التضحوي "مقاتلون تضحويون" ما الذي يدفعه على فعل ذلك، هذه الاسئلة وما شابهها يطرحهها على نفسه كل من يهتم بهذه الواقعة الثورية، أو سمع بها، ولكن ليس الكثيرين من هؤلاء "وانا بينهم" يصل إلى مرحلة فهم الظاهرة باسبابها الظاهرة والكامنة وإن فلعنا"فهمنا" لحذونا حذوهم.

تعد هذه المقالة، ونتائج المسح الذي قمت به، هو محاولة جديدة في فتح ومناقشة هذا الملف الذي اغلق بطريقة اعتباطية واستنكارية، وهوجم من قبل بعض من منظرو الهزيمة، حيث حينما كانت الانتفاضة الأولى قيل "هل يستطيع الحجر تحرير فلسطين؟" وفي بداية الانتفاضة الثانية "هل تستطيع البندقية مقارعة دبابة ماركفاة صهيونية" وما "هذه الصواريخ العبثية التي تضر بالمصلحة الوطنية" _عذراً على استخدام المصطلح الأخير_ "والعمليات التفجيرية -الاستشهادية والبطولية- أضرت في المجتمع الفلسطيني"، لكن قلة قليلة ممن حبسوا انفسهم من فتات وبقايا اليسار الثوري في مكاتبهم واجتماعاتهم ليتدوالوا هذه الظاهرة ما بين مؤيد ومعارض، وقلة معدومة من أشارت إلى الاثار التدميرية على الصعيد الاقتصادي والسياحي الصهيوني، وأهمها على صعيد اليهودي العادي الذي يعيش حالة من الرعب والعذاب كما يعيشها الفلسطيني، أو كما قال البعض "توازن الرعب" حيث أننا وكما علمتنا تجربة الهزيمة العسكرية التي مني به الجيش الصهيوني في حربه مع المقاومة اللبنانية، او الانتصار المعنوي وفكرة التحدي للفلسطيني في سلسلة التطهير العرقي لقطاع غزة. ان الكيان الصهيوني "أوهن من بيت العنكبوت" كما قال السيد نصر الله، يا لبساطة الجملة وعظمتها، أنها بعد الفكرة وليست بذاتها، إنها ثقافة المقاومة والنضال والتحدي والتي نحن أشد حاجة إليها من إي وقت، ثقافة النظير لا ثقافة الذليل، والتي امتهنها طغمة متهافتة من منظري ثقافة التصفية الاوسلوية، او من دعمها من أبواق الاحتلال، أوعمالة الانجزة في بيان 55، الذين وقعوا على إدانة العمليات الاستشهادية البطولية. إن النضال الذي يقوده الشعب الفلسطيني هو حرب كونية ضد مشاريع كونية امبريالية تهدف إلى سحق كل حركات التحرر الوطني والتي تقف عائقاً أما سياساتها الكولينيالية في شرقنا وجنوبنا وشمالنا وغربنا، وحتى الحركات الاسلامية المقاومة في العراق ولبنان وفلسطيني هي جزء من المنظومة وراس حربة متقدم في هذه المعركة الاعلامية و الجهادية في تفكيك الخطاب الاستعماري وارتباطاته، بداية من الكياني الصهيوني حتى تصل إلى النظام الرأسمالي الكولونيالي الأمريكي. ولا بد ان نفهم أن الوطن هو أهم من الجميع، وليس الدولة، او حكومة التجزئة. فبالمحصلة ان لا يعني الوطن سوى الانسان الذي يعيش فيه.

العمليات الإستشهادية "الفدائية"
بدايةً، لا أدعى أنني أستطيع أن أعالج موضوعة المقالة بشكل علمي كامل؟، حيث موضوع هذه المقالة يتعلق بأسباب قهرية وإضطهادية ودينية تؤدي إلى الظاهرة قيد النقاش، كون أن القهر يعد من أصعب الحقول لدراسته، فقد تمارس القهر يوماً على شخص آخر، ولكنك من الصعوبة ان تدرك حجم وألم وقهرك له، ما لم تكن مكانه، وتحس أنت بإحساسه، وتتحدث بمشاعره، وتدرك وتقييم الأمور من خلال شخصه وفكره وثقافته، فما بالك عند الحديث ليس عن ظاهرة فردية مرتبطة بشخصين، وانما مرتبطة بعقل جمعي وثقافة جمعية وحقوق قومية مرتبطة بأبعاد سياسية واقتصادية وعقائدية.

لقد اشتهرت حركة المقاومة الاسلامية "حماس" بالعمليات الإستشهادية في بداية التسعينيات وبالتحديد 1993 والذي نفذها المقاتل ساهر التمام من مدينة نابلس 3، فاندفع مقاتليها إلى القيام بالعمليات الاستشهادية، مما أثار حفيظة الكثيرين من بينهم طغمة السلطة، والذين عملوا على الصاق سمات بما يدعى بالارهاب على هذا الفصيل_ بالرغم ان المواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة التي يتمسك بها هؤلاء تعطي الأحقية لأي شعب محتل ان يناضل ويستخدم كل الوسائل المتاحة ضد الاحتلال، فلما يستنكر العالم هذا الفعل علينا، وقد دوفع عنه بفرنسا، والاتحاد السوفيتي سابقاً، ونمور التاميل.

ماذا تقول الدراسات الصهيونية والغربية
ليس الهدف هنا استعراض وجهة نظر العدو من العمليات الاستشهادية، وإنما استعراض بعض طروحاتهم والتي يتبناها بعض من أبواق الاحتلال من المتصهينين والذي انتفعوا من اقتصاد الاحتلال وكدسو ثروات على حساب دماء أبناء جلدتهم ونضالات شعبهم الفلسطيني، حيث تبنوا تحليلاتهم بل أصبحوا يهاجمون الظاهرة ويسيئون إلى قادة الفعل البطولي "الاستشهاديين"، فمها فعلوا أو هاجموا أوكتبوا ستبقي أقدام شهدائنا أطول بكثير من أقلامهم.

لقد درجت الدراسات الصهيوينة والغربية على مهاجمة هذه الظاهرة من خلال مهاجمة حركة حماس بداية باعتبارها رائدة ومبدعة الظاهرة، وحركة فتح والجهاد الاسلامي والشعبية والديموقراطية لانضمامهم إلى هذا الحقل مؤخراً في الانتفاضة الثانية بصورة أقل حدية، باعتبار ان الدين الاسلامي يؤمن بالحياة الأخرى، ومن خلال الفعل الاستشهادي يتقربون إلى الله وينعم عليهم الدخول إلى الجنة-وهذا جانب مهم ولكن هل هو السبب الرئيس الذي يستطيع تفسير ذلك؟-، ويتهمهم البعض بالإنفصام والمرض-اعتذر على ذكر ذلك- ، واغبى من ذلك، ما آلت اليه دراسة صهيونية مؤخراً، والتي استندت على حديث عن النبي محمد عليه الصلاة والسلام، والذي مغزاه "ان لكل شهيد سبعين حورية في الجنة"، فخرجت نتائج الدراسة بنتيجة مسخة، تقول ان المجتمع الفلسطيني يعاني من الكبت الجنسي، وهذا ما يدفعهم إلى طلب الشهادة، فلو كان الأمر بهذه السذاجة لما اصبحت ثقافة الاستشهاد كثقافة مقاومة ومقدسة، حالة تستدعي التقدير والاقتداء في مجتمعنا، واعتقد أن العامل الديني مهم واساسي في هذا الفعل، ولكن ليس شرطاً لتفسير ذلك، فالدين جزء ومكون أساسي من النسيج الثقافي والاجتماعي في حياة وتفاصيل بنية وسلوك المجتمع الفلسطيني جميعاً وليس لدى الاستشهاديين فقط، ولو كان كذلك، لما وجدنا رجلاً متديناً على قيد الحياة، وانما قام بالفعل، حيث أن ملخص وصايا-رسائل- الاستشهاديين تحتوي على ابعاد دينية، واجتماعية، وسياسية، وان النسبة العالية كما تؤكدها نتائج المسح تبين من أن الاستشهاديين متدينون بدرجة متوسطة.

وفي محاولة لفهم ظواهر في المجتمع الغربي، منها ظاهرة الانتحار، والتي الصقت بظاهرة الاستشهاديين الفلسطينين في محاولة لاقحام وتعميم مصطلحات على واقع وبنية اجتماعية واقتصادية ونفسية في تجربة سياسية مختلفة، وهذه ليست الوحيدة التي روجت لها الامبريالية الثقافية مصطلحاتهم وفهمهم للتاريخ على العالم، من أجل سيادة نمط وفعل التاريخ الغربي وأي سياق يختلف أو يتناقض عما شهده الغرب، يكون خارج التاريخ وما قبله وخارج المدنية وما قبلها، فما هي المصلحات من "الامبراطوريات، وتقسيم التاريخ من دوركهايم وفيبر وغيرهم، الحضارة في مقابل البربرية، التقدم والتخلف، الإرهاب..الخ، المتطرف والمعتدل، المسلم الجيد، والمسلم الارهابي" إلا جملة من المفاهيم الاستعمارية وما بعد الاستعمارية لسيادة نمط ثقافي ذو بعد واحد يتزاوج أو يُهجن العالم قسراً مع تجربة الغرب، والمجتمع العربي على وجه التحديد، وللاسف تلقف بعض من تجار الفكر في العالم العربي وعمالة الأنجزة في فلسطين هذه المفاهيم وتم تبنيها عن ظهر قلب، واندفعوا إلى المدافعة عن الغرب واطروحاتهم دون دراسة واقعهم بأنفسهم وتقديم حلول ووصفات تلائم الواقع والبيئة العربية، وهذا متفهم سيكولوجياً ولكن ليس قومياً ووطنياً، حيث تنطبق عليهم مقولة ابن خلدون في وصفه للشخصية المقهورة والمغلوبة على امرها، حينما قال "إن المغلوب مولع أبداً بتقليد الغالب" وقول فرانتز فانون "بشرة سوداء واقنعة بيضاء إنهم مستميتون على أن يكونوا بيضاً"، حيث ان مروجي ثقافة الهزيمة هاجموا ونددوا بالعمليات الاستشهادية واستنكروها في محافلهم الدولية، وابرز حدث مسخ هو توقيع 55 شخصية متأمركة ضد العمليات الاستشهادية 4.

فدعونا نتفحص الانتحار كما درسها دوركهايم باعتباره مؤسس علم اجتماع الغرب، حيث درس ظاهرة الانتحار باعتبارها واقعة اجتماعية مرتبطة ببنية المجتمع (كان صناعياً أو تقليدياً) مدعمة بعوامل ثقافية وميسرات دينية(كاثوليك، اليهود أو بروتستنت) وجغرافية (مدينة او قرية) والنوع الاجتماعي (ذكر أو أنثى)، حيث بينت نتائج دراسته إلى وجود ثلاثة انواع من الانتحار(الانتحار الأناني، واللامعياري، والإيثاري أو الإلزامي) حيث أن الأخير يعني الموت في سبيل تحقيق أهداف وغايات مجتمع أو جماعة معينة، وأيضاً وجد أن نسبة المنتحرين في المدينة "المجتمع الصناعي" أكبر بكثير من القرية، وان الانتحار في صفوف البروتستنت أكبر بكثير من الكاثوليك واليهود، وحجم الانتحار من النساء هو 20% من مجموع المنتحرين، وذلك لارتباطها بمفهوم "التضامن العضوي أو الآلي" ، ونوه بحديثه آنذاك أن أية ظاهرة اجتماعية تدرس وتفهم من خلال واقعها الاجتماعي والحضاري-وأغفل العامل السياسي والاقتصادي والنفسي-، ونجاح واستمرار أية ظاهرة تعتمد على الاستجابة لمتطلبات وحاجات البيئة الاجتماعية، وهذا ما دفعه باعتبار ظاهرة الانتحار بشكل عام في المجتمع الصناعي كظاهرة صحية؟.

عودة إلى موضوعنا وارتباطه بما سبق، إن موقف الغرب الامبريالي/الصهيوني وثلة المتساوقون مع الثقافة الكولينيالية من العرب والفلسطينين من ثقافة وتجربة الشعوب العربية وتصنيفهم في أدنى سلم من التطور الاجتماعي لا يتوقف فقط على ظاهرة الاستشهاد فقط، وانما كموقف تجاه التجربة والتاريخ العربي والاسلامي التي مرت به الدول العربية، موقف نقدي يطال تفاصيل الحياة الاجتماعية والدينية اليومية للانسان العربي، الذي يحاول تجريده من كل قيم اصيلة وتلبيسه ثياب وفكر ونمط حياة غربي، وإن لم يتماهى ويذعن، شنت عليه الحروب كما حال الواقع في العراق وافغانستان، ولبنان.

ففكرة الاستشهاد "العمليات الاستشهادية" لم تنتج معرفياً أو وجودياً في الغرب رغم أنهم عرفوا مصطلح "الشهيد"، ولكنهم يفضلون مفهوم "الانتحار" لاي شخص قدم على الفعل لاعتبارات مرتبطة بالقمع الحضاري التي تمارسه عليه قيم ونظم مجتمعه الصناعي، وعرفوا الموت الجماعي، ولم يعرفوا أو ينتجوا الفعل الفدائي أو الاستشهادي كقيمة وطنية ودينية – بالرغم من حدوثها ولكنها لم ترتقي إلى مستوى قيمي، حيث اصبحت في طي النسيان- ولم يعرفوا أو يعيشوا تحت الاستعمار، كما اختبرته الشعوب العربية، ولم يعرفوا ما يوسم "بالارهاب" إلا حديثاً، ولم يعرفوا الاحتلال والصراع الوجودي كما هو حال قضيتنا الفلسطينية، ولم يختبروا القمع والتطهير العرقي، واختبروا قمع الدولة والكنيسة، كل ما سبق يتنافى مع واقع وخصوصية التجربة الفلسطينية، فكيف نستخدم مفاهيم هي من انتاج تجربة وبنية اقتصادية مخالفة لما مرت بها الشعوب العربية، فظاهرة الاستشهاد مرتبطة بنيوياً بوجود الاحتلال وتصاعدها وتناميها مرتبطة بتصاعد درجة عنف وقمع الاحتلال للشعب الفلسطيني، حيث بينت نتائج المسح أن 47.5% من العمليات الاستشهادية5 كانت في عامي 2002(33.5%) و 2003(14%)، وهي الاعوام التي شهدت ارتفاع وتيره ارهاب الكيان الصهيوني ضد مدننا وقرانا ومخيماتنا، أبرزها مدينة نابلس والتي شهدت حملة سرشة عنوانها الانسان الفلسطيني والمدينة الفلسطينية كمكان مستهدف للتصفية، يقول الاستشهادي6 :
"... من منا لا يغضب ولا يعتريه شعور الانتقام عند سيره في جنازات الشهداء، خاصة جنازات نابلس الجماعية، من منا لا يغضب ويحب الانتقام عند مشاهدة امهات الشهداء وزوجاتهم وابناءهم على التلفاز، ومن منا لا يشعر مع اصحاب البيوت التي هدمت أخيراً في خانيونس ومتاجر الخليل، من منا لا يغضب عند قتل الأطفال وقطع الأشجار وقصف المدن..."

حيث كانت ما نسبته 14.4% من حجم الاستشهاديين واكبرها من نابلس لوحدها، تلتها جنين بما نسبته 8.4%، حيث تعد المدينتين من أكثر المدن الفلسطينية واجهت حملة لتطويع الإنسان الفلسطيني وثقافته المقاومة ، فمورست سياسة تصفية وقتل للمكان كرمز للمقاومة في مخيم جنين او نابلس "البلدة القديمة" كشاهدتين على جرائم الاحتلال، واعنفها ما شهدته غزة في حرب التطهير العرقي 2008، فلماذا لا يمكن اعتبار العمليات ظواهر صحية وطبيعية في المجتمع الذي يرضخ تحت الاحتلال ويستلب كرامته وينتهك امنه وسلامته؟؟.

وقفة موضوعية مع اطروحات"مسوح" فلسطينية7
يعد هذا المدخل محاولة للتنويه لفحوى ومضمون الدراسات والمسح، والتي تطرقت لموضوعة العمليات الاستشهادية، وذلك لتلافي التكرار والأخطاء وعمليات النسخ في بعض الجوانب المتعلقة بالكيفية والمضمون والتسمية، حيث يستطيع القارئ إدراك أن تناول دراسة الظاهرة كان بشكل مبسط او استطلاع رأي لا اكثر _وهو حال مقالتنا، إلا أنني أحاول إثارة مواضيع نقدية وفكرية في هذا المجال وهو هدف هذا المحور _ حيث أن صفحات الدراسات قيد النقد، تملئ بمواد نظرية ليس لها داعي، وعدد من الصفحات التي بالفعل لا حاجة لها، حيث انها لا تقدم او تأخر من شي سوى أن حجم الدراسة سيزيد عن 20 أو 50 صفحة، وهو كبير جداً بالمناسبة، فما هي الحاجة النظرية لدراسة انواع الجماعات التي اقدمت على الانتحار في العالم، وكيف يتم توظيفها في فهم ظاهرة مختلفة"الاستشهاديين"، وإذا كانت للعرض، فالانترنت مليئ بهذه المعلومات للمهتم لدراسة ظاهرة الانتحار، أو التطرق للموقف الديني"الفقهي" تحت عنوان العمليات الاستشهادية في الميزان الفقهي، وإذا أردت ذلك، هنالك علم اسمه علم اجتماع الديني، يدرس الظواهر الدينية بأبعادها السوسيولوجية، وان لم تكن كذلك فإنها تعد مسحاً اجتماعياً وليس سوسيولوجياً، والفرق بين المفهومين هو فرق ما بين الأبيض والأسود، فسوسيولوجية الظاهرة تعني سبر غور الظاهرة والتعرف على حقيقتها بعد تحليلها وتفسيرها بطريقة علمية، وليس من أبعاد اجتماعية، فالأخيرة تعني الانزياح إلى فهم الناس للظاهرة، والتي قد تكون فهماً تضليلاً أو تأملياً، وهذا سبب تأخري لنشر بيانات المسح جميعها، إلى جانب الاختلاف ما بين فريق المسح حول آليات التحليل والإطار النظري، حيث أنني لا استطيع اقحام صورة الاستشهادي كما هي في مخيلة ذويهم وأقاربهم واصدقاءهم، وحتى الشارع الفلسطيني، فهذا فهمي كشخص أو كأسرة من الناحية الاجتماعية كيف هم الاستشهاديين، او ماذا يجب أن تكون سمات ودوافع الاستشهاديين، سأورد هنا بعض الأمثلة التي خلص إليه المسح:
الخصائص الدينية للاستشهادي واهمها حسب توجهات اهل او مقربي الاستشهادي كان اهمها : يؤمن بما كتب له، يفرق بين الحلال والحرام، يؤدي الصلاة في وقتها، يقتدي بالرسول عليه الصلاة والسلام...، ام خصائصه الاجتماعية، فهي : يحظى باحترام الآخرين، علاقاته طيبة مع أسرته، يثق بأفراد أسرته، يتمتع بشعبية بين الأصدقاء، يستمتع الناس بالحديث معه... أما اهم دوافع القيام بالعملية فكان أهمها: احتساباً لوجه الله تعالى، فداءً للوطن، كسب الحياة الأخرى، اقتداء بالشهداء... ويشارك في المسيرات...الخ، اما الخصائص النفسية مثابراً طموحاً ثورياً غامض يشعر باليأس(للمزيد عن نتائج البحث الإحصائية، يرجى الاتصال بكاتب المقالة).

حيث هذه السمات والدوافع هي من فهم أسرهم لابناءهم الاستشهاديين وهو فهم اجتماعي اسقاطي- بمعنى اسقاط صورة على الاستشهادي كما نريد ان تكون صورته- وليس فهماً سوسيولوجياً للظاهرة، فينطبق على أهل الشهداء وعلي أيضاً كانسان مقولة "أذكروا محاسن موتاكم" فما بالكم الحديث عن استشهادي، وبالتالي وددت الاشارة والتحذير من الانزلاق إلى استخدام تلك المقاييس النفسية، الاجتماعية...الخ، واقحام فهم المجتمع عليهم، وهنا أستذكر مقولة جميلة جداً حول الشهداء وهي "يولد الشهداء بصمت ويعيشون بصمت ويموتون بصمت" وهي التي عبر عنها أحد الاستشهاديين 8 بصورة أخرى
"...نحن معشر الاستشهاديين ربما نكون قليلي الكلام، ولكن ندرك أن الدم يترك كلمته..."
حيث تعد وصايا الاستشهاديين تربة خصبة، تعبر بكلمات الاستشهاديين بخصائصهم النفسية والاجتماعية والدينية والوطنية والانسانية، وعلى وجه الخصوص تلك التي كتبت إلى ذويهم، وليس أمام التلفاز، والمراد منها ارسال رسائل سياسية الى العالم، والعرب، والفلسطينيين، وإلى حكومة تل أبيب الصهيوينة، واما الجانب المتعلق بالرسائل والوصايا-حيث أعدها رسائل أكثر منها وصايا- فوجدت ان جميع مضامين رسائل الاستشهاديين سياسية بحتة، تتعلق بخلق توازن القوى والرعب لدى المجتمع الصهيوني، و ثورية تحريضة للنضال تسعى لنشر العمل المقاوم والثورة، رسائل إلى أنظمة الدول الدول العربية، رسائل إلى الجيش الصهيوني وقياداته، رسائل تحريضية ضد الاتفاقات السياسية والاعلان عن موتها، وان جميع الرسائل قد بدأت بآيات قرانية وأحاديث نبوية، تدلل عن البعد الديني في العمل الاستشهادي، والذي سبق أن قلنا أنه شرط ولكن ليس سبباً وحيداً في فهم الظاهرة، وسوف أقوم بإعداد مقالة متخصصة في تحليل المضمون لرسائل الاستشهاديين، والتي لا يستع ولا تتسع معها أفكاري في هذه المقالة، في الوقت الحالي، حيث أعلن عن توجهات نظرية لكيفية دراسة ظاهرة الاستشهاد ببعد علمي سوسيولوجي.

وقبل الانتهاء لمعالجة هذا المحور، لا بد من التنويه من خطورة الانزلاق في البعد الحيادي في فهم ظاهرة الاستشهاديين أو البحث على تخليقات في إسم العمليات الاستشهادية، حيث تبدأ المقالات بعناوين حيادية قد تقود إلى تشويه فهم الظاهرة من حيث الظاهر، مثال دراسة:
CLIVE JONES: Terrorism, Liberation or Civil War? The Al-Aqsa Intifada 2003.
ودراسة الطالبة الالمانية ليزا، للحصول على شهادة الماجستير :
Liza Franke: MA-Thesis: Suicide bombers in the Israeli/Palestinian conflict: martyrs or terrorists? 2007.
حيث درست الأخيرة كيفية بناء المجتمع الفلسطيني والصهيوني لمفهوم "العمليات الاستشهادية" والتي تستخدم مصطلح محايد كما هو واضح في عنوان دراستها، ولكنها في سياق تحليلها للاستشهاديات الفلسطينيات، تتعامل مع الظاهرة بمفهوم "الانتحار/التفجير وليس الاستشهاد" حيث خلصت دراستها إلى أن العمل الاستشهادي هو نوع من ردة الفعل من قبل المجتمع الفلسطيني، حيث بعد تحليل " profiles and motivations" شخصية ودوافع الاستشهاديين وخطاب الاحزاب السياسية، وصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها أن دوافع بعض الاستشهاديات بالاساس –باعتباره موضوع دراستها وقد استندت أيضاً على 10 مقابلات مع ذوي الاستشهاديات من المسح الذي تسند عليه هذه المقالة- من أجل العدالة، اعادة الهوية الذاتية، الحصول على الشرف، المكانة الاجتماعية، والدفاع عن النفس، فبالرغم من كونها حاولت أن تكون موضوعية إلا أن استخدامها للعمليات التفجيرية-كما هي تراها- قد أساء إلى فهم الدراسة، وبالتالي نتائجها، حيث اعتبرت أهم دافع اساسي للعمليات الاستشهادية هو رد فعل، حيث اخرجت العمليات الاستشهادية من سياقها التاريخي، وسياق تطور الادوات القتالية للمجتمع الفلسطيني في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيونية على مدار قرن منصرم.

ان حالة الانزياح عن المسمى الأساسي "للعمليات الاستشهادية" لم تنحصر فقط في دراسات باحثين أو طلبة دولين، حيث أن المسح المستند عليه أطروحة الدكتوراة للطالب "بسام بنات/فلسطين" قد انزلقت أيضاً في هذا المأزق المفاهيمي- ومع أنها تدافع عن العمل الاستشهادي- إلا انها عنونت بطريقة اعتباطية في فهم الظاهرة، من حيث دمجها لثلاثة مسميات، اعتقد انها بالجوهر متناقضة حد الخلاف، وهي:
Palestinians Suicide Martyrs (Istishhadiyin): Facts and Figures 2010
حيث تم استخدام ومساواة مفهوم (Suicide Martyrs) بمفهوم مترجم للعربية (Istishhadiyin)، باعتبارهم مفهوم واحد، وهي مغالطة كبيرة، فتخليقات المسمى لا بد أن تكون في سياق الفهم الفلسطيني، باعتبار منشأها الأصلي كأن نستخدم "العمل الفدائي" و "المقاتلون التضحويون" و "مقاتلو الحرية"، وليس اعتباره عملاً انتحارياً استشهادياً؟؟؟، حيث أن الطالب لم يقتصر على استخدامه لعنوان الدراسة فقط، وانما جميع جداول الاعداد والنسب المستخدمة في الاطروحة عنونت بالعنوان موضوع الانتقاد، هذا إلى جانب استخدامه ايضاً في " profiles " الاستشهاديين9، وهنا لا بد من التنويه والتحذير من الانجرار وراء المسميات التي تسيئ إلى العمل الوطني بدون دراية أو وعي لذلك، وبالتالي لا بد من تثبيت هذا المصطلح " Istishhadiyin"كمفهوم اساسي في الدراسة ويصبح مثل "Intifada" انتفاضة، حيث كل العالم يدرك معناها، لا ان يتم مساواتها بالانتحار؟. وسأقوم التعمق في مغالطات الدراسات السابقة في المقالة الثانية حول "تحليل المضمون لرسائل الاستشهاديين"، حيث بعد المسح تم تبيان وجود 40.1% وصايا مكتوبة، 5.3% مسموعة، 10.6% مرئية، 16% اخرى (سمعية مرئية، مكتوبة مرئية..).

رؤية مختلفة في فهم الاستشهاد
السياسة والجسد الفلسطيني كوحدة للتحليل
لقد تفردت المقاومة الفلسطينية بظاهرة الاستشهاديين– باستثناءات مثل المقاومة العراقية -، حيث أن المجتمع الفلسطيني ليس مجتمعاً صناعياً أو تقليدياً بالمفهوم الاستشراقي للكلمة، وانما مجتمع نشأ وتطور في ظروف إستثنائية ميزت بالاستعمار والاحتلال، هذه التركة شوهت بناه المجتمعية والاقتصادية، وبالتالي أفرزت معها منظومة اجتماعية واقتصادية ونضالية مرتبطة بوجود حالة من الصراع على الأرض والوجود الإنساني عليها، واستهدف الجسد الفلسطيني تحت عناوين عدة: القتل، التعذيب، السجن، النفي، العزل، القمع، الامتهان للكرامة، التطويع لارادة المحتل ولقوانينه...الخ، واستخدمت معه جميع أساليب تكنولوجيا التعذيب10 باعتبار أن الجسد الفلسطيني هو رمز لوجود صاحب الحق في هذه الأرض، واستخدمت تقنيات التعذيب بما يتلاءم مع حالات التمرد والثورة، وان اكتشاف الفلسطيني لجسده (الثائر، المقاوم، الفدائي، المناضل، الاستشهادي) كانت وفق معطيات تاريخية للصراع الفلسطيني الصهيوني، الذي حاول جاهداً لسلب جسد ووعي الفلسطيني وذلك لتطويع الفاعلين سياسياً، خصوصاً في حالات التعذيب في سجون الاحتلال، ولهذا قيل "تستطيعون سلب حريتي ولكن لا تستطيعون سلب إراتي"، إذاً الجسد والوعي والارادة كانتا محور الصراع في علاقة المستعمَر بالمستعمِر، حيث ان الأخيرة-الوعي- هي صاحبة الفعل المقاوم والرافض، فالجسد بدون إرادة، لا يعني شيئاً، وإمتلاك الجسد بفعل إرادي واستقلاله هو رمز لامتلاك الإرادة، فالعمل الاستشهادي كان في هذا السياق، وفق معطيات سياسية "اوسلو" حول امتلاك الجسد المقاوم وبالتالي القدرة على التحكم بالواقع السياسي أو عدمه، حيث أنها مخاطرة في سبيل حرية الجسد في سبيل الوطن، فإمتلاك الجسد هو امتلاك الوطن، وهذا يرجعنا ان حالة الانتماء للوطن قد تراجعت ما بعد اوسلو وطبيعة الانماط الثقافية والاستهلاكية المرتبطة بالمرحلة السياسية الجديدة للاحتلال كأسترايجية جديدة لاعادة تطويع الجسد الفلسطيني بأدوات ومؤسسات فلسطينية مأنجزة أو متأمركة، حتى تعيد انتاج الوعي الفلسطيني بما يحفظ حالة من الاغتراب لجسد الافراد عن جسد "الدولة" المفبرك، فيكون النكوص إلى المصالح الفردية والانتهازية سمة المرحلة الجديدة المشوهة في الوعي الفلسطيني، وهذا ما يحدث الآن في سياسات الإلهاء التي تمارسها السلطة في مشاريع استهلاكية وتضليلية ومزيفة لوعي الفلسطيني بعيداً عن قضاياه الرئيسة، تحت شعار "لأول مرة بفلسطين" أو كرديفتها "رام الله أولاً".

حيث كما سبق أن قلت ان الجسد الفلسطيني قد استهدف تاريخياً بإعتباره المجال الرئيس للنشاط السياسي وتجسيدات الخطاب السياسي، الذي يقاوم فكرة الاحتلال في الوجود، فإن حالات الاعتقال والتعذيب وانتزاع الاعتراف من السجناء كانت تمر بطقوس تعذيب جديدة لم يألفها المجتمع الفلسطيني كاملاً في السابق، وعلى وجه التجديد، الإنتفاضة الأولى (1987)، حيث اختبرها جميع شرائح وفئات المجتمع الفلسطيني، كون ان الحالة النضالية كانت شعبية، وبالتالي استدعت الحاجة إلى إنخراط كل الفئات العمرية ذكوراً وإناثاً في العمل الوطني، وبالتالي استهدفت جميع الشرائح بسياسات تأديبية صهيوينة عبر عنها بالاعتقال، والمطاردة، والهدم، والمحاصرة، والاصابة أو القتل، وفي الحالة الأولى"الاعتقال التعسفي للاطفال ما دون سن 18 على وجه الخصوص" ينطبق عليهم مفهوم "طقوس العبور إلى الرجولة"11، وحتى نوضح ما نعنيه هنا، حتى لا يفهم الحديث ببعد استشراقي في فهم المجتمع الفلسطيني- فقد اضفنا إليه المجتمع الصهيوني حتى نفهم العدو-، باعتبار أن الفرد "الجسد للمقهور والقاهر" يمر بمراحل وسمات رمزية مجتمعية متغايرة، حيث طقوس العبور للرجولة "كجسد ووعي" في المجتمع الفلسطيني في الانتفاضة الأولى كان تمر بثلاثة مراحل"الفراق، أي انقطاع العابر"السجين الفلسطيني" عن مكانته السابقة في المجتمع، متزامنة مع سياسة رعب، من اقتحام للمنزل، إثارة ضجة، اطلاق النيران، حيث يعزل الفلسطيني "كجسد ووعي " في زنزانة التحقيق، حيث تبدأ المرحلة الثانية، وهي الهامشية أي شعور الفلسطيني "جسدياً ومعنوياً" بحالة من الانعزال التام عن محيطه الاجتماعي، حيث يواجه جلاديه بجسده ووعيه فقط والوجود المتضمن لهويته الوطنية، وتتسم هذه المرحلة بحالة الخوف مما يأتي، حالة من الغموض، والتي لا يستطيع السيطرة على ما يحيطه، يحاول معه كل وسائل التحقيق لانتزاع الاعتراف منه، أبرزها بما هو متعارف لدينا اسلوب "العدو والصديق"، حيث الضابط الصهيوني "الجيد؟" والذي لا يستخدم القوة، يكون متنكراً مخوفاً للسجين من الصهيوني الآخر الذي يستخدم القوة "العدو"، وإذا لم تسميله "السجين" الوسائل النفسية التي تجعله وحيداً يواجه مصيره، تستخدم معه كل وسائل التعذيب الجسدي، من الشبح المتواصل "وقوفاً أو على الكرسي او ربط اليدين مع الأرجل إلى الخلف"، العزل ومنعه من النوم، خلق حالة من الرعب كإصدار أصوات تتعذب، الضرب على جميع نواحي الجسم، الفلقة، التهزيئ والابتذال، في هذا المرحلة يكون "السجين" لا يملك قيمة إنسانية ومكانة اجتماعية، حيث يواجه محتل يبخس من وجوده كإنسان، وقد يهدد أو يحاول اسقاطه بالابعاد الغرائزية لجسده من أجل التعاون مع المحتل، تكون الارادة "وهي مستمدة من ارادة المجتمع كجسد نضالي" المرجعية الوحيدة في الوجود المتضمن لذاكرته وقدرته على التحمل والمقاومة، وبعد الانتهاء من التحقيق يدمج مع السجناء الأخرين، وقدد تعزز ثقته بذاته إذا لم يتم انتزاع اعتراف منه من قبل السجناء الأخرين. المرحلة الأخيرة، هي مرحلة إعادة التجميع، حيث يعود إلى مجتمعه ليحظى بمكانة إستطاع الفلسطينين في نضالهم ان يحولوها إلى مكانة تستدعي الاحترام، فتكون له امتيازات لا يمتلهكا من لم يدخل السجن ولم يمر بتلك المرحلة، وينطبق التحليل السابق أيضاً على الجريح، والمطارد، وأسرة الشهيد..الخ.

في مقابل هذه الصورة يقف الصهيوني، المستعمر، الجندي، حيث يمر بطقوس عبور وحشية حيث حالة التجنيد لكل المستعمرين، حيث يفارق "الحضارة؟؟" المعبئة سلفاً بمفاهيم التفوق والعنصرية للتجمع اليهودي في فلسطين المحتلة، لتبيح كل الوسائل اللانسانية في استخدامه للعنف المبرر لمن هم أدنى منه "وهي صورة صهيونية غربية بالاساس"، فيقتل ويعذب ويكسر عظام الفلسطينيين، ويصلب ويشبح، ويسقط ما بداخله من حالة القمع في مجتمعه الرأسمالي له، ليفرغ شحنات الغضب والحقد على السجين والمناضل والمتظاهر الذي يريد إستعادة وجوده المستلب وحقوقه، وبعد الانتهاء من مراسم وطقوس التعذيب "ليحولها إلى رحلة صيد وتسلية ومرح، فيعود متفاخراً مع رسم الابتسامات وعلامات النصر من قبل الجنود العائدين من المجزرة إلى الحضارة، ومن قتل العائلات إلى عائلاتهم ومن التنكيل بالمدنيين إلى الحياة المدنية. فهو ليس فرح الجبناء فحسب بل طقوس العبور لتشكل الرجولة في مجتمع المستوطنين المستعمرين العابرين"12.

إن السمة الأساسية في نظري، إن ما كان يحكم ويميز الانتفاضة الأولى وما قبلها هو وجود جسد وإرادة (الفلسطيني أو الفلسطينية) تقترب في نظمها وفكرها وشعاراتها إلى الحقل السياسي المقاوم والفعل التحرري، وجسد المرأة الفلسطينية على وجه التحديد أدلج وفهم في هذا السياق، فنضال الفلسطينيات، وسجنهن، وتعذيبهن، وحتى في حالة احتكاك اجسادهم مع الجنود من أجل تخليص الشباب المناضلين من ايديهم، فهم في هذا الإطار، وبالتالي رمزية الجسد في الحقل السياسي والثقافي أعلى من شأن الجسد الفلسطيني، فدخول الجسد حقل السياسة يخرج الجسد من المعنى المجرد للغريزة الذي استطاع الفلسطيني أن يعنونها في هذا السياق، والعكس صحيح.

تعد تجربة أوسلو التخريبية، واستنساخاتها الاقتصادية وبروتوكولاتها كجسد سياسي يحكم وينظم طموح الكيان الفلسطيني كجسم مشوه ونهائي "دولة حكم ذاتي" الأخطر في تاريخ الشعب الفلسطيني، حيث كانت تداعياتها على الأفراد بتحديد مسألة الهوية الفردية، حيث ان الوطن وسيادته "وليس الدولة بالمفهوم السياسي" تعبر عن انتماء واحساس الأفراد لهويتهم الذاتية، ولكنه تم التآمر بالقضاء على هذه الإرادة، بإرتباط طغمة منتفعة من الفلسطينين، اخذوا على عاتقهم مسؤولية السيطرة على الجسد الفلسطيني وإرادته كعنوان للنضال والثورة والجهاد والمقاومة، وتم استنساخ اجساد أخرى استهلاكية، حدها وسقفها الإتجار بالجسد والذي بُخس من قيمته النضالية والانسانية على حساب الجسد "المناضل والثائر والمقاتل"، وأصبحت الاجساد تباع وتشترى، وهبط التعامل معه إلى مستوى غرائزي شهوي "همه اشباع الغريزة وركوب سيارة من نوع فاخر"، حيث إرتهان وترويض الجسد الفلسطيني والتحكم فيه وبمسلكياته وأذواقه واتجاهاته الاستهلاكية غير المنتجة لا بالبعد الاقتصادي ولا حتى السياسي، ومن هنا يمكننا تفسير ذلك من خلال عملية تكييف القوى السياسية للأحزاب السياسية الفلسطينية في الجسد السياسي "دولة الحكم الذاتي"، والذي جسده وتماهي فيه الجسد الاجتماعي للمواطن الفلسطيني، باعتبار ان الفلسطيني هدف وموضوع وصورة ورمزية الخطاب والنظام السياسي والإجتماعي والاقتصادي لقواه السياسية.

ومع التحولات في الفضاءات الاجتماعية والسياسية التي يشغلها الخطاب بابعاده الاجتصاسية، تكون لها آثاراً عميقة في تشكيل الأفراد، حيث شمل هذا التحول على تغيير الهدف من تحرير فلسطين من البحر إلى النهر إلى سلطة ضيقة النطاق والسيادة، وفي موضوع ونطاق الحقل السياسي والاقتصادي "ما بعد أسلو"، حيث فسح للجسد الفلسطيني- المكون من لحم ودم - مرة اخرى الطريق امام الوعي بوصفه مركز الجسد المعقلن، في قراءاته لطبيعة التغيرات الدراميتيكية لارهاصات تجربة أوسلو، والتي أحدثت منعطفاً وتصدعاً في الوعي الفلسطيني كأفراد او جماعات، وبما ان الجسد دائماً في انتظار ان يتم تشكيله عبر الخطاب بصرف النظر عن الزمان والمكان، كموضع لاستقبال المعنى والحدث، وباعتباره قيمة رمزية تدمج تحليل الجسد كظاهرة مادية وروحانية تتشكل وتشكل من قبل المجتمع، تم اكتشاف الفلسطيني لجسده "الاستشهادي" وفق معطيات سياسية جديدة حرفت وحيدت أدوات كفاحية أخرى-ضرب الحجارة، العصيان المدني، النضال الجماهيري باشكاله المختلفة كما كان عليه الحال في اإنتفاضة الأولى- بارتباطها مع مرحلة جديدة في إكتشاف العلاقة ما بين المستعمِر والمستعمَر، وشكل عام 1993 مرحلة جديدة في عملية تأريخ لظاهرة العمل الاستشهادي، تجددت في 96، ثم تم تعميمها في انتفاضة الأقصى والاستقلال.

حيث ان سياق ومضمون الاستنساخ للجسد السياسي "سلطة الحكم الذاتي" كان معداً سلفاً لتجربة روابط القرى في ثمانينيات القرن المنصرم، واعتقد أن هذه التجربة لا تختلف عن نظيرتها وهي استنساخ "النعجة دوللي"، حيث اعتقد البعض أن استنساخ الأخيرة هو عملية خلاقة، فكان التصفيق والتفاخر بهذا الانجاز، لكن سرعان ما ماتت النعجة باعتبار أن جيناتها المستنسخة كان تحمل صفات جينية لأم هرمة، وهذا حال كل العمليات الاستنساخية السياسية والبروتوكولات الاقتصادية الموقعة ما بين سلطة الحكم الذاتي والكيان الصهيوني، حيث سرعان ما تموت، باعتبارها لا ترتقي إلى المستوى الأدني لجسد سياسي يستطيع تمثيل حقوق وأمال المجتمع الفلسطيني، ولهذا كانت الانتفاضات-الهبات الجماهيرية- من 96 و98 و2000، كتعبيرات ورفض التشوهات والارهاصات السياسية والاقتصادية والتي تتنكر للحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.

إن ما يميز الانتفاضة الثانية باندفاعها نحو العنف الثوري، لارتباط المرحلة التاريخية للعمل السياسي والعسكري بذلك، وتزامنه مع سياسات عنصرية صهيونية عدة تميزت بالعنف والقسوة والوحشية أبرزها منع التجوال، وهدم البيوت، وتشريد العائلات، والقتل العفوي والهمجي والعقاب الجماعي للشعب الفلسطيني، وسياسة عزل وتدمير المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وقتل تطورها الطبيعي وتوسعها من خلال محاصرتها من قبل المستعمرات، نقاط التفتيش وطوابير الانتظار لساعات عدة من قبل المواطنين، الاعتقالات، التصفية والاغتيالات. معبرة بذلك عن تقنيات تأديبية قاسية وعنيفة هدفها تطويع الجسد والوعي الفلسطيني الذي أحيل من مرحلة الرضوخ في مرحلة الاستقرار السياسي (1993-2000)، إلى مرحلة التحدي ورفض سياسات الاستعمار، حيث تنطبق المقولة التالية على واقع الصراع الفلسطيني الصهيوني: "ظل الشعب الذي يقولون انه لا يفهم غير لغة القسوة، يحزم أمره الآن، على أن يعبر عن نفسه بلغة القسوة " فكانت العمليات الاستشهادية الأكثر انتشاراً وايلاماً للعدو في الانتفاضة الثانية، باعتبار أن مرحلة الرضوخ والانصياع للمحتل قد انتهت، يعنونها الاستشهادي13 بكلاماته.
"وسيعلم المجرم شارون وحكومة جنرالاته وجيشه القذر أن الدم بالدم والنار بالنار وأن المجزرة في مخيم جنين لن تمر دون عقاب وسيدفع الصهاينة المجرمون الثمن..." ويضيف أن " الدم هو الطريق نحو النصر، وكل الحلول الاستسلامية ستسقط ودم الاستشهاديين سيبقى شاهداً ومناراً"

أن من الملاحظ في الانتفاضة الثانية حدوث تغيير جوهري على صعيد الخطاب القومي والوطني الفلسطيني، من حيث تجلي الخطاب الديني ونكوص الخطاب القومي – هذا لا يعني أن الخطاب الديني كان مغييب تماماً في السابق- حيث ان حالة الصراع من أجل السيطرة على الحيز العام "السياسي والاجتماعي والثقافي والديني أيضاً" ما بين حركة فتح وحركة حماس قد بدأ في المراحل الأخيرة للانتفاضة الأولى، أدت بحركة فتح – والتي كان همها الأول والأخير- هو الاستحواذ على امتيازات سلطة الحكم الذاتي إلى تنازلها واندراج خطابها الأقرب إلى الخطاب الديني، وبما أن الروح مركز الجسد بالبعد الديني، وبما ان الجسد الاكثر جاهزية للنظام الاجتماعي والسياسي، فالجسد والروح كناية عن المجتمع ككل، حيث أنه في وقت الازمات والانتفاضات والحروب تتعرض حدود وهوية المجتمع للخطر من المرجح ان يكون انشغال المجتمع بقواه السياسية والاجتماعية بالحفاظ على طهرانية الجسد والروح، ومن هنا كان تمجيد أجساد الشهداء وتحريم العبث أو فتح أو استخدام قبور الشهداء باعتبار ذلك بالمفهوم الديني والشعبي "أن جسد الشهداء لا يتحلل، وإنما يبقي كما هو"، وتم معاقبة أهالي الاستشهاديين باجساد ابناءهم، حيث بين المسح إلى وجود ما نسبته 39.2% لم يتم تسليم جثة الاستشهادي لذويهم. حيث أن الأولى شكلت الحاضنة الدينية وبالتزامن مع حالة المد الثوري متشابكة مع ظروف نفسية واقتصادية وسياسية قاهرة للشعب الفلسطيني، أدت إلى انتشار ثقافة الاستشهاد في المجتمع الفلسطيني،حيث أن العمليات الاستشهادية لم تعد حكراً على حركة حماس فقط في الانتفاضة الثانية، بل تعدتها إلى الأحزاب السياسية الأخرى، فنسبة الاستشهاديين لحركة حماس هي 34.8%، وحركة فتح 30.4%، والجهاد الاسلامي 23.9%، والجبهة الشعبية 3.8%، والجبهة الديمقراطية 2.7%، واخرين بنسبة 1.8%. ، ونسبتهم من حيث الجندر هي 97.8% ذكور و 2.2% اناث .
تقول الاستشهادية14 المحسوبة على كتائب شهداء الاقصى:
"ولأن الجسد والروح كل ما نملك، فإني أهبه في سبيل الله لنكون قنابل تحرق الصهاينة، وتدمر أسطورة شعب الله المختار، ولأن المرأة المسلمة الفلسطينية كانت وما زالت تحتفظ في مكان الصدارة في مسيرة الجهاد ضد الظلم، فإني أدعو جميع أخواتي للمضي على هذا الدرب، ولأن هذا الدرب درب جميع الأحرار والشرفاء، فإني أدعو كل من يحتفظ بشيء من ماء وجه العزة والشرف، للمضي في هذا الطريق، لكي يعلم كل جبابرة الصهاينة أنهم لا يساوون شيئاً أمام عظمة وعزة إصرارنا وجهادنا، وليعلم الجبان شارون بأن كل امرأة فلسطينية ستنجب جيشاً من الاستشهاديين"

حيث ان الخطاب السياسي للحركات والاحزاب السياسية تماهت مع الخطاب الديني، حتى لو اختلفت ايدلوجياتها وتوجهاتها الفكرية، وعلى الرغم من حالة تحفظ بعض الأحزاب السياسية-على وجه التحديد حركة حماس- على دخول المرأة إلى حقل العمل الاستشهادي، إلا أن حركة حماس قامت بذلك وفصائل أخرى، وذلك بارتباطات دينية واخلاقية متعلقة بسلامة وحفظ المرأة وجسدها، وعدم ابتذالها على الحواجز الصهيونية من قبل الجنود.

حيث أن حالات الابتذال لكرامة الفلسطيني المتمثل بجسده ووعيه كانت سمة أساسية في التعامل الشبه يومي من قبل الجنود الصهاينة على نقاط التفتيش، خصوصاً ما بين أعوام (2001-2004) حيث عومل الفلسطيني متمثلاً بجسده دون المستوى الانساني من قبل الجنود الصهاينة، والتحرش بالصبايا الفلسطينيات، والطلب من الشبان تعرية اجسادهم على الملأ من اجل الفصح والرقابة، ويفرض عليه إبادة جماعية عبر الاغلاقات والحصار والتجويع، والمعاناة والاضطهاد، هذا الممارسات وأكثر تجدها يومياً في واقع الفلسطيني المضطهد، حيث تسحق فيه شخصية الفلسطيني ويمتص كرامته ويحاول الاحتلال ان يزرع مكانها شعوراً بالنقص والدونية لذاته "الجسد والارادة" أمام ظالمه وقاهره، فتجرح نرجسيته، وكما يقوم الاحتلال باضطهاده قومياً والتعامل معه بالعنف والقوة، والتنكيل الجسدي والتي تترك آثاراً نفسية عن مفهومه لذاته "وارتباطاتها عن مفهومه لحقوق شعبه " التي سلبت منه.

وعندما تتفاقم العوامل التأزمية للواقع الفلسطيني، يكون التغلب على الخوف من الموت أولى وأهم متطلبات الحياة بكرامة، فتمثلت في خلق اناشيد تخاطب وعي ومشاعر جسد الفلسطيني مثلاً "إن عشت فعش حراً أو مت كالأشجار وقوفاً"، أو من حيث الشعارات "نموت ولن نركع" و "الامة التي لا تتقن فن الشهادة لا تستحق الحياة"، حيث ان الاستشهاد هو دافع شعوري وواعي للفرد نتيجة إداركه للقمع الذي يتعرض له وشعبه، حيث دلت نتائج المسح إلى تعرض 53% من الاستشهاديين للعنف والقمع والأذى من قبل الاحتلال متمثل بـ استشهاد عزيز، إهانة وشتيمة، معاملة سيئة على الحواجز والبيئة المحيطة، الضرب، اصابة، مداهمة بيت، اعتقال، فقدان مركز الرزق..الخ، فالقمع القومي والوجودي من قبل للاحتلال طال تفاصيل حياة الفلسطيني، وبهذا السياق يتحول الموت " الاستشهاد" إلى بوابة للحياة لأفراد استطاعوا التغلب على الخوف من الموت وتضحيتهم بأجسادهم في سبيل المجموع من أجل الحرية المنشودة، فالفلسطينيون يعذبوا وينتهك حقهم في الوجود، ويموتون معنوياً ووجودياً في كل يوم ألف مرة، فيكون الموت الفزيقي "الجسد" أمراً مستحباً وحياة، وقليلون من هم قادرون على إدراك وفعل ذلك، من خلال الفعل الاستشهادي، يقول الاستشهادي15 :
"ما أجمل أن أكون الرد، لتكون عظامي شظايا تفجر الاعداء. ليس حباً في القتل ولكن لنحيا كما يحيا الناس، فنحن لا نغني اغنية الموت، وإنما نتلو اناشيد الحياة، ونموت لتحيا الأجيال من بعدنا".

بهذه الكلمات، يعبر الاستشهادي عما يجيش بنفسه من الافكار والأهداف، وليعبر عن دمه وعظامه وجسده كأداة مقاومة واعية الفعل والارادة، من اجل شعبه ووطنه، من أجل فتح خيارات للحياة والأمل للاجيال الفلسطينية التي تعيش في ظروف الموت، فاستشهاده هو انتصار مادي ومعنوي وديني على الموت، ليس له فقط وإنما لشعبه الذي يعيش في ظروف استثنائية سلبت منه امكانية العيش بكرامة، فيتنصر على الموت بالاستشهاد، ليقتل حالة اليأس لدى شعبه نتيجة رؤيتهم للدماء التي تسيل من اجساد ابنائنا وبناتنا وشيوخنا، ليخلق بذالك خطاباً يحفز ويرفع معنويات شعبه بتضحيته بذاته، يقول أحد الاستشهاديين في مقدمة وصيته16:
"ولا تهنوا في ابتغاء القوم ان تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون". وتضيف أستشهادية17 "لسنا وحدنا من يجب أن ندفع الثمن ونحصد ثمن جرائمهم، وحتى لا تبقى أمهاتنا تدفع ثمن الإجرام الصهيوني، وحتى لا تبقى أمهاتنا تبكي وتصرخ على أطفالها وأبنائها بل يجب أن نجعل أمهاتهم يبكون فقد قررت بعد الاتكال على الله أن أجعل الموت الذي يحيطوننا به يحيط بهم وأن أجعل أمهاتهم تبكي دمعاً وندماً "

هذه ارضية توازن القوى والفعل والقدرة والإرادة التي يحاول الاستشهاديين/ات أن يخلقونها وأيصالها، وحالة اشتباكها بالخطاب المقاوم، ويدعموها باجسادهم وبدماءهم بارواحهم، من اجل شعبهم وكأنهم صمام أمام لهذا الشعب وحقوقه، حيث بذلوا اجسادهم أداة للحماية والدفاع عن شعبهم وحقوقهم، وتحسين ورفع المعنويات للارادة الفلسطينية، لخلق خطاب الانداد ما بين الفلسطيني والمحتل.

أن درجة الوعي وأدراك حالة القمع الوجودي/القومي متناسبة طردياً، حيث أن ذلك يتمثل بطبيعة رسائل الاستشهاديين، حيث أن 24.4% منهم يحملون شهادات الدبلوم فأكثر، فتختلف مضامين رسائلهم عن غيرهم من الاستشهاديين، بإدراك واحساس أدق تفاصيل القمع والتنكيل الذي يختبره الشعب الفلسطيني، حيث عبرت عبر كلمات تخاطب الوعي أكثر من العاطفة، تهدف إلى خلق واستنهاض كل الاجساد الفلسطينية في السياق التحرري النضالي، وأن الأغلبية من الاستشهاديين هم من الفئات الشابة، حيث أن 42.1% منهم يقعون في الفئة العمرية ما بين 25 إلى 30 سنة، وجميعهم كانوا بمتوسط حسابي قدره 26.4 سنة، وهو عمر الطاقة، وقدرة العمل والتأثر والتأثير.

وبما أن الجسد كموضوع مقاوم مشتبك أيضاً بالبيئة والجغرافيا المحيطة، فقد وجدنا أن تقنيات أدوات المقاومة متغايرة ما بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث أن الأخيرة عاشت وما زالت تعيش حالة من العزلة الشديدة، ودرجات الرقابة والسيطرة ودرجة الاحتكاك بالمحتل فقط تكون في حالات الاقتحام، وليس كواقع الضفة الغربية، القريب من العمق الصهيوني، والمستعمرات، حيث انني وجدت أن نسبة العمليات الاستشهادية "حزام ناسف، تفجير سيارة، حقيبة مفخخة" في قطاع غزة هي 20.2% من حجم العمليات الاستشهادية في قطاع غزة، حيث ان بقية العمليات الاستشهادية كانت "اشتباك مسلح، اقتحام مستعمرة، اقتحام حاجز"، وكانت على التوالي 72.6% من حجم العمليات الاستشهادية في الضفة الغربية، في مقابل 27.4% "اشتباك مسلح، اقتحام مستعمرة، اقتحام حاجز"، وهنا وجدنا تعبير آخر للمقاومة في قطاع غزة وهي الصواريخ المصنعة والمطورة محلياً، والتي تستطيع الوصول إلى العمق الصهيوني، في حال صعوبة اختراق الاستشهاديين الحدود الصهيونية، وأن 31.3% من العمليات الاستشهادية كانت داخل العمق الصهيوني، و14.2% في المستعمرات الواقعة في الضفة الغربية، وأن 53.9% كانت في قطاع غزة .

والسمة الأخرى للفعل الاستشهادي، أن توزيع الاستشهاديين حسب مكان السكن كانت كما يلي: 38.4% من حجم الاستشهاديين من سكان المدن، و 35.5% من سكان المخيمات، و26.2% من سكان القرى، ومن حيث اصولهم، باعتبارحالة اللجوء، فقد وجدت نتائج المسح أن 64.3% من الاستشهاديين من أصل لاجئ، في مقابل 35.7% غير لاجئ. وهنا يتم التأكيد مرة أخرى أن تداخل التجربة السياسية في تاريخ الشعب له علاقة بالتعبير عن الجسد النضالي في واقعه الإيكولوجي، حيث أن ما يميز الانتفاضة الثانية هو استهداف المدن الفلسطينية في عمليات الاقتحام، خصوصاً تلك المناطق الواقعة أو المتاخمة لمناطق الحكم الذاتي المسماة مناطق أ، أو تلك التي شكلت مراكز العمل الوطني والكفاحي، كما هو الحال لمدينة نابلس، والتي تعد مدينة الاستشهاديين، من حيث انها من اكثر المدن التي قامت بذلك النوع من عمليات المقاومة، وحالة تدمير وسحق مخيم جنين بإعتباره الشاهد الحي على جرائم التطهير العرقي على مدار أكثر من 62 سنة، حيث بؤس اللجوء وحالة الاكتظاظ، الذي يحتضن خطاب التحرر والثورة.

أن حالة الاستلاب الوجودي والاغتراب باوجهه الاجتصاسية"الاجتماعي، اقتصادي، السياسي" التي يعيشها الفلسطيني منذ عام التطهير العرقي 1948، والتي أدت بالمحصلة إلى فقدان الأرض باعتبار اهميتها كحاضنة للدولة "للجسد السياسي"، حيث نشأ الفلسطيني في حالات الاغتراب عن واقعه وما يحيطه من رموز احتلالية كولونيالية، أو حتى اغترابه عن قياداته المهزومة، تمثل في وعي وجسد وواقع اللاجئ الفلسطيني، والذي هو عنوان اساسي من العناوين الصراع الفلسطيني الصهيوني، حيث أن 64.3% من الاستشهاديين من اصول لاجئة.

واخيراً، اعيد التنويه أن هذا المقالة ليست شاملة لجميع العناوين التي تم الاشارة عليها، وانما هي محاولة ازاحة فكرية وتنظيرية في موضوعة العمليات الاستشهادية، إلى مدخل لم يتم الاشارة اليه رغم أهميته، وهو موضوع الجسد كمكان متشابك ومرتبط بنيوياً مع التاريخ والخطاب الفلسطيني على مدار تاريخ النضال الفلسطيني، وهي محاولة اجتهادية في موضوع يقبل الاجتهاد فيه والتنظير، باعتباره حالة ثورية ووطنية لا بد من فحصها وتحليلها وتعميمها، وان تشعل شمعة دائماً افضل من أن تلعن الظلام، فشمعتنا هم شهدائنا الأكرم منا جميعاً.




ـــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش
1. ملاحظة، تم كتابة الخطوط العريضة لهذه المقالة على إثر قيام مناضلة فلسطينية اسمها آيات الأخرس بتنفيذ عملية استشهادية في القدس المحتلة، حيث شكل لي هذا العمل البطولي قطيعة فكرية من حيث الموقف من العمليات الاستشهادية والتي كنت أتحفظ عليها في ذلك الوقت، حيث أن مضمون رسالتها وفعلها الثوري لخص مأساة الفلسطينيين برسالة مفتوحة وجهتها إلى ثلاث جهات قبل أن تستشهد، الجزء الأول من الرسالة وجهته إلى الحكام العرب قائلة " كفاكم تخاذلا " والجزء الثاني وجهته إلى الجيوش العربية والتي تتفرج على بنات فلسطين وهن يدافعن عن الأقصى على حد وصفها ... وكان الجزء الثالث موجها إلى إسرائيل، حيث أنني اعتقد أنها نموذج كامل لصورة الاستشهادي، من حيث أن وضعها المادي لأسرتها جيد جداً، وطالبة مجتهدة، ليست بمشاركة في انشطة سياسية ولكن لفت انتبهاهها الجرائم الصهيوينية ضد الشعب الفلسطيني، أبرزها حادثة مقتل الشهيد عيسى زكري في منزله القريب من بيت الاستشهادية، حيث رأت ابنه الصغير يلهو بدمه، ومقبلة على الزواج من شاب في مخيم الدهيشة ربطها معه علاقة انسانية ما قبل الزواج فتقدم بالزواج منها وقبلت وقبل الأهل، واجتماعية في علاقاتها. وتم نشر المقالة عام 2002، على الموقع الالكتروني(www.jerusalem.indymedia.org) حيث كنت محرراً لهذا الموقع حينها، وقد تم إزالتها في عام 2003 واغلاق الموقع من قبل المركز الرئيس لاختلافات حول سياسات وآليات النشر في الموقع (www. indymedia.org).
2. تم تنفيذ المسح من قبل فريق مكون من الدكتور خضر مصلح، بلال عوض سلامة، وبسام بنات، بدعم من جامعة بيت لحم عام 2007/2008، كجزء من سياسة دعم الابحاث الصغيرة في الجامعة، علماً أن الأفكار في مقالتي أو نتائج البحث لا تعبر عن أفكار وموقف جامعة بيت لحم ولا فريق البحث، وإنما أتحمل مسؤوليتها، مع التنويه ان فريق البحث قد اعتمد على استبانة أطروحة ايمان أبو عاشور، لنيل شهادة الماجستير من جامعة القدس تحت عنوان ""سمات ودوافع الاستشهاديين من وجهة نظر أسرهم والمقربين بالمحافظات الشمالية" 2007، واستبانة يوسف أبو راس ضمن اطروحة ماجستير في جامعة النجاح الوطنية 2006، هذا إلى جانب الاعتماد على بعض الفقرات من المقياس العالمي النفسي والاجتماعي، واضافة فقرات أخرى لم يتم تغطيها من قبل الدراسات سابقة الذكر.
3 .كما ورد في صفحة القسام،http://www.alqassam.ps/arabic/sohdaa5.php?id=560.
4. للتوسع في هذا الموضوع، يرجى الرجوع إلى مساجلة د.عادل سمارة(2003) "مثقفون أم قواعد للآخر:بيان الـ 55 نموذجاً"، مركز المشرق. رام الله.
5. المقصود بالعمليات الاستشهادية هنا الفعل الواعي والطوعي للتضحية بالذات في سبيل الاهداف الوطنية والدينية وبالتالي تشمل "حزام ناسف، تفجير سيارة، حقيبة مفخخة، اشتباك مسلح، اقتحام حاجز" حيث انني لا أقوم بالتمييز بينهم، حيث بلغ عددهم 451 في الضفة الغربية وقطاع غزة بواقع 262 استشهادي من غزة، و 189 من الضفة الغربية، وكان ثبات الأداة الاحصائي هو 0.93 وهي نسبة عالية جداً.
6. من وصية الاستشهادي جمال ناصر، منفذ عملية استشهادية بالقرب من مستعمرة شافي شمرون بتاريخ 29/4/2001. على الموقع الالكتروني. http://www.nnw1.net/media/?articles=topic&topic=73
7. يجب التنويه أولاً إلى أن اطروحتي الماجستير لإيمان أبو عاشور، ويوسف أبو راس، بالاضافة إلى استبانة المسح الحالي، و النتائج الاحصائية في اطروحة بسام بنات المعنونة بـ"Palestinians Suicide Martyrs (Istishhadiyin): Facts and Figures " لنيل شهادة الدكتوراة، من جامعة غرناطة/اسبانيا، لا تعبر بالضرورة عن السمات النفسية والاجتماعية وتغيراتها للاستشهادي، أو الخصائص/الدوافع الوطنية والدينية والاجتماعية، حيث أن أنني أميل إلى تسميتها "صورة وسمات ودوافع الاستشهادي كما هو في المخيال الاجتماعي" لذوي ومقربي الاستشهاديين، والتي تمت مقابلتهم للتعرف على ما سبق، إلى جانب أن الأخير حدد مفهوم الاستشهاديين بـ "حزام ناسف، تفجير سيارة، حقيقة مفخخة" واستثني من التسمية "اشتباك مسلح، واقتحام مستعمرة أو حاجز".
8. الاستشهادي سامر شواهنة، منفذ عملية الخضيرة، بتاريخ 29/11/2001.على الموقع الالكتروني.
http://www.alaqsagate.net/vb/showthread.php?t=49004
9. أنظر مثلاً العمليات الاستشهادية مكتوب فيها عنوان الدراسة انتحار استشهاد
Journal of Society and Heritage, No. 51, 2010 http://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1549527
أو (Profile)الاستشهاديين
http://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=1557041

10. تكنولوجيا التعذيب والتأديب، هو مصطلح استخدم من قبل ميشيل فوكو في تحليله لحالة التطويع التي اختبرها الفرد في أوروبا من اجل إحكام السيطرة عليه.
11. مفهموم نظرية طقوس العبور، هو مفهوم كما تلخصه سوزان ستيتكيفيتش S. Stetkevych: يتكون كل طقس عبور من ثلاثة أجزاء، أو ثلاث مراحل: أولاها الفراق Separation أي انقطاع العابر من مكانته السابقة في المجتمع، وثانيتها الهامشية Marginality أو العتبية Liminality أي طور انتقال يقضيه العابر على هامش المجتمع، وهي حالة وسط بين المرحلتين السابقة واللاحقـة. وفي هذه المرحلة لا يملك العابر أية مكانة اجتماعية معينة، بل يعيش خارج المجتمع.. ولذلك نجد أن الرموز المسيطرة على هذا الجزء من الطقس تعبر عن الغموض وعدم الاستقرار، كما تشير أيضاً إلى سلوك غير اجتماعي أو ضد المجتمع.. أما المرحلة الثالثة فهي إعادة التجميـع في المجتمع، أو إعادة الاندماج في المجتمع Reaggregation Reincorporation حيث يحرز العابر في هذه المرحلة مكانة ثابتة معينة جديدة، فيتمتع بالحقوق المترتبة على هذه المكانة، ويتحمل المسؤوليات المتعلقة بها . على الموقع الالكتروني. http://www.ugr.uaeu.ac.ae/arabic/.../nazariyat_toqos_al3obor.do
12. عزمي بشارة، بيان وقف إطلاق النار، على الموقع الالكتروني.
http://www.aljazeera.net/NR/exeres/382497C4-4E26-4C98-B3D2-8495F2D3C4D6.htm.
13. الاستشهادي راغب جرادات، منفذ عملية حيفا، بتاريخ 10/4/2002. على الموقع الالكتروني.
http://www.paltoday.com/arabic/News-76674.html
14. الاستشهادية دارين ابو عيشة، منفذة عملية مستعمرة بالقرب من رام الله. بتاريخ 27/2/2002، على الموقع الالكتروني.
http://www.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=13892
15. الاستشهادي محمد الغول، منفذ عملية القدس بتاريخ 18/6/2002.على الموقع الالكتروني.
http://www.alrabita.info/forum/showthread.php?t=22169
16. الاستشهادي راغب جرادات، منفذ عملية حيفا، بتاريخ 10/4/2002. على الموقع الالكتروني.
http://www.saraya.ps/index.php?act=Show&id=4613

17. الاستشهادية هنادي جرادات، منفذة عملية حيفا، بتاريخ 4/10/2003. على الموقع الالكتروني.
http://www.al7orya.net/vb/showthread.php?s=97009e7bbfeea1075ffbe69f45ea813b&t=9327 .



#بلال_عوض_سلامة (هاشتاغ)       Bilal_Awad_Salameh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاجئو مخيم الدهيشة : حق العودة لا يسقط بالتقادم
- اريتريا الافريقية : درس للفلسطينيين
- ثقافة الغالب والمغلوب في فكر ابن خلدون: قراءة فلسطينية
- العدوان على غزة : انها لحظة تصحيح الاعوجاج في سبيل الفعل الم ...


المزيد.....




- اختيار أعضاء هيئة المحلفين في محاكمة ترامب في نيويورك
- الاتحاد الأوروبي يعاقب برشلونة بسبب تصرفات -عنصرية- من جماهي ...
- الهند وانتخابات المليار: مودي يعزز مكانه بدعمه المطلق للقومي ...
- حداد وطني في كينيا إثر مقتل قائد جيش البلاد في حادث تحطم مرو ...
- جهود لا تنضب من أجل مساعدة أوكرانيا داخل حلف الأطلسي
- تأهل ليفركوزن وأتالانتا وروما ومارسيليا لنصف نهائي يوروبا لي ...
- الولايات المتحدة تفرض قيودا على تنقل وزير الخارجية الإيراني ...
- محتال يشتري بيتزا للجنود الإسرائيليين ويجمع تبرعات مالية بنص ...
- نيبينزيا: باستخدامها للفيتو واشنطن أظهرت موقفها الحقيقي تجاه ...
- نتنياهو لكبار مسؤولي الموساد والشاباك: الخلاف الداخلي يجب يخ ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - بلال عوض سلامة - تكاد تتحول العمليات الاستشهادية إلى ايدلوجية فلسطينية1