أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - الكلاب لا تغتصب بعضها، مثل ما يفعل الإنسان















المزيد.....

الكلاب لا تغتصب بعضها، مثل ما يفعل الإنسان


حميد طولست

الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 10:43
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ــــ الكلاب لا تغتصب بعضها، مثل ما يفعل الإنسان ــــ
لقد أحببت الحيوانات مند مراحل متقدمة من عمري، حيث كان لي "سجنة حمام" بناها والدي، رحمة الله عليه، فوق سطح بيتنا، أتباهى بها وبما تضمه من غريب أنواع الحمام، المحلي منه والمجلوب، على أقراني والمولعين مثلي بتربية الحمام والطيور، إلى جانب الأسماك والأرانب والكثير من القطط التي كنت وقلة قليلة من أبناء حينا الشعبي "فاس الجديد" نتفرد بتربيتها، ونتفاخر بأنواعها الأنجورا الفارسية، والتركية turkish Angora ، والسيامية، والبالينيزي، والبورمية، والحبشية، وحتى عابرات السبيل منها "أي البلدية"، عدا الكلاب وحدها فلم يكن مسموح لي بتربتها في البيت، بدعوى حرمتها في دين، والتي ما كان الكبار يكفون عن ايذائها حتى يتناوشها الصغار بالعصي والحجارة، في مجتمع يدين بالإسلام دين الرحمة والإنسانية، والرفق بالحيوان !!
وقد كانت لي مع تربية الكلاب تجربة فريدة، انتهكت خلالها – رغم حداثة سني- تفاهة العرف، وغبار معتقدات، وغرابة التفكير المحلي لهذا المجتمع الذي أعيش بين أناسه، الذين أدمنت أذهانهم على الخرافة والتصقت بها شر التصاق، والذين سرعان ما اتهموني -على ضوء ما توارثوه جيلاً عن جيل، من دون تفكير كبير فيه، والذي يخشى الكثرون، بل ويرتجفون من تصويب مساره وتحسين صورته وإخراج خبائثه من جسم المجتمع - ليس فقط بالخروج عن العادات والتقاليد، بل شككوا حتى في قوام تديني، وصلاح إيماني، لمجرد أنني اعتنيت بجرو ضال وأويته فوق سطوح بيتنا، حيث أنه ذات يوم، وأنا في سوق الحي أقضي بعض ما كلفت به من حاجيات، فإذا بشيء يتمسّح بطرف معطفي وكأنه عباءة مباركة في ضريح أو مزار مقدس، نظرت، فإذا به كلب، عيناه منكسرتان تلوذان فراراً من تكشيرة الإنسان وعضّات غدره الذي ترك ندوبا كثيرة ذيله وفروته المتسخة التي كانت تفوح منها روائح بترول ولحم مقدّد، تسرب نباحُه الصامت إلى أذني، كنحيب ناي أغنية حزينة تحكي قصص الجوع والألم، أو قصيدة تتوسل مستمعيها الرثاء.. مكنته من قطعة خبز، فابتلعها بدون مضغ، وأتبعتها بثانية وثالثة، ثم أخرى رابعة، سكن فيه الجوع، وامتلأت حدقات عينيه بالرضا، وسار ورائي يتبعني حتى بلغت الدار، حيث بسط أذرعه ببابها محركا ذيله المعطوب يمنة ويسرة تعبيرا عن الفرح والامتنان، لقد كان كلبا ودودا عاش برفقتي شهورا لا أذكر عددها، قبل أن تُمتد إليه أيادي الغدر باسم الذين الذي يتهمون الكلاب بمنع دخول الملائكة إلى المنزل الذي يوجدون فيه.
انشغلت بمتاعب الحياة والأولاد عن أمور الكلاب ، وبقي حبها كامنا بدواخلي، إلى أن أتاحت لي الصدفة، منذ سنوات قليلة- وبالضبط بعد تقاعدي عن العمل من سلك التدريس- فرصة تملك جروة حديثة الولادة، والتي جعلني الحب الدفين لكل ذي كبد رطبة، انقض عليها، وأعض عليها بالنواجد، واتبنى رعاية تلك الجرة اللطيفة المحببة، والتي كنت، وزوجي وأولادي، لا نبخل عليها بساعات عدة من اليوم، نرعاها خلالها، ونراقب أسلوب حياتها، مراقبة علمية، ونرصد تصرفاتها، رصدا منهجيا، وقد دفع بنا التعلق المميز، والاهتمام المتفرد بها وبأحوالها، لتجمع كل تفاصيل سلوكياتها، أولا بأول، كيف تأكل وتشرب، كيف تلعب معنا ومع الزوار، وكيف تتشاجر، وما هي آلية فض منازعاتها، وكيف تتزاوج، وغيرها من التفاصيل الكثيرة، حتى الضئيلة منها والمبهمة والملتبسة، وغير ذات قيمة متوقعة، وقد تطوعت زوجتي لتدوين كل تلك المعاينات في مذكرة، أسمتها "أَيْدي" على اسمها، وذلك في محاولة للخروج باستفادة أو تطبيقات عملية ما، تمكننا من استخلاص قواعد والأنماط حياتها وقوانين وتطوراتها بيننا، وقد من بين النتائج الهامة التي لمسناها وتوصلنا إليها كأولى معاينة هامة، خلال مدة التقصي والتي لم تكن قصيرة هي: أننا لاحظنا أن عالم الكلاب لا يعرف ما يحدث في عالم بني البشر من أفعال التحرش والتعدي على حرمات المرأة، حيث انه لا يمكن أن تجد كلباً ذكراً، مهما كبر أو صغر، يغتصب كلبة أنثى أو يتحرش بها جنسياً خارج موعد خصوبتها في موسم التزاوج، الذي لا يكون حينها، تحرشاً أو اغتصاباً، وإنما طاعة وتلبية عمياء لنداء الطبيعة، ثم بعد انتهاء مدة خصوبة الأنثى، التي لا تدوم أكثر من عدة أيام مرة أو مرتين في السنة، تتحول بقدرة قادر ذكور وإناث الكلاب في المجموعة إلى إخوة تامة منزوعة الجنس، يعيش الذكر وينام ويلعب مع أنثاه لعدة أشهر متتالية دون أي رغبة أو شهوة على الإطلاق بين الذكر والأنثى ودون حتى أن يحاول المساس بها جنسياً، إلى حين أن يأتيه نداء المعاشرة القادم، وعندها فقط يعود التزاوج إلى عنفوانه، ويستطيع الأقوياء من الذكور معاشرة الإناث المستعدات للتزاوج، لا يقربون صغيرات السن، كما يتخلف ما شاخ أو هرم أو سقم من كبر أو مرض، أو سغب، من الذكور، لتصدق مقولة داروين: "البقاء في الحياة يكون للأقوياء بوجه عام".
فالجنس عند الكلاب، هو عكسه عند البشر كلهم، إذ لا يكون إلا بميعاد، وبنظام صارم، من المستحيل أن يعرف مثله البشر، ليس لأن الكلاب والكثير من الحيوانات، منظمة ومؤدبة كما قد يبدو ظاهرياً من سلوكها، لكنها في حقيقة أمرها، هي كائنات مبرمجة بيولوجيا، لا تتملكها الهوس الجنسي البشري، والشبق المسيطر على ذكور بني الإنسان، ورغبتهم الكبرى في المرأة -المحجوبة عنهم دوماً من خلال ما توارثوهُ منذ قرون، من الفصل بين الجنسين، وحجب المرأة عن الرجل، بهدف الابتعاد عن وسوسة الشياطين الكامنة في النفوس الأمّارة بالسوء- التي يريدها أن تكون هدفاً له، وسلوى يسعى لها طوال حياته، وأداة لمتعته الجنسية فقط؛ لأنه، هو عكس كل الأجناس الحيوانية الأخرى، لديه ذكاء خارق، ينتج عنه تراكم علمي وحضاري، يجعل سلوكياته في المعاشرة الجنسية، سلوكيات غير نظامية ولا نمطية ولا مقولبة بشكل صارم مثل الحيوانات المبرمجة بيولوجياً، حيث نراه، وفي كثير من الأحيان، يتلصص النظرات إلى محاسن جسد المرأة، وينقض عليها، كلما اتيحت له فرصة الاختلاء بها، حتى أنه إذا جمعت الصدفة أحدهم بامرأة، تحت سقف واحد، فلا ضمان لهما, أو لا ضمان للشيطان الذي يسكنهما, أو بالأحرى يسكن الرجل، لأن المشكل الأساسي في غالبيته، يكمن في الرجل, وهو المعتدي غالباً -أما المرأة، فهي أقوى منه في السيطرة على شيطانها (غريزتها) لو اختلت بالرجل، فلم نسمع يوما بأن هناك امرأة حاولت يوماً غصب رجل على ممارسة الجنس معها, أو حاولت التحرش به إلا ما ندر، كقصة امرأة العزيز التي راودت يوسف عن نفسه، على سبيل المثال.
ولجزر الرجل وإبعاده عن الفساد الأخلاقي والامتناع عن ممارسة الفحشاء, وكف يده عن الاعتداء على حرمات المرأة، وللوصول لمجتمع نقي وخالي من الأمراض الاجتماعية والمشاكل الجنسية من اعتداءات واغتصابات وزنا المحارم، جُعل من المرأة –تجنيا وظلما- عورة وفتنة، ونوعاً من انواع الشياطين، ومنعت من الاختلاء بالرجل، لدرجة وصلت الى منعها عند البعض من سياقة السيارة، وركوب التاكسي، أو صعود المصعد مع رجل غريب عنها, وعليها ان تنتظر إلى أن يأتي شخص ثالث لكي لا تكون هناك خلوة بينهما, أو تنتظر لحين خلو المصعد من هذا الوحش الكاسر المسمى "الرجل" الذي لا يحل في مكان منفردا بامرأة، إلا وحل معهما شيطان الشر، كما جاء في الحديث النبوي: "لا يخلو رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما"، لا ولن أجادل في الحديث، لأن لذلك متخصصون هم أقدر مني في ذلك، ولكني أتساءل عن هذا الدين ونتاج ما تعلمناه وأسلمنا به من قرآننا الذي رددنا آياته في جميع مرافق حياتنا، والذي لا يكف عن الحث على استعمال العقل لإبعاد وسوسة الشيطان عن نفوسنا ؟ فما نفع هذا العقل لو لم نتمكن بواسطته من التفريق بين الصالح والطالح، وما الفائدة منه إذا كانت نفوس أصحابه المعوقة، والامارة بالسوء، وشخصيات رجاله المشوهة اجتماعياً، تدفع بهم لإتباع عكسه والعمل بخلافه، دون ان يمنعها، إحساس بالذنب، أو احتقار للذات، من استغلال المرأة وقمعها، كما كان يحدث طوال آلاف السنين، ولا تزال تعيش في مجتمعات تقليدية، وتشرعن للاستبداد تحت راية رؤى تساهم - بعلم أو من دون علم - في انتهاك حقوق المرأة وكل الحريات التي تقوم عليها الحياة وتُبقيها مسجونة وسط الرجال، منتقبة محتجبة داخل ملابسها، ممنوعة عن اكتساب وممارسة أبسط حقوقها ووظائفها الاجتماعية والإنسانية، بدعوى ما يسمى الثوابت الدينية والاجتماعية المنظمة لقيم المجتمع وأخلاقه..
ليت الناس تتعلم -رغم ذكائهم، سبب مصائبهم، لأنه سلاح ذو حدين، فهو ضار للإنسان، إذا هو حوصر وقيد أكثر من اللازم، ويصبح الإنسان معه، بدون شك، أكثر طاعة وأدباً ونظاماً ونمطية، ويكون بذلك، أقرب إلى الحيوان المفطور والمبرمج بيولوجياً، والمتخلف علمياً وحضارياً، منه إلى الإنسان الحر المبدع، والذكاء مفيد ونافع في كل أحواله، إذا هو أطلق له العنان أكثر من المنطقي والمعقول، ولم يُقيد بالقيم والقوانين، فيصبح الانسان متحررا من كل القيود الأخلاق والقيم الإنسانية، ويجعله يتنكر للعقل وجوهر وروح الأخلاق الدينية والقيم الحضارية الإنسانية، ما يضطر المصلحين ورجال الدين، للتدخل في الطبيعة الإنسانية، لحماية المجتمع الإسلامي بأحكام وقائية قسرية، تمنع، وتفصل، بين الجنسين "الرجل والمرأة"، فصلا تاما, كما في الحديث النبوي الشريف "لا يخلو رجل بامرأة إلا وكان الشيطان ثالثهما".. يا ليت الناس تتعلم من كل الحيوانات وليس من الكلاب فقط، فالتاريخ به عبر كثيرة ترجع إليها الأمم لتصوب مسارها، وتتحاشى الوقوع فى الكوارث والانكسار، والقرآن الكريم به، كذلك، الكثير من العبر فيما يتعلق بالذين سبقونا كقوم لوط وعاد...



#حميد_طولست (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الزعامة أو الرئاسة؟
- حكومة تقسيم وتشتيت بامتياز!؟
- القاهرة مدينة مجنونة 2
- حق المدينة وبرج شباط!!!؟
- القاهرة مدينة مجنونة
- كل نكتة وانتم بخير!
- العيد في عاصمة -أم الدنيا- القاهرة.
- تدهور الارصفة
- أزمة صحافة أو أزمة سياسة؟
- الثورات لا يطلقها المنظّرون، والمفكرون، وإنما البسطاء والفلا ...
- قضية حزب الاستقلال، بين منطق العقل ومنطق العاطفة والاندفاعية ...
- أغرب مأدونيات وزارة التجهيز والنقل تصاريح -20D -!
- ذكرياتي المرة مع المستشفيات العامة والخاصة.
- حتى لا تنسينا قضية -الغزيوي/النهاري- قضايانا الحساسة !؟
- خطاب بنكيران بين الشعبوية والدهاء السياسي !؟
- مؤتمر حزب الاستقلال، تمرد أم ثورة؟
- مذكراتي مع المستشفيات العامة والخاصة. الحلقة الثانية: سياسة ...
- ذكرياتي المرة مع مستشفياتنا الخاصة والعامة.
- إلى متى هذا العجز عن القضاء على الفساد بالكاملة؟
- خواطر عمالية على هامش مؤتمر نقابي!


المزيد.....




- نزلها الآن بنقرة واحدة من الريموت “تردد قناة طيور الجنة 2024 ...
- قصة السوري إسماعيل الزعيم -أبو السباع-.. مطعم زوار المسجد ال ...
- كاتب يهودي: المجتمع اليهودي بأمريكا منقسم بسبب حرب الإبادة ا ...
- بايدن: ايران تريد تدمير إسرائيل ولن نسمح بمحو الدولة اليهودي ...
- أستراليا: الشرطة تعتبر عملية طعن أسقف الكنيسة الأشورية -عملا ...
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- المتطرف -بن غفير- يعد خطة لتغيير الوضع القائم بالمسجد الأقصى ...
- فيديو/المقاومة ‏الإسلامية تستهدف قاعدة ميرون -الاسرئيلية- با ...
- -شبيبة التلال- مجموعات شبابية يهودية تهاجم الفلسطينيين وتسلب ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف مقر قيادة الفرقة 91 الصهيونية في ث ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حميد طولست - الكلاب لا تغتصب بعضها، مثل ما يفعل الإنسان