أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - استلاب لغوي يغزو دوائر الحكومة الليبية














المزيد.....

استلاب لغوي يغزو دوائر الحكومة الليبية


محمد عبعوب

الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 03:31
المحور: الادب والفن
    


لاحظت وبتحفظ ميل متكرر لدى شريحة مهمة من الموظفين في الدوائرالحكومية الليبية لاستعمال لغات أجنبية في الحوارات بينهم خلال ساعات الدوام الرسمي بهذه الدوائر .. ومن خلال بحثي وتتبعي لهذه الظاهرة، عرفت أن معظمهم كانوا يتواجدون خارج البلاد، إما كطلبة موفدين في دورات او درسات جامعية بالخارج، او كمهجَّرين قسريا بسبب مطاردات النظام السابق الذي كان يشن حربا شعواء على معارضيه ويطاردهم ويقتلهم حتى في المنافي، وهذا الأمر جعلني أتفهم وإلى حد ما ميل هذه الشريحة لهجر اللغة العربية في حواراتهم والركون الى استعمال اللغات الأجنبية لقرب عهدهم بها، وفي بعض الأحيان لاستعراض مهاراتهم اللغوية أمام بقية الموظفين المساكين اللذين لم يحظ حتى باتقان اللغة العربية التي كان النظام السابق يدعي زورا أنه يحميها ويجتهد لتجذيرها في وعي وثقافة الشعب..

حقيقة كان هذا اللجوء المصطنع وغير المبرر للغة أجنبية في الحوارات العادية بين هذه الشريحة من الموظفين، رغم إلمامهم الجيد باللغة العربية البسيطة المستعملة في الدوائر الرسمية وفي الشارع الليبي والتي رضعوا أبجدياتها من صدور أمهاتهم، كان يستفزني ويبعث فيا شعورا بالشفقة على هؤلاء المُستلبين لغويا الذين رسخ حصولهم على مفردات لغة اجنبية محدودة وبسيطة في نفوسهم تنكرا للغتهم الأصلية ونفورا منها يكشف عن هشاشة شخصيتهم وسطحية وعيهم لمفهوم الانتماء الوطني الذي تشكل اللغة والتمسك باستعمالها في الحياة اليومية واحدة من مظاهره.. وما يبعث على الحزن والأسى أن يذهب واحدا ممن تلقوا دراسة لغة اجنبية في جامعات ليبية في التماهي مع هذا التيار، وكنت قد جادلته حول الظاهرة ، إلى حد الكفر باللغة العربية ونعتها بأنها "لغة تخلف وأمراض" وهو بالامس القريب كان يطبل في جوقة القذافي حتى آخر أيامه في فندق ريكسوس، وهو الذي كان يتلطى لأربعة عقود بشعار الحفاظ على اللغة العربية وينوم البسطاء به، فيما يمارس على ارض الواقع حربا شعواء عليها، انتجت لنا أجيالا من الجهلة باللغة العربية السليمة والمتنكرين لها مثل صديقنا هذا.

ورغم ذلك كنت أجد لبعض هؤلاء العذر، خاصة صغار السن منهم الذين تشبعوا بثقافة مستلبة حضاريا ت نتيجة الصدمات التي عاشوها خلال انتقالهم للدراسة بالخارج، حيث اكتشفوا زيف الشعارات التي كان يرفعها النظام السابق والتي كان من ضمنها شعار الحفاظ على اللغة العربية والرفع من شانها في البلاد وحتى خارج البلاد، ووجدوا أن حتى لغتهم العربية لم تكن بالمستوى المطلوب ما زاد من مصاعب تحصيلهم في مجال اللغات الاجنبية.. إلا أن إصرار ودأب موظفين سامين كبار في وزارات مرموقة على استعمال لغات أجنبية في حواراتهم مع الموظفين داخل دوائرهم لا يبرره اي ظرف او موقف، فاللغة الرسمية المعترف بها للتعامل في ليبيا حتى الآن هي اللغة العربية، ولا أعتقد ان موظف بدرجة وزير او وكيل وزارة او رئيس دائرة او قسم بمؤسسات الدولة الليبية يعجز عن إيجاد الكلمات والمصطلحات العربية التي تساعده في توصيل معلومة ما للآخر المقابل له الذي ينتمي الى نفس اللغة، كما ان لغتنا العربية غنية بالمفردات والمصطلحات سواء العربية الأصيلة أو المنقولة عن لغات أجنبية، وبالتالي أرى أن في هذا التصرف تنطعا وتقليلا من قيمة اللغة التي تعكس ثقافة مجتمعنا.. وهذا يعكس حالة استلاب لغوي وحضاري لدى هؤلاء الموظفين يجب أن يعملوا على التخلص منها حتى لا تصبح ظاهرة عامة وتخلق طبقة موظفين مفارقة لانتمائها الوطني والثقافي داخل مجتمعنا الليبي المتمسك بانتمائه الثقافي والحضاري .



#محمد_عبعوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يقع شيوخ الزيت في مصيدة الجرذان؟!!
- ليبيا من طاغية إلى طغاة.
- عندما يتحول القهر إلى مأثرة!!
- الربيع العربي يلد صنما
- مسكين أيها الخروف!!!
- حان موعد الثورة الثانية.. ايها الليبيون هبوا..
- شرعنة انتقائية لتشكيلات خارج الشرعية
- نص.. قراءة في لوحة -بوهيمية- للرسام ويليام بوغيرو
- أين سلطة الدولة مما يجري في ليبيا؟
- اللحظات الأخير لرحيل طاغية..
- تسويغ الفساد ثقافة شعبية
- فزاعة فضائية بمواصفات قذافية..
- ذكرى الاولى لتحرير طرابلس.. فرح يخالطه الحزن
- حتى لا تدنس الثورة السورية..
- إمارة شمال مالي الإسلامية .. عواقب التفكيك ومخاطر التغول
- حرب كيميائية اسرائيلية ضد العرب الفلسطين
- ديمقراطية الدم في العراق
- في عرس الديمقراطية بُعث الامل وصمتت البنادق..
- لا للعسكرة.. نعم للتمدن..
- الخطوط المغربية.. واقع دون الطموح!!


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبعوب - استلاب لغوي يغزو دوائر الحكومة الليبية