أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - مسودة الدستور المصري لإنتاج -إله- جديد!















المزيد.....

مسودة الدستور المصري لإنتاج -إله- جديد!


شريف صالح

الحوار المتمدن-العدد: 3937 - 2012 / 12 / 10 - 01:40
المحور: المجتمع المدني
    



عزيزي المواطن/ة المصري

أعلم أنك تحب وطنك وتريد له الخير والاستقرار، وتريد لك ولأولادك نظاما سياسيا يحترمك ولا يهينك ويوفر لك فرص العمل والتأمين الصحي والحياة الكريمة.. وبعيداً عن الجدل السياسي بين المؤيدين والمعارضين للرئيس محمد مرسي، أكتب إليك كي تنتبه جيداً لمواد الدستور قبل أن تقول "نعم" أو "لا". لأنه الوثيقة التي ستحكم علاقتك بالرئيس ومجلس الشعب والشرطة والجيش، وتحدد كل تفاصيل حياتك، ومستقبل أولادك أيضاً. وأظنك أذكى من أن تكتب "شيكاً" على بياض لأحد، سواء أكان لجماعة الإخوان أو حمدين صباحي أو محمد البرادعي.
قبل أن تقول "نعم" أو "لا" للدستور، انتبه جيداً
هذه المسودة حتى الآن هي مجرد ورقة، ويمكن تغييرها، إذا قاطعتها أو إذا قلت "لا"، لكنها ستصبح عقداً ملزماً لك إذا قلت "نعم" وقبل أن تقول رأيك، اسمح لي أن أضع أمامك مجموعة من الملاحظات المحددة حول سلطات الرئيس، وهل فعلاً تغيرت كثيراً عن الدستور الذي حكمنا به مبارك أم هي ديباجة لغوية جميلة لإعادة إنتاج "إله" جديد؟! وإذا لم تصدقني فيما سأوضحه لك يمكنك العودة إلى مسودة الدستور والتأكد بنفسك.
تعلم ما عانينا تحت حكم مبارك من ظلم وفساد بسبب ديكتاتوريته، فكل شيء في مصر كان يدار بتعليمات الرئيس وجهازه الأمني، وكان مبارك هو رئيس الجمهورية، والقائد الأعلى للقوات المسلحة، والقائد الأعلى للشرطة، والرئيس الأعلى لمجلس القضاء. أي إن السلطات كلها تقريباً كانت في يده، وبالتالي سهل له أيضاً أن يتوغل حتى على السلطة التشريعية ويفرغها من دورها. ولكي يضمن أن يحتكر السلطة وحده على طريقة "أنا ربكم الأعلى" امتنع عن تعيين نائب له، لأن الدستور لا يلزمه بتعيين نائب، كما جرى العرف في عهدي عبد الناصر والسادات.
فهل مسودة الدستور الجديد غيرت هذا الوضع؟ اقرأها جيداً ستجدها لا تلزم الرئيس بتعيين نائب!
وإذا عدت إلى الدستور الأميركي ـ الذي يعتبر من أقدم وأعظم الدساتير في العالم ـ فإنه يلزم باختيار رئيس ونائب. ما أهمية النائب؟ سأقول لك:
ـ كسر احكتار السلطة من قبل شخص واحد، مهما زعم من نزاهة وعدل.
ـ في حال عجز الرئيس عن ممارسة مهامه (لأنه ليس إلهاً) إما لمرض أو لسفر اضطراري، أو وفاته المفاجئة، تنتقل السلطة إلى نائبه مؤقتا، أو لاستكمال المدة الرئاسية، ما يمنع حدوث أي فراغ في رأس السلطة، أو اضطراب في الدولة.
ـ أيضاً وجود "نائب" يتيح للكونجرس بكل بساطة محاسبة الرئيس ومحاكمته إذا لزم الأمر، وفي حال إدانته يتم عزله ويتولى نائبه السلطة.. أما تجاهل هذا المنصب، فهو يعني عملياً صعوبة محاسبة أو محاكمة الرئيس.
المشكلة ليست فقط في عدم النص على وجود نائب للرئيس، بل إن السلطات الممنوحة للرئيس لا تفرق كثيراً عن تلك السلطات التي كانت ممنوحة لمبارك، فهو رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة (م146)، ورئيس المجلس الوطني للدفاع (م197) ورئيس هيئة الشرطة (م199)، وهو الذي يعين رؤساء الأجهزة الرقابية (م202) بعد موافقة مجلس الشوري (اشمعنى الشوري مش مجلس الشعب؟!)، مع إن هذه الأجهزة يفترض انها تراقب السلطة التنفيذية التي يرأسها الرئيس! ويعين ايضاً النائب العام بناء على اختيار مجلس القضاء الأعلى (م173)، وقضاة المحكمة الدستورية (م 176) كما يعين رئيس الحكومة (م139)، وعشرة في المائة من اعضاء البرلمان، وله حق دعو البرلمان للانعقاد وحق حله بشرط الاستفتاء على الحل، وهو الذي يضع السياسة العامة للدولة (بالاشتراك مع الحكومة التي يعينها)، ويعين الموظفين العسكريين والمدنيين والممثلين للدولة (الدبلوماسيين)، ويعلن حالة الطوارئ بعد موافقة البرلمان، وأخذ رأي الحكومة (هذا تقريبا ما كان يحدث أيام مبارك عدا إن إعلانها لمدة ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا باستفتاء عام)، وله حق العفو عن العقوبة، ودعوة الشعب للاستفتاء في المساءل المهمة.
ما معنى كل هذه المهام التي يمارسها الرئيس أنه "سوبرمان" يدير فعلياً أربع سلطات: التنفيذية، القضائية، التشريعية، والرقابية ايضاً. ولا يختلف هذا الوضع كثيراً عما كان أيام مبارك. ولك أن تراجع المواد التي ذكرتها لك، لتدرك أن الرئيس يتحكم في كل شيء.
مثل هذه المهام، تنطلق من النظر إلى مؤسسات الدولة باعتبارها أدوات معاونة للرئيس الإله، وليست مؤسسات مستقلة تراقب بعضها بعضا، وتتكامل أدوارها الوظيفية في خدمة الشعب.
كما إن وضعية الرئيس بكل هذه السلطات الواسعة، لا تساعد أساساً في تحقيق مبدأ الفصل بين السلطات، فغير معقول أنه يعين كل المناصب العليا في كافة أجهزة وسلطات الدولة بما في ذلك رؤساء الأجهزة الرقابية التي ستراقبه هو وحكومته، ثم ما الداعي لأن يعين النائب وأعضاء المحكمة الدستورية ولا يسند ذلك إلى مجلس القضاء الأعلى ضمانا لحصانة واستقلالية القضاء؟ و ما الداعي للنص على أنه رئيس هيئة الشرطة، وهي في نهاية الأمر هيئة "مدنية" تابعة لوزير ورئيس حكومة، أي تابعة ضمناً للرئيس بما لا يحتاج إلى نص! لكنه إرث الديكتاتورية!
ولماذا لا يتم تقييد حق هذه التعيينات الحيوية بموافقة البرلمان؟
والطريف أن المسودة التي تمنح الرئيس سلطة مطلقة في تعيين جميع المناصب العليا في الدولة المدنية والعسكرية والقضائية والدبلوماسية، لا تذكر من يعين رئيس البنك المركزي وهو من أهم مناصب الدولة!
وإذا عدنا إلى الدستور الأميركي سنلاحظ أن الرئيس لا يملك كل هذه السلطات باستثناء قيادة الجيش، حتى إعلان الحرب من اختصاص الكونجرس بالأساس، وكذلك التعيين في المناصب العليا لابد أن يمر على الكونجرس، لأن إطلاق يد الرئيس في التعيين هو الفساد بعينه، والديكتاتورية في أجلى معانيها.
وأترك لك تقدير الأمر، إذا كنت تقبل رئيساً بكل هذه السلطات، ودون أي بنود عن المحاكمة الجادة له في حال قبول هدايا أو حصوله على منافع خاصة له ولأقاربه أو تعطيله للقوانين أو الحنث باليمين.. اللهم إلا في حال "الخيانة العظمى" وهذه التهمة الزئبقية، موجودة ايضا في الدساتير القديمة، وأنت وبراعتك في إثباتها!
وفيما يفرض الدستور الأميركي قيوداً كثيرة على الرئيس، يندر أن تجد مثل هذه القيود على الرئيس في مسودة الدستور المصري، بل هي تقريباً سلطات بغير حساب ولا مساءلة! فإذا قبلتها وقلت "نعم" لا تلوم إلا نفسك!



#شريف_صالح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إني اتهمك يا سيادة الرئيس محمد مرسي
- الشراميط الأوساخ.. مسلمين ومسيحيين!
- أبو إسماعيل المروج الأكبر للجهل
- العريان.. عارياً
- أولمبياد لندن.. ومارثون الأسد
- ملاعيب شفيق و-العسكري-
- الجهاز يلعب بذيوله
- لماذا انتخبت حمدين صباحي؟
- صباحي وأبو الفتوح.. بيع الوهم
- خيرت الشاطر حامل -الحصالة-
- الإخوان المسلمون وفلسفة القراميط
- إيجى راجح.. أهلا وسهلا
- من مواطن مصري إلى الرئيس الأسد
- نهاية مأساوية لرجل متفاءل
- عشر أمهات للبصق على وجه مبارك
- وكل عاشق قلبي معاه (ليس رثاء لإبراهيم أصلان)
- دفاعاً عن نجيب محفوظ ضد الشحات
- اللص الهارب في أربع حكايات
- صدور نجيب محفوظ وتحولات الحكاية بمناسبة مئويته
- تفاحة الديمقراطية المسمومة


المزيد.....




- زاهر جبارين عضو المكتب السياسى لحماس ومسئول الضفة وملف الأسر ...
- حماس: لا نريد الاحتفاظ بما لدينا من الأسرى الإسرائيليين
- أمير عبد اللهيان: لتكف واشنطن عن دعم جرائم الحرب التي يرتكبه ...
- حماس: الضغوط الأميركية لإطلاق سراح الأسرى لا قيمة لها
- الاحتلال يعقد اجتماعا لمواجهة احتمال صدور مذكرات اعتقال لعدد ...
- مسؤول أمريكي: قرار وقف النار وتبادل الأسرى بيد السنوار.. وقد ...
- بيان للولايات المتحدة و17 دولة يطالب حماس بالإفراج عن الأسرى ...
- طرحتها حماس.. مسئول بالإدارة الأمريكية: مبادرة إطلاق الأسرى ...
- نقاش سري في إسرائيل.. مخاوف من اعتقال نتنياهو وغالانت وهاليف ...
- اعتقال رجل ثالث في قضية رشوة كبرى تتعلق بنائب وزير الدفاع ال ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - شريف صالح - مسودة الدستور المصري لإنتاج -إله- جديد!